أطفال من ذوي الهمم يشاركون في مناقشة مشكلات التعليم.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أطفال من ذوي الهمم يشاركون في مناقشة مشكلات التعليم.

    "دايما عامر".. دراما اجتماعية تحلل الكثير من القضايا المصرية فنيا


    أطفال من ذوي الهمم يشاركون في مناقشة مشكلات التعليم.


    المدارس مجتمعات مصغّرة

    ليس من السهل أن يغامر المنتجون لتقديم المسلسلات الاجتماعية العائلية في ظل التنافس المحموم على الربح المادي من مسلسلات الأكشن والإثارة والقصص العاطفية. لكن إيجاد توليفة درامية تجمع بين الأداء الكوميدي والنصّ الجيد وممثلين جيدين قد تغيّر النظرة كليا، وهذا ما حصل مع مسلسل “دايما عامر” الذي خرج عن المألوف وقدّم موضوع اجتماعيا يهدف إلى الارتقاء بالمجتمع المصري.

    القاهرة - صارت الأعمال الدرامية المصنفة أعمالا “عائلية” والموجهة إلى كامل أفراد الأسرة قليلة وشحيحة في الدراما المصرية وحتى العربية خلال الأعوام الماضية، فالعمل الموجه نحو جمهور بعينه يكون أكثر خصوصية وأقل مخاطرة من ذلك الذي ينهل من كل المواضيع ليجذب شرائح مختلفة من المشاهدين.

    ويعتبر مسلسل “دايمًا عامر” الذي عرض في رمضان الماضي ومن المقرر إعادة عرضه على عدد من القنوات المصرية، واحدًا من الأعمال الموجّهة إلى كل أفراد الأسرة والمجتمع، والتي تنبش في مشاكل المجتمعات وتفكك قيودها والظواهر الغريبة التي تنتشر بين أفرادها وتطول مكونات الأسرة الواحدة.

    وتدور أحداث المسلسل حول شخصية عامر عبدالرازق (مصطفى شعبان)، والذي أجبرته الظروف على التخفّي خلف شخصيّة مشرف اجتماعي في مدرسة خاصة “ناشونال وإنترناشونال”. وبحكم عمله يقوم عامر بمساعدة الطلاب على حلّ مشاكلهم وخلافاتهم داخل المدرسة، إضافة إلى الأزمات النفسية التي يتعرض لها الطلاب في تلك المرحلة العمريّة والفروقات الفكريّة بينهم وبين أفراد عائلاتهم وطريقة التعامل السليم بين بعضهم واكتسابهم المهارات اللازمة لمواجهة الاختلالات الأخلاقية المتفشية في المجتمعات.

    ◙ مسلسل "دايمًا عامر" ينبش في مشاكل المجتمعات ويفكك قيودها والظواهر الغريبة التي تنتشر بين أفرادها

    ويتطرق المسلسل لواحدة من أكبر المشكلات في المجتمع المصري ألا وهي مشكلة التعليم وخاصة المشاكل المرتبطة بالمنظومة التعليمية وبالمدارس الخاصة والتي تفشّت بكثرة في الفترة الأخيرة في المدارس، وهو يحاول عبر قصص التلاميذ وحكاياتهم ومشكلاتهم الوقوف على الأزمات التي تشوب هذا القطاع ومناقشتها ووضع بعض الحلول لها، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي المتسارع الذي يعيشه العالم ويؤثر في الأنظمة التعليمية.

    وينهل المسلسل من الحياة اليومية للعائلات، فيعرض شخصيات طلابية مختلفة ومتناقضة، ولكل منها مشكلة صحية أو نفسية أمعن المجتمع في تعميقها عبر التعامل معها بالكثير من السخرية والرفض، كمرض البهاق، والفقر والتفرقة الطبقية، ومشكلات الطلاب ذوي الاحتياجات الخصوصية ودمجهم في المجتمع ومساعدتهم.

    كما يناقش “دايما عامر”، أكثر من ظاهرة يتعرّض إليها الأطفال بشكل يومي وخصوصًا مشكلة التّنمر التي تعاني منها المجتمعات وتؤثر بكثرة على الأطفال وحالتهم النفسية وحتى مسيرتهم الدراسية.

