اثار (علم) Archeology - Archéologie

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اثار (علم) Archeology - Archéologie

    اثار (علم)

    Archeology - Archéologie

    الآثار (علم ـ)

    يهتم علم الآثار Archeology بدراسة ما تركه الإنسان من أشياء مادية بدءاً من الأدوات التي صنعها من مواد خام لمواجهة متطلبات الحياة من معيشة ومسكن وغير ذلك، وانطلاقاً من أن هذه الأدوات تبقى بعده أثراً دالاً على تجربته ومؤرخة عصره. وإذا كان من الصعب الوصول إلى تعريف دقيق يفصل بين علم التاريخ وتاريخ الفن وعلم الآثار، فإن من الممكن تحديد ميدان علم الآثار بأنه الكشف عن الأثر الإنساني المادي ودراسته وجلاء البيئة التي وجد فيها واستخلاص كل المدلولات الممكنة منه. ولايبتعد هذا التحديد لعلم الآثار كثيراً عن الدلالة التي استعملت لها قديماً الكلمة اليونانية «أركيولوجية» التي اعتمدتها اللغات الأوربية وكانت تعني «علم القديم»، وتحديد الزمن الذي يتوقف عنده علم الآثار مختلف عليه. فبعضهم يرى أن مهمته يجب أن تنحصر في دراسة زمن الشعوب التي لم تكن تعرف القراءة والكتابة، ويتوقف بعضهم الآخر بعلم الآثار عند عصر النهضة الأوربية. ولكن أكثر الدول تعد الآن أثرياً كل ما وجد قبل مئة عام أو مئتين.
    وفي جميع الأحوال يعد علم الآثار فرعاً من الدراسات التاريخية أو بمعنى آخر هو علم تاريخي. ومن الصعب وضع حد يفصل علم التاريخ عن علم الآثار. والواقع أن البحث الأثري بحث تاريخي أولاً وقبل كل شيء.
    إن مخلفات الإنسان مختلفة الأشكال. فإذا كانت فنية أو معمارية فإنها تدخل في ميدان تاريخ الفن، ويهتم بها علم الآثار كذلك، لا من أجل جمالها، بل لأنها شواهد على النشاط البشري ودلائل على نمط في العيش والتفكير. وباختصار فإن عالم الآثار يدرس هذه المخلفات بصفتها وثائق تنتمي إلى حضارة معينة، وقد تكون لقطعة أثرية صغيرة قيمة لديه تفوق قيمة تمثال رائع إذا كانت هذه القطعة توضح له أموراً مهمة عن الإنسان الذي استعملها.
    ولما كان الهدف الأساسي لعلم الآثار كشف ماضي الجماعات الإنسانية، فإن بعضهم يرى أنه من مشتقات الأنتروبولوجية، ولعل في ذلك شيئاً من الحقيقة لأن علم الآثار يتداخل مع علوم كثيرة وفيه من التعقيد والتنوع ما يماثل ما عليه الإنسان ومجتمعه وإنتاجه المادي والثقافي.
    تاريخ علم الآثار:
    يتناول البحث هنا: العرب وعلم الآثار، وعلم الآثار في العالم الغربي، والتنقيب عن الآثار في سورية.
    العرب وعلم الآثار:
    كثيراً ما تغفل المؤلفات الأثرية، عند البحث في تاريخ علم الآثار، الإسهام العربي في تأسيس هذا العلم، مع أن المؤرخين والإخباريين والجغرافيين والرحالة والكتاب العرب يذكرون نبذاً قليلة أو كثيرة عن أوابد وأطلال أثرية في أكثر أجزاء العالم القديم، من حدود الصين إلى الأندلس. وفضلاً عن الأخبار التي وردت في مجال الاستكشاف المتعدد الأهداف والدوافع، فقد كانت لدى العرب بعثات استكشاف مقصودة لذاتها. ومن ذلك بعثات أرسلها الخليفة الواثق لاستكشاف سواحل بحر الخزر و«سد يأجوج ومأجوج» (سور الصين كما كانوا يعتقدون) ومدينة الرقيم. كما كان لديهم نوع من المتاحف يحفظون فيها آثاراً تاريخية، وقد احتفظ العباسيون بتحف تاريخية من مخلفات الأمويين، كما خصص الفاطميون بيوتاً للتحف التاريخية سموها «خزائن» كخزانة الجوهر، وخزانة الأسلحة، وخزانة الفرش. ومن ذلك ما أنشأه الخليفة المستنصر الفاطمي (ت 487هـ/1094م). وثمة شواهد، من عهود الأيوبيين والمماليك والعثمانيين في دمشق، على تدخل السلطة أو الأهلين أحياناً لإزالة المخالفات الأثرية، ومنع تغيير معالم الآثار. وبعض المؤلفات التاريخية العربية لها قيمة أثرية وصفية واضحة مثل كتاب «الأصنام» لابن هشام الكلبي (ت 204هـ/819م) الذي يتحدث عن نصب وآثار زالت ويصفها وصفاً دقيقاً من حيث مادتها وشكلها ومكانها.ويعد كتاب «الإكليل» للهمداني (ت 334هـ/945م) في صنعاء مصدراً أثرياً مهماً، يصف صاحبه فيه القلاع والقصور القديمة المنقوشة على الحجارة الأثرية.
