الاكتئاب الخفي: التعرف على الأعراض وكيفية تقديم المساعدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاكتئاب الخفي: التعرف على الأعراض وكيفية تقديم المساعدة

    لا يظهر الاكتئاب دومًا بوضوح، في الواقع يبذل بعض الناس جهدًا كبيرًا لإخفاء أعراض اكتئابهم عن المحيطين بهم، وقد يخفون مشكلتهم جيدًا لدرجةٍ يصعب عندها تمييز الحالة حتى بالنسبة لهم.






    يُطلَق على الاكتئاب الخفي أحيانًا اسم الاكتئاب المبتسم لأن المصابين بالاكتئاب الخفي يبدون سعداء ومسرورين وقادرين على العمل بكفاءة. وتبدو حياتهم العملية والاجتماعية جيدةً بحسب مظهرها الخارجي. لكن أعراض الاكتئاب تؤثر في أفكارهم ومشاعرهم، وصحتهم الجسدية من الداخل في مساحاتهم الهادئة التي تصعب مشاركتها، وتستمر هذه الأعراض دون توقف.

    إن الوعي بتنوع أعراض الاكتئاب أمرٌ هام، فقد يتحسن المصاب باكتئاب غير مُشخَّص وغير مُعالَج عند تلقيه للمساعدة.
    المقارنة بين أعراض الاكتئاب التقليدية، وأعراض الاكتئاب غير النموذجية


    تتنوع أعراض الاكتئاب على مدىً واسع من شخصٍ لآخر، ما يجعل الاكتئاب الخفي صعب الكشف. ومن الأعراض المعروفة جيدًا للاكتئاب:
    • الشعور بالحزن المستمر طوال مدة تتجاوز أسبوعين.
    • البكاء المتكرر.
    • نقص كبير في تقدير الذات.
    • فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت مهمة عادةً.

    لكن قد يصعب أكثر تصنيف بعض الأعراض الأخرى بأنها أعراض اكتئابية مثل:
    • ألم جسدي، أو اضطرابات معدية معوية غير مرتبطة بحالة صحية أخرى.
    • تعب، أو نقص في الطاقة.
    • تغييرات في أنماط النوم.
    • زيادة الوزن أو نقصانه، أو تغيرات في الشهية.
    • تغيرات في تعاطي المواد.
    • هيجان أو انزعاج أو حساسية زائدة.
    • الإحساس بفقدان الأمل أو انعدام القيمة.
    • اضطرابات في الانتباه أو التركيز أو الذاكرة.
    • فقدان الاهتمام بممارسة الجنس.

    إحدى طرق كشف الإصابة بالاكتئاب، ملاحظة مدة استمرار الأعراض. وفي الحالة العامة تحتاج الأعراض التي تستمرّ أكثر من أسبوعين غالبًا إلى مناقشتها مع أحد المختصين في الرعاية الصحية.
    كيف يبدو الاكتئاب الخفي؟


    قد يبدأ المصابون بالاكتئاب بالتصرف على نحو مختلفٍ عن عادتهم، حتى لو لم يظهر عليهم الحزن أو الفتور، لذا من المهم مراقبة أية تغيرات في السلوك. إذ لا يشير تغيّرٌ أو اثنان وحدهما إلى الإصابة، لكن يدعو تعدد هذه التغييرات في وقت واحد للانتباه.

    عندما يعاني شخص من أعراض الاكتئاب من دون الحديث عنها، قد يلاحظ المحيطون به هذه التغييرات:
    اختلافات في الشخصية:


    قد تشير تغيرات الشخصية إلى الإصابة بالاكتئاب الخفي، فمثلًا، قد يصبح المصاب أكثر هدوءًا بعد أن كان ودودًا واجتماعيًا، أو أكثر تشاؤمًا بعد أن كان أكثر ثقةً في مستقبله.


