اراغون (لوي) Aragon (Louis-) شاعر وروائي فرنسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اراغون (لوي) Aragon (Louis-) شاعر وروائي فرنسي

    اراغون (لوي)

    Aragon (Louis-) - Aragon (Louis-)


    أراغون (لوي -)

    (1897-1982)



    لوي أراغون Louis Aragon شاعر وروائي فرنسي ولد في باريس من أسرةٍ بورجوازيةٍ, وتابع بعد حصوله على الشهادة الثانوية, دراسة الفلسة فالطب. أدى خدمته العسكرية عام 1917, وأبلى بلاءً حسناً في معارك الحرب العالمية الأولى, ولما وضعت الحرب أوزارها تألقت موهبته الشعرية وأنشأ صحيفة «الأدب» Littérature (1919) مسهماً في الحركات الأدبية في عصره. شارك في البدء, في حركة الدادائية[ر] Dadaïsme في الشعر والفن, ثم جنح منها إِلى السريالية[ر] Surréalisme المتلائمة مع مزاجه, وأضحى مع أندريه بروتون[ر] André Breton أبرز نجومها الساطعة, وفي عام 1927 انتسب إِلى الحزب الشيوعي الفرنسي, والتقى عام 1928 الشاعر الروسي ماياكوفسكي[ر] V.V.Maiakovski الذي وطَّأ له التعرُّف إِلى إِيلسا تريوليه شقيقة زوجته, وقد شاركته إِيلسا في النشاط الأدبي والسياسي فتزوّج منها وأضحت منبعَ إِلهامه والزوجة الوفية المحبة التي جُنَّ وجداً بها وعشقاً لها, والتي ألهمته أحلى قصائد الغزل. ولم يلبث أن أعلن تخليه عن السريالية, منهجاً في الأدب, مستبدلاً به نهج الواقعية الاشتراكية, ولما أعلنت الحرب العالمية الثانية, قام بأداء واجبه الوطني ووقع أسيراً, وأُفرج عنه لينتظم في حركة المقاومة ضد الاحتلال النازي لبلاده, متابعاً نضاله العقائدي في الدفاع عن الطبقة العاملة في أثناء الحرب وبعد انتهائها, وعيّن عام 1957 مديراً لصحيفة «الآداب الفرنسية» التي كانت مجلىً للأدب الماركسي بفرنسة, ونال في السنة نفسها جائزة لينين للسلام. ولما توفيت زوجته إِيلسا عام 1970 شعر أراغون بحزنٍ مبرّح يعتصر قلبه فرثاها أجمل رثاء, وتوفي في باريس, مخلّفاً آثاراً شعرية وروائية بوأته مكان الصدارة بين أدباء عصره.
    وافى أراغون حركة السريالية, بعد أن انتسخ أمله في الدادائية التي كانت, في الواقع, ممّهدة لها ومفضية إِليها. فقد ألفى في السريالية, بصورها الجريئة, ما يلبي تشوُّفه إِلى التخلص من الواقع الرتيب, واستشراف آفاق جديدة من الإِبداع. وكانت الوسيلة التي فزع إِليها رواد السريالية الاعتماد على الكلمات المتحدّرة, على نحو عفويٍ «أتوماتيكي» إِلى الخاطر والغوص في غيابات الحلم ومتاهات اللاشعور واقتناص أوابده السانحة, ففي تدفُّق الكلمات المنسابة, من دون تمحيص, تخطف شراراتٌ متوامضةٌ تشقُّ حلك الظلام, فاسحة أمام الشاعر مصيراً متحرّراً من أي قيد, مما يحمله على رهن كيانه كله بالسريالية المنقذة, وفي ظل هذه الحركة تتابعت دواوينه: «نار الفرح» و «الحركة المستديمة» وغيرهما, مترعةً بالصور الخلابة الساحرة. وكان من الطبيعي أن يتحوَّل أراغون من السريالية التي كانت تستبد بمصيره الفردي, إِلى الواقعية الاشتراكية الملتزمة, التي توجه مصير المجتمع كلَّه, ولعل زوجته أعانته على هذه النقلة, لينبتَّ ما كان موصولاً بينه وبين السريالية, وينوط قلبَه بحب إِيلسا وعينيها, ويربط هذا الحبَّ بعشق وطنه ومجتمعه الماركسي الذي كان ينشده. ولئن تخلَّى عن السريالية وسرابها لقد ادَّخر شعره, فيما بعد, كثيراً من إِشراقاتها تلتئم في قصائد ذات بنيةٍ سلفيةٍ تماثل بنية القصيدة لدى فكتور هوغو[ر], في حفاظها على الوزن والقافية من نحوٍ, وفي انسياب كلماتها وعفويتها وموسيقاها من نحو آخر. كذلك ترافدت دواوينه الرائعة: «غصَّة» Le Créve Coeur و «عيون إِيلسا» Les Yeux ď Elsa و «العيون والذاكرة» Les Yeux et la mémoire و «مجنون إِيلسا» Le Fou ď Elsa.