    على أن أول آثاري عربي، بالمعنى الدقيق للكلمة، هو موفق الدين عبد اللطيف البغدادي (565 - 629هـ/1162 - 1231م) الرحالة العالم والطبيب الجراح، ولايرقى إليه باحث في الآثار في الشرق أو في الغرب، فهو يصف الآثار، ويفصّل في ذلك، ويشرّح المومياء ويحللها بدقة، ويحاول معرفة موادها وأسرارها. وينقل البغدادي في كتابه «الإفادة والاعتبار» شيئاً عن موقف السلطات في الدولة العربية من الآثار الخاصة بهم أو التي سبقت عهودهم قائلاً: «وما زالت الملوك تراعي بقايا هذه الآثار وتمنع من العبث بها وإن كانوا أعداء لأربابها، وكانوا يفعلون ذلك لمصالح منها لتبقى تاريخاً يُنتبه به على الأحقاب، ومنها أنها تدل على شيء من أحوال من سَلف وسيرتهم، وتعداد علومهم، وصفاء فكرهم وغير ذلك، وهذا كله مما تشتاق النفس إلى معرفته وتؤثر الاطلاع عليه...» وفي هذه العبارات تحديد سليم لأكثر مهمات علم الآثار في العصر الحديث.
    ومن أشهر المواقف العربية إزاء الآثار موقف الشاعر أبو يَعْلَى المعري، وقد مر بخربة سياثَ وهي من القرى البائدة في محافظة إدلب فرأى شخصاً يحطم الأوابد الأثرية فقال أبياته المشهورة:
    مررت برسم في سياث فراعني به زَجَلُ الأحجارِ تحت المعاول
    تناولـها عَبْـلُ الـذراع كأنما
    رمى الدهر فيما بينهم حربَ وائل فقلت لـه شلَّـت يمينُك خلِّها لمعتبـر أو زائـر أو مسائـل
    منـازل قـوم حدثتنا حديثهم
    ولم أر أحلى من حديث المنازل
    ومن الرحالة والجغرافيين والمؤرخين الذين عنوا بوصف الآثار ابن خُردادْبة (ت 280هـ/ 893م) في وصفه رومة، واليعقوبي (ت بعد 292هـ/905م) في وصفه بغداد، وابن رستة (ت بعد 290هـ/903م) في تفصيله وصف الكعبة المشرفة والقسطنطينية وأهرامات مصر، والمسعودي (ت 346هـ/903م) في حديثه عن الآثار الساسانية والفسيفساء وبيوت النار والنقوش الصخرية الشهيرة وقبر الاسكندر، وعن آثار أنطاكية وهياكل بعلبك والجامع الأموي والمدافن الفرعونية بالتفصيل، وعن أعمال التنقيب السرية التي كان يقوم بها «أهل الدفائن» واكتشافهم التماثيل والأثاث المدفون والموميات والكتابات الهيروغليفية. ويليه ابن حوقل (ت 380هـ/990م) الذي أعاد شيئاً مما قاله من سبقه ولكنه يتميز عنهم بوصف قصر غمدان في صنعاء ووصف بعض مدن المغرب والهيكل الروماني العظيم في بالرمو بصقلية، كما وصف المدائن في فارس وصنم بوذا في الهند. أما ياقوت الحموي (ت 626هـ/1229م) فيتميز بوصف مواقع أثرية شهيرة كالرصاغة وقلعة صلاح الدين (صهيون عنده) ومدينة الحَضَر، ثم إن الهروي (ت 611هـ/1215)م وصف الأهرام بدقة في كتابه «الآثار والعجائب والأصنام»، كما وصف ابن جبير (ت 614هـ/1217م) القلاع والأطلال في العراق والشام وآثار مصر ومنارة الإسكندرية.
    ومن بين الذين اهتموا بالآثار في القرن الثامن الهجري ابن فضل الله العمري (ت 749هـ/1348م) وابن بطوطة (ت 779هـ/1377م) والقلقشندي (ت 821هـ/1418م) وقد شمل وصف ابن بطوطة معظم أقطار العالم المعروف في عصره، وفصّل في وصف آثار القاهرة والإسكندرية وقبة الصخرة وقلعة حلب حتى أنه تكلم بالتفصيل عن الخزف الصيني.
يعمل...
X