ملاحظة: كُتب المقال استنادًا إلى نموذج سمات الشخصية الخمسة الكبرى (العُصابية، والتقبلية، والانفتاحية، والضمير الحي، والانبساطية)، وهي نظرية رائدة على نطاق واسع لتقييم سمات الشخصية.
تقدّر منظمة الصحة العالمية أن واحدًا من كل 20 شخصًا بالغًا يعاني الاكتئابَ، ويعد الاكتئاب من اضطرابات المزاج الخطيرة، إذ يؤثر في التفكير والأداء اليومي والنوم، وهذا يقف عائقًا أمام تقدم الأفراد في جميع أنحاء العالم.
قد تساعد وسائل التواصل الاجتماعي على زيادة المعرفة والروابط الاجتماعية، لكن الأبحاث تبين أن الاستخدام المفرط قد يؤثر سلبًا في الصحة العقلية.
وجد الخبراء أدلة تشير إلى أن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، وأظهرت الدراسة أيضًا أن الذين يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي كثيرًا ولديهم سمة الشخصية «الضمير الحي» كانوا أكثر عرضة للعزلة الاجتماعية.
نُشرت نتائج دراسة جديدة بقيادة باحثين من جامعة أركنساس في مجلة Affective Disorders Reports. بحثت هذه الدراسة في كيفية تأثير سمات الشخصية في تطور الاكتئاب المرتبط باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي. وشاركت رينا ميريل -طالبة دكتوراه- في تأليف الورقة البحثية مع الأستاذ بجامعة ولاية أوريغون الدكتور بريان بريماك والأستاذ بجامعة ألاباما الدكتور تشونهوا كاو.
وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب والشخصية
تشير الأبحاث إلى أن اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب تظهر عادةً في بداية مرحلة البلوغ.
وجدت العديد من المصادر متضمنةً دراسةً أُجريت في عام 2021 منشورة في مجلة JAMA Network Open، أن الشباب الذين يعانون «أعراض اكتئاب طفيفة» أبلغوا عن ظهور أعراض أسوأ مع استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي.
في مقابلة حصرية لمجلة Medical News Today سُئلت ميريل هل كان الاكتئاب المرتبط باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي مشابهًا للاكتئاب المرتبط بالاضطرابات السلوكية مثل تعاطي المخدرات أو مشكلات لعب القمار أو إدمان الجنس؟
أجابت ميريل: «يمكن العثور على الإدمان في جميع أنحاء المجتمع بأشكاله المختلفة، ويعد فرط استعمال وسائل التواصل الاجتماعي نوعًا من الإدمان أيضًا، وبالطبع يزيد الإدمانُ من خطر الإصابة بالاكتئاب وغيره من الاضطرابات الصحية، إذ تتأثر مراكز المكافأة في الدماغ التي تساهم في السلوك التفاعلي».
وأضافت: «علاوةً على ذلك، لدى وسائل التواصل الاجتماعي ميزات إيجابية وسلبية تساهم في زيادة استخدامها».
ترى ميريل أن البحث حتى الآن لم يوضح هل يختلف هذا الارتباط بين الأشخاص الذين لديهم سمات شخصية مختلفة؟
منهجية الدراسة
استخدمت ميريل والمؤلفون المشاركون البيانات التي تم جمعها على مدار ستة أشهر على يد باحثين من جامعة بيتسبرغ، باستخدام عينة تتكون من 978 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عامًا.
أوضحت ميريل أن فريقها استخدم استبيانًا صحيًا لتقييم الاكتئاب في المرحلة الأولية واللاحقة، وبينت أن الباحثين يستخدمون عادة هذا المسح في الحالات السريرية.
أبلغ المشاركون في هذه الدراسة عن مقدار الوقت الذي قضوه على 10 منصات وسائط اجتماعية رائدة.
استنادًا إلى نموذج سمات الشخصية الخمسة، درس الباحثون البيانات المجموعةَ لمعرفة الارتباطات بين هذه السمات وتطور الاكتئاب على مدى 6 أشهر.