    نقص كبير أو زيادة كبيرة في الوزن:


    يشير تغير العادات الغذائية (كفقدان الاهتمام بالطعام أو الأكل استجابةً للظروف العاطفية) إلى الإصابة بالاكتئاب الخفي أيضًا.
    تغييرات في تعاطي المواد:


    قد يكون تغير نمط شرب الكحول، أو تعاطي المواد الأخرى بطريقة تؤثر في الحياة اليومية علامةً للإصابة.
    تغير عادات النوم:


    من علامات الإصابة بالاكتئاب كذلك النوم لوقت متأخر يوميًا، أو النوم أكثر من المعتاد، أو السهر أكثر من المعتاد.
    الجدية الزائدة:


    قد يبدأ المصاب بالاكتئاب الخفي بالانخراط في نقاشات أعمق تتصف بالسوداوية، والفلسفة أكثر من المعتاد.




    تغيرات في التفاعل الاجتماعي:


    تتضمن علامات الإصابة بالاكتئاب تغير سلوك الشخص ليصبح ودودًا، ومفعمًا بالحياة بطريقة لا تبدو عفوية وصادقة. أو قد يبدأ بالانسحاب من النشاطات الاجتماعية، وتقديم أعذار متكررة لتفسير عدم اختلاطه مع الأصدقاء، والعائلة.
    اختلافات في مستوى الإنتاجية:


    يشير تخصيص الكثير من الوقت الزائد للعمل أو تراجع الأداء إلى الإصابة بالاكتئاب.
    التوقف عن ممارسة الهوايات والأنشطة التي كانت مهمة عادةً:


    قد يتخلى المصابون عن الأشياء، والنشاطات التي كانت تهمهم بشدة، أو قد يمارسونها بطريقة تفتقر إلى الحماس.
    مخاطبة الذات بطريقة سلبية:


    قد يقول المصابون أشياء سلبيةً على سبيل المزاح لتشتيت الانتباه بعيدًا عن ألمهم الخفي، وقد تزداد سلوكياتهم القائمة على المخاطرة، وخصوصًا المراهقين منهم. قد يكون ذلك محاولةً لإبطال فقدان الشعور، أو للتسبب بأذى للنفس.




    ما الفئات التي تصاب بالاكتئاب الخفي أكثر من غيرها؟


    يستطيع أي مصابٍ بالاكتئاب إخفاء الأعراض، وخصوصًا عندما يشعر أنه سيخسر شيئًا ما لو تحدّث عن إصابته. لكن يوجد مجموعات من الناس يزيد احتمال إخفائهم للاكتئاب أكثر من غيرهم، أو قد لا ينتبهون لتأثير الاكتئاب عليهم.

    أظهرت الأبحاث إمكانية إخفاء الاكتئاب، أو الإخفاق في تشخيصه، ومعالجته عند:
    • البالغين الأكبر سنًا.
    • الرجال.
    • المصابين بأمراض مزمنة.
    • الأشخاص في فترة تعافيهم من التجارب الصادمة.
    • الأشخاص من المجتمعات المهمشة، أو غير القادرين على الحصول على رعاية صحية ملائمة.
    ما السبب الذي يدفع بعض الناس لإخفاء إصابتهم بالاكتئاب؟


    غالبًا ما يشعر الناس أن لديهم أسبابًا مقنعةً للحفاظ على خصوصية أعراض الاكتئاب لديهم، وذلك ربما بسبب تعرضهم لنتائج سلبية بعد كشفهم لأعراض الاكتئاب في الماضي، وربما بسبب عدم وعيهم بالمخاطر الصحية التي قد يسببها الاكتئاب لدى عدم تلقي العلاج.

