الجيولوجية والعلوم الجيومورفولوجية وعلم الآثار، نتيجة دراستها للترسب والحت وتكوّن الصخور وتفتتها وإشعاعها وما فيها من فحم أو معادن أو مستحاثات، تقدم فكرة عن عمر هذه الصخور وعن الجو الذي نشأت فيه. وانطلاقاً من معرفة الإنسان هذه الأمور يمكنه تعرف عمرها التقريبي أو النسبي. وهذه المعرفة الأولية تقدم لعالم الآثار قاعدة ينطلق منها إلى مزيد من الدراسة، وإن الجيومورفولوجية، وهي من العلوم الجيولوجية والجغرافية الأساسية، لها مساس مباشر بالآثار فهي تقدم صورة ما طرأ في زمن محدد من تشكّلات في سطح الأرض والبحار والأنهار في المنطقة موضوع بحث الآثاري. وتعطي الجيوفيزياء (الفيزياء الأرضية) الآثاري صورة للأرض غير المرئية مستعينة بالفيزياء بأنواعها من صوت وضوء وكهرباء ومغنطيسية، وقد يدل ذلك على وجود مسكن أو سرداب أو نفق أو غير ذلك، كما أن هذه العلوم وتقنياتها الجديدة المعقدة تساعد على تأريخ الآثار بوسائل مختلفة مثل المغنطيسية الأثرية (أركيو مانيتزم) التي تساعد في تحديد الأعمار القريبة نسبياً، ومثل تحديد عمر الخشب (دندروكرونولوجي) لأزمنة أقل من 7420 عاماً، أو الكربون المشع (الكربون 14) لما بين 35 - 50 ألف عام، أو مقدار البوتاسيوم - أرغون لنحو مليون عام، أو التألق الحراري (ترمولومينيسانس) لأزمنة تراوح بين ألوف وملايين السنين وغير ذلك.
علم البيئة إلإيكولوجية والآثار: يدرس هذا العلم علاقة الكائنات الحية بالبيئة الطبيعية التي عاشت فيها ويفيد الآثاري منه في وضع الإنسان القديم في المحيط الذي عاش فيه، ومعرفة مدى تأثره بهذه البيئة وتأثيره فيها، أي علاقته بها وذلك أمر له أهمية بالغة في دراسة عصور ما قبل التاريخ، ويتبع دراسة البيئة القديمة بداهة دراسة حيوانها ونباتها ولاسيما المستحاثي المنقرض منها. وهذا يقود إلى علم المستحاثات (الباليونتولوجية) الذي تطور في تقنياته وتوسع في دراسة الإنسان المستحاثي وتوصل إلى تقدير عمره على الأرض بملايين السنين.
الأنتروبولوجية والإتنولوجية: هذان العلمان هما، مثل التاريخ، من أشد الاختصاصات المساعدة التصاقاً بعلم الآثار. فالأول يبحث في التطور التاريخي الطبيعي للإنسان، والثاني يبحث في ثقافاته وعاداته وتقاليده، ولذلك يرى بعض العلماء أنهما بحثان تاريخيان وبالتالي أثريان.
علم النميات (النقود والمسكوكات): إن هذا العلم من أهم الوسائل التي تساعد الآثاري على تحديد زمن الآثار التي تقترن بها النقود وهويتها، وعلى معرفة العلاقات الاقتصادية والمد التجاري بين بلد وآخر. كما أن له فوائد في معرفة الكتابات وأشكال الحكم والأحداث والمناسبات المهمة في مختلف البلدان.... وإن قطعة النقود التي كان يضعها الرومان في فم الميت أجرة لشارو سائق عربة الموتى كانت تؤرخ الوفاة أيضاً، وظلت توضع للغاية الأخيرة فحسب في العصر البيزنطي فيفيد منها الباحث في الحالتين في تحديد التاريخ التقريبي للقبر أو المقبرة.
علم التقويم (الكرونولوجية): وهو من العلوم التاريخية المفيدة جداً لعلم الآثار. وموضوعه ينصب على التقاويم المختلفة لدى الدول والشعوب. ومنذ الألف الثالث ق.م احتاج الإنسان إلى تسجيل ما يهمه في حياته الاقتصادية والدينية والسياسية فظهرت في مصر والرافدين وسورية تقاويم لسنوات حكم الملوك مرتبطة بالأحداث التي مروا بها أو جرت في أيامهم. ومهمة المختص في شؤون التقويم دراسة هذه التقاويم ومقارنتها واستنتاج التاريخ المطلق لملك أو حدث. وهذا العلم غاية في الصعوبة ولم يتفق العلماء بعد على تقويم صحيح لأحداث الألف الثالث والثاني ق.م في الرافدين مثلاً، فهناك أصحاب التقويم الطويل والتقويم القصير والمتوسط ويقوم خلاف بين هؤلاء على عهد حمورابي مثلاً يتجاوز المئة عام. ومن المهم للآثاري الاعتماد على الكرونولوجية في تأريخ السويات الأثرية التي يكتشفها. ولاجدوى من درس التعاقب الطبقي الأثري «الستراتيغرافية» من دون خلفية تقويمية. وتعرف صعوبة علم التقويم من المطابقة بين التقويمين الهجري والميلادي فكيف يكون الأمر إذا كان تقويم إحدى الأسر يرجع إلى ثلاثة آلاف عام قبل ذلك وكان مفككاً متناقضاً ملتبساً. ويتبع هذا العلم علم الأنساب وقد برع العرب جداً في هذا العلم حتى إنهم نسبوا خيولهم بصكوك موثقة مفيدة.
