عُرفت الموسيقى لأكثر من 80 عامًا بإحتوائها على مجموعة واسعة النطاق من خصائص تخدير الألم. ومع ذلك، من غير الواضح كيف يحدث هذا. اكتشف فريق من علماء الأعصاب أن الأصوات الناعمة فقط – أعلى بنحو 5 ديسيبل من الضوضاء المحيطة – تخفف الألم لدى الفئران. كما كشف الباحثون أيضًا عن وجود علاقة عصبية غير عادية بين المناطق السمعية ومناطق معالجة الألم في الدماغ.
أفاد طبيب أسنان مقيم من بوسطن يُدعى «والاس ج. غاردنر» في عام 1960بانه استخدام تقنية غير معتادة للسيطرة على آلام مرضاه. فبدلًا من استخدام أكسيد النيتروز أو حَقن مُخدر موضعي، أعطى جاردنر لمرضاه زوجًا من سماعات الرأس وصندوقًا صغيرًا للتحكم في مستوى الصوت قبل الشروع في نزع أسنانهم الفاسدة. زَعَمَ غاردنر أنه، بالإضافةإلى أطباء أسنان آخرين في جميع أنحاء البلاد، أجرى 5000 عملية أسنان باستخدام الموسيقى والضوضاء للحث على إحداث تأثيرات مسكنة، و90 ٪ من هذه الإجراءات لم تتطلب أي تخدير إضافي.
افترض غاردنر أن الجهاز السمعي في الدماغ يؤثر على آلية الشعور بالألم عند الاستماع إلى الموسيقى الممتعة. ومع ذلك، لم يكن من الواضح كيف يحدث هذا. وبعد مرور أكثر من 60 عامًا علىتقرير غاردنر، اكتشف علماء الأعصاب دليلين حول الكيفية التي يحجب بها الصوت الألم: (مستوى صوت) الموسيقى و الدائرة المفاجئة بين مناطق معالجة الصوت ومناطق الألم في الدماغ .
الموسيقى الهادئة تقلل الألم لدى الفئران
اكتشف العلماء والأطباء منذ تقرير غاردنر أن للموسيقى والصوت مجموعة واسعة النطاق من خصائص تخدير الألم؛على سبيل المثال، يمكنهم المساعدة في تهدئة الألم الحاد مثل الألم الذي يحدث أثناء عمليات الجراحة والولادة، والآلام المزمنة الناجمة عن الأمراض طويلة الأمد مثل السرطان. على الرغم من أنه من الواضح أن الصوت يمكن أن يخفف الألم، إلا ان فريقًا من علماء الأعصاب الصينيين والأمريكيين أرادوا تحديد كيفية تقليل الصوت للألم، إذ يمكن أن يكشف عن استراتيجيات جديدة لعلاج الألم. ومع ذلك، فهذا يتطلب التلاعب بالدوائر العصبية، وهو أمر مرفوض لدى البشر بشكل عام.
لذلك اختار الفريق استخدام الفئران في دراستهم. على الرغم من أنه يبدو حلًابديهيًا، فإن استخدام القوارض لدراسة كيف تقلل الموسيقى من الألم يُعد تحديًا،(وخصوصًا لأن كيفية استقبال الحيوانات للموسيقى ما تزال مجهولة). وبالتالي، احتاج الباحثون أولًا إلى تحديد ما إذا كانت الموسيقى ستثير تأثيرات مسكنة في الفئران من الأساس.
فقاموا بتشغيل ثلاثة أنواع من الأصوات للفئران المصابة بألم التهابي: قطعة من الموسيقى السمفونية «باخ ريجويسانس»، وريمكس مُزعج لسمفونية باخ، والضوضاء البيضاء. ووجد الباحثون أن جميع الأصوات الثلاثة تخفف من حساسية الألم، ولكن فقط إذا تم تشغيلها عند 50 ديسيبل (نفس مستوى صوت محادثة هادئة في مكتبة). وكان هذا الإستنتاج غير متوقع.
عمليات الأسنان صاخبة. فالموسيقى التي يتم تشغيلها عند 50 ديسيبل ستتلاشى بسبب أزيز الحفر، وطنين الأدوات المعدنية على صينية معدنية. وكان يُجري الباحثون دراستهم في مختبرٍ هادئٍ نسبيًا (كان مستوى الضوضاء المحيطة حوالي 45 ديسيبل). واشتبهوا في أنمستوى صوت الموسيقى كان أقل أهمية من الفرق بين الموسيقى وحجم الضوضاء المحيطة.
