رقيق قيرواني
Al-Raqiq al-Qayrawani - Al-Raqiq al-Qayrawani
الرقيق القيرواني
(…- نحو 425هـ/… - نحو 1034م)
إبراهيم بن القاسم القيرواني، أبو إسحق، المعروف بالرقيق النديم، أو ابن الرقيق. كاتب أخباري، ومؤرخ شاعر، وفاضل أديب من أهل مدينة القيروان.
لم تذكر المصادر شيئاً عن ولادته ونشأته ودراسته في القيروان إلى أن نبغ واشتهر في شبابه، وأصبح ذا حظوة كبيرة عند نصير الدولة، باديس بن المنصور بن بُلُكِّين بن زيري الصُّنهاجي الحِمْيَري صاحب إفريقية (374-406هـ)، كما ولي كتابة الحضرة في الصنهاجيّة، واستمر فيها زُهاء نصف قرن.
وفي سنة 388هـ قدم الرقيق القيرواني مصر حاملاً هدية من نصير الدولة، باديس بن زيري، إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي. وهذا يدل على ما كان يتمتع به من مكانة مرموقة، في الدولة الصنهاجية، ومقام رفيع بين رجالها، وأمضى في ربوع مصر أياماً جميلة لا يعدّ سواها من عمره، ثم عاد إلى موطنه القيروان حيث أمضى بقية حياته يحن إلى مصر، ويذكر عهده بها متشوقاً إلى إخوانه فيها، كقوله من قصيدة له:
هل الريحُ إن سارت مشرّقة تسري
تـؤدي تحياتي إلى ساكني مصـر
فما خطـرتْ إلا بكيـتُ صبابـةً
وحمّلتها ما ضاق عن حمله صدري
ليـالٍ أنِسْنـاها على غِـرّة الصبا
فطابت لنا إذ وافـقتْ غُـرّة الدهـر
لعمري، لئن كانت قصاراً أعـدّها
فلسـتُ بمعتـدٍّ سواها من العمـر
كان الرقيق القيرواني في شبابه من أصحاب اللهو والمجون ينادم أهل الشراب في المجالس، ويسمر مع السامرين من الأدباء والعلماء. ثم انقطع عن ذلك وتاب. وفي ذلك يقول من أبيات كتبها إلى أحد أصحابه:
جفـوتُ الراح عن سـبب
وكـان لجفْـوتي سـبَبا
فصِرْتُ لوحـدتي كَـلاًّ
على الإخـوان مجـتَنَبا
وذاك لـتـوبـة أمّـلـ
ت أن أقضـي بهـا أرَبـا
فهـا أنـا تـائب منـها
فزرني تُبصرِ العجبـا
توفي الرقيق القيرواني في مدينته القيروان على الأرجح، بعد أن خلّف سمعة طيبة ومؤلفات جمّة في الأدب والتاريخ.
وصفه ابن خلدون بقوله: «مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان. ولم يأت من بعده إلا مقلِّد».
كما وصفه ابن رشيق صاحب كتاب «العمدة» بأنه: «شاعر سهل الكلام، مُحْكَمُه، لطيف الطبع قويُّه، تلوح الكتابة على ألفاظه، قليل صنعة الشعر. غلب عليه اسم الكتابة، وعلم التاريخ، وتأليف الأخبار، وهو بذلك أحذقُ الناس».
على أنه شاعر مقلّ، ومعظم شعره في مدح بعض أعيان عصره، كنصير الدولة باديس بن زيري، ومحمد بن أبي العرب. وله شعر قليل في الغزل والرثاء.
أما مؤلفاته فهي كثيرة، وقد غلب عليها الأدب والتاريخ والأخبار، ومنها: «تاريخ إفريقية والمغرب» عدة مجلدات. نشر المنجي الكعبي. قطعة منه ( تونس 1967). «الراح والارتياح»، و«قطب السرور في أوصاف الخمور» نشر جزء منه بدمشق 1969، «كتاب النساء»، «نظم السلوك في مسامرة الملوك» أربعة مجلدات، و«الأغاني» مجلد، و«الاختصار البارع للتاريخ الجامع» عدة مجلدات. أما كتابه «قطب السرور» فهو يشتمل على أشعار ونوادر في مدح الخمور وذمّها. بل هو موسوعة في أدب الخمر ومجالسها وشرّابها والعاكفين عليها، والتداوي بها والانتفاع بأخلاطها، والنصوص الواردة في تحريمها والخلافات الفقهية في تحريمها.. الخ مما لا نجده في كتاب أدبي آخر، حتى قال فيه الصفدي: «فضح العالمين فيه».
وقد نشر مجمع اللغة العربية بدمشق هذا الكتاب سنة 1969م بتحقيق أحمد الجندي على نسخة واحدة.
