طواف".. عرض يجمع الشعر والرقص والموسيقى على وقع حروف نجا المهداوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طواف".. عرض يجمع الشعر والرقص والموسيقى على وقع حروف نجا المهداوي

    طواف".. عرض يجمع الشعر والرقص والموسيقى على وقع حروف نجا المهداوي


    العرض يفتتح تظاهرة "ليالي القمر" بأجواء روحية خالصة.
    الخميس 2023/04/06
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    أداء متكامل بين ثلاثة أقطاب

    تتكامل الفنون بشكل كبير، ما يلغي الحدود الصارمة التي يتوهمها البعض بينها، فالشعر والموسيقى والمسرح والرقص فنون يمكن لاجتماعها أن يخلق عملا فنيا متناسقا، وهو ما كان دارجا منذ دراما أرسطو قبل أكثر من ألفين وثلاثمئة عام، ولعل الطريق إلى عالم الإنسان الداخلي يمر ضرورة باندماج الفنون، وهو ما يؤكده عرض "طواف".

    افتتحت مساء الثلاثاء الرابع من أبريل الجاري بفضاء دار سيباستيان بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات، دار المتوسط للثقافة والفنون، تظاهرة “ليالي القمر” الفنية بالعرض الأدائي "طواف".

    و"طواف" عرض أخرجه وجدي القايدي وأنتج بالشراكة بين مركز الفنون الدرامية والركحية بمحافظة نابل بالشراكة مع مؤسسة المركز الثقافي الدولي بالحمامات، وقدم دمجا بين الشعر والموسيقى والرقص، وقام بأداء قصائده كل من الشاعرين محمد العربي ورضوان العجرودي، وأداء التعبير الجسماني للفنانة نسرين بن عربية، بينما رافقهما موسيقيا العازف على البيانو إلياس البلاقي.

    مثل عرض "طواف" بكل ما تحويه كلمة العنوان من إيحاء صوفي وروحي، جولة روحية في عمق الذات البشرية، أدتها نسرين بن عربية برقصات تحرك الجسد مثل الأحرف، وألقى الشاعران رضوان العجرودي ومحمد العربي من قصائدهما وقصائد لشعراء آخرين من رواد حركة التصوف الإسلامي مثل رابعة العدوية.

    وكان لآلة البيانو دور الدفة في توجه العرض الذي قام على سينوغرافيا كاملة من لوحات الفنان التونسي العالمي نجا المهداوي، حروفيات ضوئية ساهمت الشموع وانقسام قاعة العرض والإسقاط الضوئي لها على الجدران في خلق عالم متكامل بين الكلمة والجسد والموسيقى.
    الكلمة الموسيقى الجسد



    ◙ إيحاء صوفي وروحي


    "طواف" إذن الذي كان فكرة المسرحي التونسي حسام الساحلي، لم يكن مشغولا ببنية العمل المسرحي التقليدية، حتى أن مكان تقديمه خارج الخشبة، بقدر ما حاول أن يؤسس لحكاية حوارية بين شاعرين ومؤدية وموسيقى، حوارية تصنع حكاياتها المناجية وتفتح كوات ومسارب لننفذ منها إلى وقع الكلمة، فلم تكن القصائد في تماهيها مع حركات الجسد الراقص وارتعاشة لهيب الشموع وانسيابية موسيقى البيانو، سوى معابر إلى عالم أبعد من الكلام، عالم المسكوت والمجهول عالم الروح، حيث تؤطره لوحات تشكيلية من حروفيات نجا المهداوي التي تتجاوز اللغة.

    ليست أعمال نجا المهداوي مجرد حروفيات ولا هو بالخطاط، إنه فنان طوّع حركات الخط العربي، وذهب به أبعد من اللغة، إلى رقص الخطوط وتلوّنها وكشوفاتها على العوالم الغامضة، عوالم الروح.


    ◙ "طواف" بكل ما تحويه كلمة العنوان من إيحاء صوفي وروحي يعتبر جولة روحية في عمق الذات البشرية


    وإن أجادت بن عربية في أدائها للكلمات واللحن وحتى للوحات الفنية لنجا المهداوي وهي تتنقل بين الشموع بشكل دائري ساهم تحلق الجمهور في ما يشبه الحلقة في خدمته، فإن الشاعرين محمد العربي ورضوان العجرودي في تجربتهما الجديدة في مسرحة الشعر، وإلقائهما للنصوص بروح متأنية وهدوء، كانا تتويجا لمشهد متكامل، اجتمعت فيه أضلاع الصوت والكلمة والجسد.

    يعلق محمد العربي في تصريحه لـ"العرب" حول تجربة الانتقال من الشعر إلى المسرحة قائلا "كما تعلم المسرح بدأ شعرا. قديما كانت القصائد تنشد الملاحم الشعرية وتجسد بشكل مسرحي".

    ويضيف “قمت سابقا ببعض التجارب المسرحية، لكنني أظن أن هذا العمل الذي يحاول أن يكون محملا للموسيقى والرقص والشعر هو من الأفكار أو الأعمال المختلفة التي أجربها. لقد أغرتني فكرة العمل الذي هو أداء يختلف كثيرا عن القراءة العادية للشعر أمام الجمهور".

