تتضمن أدمغتنا خريطةً لكل غرفة نمنا فيها، وكل مطبخ طهونا فيه الطعام، وكل مدينة عملنا فيها، وكل بلد قضينا فيه عطلاتنا، وتتضمن كذلك خريطةً بالية تمثل كل عالم حلمنا فيه. وفقًا لدراسة أجريت على أدمغة الفئران، تبين أن بعض العمليات الرياضية الذكية هي ما يجعل تخزين هذا الكم الضخم من المعلومات المفصلة في نسيج صغير من الخلايا العصبية أمرًا ممكنًا.
تكشف الأنماط المكتشفة حديثًا لترتيب الخلايا الدماغية -التي تجسد التصور الذهني للعالم المادي- كيف يخزن الدماغ أنواعًا معينة من البيانات، وقد تساعدنا أيضًا على فهم الحالات التي تتدهور فيها الذاكرة، والقدرة على إنشاء الخرائط الذهنية.
عندما ندخل غرفةً للمرة الأولى، يبدأ الدماغ بتوظيف خلايا عصبية لإنشاء خريطة ذهنية تمثل المكان بسرعة. لا تترتب هذه الخلايا المكانية بطريقة تعكس الغرفة بالضرورة، لكن الإشارات المتناسقة التي تطلقها تعمل على تحديد موقعنا في المكان المحيط.
توجد هذه الخلايا في شبكات تُسمى الحقول المكانية، ويُعاد ترتيبها باستمرار كلما زاد اعتيادنا للمكان، وهي تساهم في تكوين شبكات متنامية باستمرار تتواصل معًا باستجابات مترابطة كلما أصبح المكان المحيط مألوفًا أكثر.
لم تتضح طريقة تطور هذا النشاط المتناسق المتسلسل وكيفية عمله إلى الآن، على الأقل رياضيًا.
تناولت دراسة حديثة من معهد سولك للدراسات البيولوجية نشاط الخلايا العصبية في جزء من الحصين، ضروري لتخزين الأماكن في الذاكرة لدى الفئران.
استعان الباحثون بطريقة مستخدمة سابقًا لدراسة الخلايا المكانية لدى الفئران عندما تتحرك خلال المتاهات، إذ جعلوا عدة فئران بالغة تركض في مسار مستقيم بطول 48 مترًا، وسجلوا نشاطها العصبي خلال التجربة.
يمكن إنشاء النماذج التي تمثل كيفية تمرير الإشارات خلال الشبكات العصبية بعدة طرق، حسب كيفية توافق الخلايا المختلفة في الاستجابة، أو مدى تقاربها من بعضها.
كان النموذج الأفضل لتمثيل تسلسل انتقال الإشارات العصبية خلال شبكة من الخلايا المكانية لدى الفئران هو «الهندسة الزائدية»، ومن المفارقة أنه يصعب على الدماغ البشري تصور هذا النوع من الهندسة.
يشبه النموذج مبنى عمل تقليدي، حيث يعمل المدير العام في الطابق العلوي المخصص له بالكامل، في حين يعمل المديرون التنفيذيون في الطابق التالي في مكاتب فخمة، ويعمل المديرون المتوسطون في الطابق الذي يليه في مكاتب أقل حجمًا، ويكتظ سائر الموظفين في طابق مليء بالمقصورات.
في نهاية المطاف، تنفد المساحات المتاحة في هذا التسلسل الهرمي كلما نزلنا خلال الطوابق، وازداد عدد الأقسام.
بيد أن المبنى المكتبي المصمم بالهندسة الزائدية لن يواجه مشكلة في ضم أقسام جديدة في الطوابق السفلية التي يزداد حجمها تصاعديًا، وذلك تبعًا لمجموعة من القوانين التي تحكم الزوايا الناتجة عن تقاطع الخطوط.
في حين يمكننا استخدام المثال السابق لتمثيل التسلسل الهرمي الزائدي في مساحة مسطحة، فإن أحجام تلك المثلثات في الواقع كامل الأبعاد ستكون متماثلة، ما يصعب على الدماغ تصوره، لكن إذا كان الشكل الهندسي شيئًا ملموسًا، فإن نهاياته الخارجية ستتقوس بسبب محيطها الزائد، مثل قبعة مرتخية.
