«سأعتني بصحتي لاحقاً»، ما تأثير المماطلة على صحتنا؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • «سأعتني بصحتي لاحقاً»، ما تأثير المماطلة على صحتنا؟

    قد يكون لدى طلاب الجامعات الكثير من الحرية، لكن ليس لديهم القدر الكافي من التنظيم. هذا سيء جدًا للأشخاص مُعتادي المماطلة. أظهرت الدراسات أن نحو نصف طلاب الجامعات يماطلون بدرجة قد تكون ضارة بتعليمهم.






    هذه ليست النتيجة السلبية الوحيدة لتأجيل المهام. وجدت الدراسات صلة بين المماطلة وسوء الصحة، إذ ترتبط المماطلة بمستويات أعلى من التوتر، وأساليب الحياة غير الصحية، وتأجيل زيارة الطبيب بشأن المشكلات الصحية.

    مع ذلك، لا تحدد الدراسات مسار هذه العلاقة: هل تؤدي المماطلة إلى ضعف الصحة الجسدية والعقلية، لأن الناس يؤجلون بدء نظام جديد للتمارين الرياضية أو زيارة الطبيب بشأن مشكلات صحية؟ أم أن العكس هو الصحيح: هل تدفع الصحة الجسدية السيئة الناس إلى المماطلة لأنهم لا يملكون الطاقة اللازمة لإنجاز المهام الآن؟

    «سأعتني بصحتي لاحقًا» عنوان دراسة من جزئين نشرتهما الدكتورة فوشيا سيرويس من جامعة وندسور. اعتمدت الدراسة الأولى على عينة كبيرة من الطلاب. الدراسة الثانية هي تكرار للدراسة الأولى لكن على عينة من الراشدين. كان التكرار ضروريًا نظرًا إلى الاختلافات بين الشباب الأصحاء نسبيًا مقابل عينة مجتمعية أكبر سنًا. أظهرت الدراستان نتائج متشابهة، مع ظهور اختلافات تتعلق بآثار التوتر وتأجيل العلاج والسلوكيات الصحية.

    يشير البحث إلى وجود تفسيرين مفترضين لسوء صحة المماطلين، أحدهما مباشر ويتمثل في التوتر الناتج عن المماطلة، والآخر غير مباشر ويتمثل في الميل إلى تأجيل ممارسة السلوكيات الصحية. أي إن المماطلة تؤثر في صحتنا مباشرةً، نتيجةً للتوتر وتأثيره الفسيولوجي والنفسي، الذي يؤدي إلى تغييرات في وظيفة المناعة، التي بدورها تؤثر سلبًا في الصحة، وتؤثر بطريقة غير مباشرة، نتيجةً لتأجيل ممارسة السلوكيات الصحية.






    هذه الدراسة طولية، أي إنها تتابع الأشخاص على مدار فترة زمنية، وتقيس معايير محددة في أوقات معينة خلال الدراسة. شملت الدراسة الأولى 3525 طالبًا من 8 جامعات سويدية، طُلب منهم ملء استبيانات كل ثلاثة أشهر على مدار عام.

    كان هدف الدراسة معرفة: هل الطلاب الذين يؤجلون مهامهم أكثر عرضة لسوء الصحة العقلية والجسدية أم لا؟ أجاب 2587 طالبًا من أصل 3525 عن الاستبيانات اللاحقة بعد تسعة أشهر، حيث قيست لديهم عدة معايير صحية.

    لفهم كيف ترتبط المماطلة بالآثار الصحية اللاحقة، قورن الطلاب الذين لديهم نزعة للمماطلة «بناءً على نتائجهم على مقياس المماطلة»، في بداية الدراسة مع الطلاب الذين لديهم نزعة أقل للمماطلة. أظهرت النتائج بعد تسعة أشهر أن المستويات العالية من المماطلة ارتبطت بأعراض الاكتئاب والتوتر والقلق.

    أبلغ الطلاب الذين لديهم مستويات أعلى من المماطلة عن آلام جسدية تعيق الحركة، وأبلغوا عن مشكلات النوم، والشعور بالوحدة، وصعوبات مالية. بقيت هذه العلاقة ثابتة حتى عند استبعاد العوامل المؤثرة، مثل العمر والجنس والمستوى العلمي للوالدين والأمراض السابقة.




    أظهرت نتائج العينة المجتمعية أن التوتر هو الوسيط الوحيد للعلاقة بين المماطلة والصحة. إذ اتضح إحصائيًا إنه عند أخذ عامل التوتر في الحسبان، تختفي العلاقة بين المماطلة والمرض، في حين تظهر العلاقة بين المماطلة والمرض من خلال عامل التوتر. تختلف النتائج هنا عن عينة الطلاب، حيث كان التوتر هو الوسيط جزئيًا فقط للعلاقة بين المماطلة والصحة. قالت سيرويس: «قد يرجع هذا جزئيًا إلى أن الطلاب -الأصغر سنًا والأكثر صحة- أقل عرضة للآثار السلبية للتوتر مقارنةً بالبالغين».

    وجدت النتائج أيضًا علاقة أقل وضوحًا بين المماطلة وسلوكيات السلامة المنزلية، مثل فحص البطاريات واستبدالها في أجهزة الكشف عن الدخان، وهي سلوكيات وخيمة العواقب.

    عمومًا، يُظهر البحث أن سمة المماطلة «الميل إلى التأجيل في معظم مجالات الحياة» ترتبط بسوء الحالة الصحية لدى البالغين، وأن أفضل تفسير لهذا الارتباط هو التأثيرات المباشرة للتوتر. تساعد التأثيرات غير المباشرة للسلوكيات الصحية في صحة المماطلين على فهم تأثير السمات الشخصية في الصحة.

    قيّمت الدراسات السابقة المشاركين في وقت محدد، ما جعل من الصعب معرفة أي الشرطين يأتي أولًا: التأجيل أم الصحة السيئة؟ يوضح التصميم الحالي للدراسة، المتمثل في الإجابة عن عدة استبيانات على مدار فترة زمنية، أن عادة المماطلة موجودة قبل تقييم الآثار الصحية.




    لكن ما زال من الممكن وجود عوامل أخرى لا يذكرها هذا التحليل، قد تفسر الارتباط بين المماطلة والآثار السلبية على الصحة. لا تؤكد النتائج الحالية وجود علاقة سببية بين الأمرين، لكنها تشير إلى العلاقة بوضوح أكبر مقارنةً بالدراسات المقطعية السابقة.
    علاج المماطلة:


    «يمكن علاج المماطلة»، هذا خبر سار للأشخاص المماطلين. أظهرت الدراسات السريرية «المعيار الذهبي للأبحاث الطبية» أن العلاج السلوكي المعرفي فعّال في الحد من هذه العادة.

    يساعد العلاج على تجاوز المماطلة بتقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة، وتقليص تأثير الأشياء المشتتة للانتباه «مثلًا، إطفاء الهاتف المحمول»، والبقاء في حالة تركيز على ما يجب القيام به، رغم الشعور بمشاعر سلبية.

    يتطلب الأمر بعض الجهد، وتظهر صعوبته حال وجود موعد نهائي محدد لإنجاز المهمة، لكن قد تملك التغيرات الصغيرة تأثيرًا كبيرًا، مثل إبقاء الهاتف في غرفة أخرى في أثناء إنجاز مهمة ما.
يعمل...
X