علم النقوش (الإبيغرافية): وهو علم الكتابة القديمة المنقوشة في الحجر والطين والمعدن والخشب وغيرها. وهذا العلم يساعد الآثاري في معرفة سبب وجود الأثر ومعرفة صانعه وبيئة الأثر وأسرار اللغات. ويقوم المختص به بتحديد زمن النصوص ومكانتها وترميم الناقص فيها. ومن العلوم المقترنة بالإبيغرافية والمفيدة لها علم المخطوطات.
علم الكتابات القديمة (الباليوغرافية): وميدانه خطوط النصوص القديمة المكتوبة على ورق البردى ورقّ الغزال والقراطيس القديمة والمخطوطات بأنواعها من حيث مادتها وشكل كتابتها ومقارنة هذه الكتابة بغيرها وتحديد نسبتها. ومن فروعها المهمة في ميدان الآثار علم البرديات (البابيرولوجية) والكتابات القديمة العربية والإسلامية.
علم أسماء الأماكن (الطبونيمية): يفتح هذا العلم للآثاري آفاقاً جيدة في البحث، وذلك بالرجوع إلى أصل تسمية الأماكن. ففي هذه التسمية دلالة أكيدة على الشعوب التي أنشأت هذه الأماكن. وقد قيل إن المدن تتكلم لغة مؤسسيها. ثم إن المكان يمكن أن يدل على منشأة بائدة (بئر، حمّام، دير، حصن). ولا تتغير أسماء المدن والمواقع بسهولة. وفي بلاد الشام أسماء مدن يرقى بعضها إلى آلاف السنين (دمشق، حلب، تدمر، عمريت، أرواد، وغيرها).
علم الأختام: ومجال هذا العلم الأختام بأنواعها مما لدى الأفراد والمؤسسات القديمة. إن الأختام أو طبعاتها تحمل رسوماً تشهد على الأزمنة والأماكن والأوابد والأزياء. وتتضمن نصوصاً وأسماء أعلام مفيدة أيضاً، ويدخل في هذا النطاق علم الشعارات (الرنوك) وهو يميز الأسر والحكام، وفي جملة ذلك الرنوك في الدولة الأيوبية والمملوكية التي تساعد الآثاريين في نسبة المباني والآثار المنقولة التي تعود لواحد من أهل السلطان والإفادة منها في المقارنة الأثرية ودراسة الفن والصناعة.
وعلى كل حال لايمكن حصر العلوم التي تساعد علم الآثار. فالآثاري كالطبيب الجراح يفي من كل العلوم ويتحسن عمله بتطور التقنيات. وفي هذا الصدد يمكن القول إن البيولوجية الإنسانية من العلوم التي تقدم خدمات جلى للبحث الأثري من حيث دراستها للعظام القديمة والموميات ومعرفة أعمار الموتى والخصائص الجسدية والأمراض التي عانوها وأساليب الطب القديم.
وعلى الآثاري الناجح أن يلم بمعارف كثيرة أو على الأقل أن يعلم كيف يسائل أهل الخبرة في كل المجالات. ولكن في ختام المعارف المساعدة لعلم الآثار يأتي علم الخزفيات (سيرامولوجية) وهو الرفيق اليومي لمعظم الآثاريين. فالفخاريات أو الخزفيات قبل اختراع الكتابة وبعدها هي وسيلة الآثاري الأولى في معرفة العصور والتأثيرات الحضارية وحركة الأمم والشعوب.
منهج علم الآثار الحديثعقب الحرب العالمية الثانية اتجه علم الآثار نحو منهج علمي متين يقوم على تنفيذ العملية الأثرية على مراحل ثلاث: المسح الأثري والتنقيب والتوثيق.