محمود فاخوري
Al-Raqiq al-Qayrawani - Al-Raqiq al-Qayrawani
الرقيق القيرواني
(…- نحو 425هـ/… - نحو 1034م)
إبراهيم بن القاسم القيرواني، أبو إسحق، المعروف بالرقيق النديم، أو ابن الرقيق. كاتب أخباري، ومؤرخ شاعر، وفاضل أديب من أهل مدينة القيروان.
لم تذكر المصادر شيئاً عن ولادته ونشأته ودراسته في القيروان إلى أن نبغ واشتهر في شبابه، وأصبح ذا حظوة كبيرة عند نصير الدولة، باديس بن المنصور بن بُلُكِّين بن زيري الصُّنهاجي الحِمْيَري صاحب إفريقية (374-406هـ)، كما ولي كتابة الحضرة في الصنهاجيّة، واستمر فيها زُهاء نصف قرن.
وفي سنة 388هـ قدم الرقيق القيرواني مصر حاملاً هدية من نصير الدولة، باديس بن زيري، إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي. وهذا يدل على ما كان يتمتع به من مكانة مرموقة، في الدولة الصنهاجية، ومقام رفيع بين رجالها، وأمضى في ربوع مصر أياماً جميلة لا يعدّ سواها من عمره، ثم عاد إلى موطنه القيروان حيث أمضى بقية حياته يحن إلى مصر، ويذكر عهده بها متشوقاً إلى إخوانه فيها، كقوله من قصيدة له:
هل الريحُ إن سارت مشرّقة تسري
تـؤدي تحياتي إلى ساكني مصـر
فما خطـرتْ إلا بكيـتُ صبابـةً
وحمّلتها ما ضاق عن حمله صدري
ليـالٍ أنِسْنـاها على غِـرّة الصبا
فطابت لنا إذ وافـقتْ غُـرّة الدهـر
لعمري، لئن كانت قصاراً أعـدّها
فلسـتُ بمعتـدٍّ سواها من العمـر
كان الرقيق القيرواني في شبابه من أصحاب اللهو والمجون ينادم أهل الشراب في المجالس، ويسمر مع السامرين من الأدباء والعلماء. ثم انقطع عن ذلك وتاب. وفي ذلك يقول من أبيات كتبها إلى أحد أصحابه:
جفـوتُ الراح عن سـبب
وكـان لجفْـوتي سـبَبا
فصِرْتُ لوحـدتي كَـلاًّ
على الإخـوان مجـتَنَبا
وذاك لـتـوبـة أمّـلـ
ت أن أقضـي بهـا أرَبـا
فهـا أنـا تـائب منـها
فزرني تُبصرِ العجبـا
توفي الرقيق القيرواني في مدينته القيروان على الأرجح، بعد أن خلّف سمعة طيبة ومؤلفات جمّة في الأدب والتاريخ.
وصفه ابن خلدون بقوله: «مؤرخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان. ولم يأت من بعده إلا مقلِّد».
كما وصفه ابن رشيق صاحب كتاب «العمدة» بأنه: «شاعر سهل الكلام، مُحْكَمُه، لطيف الطبع قويُّه، تلوح الكتابة على ألفاظه، قليل صنعة الشعر. غلب عليه اسم الكتابة، وعلم التاريخ، وتأليف الأخبار، وهو بذلك أحذقُ الناس».
على أنه شاعر مقلّ، ومعظم شعره في مدح بعض أعيان عصره، كنصير الدولة باديس بن زيري، ومحمد بن أبي العرب. وله شعر قليل في الغزل والرثاء.
أما مؤلفاته فهي كثيرة، وقد غلب عليها الأدب والتاريخ والأخبار، ومنها: «تاريخ إفريقية والمغرب» عدة مجلدات. نشر المنجي الكعبي. قطعة منه ( تونس 1967). «الراح والارتياح»، و«قطب السرور في أوصاف الخمور» نشر جزء منه بدمشق 1969، «كتاب النساء»، «نظم السلوك في مسامرة الملوك» أربعة مجلدات، و«الأغاني» مجلد، و«الاختصار البارع للتاريخ الجامع» عدة مجلدات. أما كتابه «قطب السرور» فهو يشتمل على أشعار ونوادر في مدح الخمور وذمّها. بل هو موسوعة في أدب الخمر ومجالسها وشرّابها والعاكفين عليها، والتداوي بها والانتفاع بأخلاطها، والنصوص الواردة في تحريمها والخلافات الفقهية في تحريمها.. الخ مما لا نجده في كتاب أدبي آخر، حتى قال فيه الصفدي: «فضح العالمين فيه».
وقد نشر مجمع اللغة العربية بدمشق هذا الكتاب سنة 1969م بتحقيق أحمد الجندي على نسخة واحدة.
محمود فاخوري