لذلك قاموا برفع (مستوى) الضوضاء المحيطة بالغرفة إلى 57 ديسيبل ووجدوا أن حساسية الألم تنخفض عند تشغيل الموسيقى عند 62 ديسيبل. فقاموا بتخفيض مستوى الصوت المحيط إلى 30 ديسيبل، ووجدوا أن الموسيقى التي تم تشغيلها عند 35 ديسيبل هي فقط التي أظهرت تأثيرات تقليل الألم. اتضح أن الصوت يُخفف الألم فقط إذا تم تشغيله بمستوى أعلى قليلًا من صوت الضوضاء المحيطة.
اتصال غير عادي بين المناطق السمعية ومناطق الألم في الدماغ
بعد أن أثبت الباحثون أن الأصوات قادرة على تقليل الألم لدى الفئران، بدأوا بحثهم عن الدوائر العصبية المسؤولة عن تخدير الألم وحيرتهم أيضًا. عن طريق حقن صبغة تُتَبع في القشرة السمعية للفئران (منطقة الدماغ التي تستقبل وتعالج المعلومات الصوتية، كشف فريق الباحثين عن مسار يربط القشرة السمعية بالمهاد، وهي محطة ترحيل لمعالجة الإشارات الحسية مثل الصوت التذوق والألم. جميع الأعضاء الحسية لديها اتصال مباشر بالمهاد. إلا أن هذا الاتصال غير عادي)
قد يتوقع المرء أن سماع الموسيقى قد يؤدي إلى زيادة الاتصال العصبي بين القشرة السمعية والمهاد.ولكن، توقف هذا الاتصال العصبي المكتشف حديثًا عن نقل المعلومات عند تشغيل الموسيقى ذات الصوت المنخفض.وللتأكد من أن هذه الدوائر العصبية تُؤثر في إخماد الألم، قام الفريق بإيقاف تنشيطها. ونتيجة لذلك، بدا أن الفئران تشعر بألم أقل، حتى بدون موسيقى. فاستنتج الباحثون أن الأصوات منخفضة المستوى أعاقت الاتصالات المباشرة بين القشرة السمعية والمهاد، مما يقلل من معالجة الألم في المهاد.
وأقر الباحثون بأن الآليات العصبية الكامنة وراء التسكين الناجم عن الموسيقى لدى البشر هي بلا شك أكثر تعقيدًا من تلك الموجودة في الفئران. ومع ذلك، فإن تحديد الروابط بين القشرة السمعية ومناطق معالجة الألم يمكن أن يُسرع من دراسة التسكين الناجم عن الموسيقى. وفي المستقبل، يمكن لهذه النتائج أن تُحفز تطوير آليات بديلة لعلاج الألم.
أفاد طبيب أسنان مقيم من بوسطن يُدعى «والاس ج. غاردنر» في عام 1960بانه استخدام تقنية غير معتادة للسيطرة على آلام مرضاه. فبدلًا من استخدام أكسيد النيتروز أو حَقن مُخدر موضعي، أعطى جاردنر لمرضاه زوجًا من سماعات الرأس وصندوقًا صغيرًا للتحكم في مستوى الصوت قبل الشروع في نزع أسنانهم الفاسدة. زَعَمَ غاردنر أنه، بالإضافةإلى أطباء أسنان آخرين في جميع أنحاء البلاد، أجرى 5000 عملية أسنان باستخدام الموسيقى والضوضاء للحث على إحداث تأثيرات مسكنة، و90 ٪ من هذه الإجراءات لم تتطلب أي تخدير إضافي.
افترض غاردنر أن الجهاز السمعي في الدماغ يؤثر على آلية الشعور بالألم عند الاستماع إلى الموسيقى الممتعة. ومع ذلك، لم يكن من الواضح كيف يحدث هذا. وبعد مرور أكثر من 60 عامًا علىتقرير غاردنر، اكتشف علماء الأعصاب دليلين حول الكيفية التي يحجب بها الصوت الألم: (مستوى صوت) الموسيقى و الدائرة المفاجئة بين مناطق معالجة الصوت ومناطق الألم في الدماغ .
الموسيقى الهادئة تقلل الألم لدى الفئران
اكتشف العلماء والأطباء منذ تقرير غاردنر أن للموسيقى والصوت مجموعة واسعة النطاق من خصائص تخدير الألم؛على سبيل المثال، يمكنهم المساعدة في تهدئة الألم الحاد مثل الألم الذي يحدث أثناء عمليات الجراحة والولادة، والآلام المزمنة الناجمة عن الأمراض طويلة الأمد مثل السرطان. على الرغم من أنه من الواضح أن الصوت يمكن أن يخفف الألم، إلا ان فريقًا من علماء الأعصاب الصينيين والأمريكيين أرادوا تحديد كيفية تقليل الصوت للألم، إذ يمكن أن يكشف عن استراتيجيات جديدة لعلاج الألم. ومع ذلك، فهذا يتطلب التلاعب بالدوائر العصبية، وهو أمر مرفوض لدى البشر بشكل عام.