المسح الأثري: لايهدف هذا المسح إلى حصر الآثار المنظورة فحسب، بل يسعى كذلك إلى معرفة الإطار البيئي الكامل الذي عاصر حقبة زمنية، وذلك بدراسة مصادر المواد الطبيعية ودراسة التغيرات الجيولوجية والجغرافية الجيومورفولوجية مثل تغيرات مجاري الأنهار وانخفاض سويات البحار وارتفاعها. إن وجود الإنسان في الطبيعة يترتب عليه تغيّر في التوازن الطبيعي. ولابد إذن من معرفة العلاقة البشرية بالبيئة الطبيعية، ولابد من وسائل ميدانية متطورة لتفهم النشاط الإنساني على وجه أفضل، ومن ثم جمع عينات من مخلفات الإنسان، كالفخار والعظام والمواد العضوية وغيرها، من كل بقعة سكن فيها أم مر بها. ويستعان في عمليات المسح الأثري بالتصوير الجوي بكل أنواعه وبالتصوير الفوتوغرامتري وتستخدم الأشعة الكونية والأشعة تحت الحمراء. وقد دخلت السواتل (التوابع الصنعية) حديثـاً في عمليات المسح الواسعة.
علم البيئة إلإيكولوجية والآثار: يدرس هذا العلم علاقة الكائنات الحية بالبيئة الطبيعية التي عاشت فيها ويفيد الآثاري منه في وضع الإنسان القديم في المحيط الذي عاش فيه، ومعرفة مدى تأثره بهذه البيئة وتأثيره فيها، أي علاقته بها وذلك أمر له أهمية بالغة في دراسة عصور ما قبل التاريخ، ويتبع دراسة البيئة القديمة بداهة دراسة حيوانها ونباتها ولاسيما المستحاثي المنقرض منها. وهذا يقود إلى علم المستحاثات (الباليونتولوجية) الذي تطور في تقنياته وتوسع في دراسة الإنسان المستحاثي وتوصل إلى تقدير عمره على الأرض بملايين السنين.
الأنتروبولوجية والإتنولوجية: هذان العلمان هما، مثل التاريخ، من أشد الاختصاصات المساعدة التصاقاً بعلم الآثار. فالأول يبحث في التطور التاريخي الطبيعي للإنسان، والثاني يبحث في ثقافاته وعاداته وتقاليده، ولذلك يرى بعض العلماء أنهما بحثان تاريخيان وبالتالي أثريان.
علم النميات (النقود والمسكوكات): إن هذا العلم من أهم الوسائل التي تساعد الآثاري على تحديد زمن الآثار التي تقترن بها النقود وهويتها، وعلى معرفة العلاقات الاقتصادية والمد التجاري بين بلد وآخر. كما أن له فوائد في معرفة الكتابات وأشكال الحكم والأحداث والمناسبات المهمة في مختلف البلدان.... وإن قطعة النقود التي كان يضعها الرومان في فم الميت أجرة لشارو سائق عربة الموتى كانت تؤرخ الوفاة أيضاً، وظلت توضع للغاية الأخيرة فحسب في العصر البيزنطي فيفيد منها الباحث في الحالتين في تحديد التاريخ التقريبي للقبر أو المقبرة.
علم التقويم (الكرونولوجية): وهو من العلوم التاريخية المفيدة جداً لعلم الآثار. وموضوعه ينصب على التقاويم المختلفة لدى الدول والشعوب. ومنذ الألف الثالث ق.م احتاج الإنسان إلى تسجيل ما يهمه في حياته الاقتصادية والدينية والسياسية فظهرت في مصر والرافدين وسورية تقاويم لسنوات حكم الملوك مرتبطة بالأحداث التي مروا بها أو جرت في أيامهم. ومهمة المختص في شؤون التقويم دراسة هذه التقاويم ومقارنتها واستنتاج التاريخ المطلق لملك أو حدث. وهذا العلم غاية في الصعوبة ولم يتفق العلماء بعد على تقويم صحيح لأحداث الألف الثالث والثاني ق.م في الرافدين مثلاً، فهناك أصحاب التقويم الطويل والتقويم القصير والمتوسط ويقوم خلاف بين هؤلاء على عهد حمورابي مثلاً يتجاوز المئة عام. ومن المهم للآثاري الاعتماد على الكرونولوجية في تأريخ السويات الأثرية التي يكتشفها. ولاجدوى من درس التعاقب الطبقي الأثري «الستراتيغرافية» من دون خلفية تقويمية. وتعرف صعوبة علم التقويم من المطابقة بين التقويمين الهجري والميلادي فكيف يكون الأمر إذا كان تقويم إحدى الأسر يرجع إلى ثلاثة آلاف عام قبل ذلك وكان مفككاً متناقضاً ملتبساً. ويتبع هذا العلم علم الأنساب وقد برع العرب جداً في هذا العلم حتى إنهم نسبوا خيولهم بصكوك موثقة مفيدة.