    أما عن قراءته لتجربة الفنان التشكيلي نجا المهداوي شعريا، فيؤكد العربي أن نجا المهداوي فنان مسكون بظلال الخطوط العربية وحركاتها، مفتون بحنان الأحرف ومنعرجاتها، لذلك جاء هذا العمل تجسيدا لطوافه بين حروف اللغة، عمل يطوف بين القديم والحديث حرفا ومعنى.

    العرض نجح في تقديم العلاقة الوثيقة التي تجمع الشعر بالمسرح والفن التشكيلي والرقص المعاصر، ويقول العربي لـ”العرب” تعليقا على ذلك “أنت تعلم أن الشعر ينهل من الفنون جميعها، والمسرح المعاصر يحاول أن يوظف فنون جديدة بتقنيات متعددة".

    وبسؤال "العرب" للشاعر رضوان العجرودي حول الانتقال من الشعر إلى المسرحة، يجيبنا "الخط الفاصل بين الشعر والمسرح خط رفيع أو وهمي. فأي قصيدة هي مجموعة أفكار وصور يجترحها الشاعر لخلق مكان متخيل، وهذا ما يفعله المسرحي على الخشبة، في إعادة بناء للواقع بشكل درامي".
    حركة دائرية



    عرض ثيمته الدوائر


    ويضيف "أما بالعمل على النصوص الشعرية، فقد حاولنا خلق خيط ناظم للنصوص وتشكيل ما يعرف بـ‘الخرافة‘، ارتكزنا على أشعار أقطاب الفكر الصوفي من رابعة العدوية مرورا بالنفّري إلى عطاءالله السكندري. وأسقطناها على حياة رابعة العدوية بين ما هو علاقة روحية وعلاقة مادية بمحيطها ومنها بنيت علاقة نصية تشبه حكاية متكاملة يقع تأديتها مسرحيا في شكل حوار بين شاعرين أو ممثلين. وقد اخترنا تجارب شعرية معاصرة كي تحدث ذلك التمايز بين ما يمكن أن يكون التصوف الآن وهنا حاضرا وكيف يمكن أن يكون تطور الرؤية الصوفية".

    وحول طريقة مقاربته لتجربة الفنان التشكيلي نجا المهداوي شعريا، يقول العجرودي لـ"العرب" إن "نجا المهداوي فنان متميز خلق خطا ومجالا فنيا متفردين وخاصين به، كذلك بدأت الفكرة من الاحتفاء بأعمال ومسيرة نجا المهداوي من طرف المركز الثقافي الدولي بالحمامات.


    رضوان العجرودي: الشعر ليسا فنا معزولا بل نحتاج حضوره الآن وهنا


    فنيا، ارتكز العمل على ثيمة الخط المموج أو حضور الدائرة في الحلقات في أعمال نجا المهداوي، ومنها وقع اختيار اسم ‘طواف‘ لما في الاسم من إحالة على الحركة الدائرية، ومنها لفكرة الدائرة والعود الأبدي".

    ويتابع "عملنا على فكرة الطواف شعريا، بحيث تقرأ النصوص مرة من المدونة التراثية ومرة من نصوص معاصرة، كذلك في حركة الشعراء لم تكن تنقلاتهم داخل فضاء العمل في شكل دوائر تكرارا، لكنها تنقل وارتحال يعود إلى نقطة محددة كل مرة. وسلكنا هذا الطواف في الموسيقى والرقص أيضا".

    أما عن علاقة الشعر بالمسرح والفن التشكيلي والرقص المعاصر، فيؤكد الشاعر لـ"العرب" بأن الشعر ليسا فنا معزولا، بل نحتاج حضوره الآن وهنا، حيث تجد مفهوم الصورة الشعرية راسخا قبل انتشار مفهوم الصورة الرقمية وعلى شبكة الإنترنت.

    ويضيف "الشعر خطاب، يتوجه به الشاعر إلى الآخر، إلى العالم، إلى نفسه خالقا صورا وسينوغرافيا وخشبة وشخصيات، وليس أبرز من حضور الشعر في المسرح الإغريقي، كذلك في المسرح الأوروبي في القرن 17، ومنها في المسرح الحديث في لبنان وتونس في سبعينات القرن العشرين".

    ويتابع "تشكيليا، يلتصق الشعر بالفن التشكيلي، الشعر كتابة هو سواد يتشكل على البياض، والتوزيع البصري للقصائد هو عمل تشكيلي داخل الشعر وفي موضوعه، كما أن الشعر هو مقال وموقف في مشاهد معيشة حية في واقع الشاعر أو متخيله، كما يفعل الفنان التشكيلي في تحويل فلسفته إلى لوحات ورسوم. وإن كان الرقص شديد الالتصاق بالموسيقى تعبيرا وأداء، فإن إلقاء الشعر ووقع الحروف والكلمات يحمل داخله موسيقاه التي بإمكانه أن تحرك راقصا على الخشبة".

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    محمد ناصر المولهي
    كاتب تونسي
يعمل...
X