    ولئن عرف أراغون بأنه أحد أعلام الشعر الفرنسي المعاصر, لقد تأتَّى له أن يكون, إِلى ذلك, روائياً من طراز رفيع, في نهج الواقعية الاشتراكية الذي التزمه, وكذلك ترادفت رواياته, تحمل في ثناياها, كلّ ما كان يمور في عطفيه من أهواء :«أجراس بال» Les cloches de Bâle و «أورليان» Aurélien و «الشيوعيون Communistes وغيرها, تنهض كلها شوامخ في الأدب الفرنسي المعاصر. وقد مزج في جلّها ما بين شخصيات تاريخيةٍ ومتخيَّلةٍ, مبتعداً, ما أمكنه ذلك, عن منزلق الروايات الملتزمة, مصوراً بدقة, مساوئ المجتمع البرجوازي, ولعل حساسيته الشعرية أعانته على أن يصل كلماته بنبضات قلبه, وكذلك يكتشف المرء بين الحرائق التي تشعلها كلماته واحاتٍ نضرة ويجد, كما يقول الناقد جيلبر سيغور, أن كلَّ شخصية في رواياته تأتلف مع غيرها من الشخصيات في مصير منسجمٍ واحدٍ. وكان الأسلوب الذي اتَّكأ عليه, في سرده الروائي سهلاً بسيطاً من نحو, ورفيعاً أرستقراطياً من نحو آخرٍ, فكأن هذا الأسلوب الذي يجعل منه أميراً من أمراء البيان في فرنسة ـ كما يقول الناقد غايتان بيكون ـ لا يتلاءم مع العواطف الجماهيرية الجياشة, كأن ثمة تناقضاً ما بين الأهواء التي تعصف بالشاعر وأسلوب الإِفصاح عنها. وكذلك تأتَّى لأراغون، ولاسيما في أعوامه الأخيرة، أن تتم مصالحته مع كل هذه المتناقضات, فهذه آلة الشعر تتناغم مع نداء الثورة وهذا جسد إِيلسا الحبيبة يندغم مع جسد الوطن ويتَّحد به.

    كان أراغون كلاسيكياً, في حرصه على نقاء الجملة وصفائها, ولكنه كان إِلى ذلك, كاتباً جياش العاطفة, تنهمر من ريشة إِلهامه ألف صورة وصورة, مشيداً بها قصراً من ألف ليلة وليلة, كان كمخرج فيلمٍ سينمائي, يلعب بالصور, أو كمهندس يبني فيما هو يلهو, ولا يني يشدنا إِليه, ببساطة ساذجة, ليتراءى لنا, بأن كل ما وهبه لنا من صورٍ, لم يكن يكلفه أيَّ شئٍ من العناء.

    ذلك هو سر عبقريته, في كل ما خلَّفه من شعر ورواية ونقد.

    بديع حقي

يعمل...
X