علم النقوش (الإبيغرافية): وهو علم الكتابة القديمة المنقوشة في الحجر والطين والمعدن والخشب وغيرها. وهذا العلم يساعد الآثاري في معرفة سبب وجود الأثر ومعرفة صانعه وبيئة الأثر وأسرار اللغات. ويقوم المختص به بتحديد زمن النصوص ومكانتها وترميم الناقص فيها. ومن العلوم المقترنة بالإبيغرافية والمفيدة لها علم المخطوطات.
علم الكتابات القديمة (الباليوغرافية): وميدانه خطوط النصوص القديمة المكتوبة على ورق البردى ورقّ الغزال والقراطيس القديمة والمخطوطات بأنواعها من حيث مادتها وشكل كتابتها ومقارنة هذه الكتابة بغيرها وتحديد نسبتها. ومن فروعها المهمة في ميدان الآثار علم البرديات (البابيرولوجية) والكتابات القديمة العربية والإسلامية.
علم أسماء الأماكن (الطبونيمية): يفتح هذا العلم للآثاري آفاقاً جيدة في البحث، وذلك بالرجوع إلى أصل تسمية الأماكن. ففي هذه التسمية دلالة أكيدة على الشعوب التي أنشأت هذه الأماكن. وقد قيل إن المدن تتكلم لغة مؤسسيها. ثم إن المكان يمكن أن يدل على منشأة بائدة (بئر، حمّام، دير، حصن). ولا تتغير أسماء المدن والمواقع بسهولة. وفي بلاد الشام أسماء مدن يرقى بعضها إلى آلاف السنين (دمشق، حلب، تدمر، عمريت، أرواد، وغيرها).
علم الأختام: ومجال هذا العلم الأختام بأنواعها مما لدى الأفراد والمؤسسات القديمة. إن الأختام أو طبعاتها تحمل رسوماً تشهد على الأزمنة والأماكن والأوابد والأزياء. وتتضمن نصوصاً وأسماء أعلام مفيدة أيضاً، ويدخل في هذا النطاق علم الشعارات (الرنوك) وهو يميز الأسر والحكام، وفي جملة ذلك الرنوك في الدولة الأيوبية والمملوكية التي تساعد الآثاريين في نسبة المباني والآثار المنقولة التي تعود لواحد من أهل السلطان والإفادة منها في المقارنة الأثرية ودراسة الفن والصناعة.
وعلى كل حال لايمكن حصر العلوم التي تساعد علم الآثار. فالآثاري كالطبيب الجراح يفي من كل العلوم ويتحسن عمله بتطور التقنيات. وفي هذا الصدد يمكن القول إن البيولوجية الإنسانية من العلوم التي تقدم خدمات جلى للبحث الأثري من حيث دراستها للعظام القديمة والموميات ومعرفة أعمار الموتى والخصائص الجسدية والأمراض التي عانوها وأساليب الطب القديم.
وعلى الآثاري الناجح أن يلم بمعارف كثيرة أو على الأقل أن يعلم كيف يسائل أهل الخبرة في كل المجالات. ولكن في ختام المعارف المساعدة لعلم الآثار يأتي علم الخزفيات (سيرامولوجية) وهو الرفيق اليومي لمعظم الآثاريين. فالفخاريات أو الخزفيات قبل اختراع الكتابة وبعدها هي وسيلة الآثاري الأولى في معرفة العصور والتأثيرات الحضارية وحركة الأمم والشعوب.
منهج علم الآثار الحديثعقب الحرب العالمية الثانية اتجه علم الآثار نحو منهج علمي متين يقوم على تنفيذ العملية الأثرية على مراحل ثلاث: المسح الأثري والتنقيب والتوثيق.
المسح الأثري: لايهدف هذا المسح إلى حصر الآثار المنظورة فحسب، بل يسعى كذلك إلى معرفة الإطار البيئي الكامل الذي عاصر حقبة زمنية، وذلك بدراسة مصادر المواد الطبيعية ودراسة التغيرات الجيولوجية والجغرافية الجيومورفولوجية مثل تغيرات مجاري الأنهار وانخفاض سويات البحار وارتفاعها. إن وجود الإنسان في الطبيعة يترتب عليه تغيّر في التوازن الطبيعي. ولابد إذن من معرفة العلاقة البشرية بالبيئة الطبيعية، ولابد من وسائل ميدانية متطورة لتفهم النشاط الإنساني على وجه أفضل، ومن ثم جمع عينات من مخلفات الإنسان، كالفخار والعظام والمواد العضوية وغيرها، من كل بقعة سكن فيها أم مر بها. ويستعان في عمليات المسح الأثري بالتصوير الجوي بكل أنواعه وبالتصوير الفوتوغرامتري وتستخدم الأشعة الكونية والأشعة تحت الحمراء. وقد دخلت السواتل (التوابع الصنعية) حديثـاً في عمليات المسح الواسعة.