ما بين التقبلية والعصابية
وجد الفريق أن المشاركين ذوي التقبلية العالية كانوا أقل عرضة بنسبة 49% للإصابة بالاكتئاب من أولئك الذين لديهم تقبلية منخفضة.
ومن ناحية أخرى، كان الأفراد الذين يعانون العصابيةَ العالية أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بأكثر من الضعف مقارنةً بالأشخاص ذوي العصابية المنخفضة.
اختتم مؤلفو الدراسة:
«مع زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر ارتباط واضح بين الإصابة بالاكتئاب لدى جميع الأشخاص من كافة السمات الشخصية، ما يعني أن الإصابة بالاكتئاب ليست بذلك التفاوت حسب السمات الشخصية».
حلل الباحثون البيانات الخاصة باليافعين فقط، لذلك نوّهوا إلى عدم تعميم نتائجهم على نطاق واسع يشمل الفئات العمرية الأخرى.
علاوة على ذلك، فقد اعتمدت الدراسة على استبيانات يجيب عنها الأفراد كما يرون أنفسهم؛ ما يعني احتمالية الخطأ البسيط في نِسَب الإحصائيات.
وسائل التواصل الاجتماعي مصممة لجذب انتباهنا
نظرًا إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ارتبط كثيرًا بالإصابة بالاكتئاب لدى جميع المستخدمين من جميع سمات الشخصية، شجع الباحثون على الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي عمومًا بصرف النظر عن سمة الشخصية.
يقول الخبراء إن قول هذا أسهل من فعله.
قالت الدكتورة ليزا كوين في بودكاست في أبريل 2022 وهي أستاذة مساعدة في علم النفس في كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشارة طبية أولى في معهد الوسواس القهري للأطفال والمراهقين في مستشفى ماكلين في بلمونت، ماساتشوستس، «إن الحد من قضاء الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي يمثل تحديًا، لأن هذه المنصات مصممة لجذب انتباهنا».
وأضافت: «إن وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى جذب انتباهك، وهي تجسد سلوكك لمواصلة تفاعلك».
حذرت الدكتورة كوين من عدم وجود طريقة سهلة لتقليص استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تنطوي على الشعور بعدم الارتياح، والشعور بغياب (وسائل التواصل الاجتماعي).
نصحت الدكتورة بمهام مدروسة لملء الوقت الذي نقضيه عادة في التصفح، وأوصت بتحديد أهداف صغيرة هادفة مثل الاتصال بصديق أو المشي أو القيام بالأعمال المنزلية أو القراءة.
الآثار المترتبة على التدخلات
تأمل ميريل والدكتور بريماك والدكتور كاو أن يساعد عملهم على توجيه المبادرات للحد من مخاطر الاكتئاب بين الشباب.
يقولون إن فهم ارتباط العصابية والتقبلية مع مخاطر الاكتئاب المختلفة قد يساعد رواد التواصل الاجتماعي على التكيف مع تقليل استخدامهم بفعالية أكبر.
تقول ميريل «سيسفيد الجميع إذا ركز الإعلام على تثقيف الناس حول مخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في ظل التوسع التكنولوجي الحالي».
وتختتم ميريل «لدى البشر احتياجات عاطفية فطرية للتواصل الاجتماعي والتفاهم. على سبيل المثال، يمكن تحسين تجارب وسائل التواصل الاجتماعي بزيادة وعينا حول مشاعرنا وعلاقتنا بالآخرين في ظروف الحياة المختلفة؛ إذ يساعد هذا الوعي على تحسين جودة العلاقة بمحض الوصول إلى المعنى والفهم المشترك خلال التواصل الفعال والاهتمام بالآخرين وأنفسنا. ورغم اختلافاتنا، لدينا القدرة على خلق ثقافة من التعاطف واللطف»
- وجد باحثو سياسة التعليم العامة أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي قد يساهم في الإصابة بالاكتئاب، بصرف النظر عن سمات الشخصية.