تستخدم التسلسلات الهرمية الزائدية أسسًا رياضية مشابهة لوصف العلاقة بين نقاط مختلفة في سلسلة من العمليات، ما يتيح طريقة أكفأ لرسم صور مفصلة تمثل المسافات والأشياء الملموسة في أذهاننا عندما نتخيل أنفسنا في مكان ما.
رصد الباحثون الرياضيات التي تمثل كيفية نشوء حقول صغيرة من الخلايا المكانية بسرعة عند وضع الجرذان في مكان جديد، وكيفية تطورها إلى حقول أعقد بمرور الوقت، بالتوسع اللوغاريتمي.
تقول عالمة الأعصاب تاتيانا شاربي: «توضح دراستنا أن الدماغ لا يعمل دائمًا بطريقة خطية، وإنما تعمل الشبكات العصبية عبر منحنى متمدد يمكننا تحليله وفهمه بالهندسة الزائدية ونظرية المعلومات».
وجدت دراسات حديثة أن أنظمة الشم البيولوجية تعمل أيضًا بالتسلسل الهرمي الزائدي، ما يتيح للحيوانات تصنيف الروائح بطرق أكثر تنوعًا وتعقيدًا من تصنيفها بالطريقة الخطية.
يفترض الباحثون أن التصورات الزائدية في إدراكنا المكاني تتكيف أكثر مع إعادة الترتيب الذي يحدث في الخرائط الذهنية المتنامية، وبهذا فهي لا تعتمد إلا على المعلومات التي يتعامل معها الدماغ مباشرةً.
قد تساعدنا دراسة النماذج المماثلة عند البشر على فهم الأمراض، لا سيما الأمراض العصبية المتعلقة بالذاكرة والإدراك المكاني.
هناك جانب شاعري كامن في تماثل الانعكاس اللامتناهي للكون المادي على شكل أفكارنا، فمع أن جميع العلامات تدل على أن شكل الكون مسطح، تستقصي بعض النماذج الدراسية إمكانية أن يكون الشكل الهندسي الكامل للزمكان منحنيًا بعض الشيء.
تقول شاربي: «قد تظن أن الهندسة الزائدية لا تنطبق إلا على النطاق الكوني، ولكن ذلك ليس صحيحًا».
«يعمل الدماغ البشري بوتيرة أبطأ من سرعة الضوء بكثير، ما قد يفسر أن التأثيرات الزائدية تُلحَظ في الفضاء القابل للإدراك الفيزيائي بدلًا من الفضاء الفلكي. نأمل أن نتعلم المزيد عن كيفية نمو هذه التصورات الزائدية في الدماغ، وكيفية تفاعلها وتواصلها معًا».
تكشف الأنماط المكتشفة حديثًا لترتيب الخلايا الدماغية -التي تجسد التصور الذهني للعالم المادي- كيف يخزن الدماغ أنواعًا معينة من البيانات، وقد تساعدنا أيضًا على فهم الحالات التي تتدهور فيها الذاكرة، والقدرة على إنشاء الخرائط الذهنية.
عندما ندخل غرفةً للمرة الأولى، يبدأ الدماغ بتوظيف خلايا عصبية لإنشاء خريطة ذهنية تمثل المكان بسرعة. لا تترتب هذه الخلايا المكانية بطريقة تعكس الغرفة بالضرورة، لكن الإشارات المتناسقة التي تطلقها تعمل على تحديد موقعنا في المكان المحيط.
توجد هذه الخلايا في شبكات تُسمى الحقول المكانية، ويُعاد ترتيبها باستمرار كلما زاد اعتيادنا للمكان، وهي تساهم في تكوين شبكات متنامية باستمرار تتواصل معًا باستجابات مترابطة كلما أصبح المكان المحيط مألوفًا أكثر.
لم تتضح طريقة تطور هذا النشاط المتناسق المتسلسل وكيفية عمله إلى الآن، على الأقل رياضيًا.
تناولت دراسة حديثة من معهد سولك للدراسات البيولوجية نشاط الخلايا العصبية في جزء من الحصين، ضروري لتخزين الأماكن في الذاكرة لدى الفئران.
استعان الباحثون بطريقة مستخدمة سابقًا لدراسة الخلايا المكانية لدى الفئران عندما تتحرك خلال المتاهات، إذ جعلوا عدة فئران بالغة تركض في مسار مستقيم بطول 48 مترًا، وسجلوا نشاطها العصبي خلال التجربة.
يمكن إنشاء النماذج التي تمثل كيفية تمرير الإشارات خلال الشبكات العصبية بعدة طرق، حسب كيفية توافق الخلايا المختلفة في الاستجابة، أو مدى تقاربها من بعضها.
