المثول(التمثيل)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المثول(التمثيل)

    مثول (تمثيل)

    Representation - Représentation

    المثول (التمثيل)

    المثول (التمثيل) (representation) assimilation، هو نشاط ذهني ومسلك عقلي يتم به تصوير الأشياء في الذهن كالإدراك والتخيّل والحكم، بغية إدراكها، وما ينتج من هذا النشاط من صور حاصلة في النفس يتألف عادة مما ندعوه بالظواهر العقلية التي تحصل بها المعرفة، والتي تختلف عن الظواهر الانفعالية والوجدانية. وفي الفلسفة يطلق على تلك الصور الناتجة من فاعلية الذهن اسم التمثلات أوالتصورات. والتمثل إما حصول صورة الشيء في الذهن، وإما إدراك المضمون المشخص لكل فعل عقلي ذهني، فنقول تمثل الشيء أي تصوره وتخيله، وتمثل المثلث تصور ماهيته ونوعه، وإذا كان التمثل هو الصورة والتمثيل هو القدرة على التصوير فإن كلاً من التمثل والتمثيل يشير إلى حضور الشيء في الذهن، وقيام الصورة المتمثلة مقام الشيء، ومن مجموع التمثلات يُنشئ الذهن أو العقل معارفه، ويبني أحكامه على الأشياء والظواهر. والتمثيل يشتمل على عنصرين أساسيين هما: الممثِّل والممثَّل، فالممثِّل هو الشخص العارف والممثِّل هو الشيء المعروف أو المدَرك، وهما متلازمان، ومن اجتماع هذين العنصرين ينتج المثال (التمثل الذي يطابق الشيء ويقوم مقامه)، وإلى مثل هذا ذهب ليبنتز [ر] Leibniz عندما أوضح الطبيعة التمثيلية للموناد monad وقدرته على تمثيل العالم بكامله، وأنها تنوب مكانه، وإن كان تمثيله غير واضح ومبهم في تفصيل العالم بمجمله، وأن قدرة الموناد التمثيلية للجسم المتصل به تكون أتم وأوضح، كما أن النفس عنده تمثل الكون عندما تكون تمثلاتها الذاتية واضحة ومتميزة.
    والإدراك التمثيلي representative perception يعني إدراك الصور التي تتكون في العقل وتمثل موضوعات العالم الخارجي، وهي تفترض وجود الشيء الممثَّل في الواقع ووجود تمثله (صورة) في الذهن، فالافتراض أن شيئاً ليس ممثلاً أو قابلاً للتمثيل يعني أن هذا الشيء غير موجود وتستحيل معرفته. ونظرية الإدراك التمثيلي تتعارض بوضوح ونظرية الإدراك المباشر، وتختلف في بعض جوانبها عما يعرف عند ديكارت [ر] Descartes بنظرية الأفكار التمثيلية theory of representative ideas ومفادها أنه لايمكن إدراك الموضوعات المادية مباشرة، وما يتم إدراكه هو شيء إما عقلي وإما أن يكون معتمداً على العقل (معطيات الحس)، أي مثال الشيء في العقل، أو بتعبير أحدث تمثلاتها في العقل، وهي بنظر ديكارت ناشئة عن الأشياء لكنها ليست مشابهة لها، وهذه النظرية كانت الأساس الذي استمدت منه المثالية [ر] Idealism المطلقة مبادئها، والتي جعلت من التفكير الفلسفي مجرد تفكير بتلك التمثلات أوالتصورات، وأصبحت الفلسفة كما ورد على لسان أحد أنصار المثالية الجديدة هي نظام ترتيب تلك التمثلات، والتي يصفها رينوفييه Charles Renouvier (1815-1903) بالمقولات، فالأشياء عنده ليست سوى امتثالات يعتقد أنها عناصر المعرفة، وما هو متمثل يتضمن جملة علاقات أو إضافات تحدد الموضوعات دائماً بالنسبة إلينا، فلا يوجد علم من دون عالم ولايوجد فن من دون فنان، أما التمثل فما هو إلا عناصره المتضمنة من موضوع متمثل وذات مدرِكة (متمثلِة)، وأساس معارف الإنسان تحليل معطيات الامتثال منظوراً إليها في علاقاتها العامة، فلم تعد المعرفة معرفة بالأشياء بذاتها، بقدر ما تقوم على الامتثال الذي لدينا عنها فحسب.
    ويعرّف أوكتاف هاملان Octave Hamelin (1856-1907) المثيل في كتابه «بحث في العناصر الرئيسية للتمثيل» بأنه القدرة على إدراج الشيء الحسي المشخص في إحدى مقولات العقل، وتعدّ مقولة الإضافة في مراحلها الثلاث: الموضوع، نقيض الموضوع، مركب الموضوع، حقيقة ما تم مثله من موضوعات، وإدراك حالة التضايف بين الرابطة الذهنية والمضمون الفعلي في علاقة تركيبية يقوم بها الذهن يمثل حقيقة) الحاصلة، ولكن هاملان يجعل من هذا التضايف المشترك بين الرابطة والمضمون شيئاً واحداً؛ لأن المضمون هو نفسه رابطة، ومن هذه الروابط المتزايدة العينية التي تتربع على قمتها رابطة أو مقولة الإضافة يتألف نظام العالم، وينظر إلى التمثلات أو المقولات على أنها عناصر الوجود، كما يرد الواقع إلى نشاط قوانين الامتثال وحده والتي هي نشاط الفكر.
    أما التمثيل عند سبنسر [ر] Spencer هو صورة من صور التفصيل والتباين يصف فيه حالات التطور والتحول من التجانس والوحدة إلى اللاتجانس والتمايز، ومن الأشياء المتشابهة في مراحل تطور الأولية إلى الأشياء الفردية المختلفة والأشد تعقيداً. عند لالاند[ر] Lalande يكون مبدأ «التمثيل» هو المبدأ القائل: إن الأشياء المختلفة لا تفسّر إلا بردها إلى ضرب من «الوحدة»، والعقل بوصفه أداة التمثيل والتوحيد يحقق نوعاً من التماثل بين الأشياء من جهة، وبين الذهن والأشياء من جهة ثانية فيجعلها معقولة، وأخيراً يعمل على تحقيق التماثل بين الأذهان بحركة تقدم مطرّد نحو التشابه والهوية وتصبح أكثر معقولية، فمجرى التقدم والنشاط البشري يخضع للعقل الذي يجعل منه لالاند مظهراً لحركة (التمثيل)، ومن شأن كل فعل أو قول أن يقلل مما في العالم من استقلال وتمايز فردي يباعد بين الأفراد لكي يحلّ محلهما التماثل والتحرر ومن ثم التوحد بين الأفراد.
    سوسان إلياس
يعمل...
X