- ارتبط ارتفاع «العُصابية» في الدراسات الأخيرة بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب في غضون ستة أشهر.
- من ناحية أخرى، ارتبط انخفاض «التقبلية» بزيادة مخاطر الاكتئاب في تلك الفترة.
- يقترح مؤلفو الدراسة أنه ينبغي المبادرة بتوعية الناس لتقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي (لدى جميع المستخدمين بكافة السمات الشخصيات، وبالأخص العُصابية العالية والتقبلية المنخفضة).
تقدّر منظمة الصحة العالمية أن واحدًا من كل 20 شخصًا بالغًا يعاني الاكتئابَ، ويعد الاكتئاب من اضطرابات المزاج الخطيرة، إذ يؤثر في التفكير والأداء اليومي والنوم، وهذا يقف عائقًا أمام تقدم الأفراد في جميع أنحاء العالم.
قد تساعد وسائل التواصل الاجتماعي على زيادة المعرفة والروابط الاجتماعية، لكن الأبحاث تبين أن الاستخدام المفرط قد يؤثر سلبًا في الصحة العقلية.
وجد الخبراء أدلة تشير إلى أن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، وأظهرت الدراسة أيضًا أن الذين يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي كثيرًا ولديهم سمة الشخصية «الضمير الحي» كانوا أكثر عرضة للعزلة الاجتماعية.
نُشرت نتائج دراسة جديدة بقيادة باحثين من جامعة أركنساس في مجلة Affective Disorders Reports. بحثت هذه الدراسة في كيفية تأثير سمات الشخصية في تطور الاكتئاب المرتبط باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي. وشاركت رينا ميريل -طالبة دكتوراه- في تأليف الورقة البحثية مع الأستاذ بجامعة ولاية أوريغون الدكتور بريان بريماك والأستاذ بجامعة ألاباما الدكتور تشونهوا كاو.
وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب والشخصية
تشير الأبحاث إلى أن اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب تظهر عادةً في بداية مرحلة البلوغ.
وجدت العديد من المصادر متضمنةً دراسةً أُجريت في عام 2021 منشورة في مجلة JAMA Network Open، أن الشباب الذين يعانون «أعراض اكتئاب طفيفة» أبلغوا عن ظهور أعراض أسوأ مع استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي.
في مقابلة حصرية لمجلة Medical News Today سُئلت ميريل هل كان الاكتئاب المرتبط باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي مشابهًا للاكتئاب المرتبط بالاضطرابات السلوكية مثل تعاطي المخدرات أو مشكلات لعب القمار أو إدمان الجنس؟
أجابت ميريل: «يمكن العثور على الإدمان في جميع أنحاء المجتمع بأشكاله المختلفة، ويعد فرط استعمال وسائل التواصل الاجتماعي نوعًا من الإدمان أيضًا، وبالطبع يزيد الإدمانُ من خطر الإصابة بالاكتئاب وغيره من الاضطرابات الصحية، إذ تتأثر مراكز المكافأة في الدماغ التي تساهم في السلوك التفاعلي».
وأضافت: «علاوةً على ذلك، لدى وسائل التواصل الاجتماعي ميزات إيجابية وسلبية تساهم في زيادة استخدامها».
ترى ميريل أن البحث حتى الآن لم يوضح هل يختلف هذا الارتباط بين الأشخاص الذين لديهم سمات شخصية مختلفة؟
منهجية الدراسة
استخدمت ميريل والمؤلفون المشاركون البيانات التي تم جمعها على مدار ستة أشهر على يد باحثين من جامعة بيتسبرغ، باستخدام عينة تتكون من 978 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عامًا.
أوضحت ميريل أن فريقها استخدم استبيانًا صحيًا لتقييم الاكتئاب في المرحلة الأولية واللاحقة، وبينت أن الباحثين يستخدمون عادة هذا المسح في الحالات السريرية.
أبلغ المشاركون في هذه الدراسة عن مقدار الوقت الذي قضوه على 10 منصات وسائط اجتماعية رائدة.