    بعض الأسباب التي تدفع الناس لإخفاء مشاعرهم:




    «لقد بدأ تدريجيًا، ونادرًا ما ألاحظه»:


    تزداد أعراض الاكتئاب مع الوقت في بعض الحالات، وقد لا يدركون أصلًا مدى تأثير الاكتئاب فيهم إلى أن ينبههم شخصٌ قريب بشأن ذلك.
    «لا أثق بالأطباء»:


    يصعب على بعض الناس أحيانًا مصارحة العاملين في المجال الطبي، وذلك بسبب العنصرية التاريخية والمعاصرة والاستعمار والتمييز في بعض المجتمعات.

    ربما تعرّض البعض سابقًا لخطأ في التشخيص فلم يميز العاملون بالمجال الطبي أعراضهم، أو عاملوهم بإساءة وعدم احترام. وربما تركتهم هذه التجارب يشعرون بالعجز، أو التجاهل، أو أن معاملتهم كانت على أساس صورة نمطية.
    «أخاف مما قد يحدث إذا تحدّثت عن مشكلة متعلقة بالصحة النفسية»:


    لا يكشف البعض عن أعراض الاكتئاب لديهم لأنهم قد يواجهون عواقب وخيمة. فقد كشفت إحدى الدراسات عام، 2020 خوف الأمهات من التصريح بإصابتهن بالاكتئاب لأنهنّ لا يرغبن أن تأخذ خدمات حماية الأطفال أطفالهنّ منهنّ.






    قد تؤدي اضطرابات الصحة النفسية في بعض الأماكن إلى مواجهة تطبيق القانون، وقد يكون ذلك أمرًا خطيرًا ومرعبًا.

    قد يشعر الناس بالحاجة لإخفاء أعراضهم بسبب عدم ثقتهم بالأنظمة.
    «لا أريد أن أكون عبئًا على أحد»:


    قد يشعر البعض بالذنب عند طلب المساعدة أو العلاج. خصوصًا المراهقين، والبالغين الأكبر سنًا؛ الذين لا يريدون التسبب بالقلق لعائلاتهم وأصدقائهم. قد يؤثر هذا الأمر كذلك في المصابين بالأمراض المزمنة الذين لا يودون إضافة شيءٍ آخر إلى قائمة الحالات الطبية التي يناقشونها مع الطبيب.
    «يحرجني الحديث عن الأمر»:


    لقد حسّنت حملات الصحة العامة نظرة الناس لاضطرابات المزاج كالقلق والاكتئاب. لكن تختلف المواقف تجاه الصحة النفسية من مكانٍ لآخر. إذ ما تزال هناك وصمة مرتبطة بالاكتئاب في بعض العائلات والمجتمعات والثقافات. فقد يخطئ الناس في فهم هذه الحالة معتقدين أنها تحدث بسبب عيبٍ ما، أو ضعف في الشخصية، ما يمنعهم من الحديث عن الأعراض، وطلب العلاج.




    «لا أريد أخذ الأدوية»:


    يقلق البعض بشأن أخذ مضادات الاكتئاب وغيرها من الأدوية بسبب مخاطر التأثيرات الجانبية. فمع إن وصف مضادات الاكتئاب لعلاج المرضى أمر شائع، فهي ليست جزءًا من الخطة العلاجية لجميع المصابين بالاكتئاب!

    طلب نحو 19% من الناس في الولايات المتحدة الأمريكية المعالجة في حالات متعلقة بالصحة النفسية عام 2019. وقد وُصف العلاج الدوائي لأقل من 16% منهم، واختِير أقل من 10% للعلاج النفسي لوحده، أو بالمشاركة مع العلاج الدوائي.