كان النموذج الأفضل لتمثيل تسلسل انتقال الإشارات العصبية خلال شبكة من الخلايا المكانية لدى الفئران هو «الهندسة الزائدية»، ومن المفارقة أنه يصعب على الدماغ البشري تصور هذا النوع من الهندسة.
يشبه النموذج مبنى عمل تقليدي، حيث يعمل المدير العام في الطابق العلوي المخصص له بالكامل، في حين يعمل المديرون التنفيذيون في الطابق التالي في مكاتب فخمة، ويعمل المديرون المتوسطون في الطابق الذي يليه في مكاتب أقل حجمًا، ويكتظ سائر الموظفين في طابق مليء بالمقصورات.
في نهاية المطاف، تنفد المساحات المتاحة في هذا التسلسل الهرمي كلما نزلنا خلال الطوابق، وازداد عدد الأقسام.
بيد أن المبنى المكتبي المصمم بالهندسة الزائدية لن يواجه مشكلة في ضم أقسام جديدة في الطوابق السفلية التي يزداد حجمها تصاعديًا، وذلك تبعًا لمجموعة من القوانين التي تحكم الزوايا الناتجة عن تقاطع الخطوط.
في حين يمكننا استخدام المثال السابق لتمثيل التسلسل الهرمي الزائدي في مساحة مسطحة، فإن أحجام تلك المثلثات في الواقع كامل الأبعاد ستكون متماثلة، ما يصعب على الدماغ تصوره، لكن إذا كان الشكل الهندسي شيئًا ملموسًا، فإن نهاياته الخارجية ستتقوس بسبب محيطها الزائد، مثل قبعة مرتخية.
تستخدم التسلسلات الهرمية الزائدية أسسًا رياضية مشابهة لوصف العلاقة بين نقاط مختلفة في سلسلة من العمليات، ما يتيح طريقة أكفأ لرسم صور مفصلة تمثل المسافات والأشياء الملموسة في أذهاننا عندما نتخيل أنفسنا في مكان ما.
رصد الباحثون الرياضيات التي تمثل كيفية نشوء حقول صغيرة من الخلايا المكانية بسرعة عند وضع الجرذان في مكان جديد، وكيفية تطورها إلى حقول أعقد بمرور الوقت، بالتوسع اللوغاريتمي.
تقول عالمة الأعصاب تاتيانا شاربي: «توضح دراستنا أن الدماغ لا يعمل دائمًا بطريقة خطية، وإنما تعمل الشبكات العصبية عبر منحنى متمدد يمكننا تحليله وفهمه بالهندسة الزائدية ونظرية المعلومات».
وجدت دراسات حديثة أن أنظمة الشم البيولوجية تعمل أيضًا بالتسلسل الهرمي الزائدي، ما يتيح للحيوانات تصنيف الروائح بطرق أكثر تنوعًا وتعقيدًا من تصنيفها بالطريقة الخطية.
يفترض الباحثون أن التصورات الزائدية في إدراكنا المكاني تتكيف أكثر مع إعادة الترتيب الذي يحدث في الخرائط الذهنية المتنامية، وبهذا فهي لا تعتمد إلا على المعلومات التي يتعامل معها الدماغ مباشرةً.
قد تساعدنا دراسة النماذج المماثلة عند البشر على فهم الأمراض، لا سيما الأمراض العصبية المتعلقة بالذاكرة والإدراك المكاني.
هناك جانب شاعري كامن في تماثل الانعكاس اللامتناهي للكون المادي على شكل أفكارنا، فمع أن جميع العلامات تدل على أن شكل الكون مسطح، تستقصي بعض النماذج الدراسية إمكانية أن يكون الشكل الهندسي الكامل للزمكان منحنيًا بعض الشيء.
تقول شاربي: «قد تظن أن الهندسة الزائدية لا تنطبق إلا على النطاق الكوني، ولكن ذلك ليس صحيحًا».
«يعمل الدماغ البشري بوتيرة أبطأ من سرعة الضوء بكثير، ما قد يفسر أن التأثيرات الزائدية تُلحَظ في الفضاء القابل للإدراك الفيزيائي بدلًا من الفضاء الفلكي. نأمل أن نتعلم المزيد عن كيفية نمو هذه التصورات الزائدية في الدماغ، وكيفية تفاعلها وتواصلها معًا».