استنادًا إلى نموذج سمات الشخصية الخمسة، درس الباحثون البيانات المجموعةَ لمعرفة الارتباطات بين هذه السمات وتطور الاكتئاب على مدى 6 أشهر.
ما بين التقبلية والعصابية
وجد الفريق أن المشاركين ذوي التقبلية العالية كانوا أقل عرضة بنسبة 49% للإصابة بالاكتئاب من أولئك الذين لديهم تقبلية منخفضة.
ومن ناحية أخرى، كان الأفراد الذين يعانون العصابيةَ العالية أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بأكثر من الضعف مقارنةً بالأشخاص ذوي العصابية المنخفضة.
اختتم مؤلفو الدراسة:
«مع زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر ارتباط واضح بين الإصابة بالاكتئاب لدى جميع الأشخاص من كافة السمات الشخصية، ما يعني أن الإصابة بالاكتئاب ليست بذلك التفاوت حسب السمات الشخصية».
حلل الباحثون البيانات الخاصة باليافعين فقط، لذلك نوّهوا إلى عدم تعميم نتائجهم على نطاق واسع يشمل الفئات العمرية الأخرى.
علاوة على ذلك، فقد اعتمدت الدراسة على استبيانات يجيب عنها الأفراد كما يرون أنفسهم؛ ما يعني احتمالية الخطأ البسيط في نِسَب الإحصائيات.
وسائل التواصل الاجتماعي مصممة لجذب انتباهنا
نظرًا إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ارتبط كثيرًا بالإصابة بالاكتئاب لدى جميع المستخدمين من جميع سمات الشخصية، شجع الباحثون على الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي عمومًا بصرف النظر عن سمة الشخصية.
يقول الخبراء إن قول هذا أسهل من فعله.
قالت الدكتورة ليزا كوين في بودكاست في أبريل 2022 وهي أستاذة مساعدة في علم النفس في كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشارة طبية أولى في معهد الوسواس القهري للأطفال والمراهقين في مستشفى ماكلين في بلمونت، ماساتشوستس، «إن الحد من قضاء الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي يمثل تحديًا، لأن هذه المنصات مصممة لجذب انتباهنا».
وأضافت: «إن وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى جذب انتباهك، وهي تجسد سلوكك لمواصلة تفاعلك».
حذرت الدكتورة كوين من عدم وجود طريقة سهلة لتقليص استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تنطوي على الشعور بعدم الارتياح، والشعور بغياب (وسائل التواصل الاجتماعي).
نصحت الدكتورة بمهام مدروسة لملء الوقت الذي نقضيه عادة في التصفح، وأوصت بتحديد أهداف صغيرة هادفة مثل الاتصال بصديق أو المشي أو القيام بالأعمال المنزلية أو القراءة.
الآثار المترتبة على التدخلات
تأمل ميريل والدكتور بريماك والدكتور كاو أن يساعد عملهم على توجيه المبادرات للحد من مخاطر الاكتئاب بين الشباب.
يقولون إن فهم ارتباط العصابية والتقبلية مع مخاطر الاكتئاب المختلفة قد يساعد رواد التواصل الاجتماعي على التكيف مع تقليل استخدامهم بفعالية أكبر.
تقول ميريل «سيسفيد الجميع إذا ركز الإعلام على تثقيف الناس حول مخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في ظل التوسع التكنولوجي الحالي».
وتختتم ميريل «لدى البشر احتياجات عاطفية فطرية للتواصل الاجتماعي والتفاهم. على سبيل المثال، يمكن تحسين تجارب وسائل التواصل الاجتماعي بزيادة وعينا حول مشاعرنا وعلاقتنا بالآخرين في ظروف الحياة المختلفة؛ إذ يساعد هذا الوعي على تحسين جودة العلاقة بمحض الوصول إلى المعنى والفهم المشترك خلال التواصل الفعال والاهتمام بالآخرين وأنفسنا. ورغم اختلافاتنا، لدينا القدرة على خلق ثقافة من التعاطف واللطف»