    يجد بعض الناس في العلاج النفسي، وتغييرات النظام الغذائي، وممارسة التمارين، وأنماط التفكير، وعادات النوم معالجاتٍ فعالةً. خصوصًا عندما تكون الأعراض خفيفةً إلى معتدلة الشدة.
    كيف تستطيع مساعدة شخصٍ إن كنت تظن أنه يخفي الاكتئاب؟


    من الصعب معرفة كيفية مساعدة شخص يبدو أنه يعاني الاكتئاب، لكن يمكن تجربة هذه الأفكار:
    • طرح أسئلة تُظهِر الاهتمام وتفتح الفرصة للحديث.
    • الاستماع من دون إصدار الأحكام، أو إعطاء كثير من النصائح.
    • تجنب العبارات الجاهزة (الكليشيه)، والأحاديث المحفزة التي قد لا تساعد بالضرورة.
    • اقتراح مشاركته الذهاب للمشي.
    • ترتيب بعض النشاطات الاجتماعية التي لا تحمل الكثير من الضغط، مع مراعاة اهتماماته.
    ما مخاطر إخفاء الاكتئاب؟


    يعود الحذر بشأن الكشف عن حالة صحية إلى الاختيار والحكم الشخصي للفرد. فليس كل فرد في العائلة، أو في مكان العمل، أو من الأصدقاء شخص آمن وداعم بالضرورة. لذا قد يكون قرار حماية خصوصية المعلومات الصحية قرارًا حكيمًا في بعض الحالات بحسب الموقف.

    لكن طلب العلاج يبقى مهمًا عند وجود أعراض للاكتئاب، خصوصًا عندما تؤثر هذه الأعراض في الصحة أو الدراسة، أو الحياة العملية، أو نوعية الحياة.

    اقترحت دراسة عام 2017 أن بقاء الاكتئاب لفترة أطول دون تشخيص ولا علاج يزيد من سوء الأعراض وصعوبة معالجتها فيما بعد.

    يزيد الاكتئاب غير المعالج من خطورة الانتحار، وقد أشار الباحثون في المعهد الوطني للصحة النفسية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن الاكتئاب غير المعالج قد يزيد من خطورة الإصابة بأمراض مثل:
    • الداء القلبي الوعائي.
    • السكري.
    • السكتة.
    • تخلخل العظام.
    • داء ألزهايمر.
    كيف يُعالَج الاكتئاب؟


    الاكتئاب الخفي قابل للعلاج، وغالبًا ما تتحسن الأعراض عند تلقي المساعدة، رغم الحاجة لبعض الوقت حتى تصبح التأثيرات ملحوظة. أكثر علاجات الاكتئاب شيوعًا وفعاليةً هو العلاج الدوائي، أو النفسي أو مزيجٌ منهما.

    من الممكن أيضًا تلقي العلاجات المحفزة للدماغ عندما لا تستطيع العلاجات الدوائية، والنفسية علاج الأعراض الشديدة على نحو كامل.

    من الجدير بالذكر أن بعض أعراض الاكتئاب قد تتحسن بممارسة التمارين الرياضية، وتحسين النوم، واتباع نظام غذائي يحد من الأغذية المعالَجة والسكرية (كالنظام الغذائي للبحر المتوسط).
    الخلاصة


    قد يخفي المصابون بالاكتئاب أعراضهم عن المحيطين بهم وقد لا يستطيعون معرفة أنهم يعانون من الاكتئاب، أو قد يُظهرون السعادة والإيجابية للتغطية على ما يشعرون به في داخلهم، وربما يقلقون بشأن ما قد يفكر به الآخرون أو من تبعات طلب العلاج لمرضٍ نفسي، وقد لا يثقون بالدعم المقدم لهم من العاملين في الرعاية الصحية، أو زملاء العمل أو الأصدقاء، أو أفراد العائلة.




    من المهم التعرف على أعراض الاكتئاب، والحصول على المعالجة لتجنب تفاقم الحالة، فقد يسبب الاكتئاب غير المعالَج مشكلات صحيةً أخرى مع الوقت.

    إن كنت تبذل جهدًا لإخفاء أعراض الاكتئاب، أو تعرف أحدًا ما يفعل ذلك، تذكر أن المساعدة متوفرة على الدوام والسيطرة على الاكتئاب ممكنة، والعودة للتمتع بنوعية حياة أفضل عند تلقي العلاج المناسب.
يعمل...
X