لذلك اختار الفريق استخدام الفئران في دراستهم. على الرغم من أنه يبدو حلًابديهيًا، فإن استخدام القوارض لدراسة كيف تقلل الموسيقى من الألم يُعد تحديًا،(وخصوصًا لأن كيفية استقبال الحيوانات للموسيقى ما تزال مجهولة). وبالتالي، احتاج الباحثون أولًا إلى تحديد ما إذا كانت الموسيقى ستثير تأثيرات مسكنة في الفئران من الأساس.
فقاموا بتشغيل ثلاثة أنواع من الأصوات للفئران المصابة بألم التهابي: قطعة من الموسيقى السمفونية «باخ ريجويسانس»، وريمكس مُزعج لسمفونية باخ، والضوضاء البيضاء. ووجد الباحثون أن جميع الأصوات الثلاثة تخفف من حساسية الألم، ولكن فقط إذا تم تشغيلها عند 50 ديسيبل (نفس مستوى صوت محادثة هادئة في مكتبة). وكان هذا الإستنتاج غير متوقع.
عمليات الأسنان صاخبة. فالموسيقى التي يتم تشغيلها عند 50 ديسيبل ستتلاشى بسبب أزيز الحفر، وطنين الأدوات المعدنية على صينية معدنية. وكان يُجري الباحثون دراستهم في مختبرٍ هادئٍ نسبيًا (كان مستوى الضوضاء المحيطة حوالي 45 ديسيبل). واشتبهوا في أنمستوى صوت الموسيقى كان أقل أهمية من الفرق بين الموسيقى وحجم الضوضاء المحيطة.
لذلك قاموا برفع (مستوى) الضوضاء المحيطة بالغرفة إلى 57 ديسيبل ووجدوا أن حساسية الألم تنخفض عند تشغيل الموسيقى عند 62 ديسيبل. فقاموا بتخفيض مستوى الصوت المحيط إلى 30 ديسيبل، ووجدوا أن الموسيقى التي تم تشغيلها عند 35 ديسيبل هي فقط التي أظهرت تأثيرات تقليل الألم. اتضح أن الصوت يُخفف الألم فقط إذا تم تشغيله بمستوى أعلى قليلًا من صوت الضوضاء المحيطة.
اتصال غير عادي بين المناطق السمعية ومناطق الألم في الدماغ
بعد أن أثبت الباحثون أن الأصوات قادرة على تقليل الألم لدى الفئران، بدأوا بحثهم عن الدوائر العصبية المسؤولة عن تخدير الألم وحيرتهم أيضًا. عن طريق حقن صبغة تُتَبع في القشرة السمعية للفئران (منطقة الدماغ التي تستقبل وتعالج المعلومات الصوتية، كشف فريق الباحثين عن مسار يربط القشرة السمعية بالمهاد، وهي محطة ترحيل لمعالجة الإشارات الحسية مثل الصوت التذوق والألم. جميع الأعضاء الحسية لديها اتصال مباشر بالمهاد. إلا أن هذا الاتصال غير عادي)
قد يتوقع المرء أن سماع الموسيقى قد يؤدي إلى زيادة الاتصال العصبي بين القشرة السمعية والمهاد.ولكن، توقف هذا الاتصال العصبي المكتشف حديثًا عن نقل المعلومات عند تشغيل الموسيقى ذات الصوت المنخفض.وللتأكد من أن هذه الدوائر العصبية تُؤثر في إخماد الألم، قام الفريق بإيقاف تنشيطها. ونتيجة لذلك، بدا أن الفئران تشعر بألم أقل، حتى بدون موسيقى. فاستنتج الباحثون أن الأصوات منخفضة المستوى أعاقت الاتصالات المباشرة بين القشرة السمعية والمهاد، مما يقلل من معالجة الألم في المهاد.
وأقر الباحثون بأن الآليات العصبية الكامنة وراء التسكين الناجم عن الموسيقى لدى البشر هي بلا شك أكثر تعقيدًا من تلك الموجودة في الفئران. ومع ذلك، فإن تحديد الروابط بين القشرة السمعية ومناطق معالجة الألم يمكن أن يُسرع من دراسة التسكين الناجم عن الموسيقى. وفي المستقبل، يمكن لهذه النتائج أن تُحفز تطوير آليات بديلة لعلاج الألم.