    ويحوي المسلسل العديد من الرسائل الاجتماعية التي تخص العلاقات بين الكبار كالأبوين، والموظفين والزملاء في العمل، كما يوجه ملاحظات قصد أخذها بعين الاعتبار من السلطات الحكومية على أمل أن تحدث تغييرا ويتفاعل معها المسؤولون. وهذا بالفعل ما حدث مع وزير التربية والتعليم في مصر طارق شوقي الذي أشاد بالمسلسل.


    الكوميديا توجه رسائل ونصائح غير مباشرة


    “ودايمًا عامر” هو من بطولة مصطفى شعبان، وصلاح عبدالله، ولبلبة، وميرنا نورالدين، ونضال الشافعي، وعمرو عبدالجليل، ومحمد ثروت، وكريم عفيفي، ومحمد محمود، وأحمد الشامي، وسماء إبراهيم، والممثلة اللبنانية سينتيا خليفة كما ضمّ عددا من الوجوه الشبابية منهم يوسف وائل نور، ولمى كتكت، ومنار عبدالحليم، ويارا المليجي، وهو من تأليف ورشة كتابة لمجموعة من المؤلفين الشبّان تحت إشراف المؤلف أحمد عبدالفتاح، وإخراج مجدي الهواري.

    وقدّم مصطفى شعبان، من خلال شخصية عامر عبدالرزاق، دورا جديدا مختلفا عمّا قدمه خلال تجربته الفنية الممتدة طوال نحو خمسة وعشرين عاما، حيث جسّد شخصية عادية تشبه الكثير من المرشدين الاجتماعيين لكن يطغى عليها الطابع الكوميدي وتبتعد بشعبان عن أدوار “الفتوة” و”الأكشن” و”الوعظ الديني” التي أداها خلال السنوات الماضية.

    ومكنه نجاح الدور الجديد على الجمهور من نيل تكريم خاص من حزب “حماة الوطن” وهو أحد القوى السياسية الداعمة للحكومة المصرية، تقديرًا لجهوده في تقديم تجربة فنية اجتماعية مختلفة تناقش الكثير من قضايا التعليم كما لا تتغافل عن الترويج للسياحة المصرية.

    وغير بعيد عن طبيعة دوره، اختار مصطفى شعبان أن يشاركه المسلسل أشخاص من الواقع، يعانون من مشكلات جسدية ونفسية بهدف أن تكون رسائل المسلسل أكثر واقعية وإقناعا، ومن هؤلاء مهند عمادالدين وهو شاب من ذوي الاحتياجات الخصوصية ظهر في إحدى حلقات المسلسل وكان صاحب اقتراح تدريس مادة احترام الآخر في المدارس المصرية.

    ◙ المسلسل يحوي العديد من الرسائل الاجتماعية التي تخص العلاقات بين الكبار كما يوجه ملاحظات على أمل أن تحدث تغييرا

    كما شارك الطفل مهند عماد، وهو طفل كفيف من ذوي الاحتياجات الخصوصية، كان قد شارك في احتفالية “قادرون باختلاف” بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخصوصية في ديسمبر الماضي، وطلب من الفنان مصطفى شعبان مشاركته في مسلسله، ولفت الأنظار إليه إذ ظهر متمكنا من غناء أغنية باللغتين الإنجليزية والعربية، ممثلًا لمدرسته بدعم من عامر عبدالرازق، المشرف الاجتماعي بالمدرسة.

    واختار شعبان أن يشاركه المسلسل نجوم من فناني الكوميديا المصرية وعلى رأسهم صلاح عبدالله الذي يصنّف ضمن أشهر الممثلين الكوميديين في مصر، وتمثّل الفكاهة إحدى مكونات شخصيته الإنسانية قبل الفنية.

    ويلعب عبدالله دور الأستاذ لطفي وهو وكيل مجموعة المدارس، والذي سيحضر قريبه عامر للعمل عنده كأخصائي اجتماعي.

    وقال مصطفى شعبان في تصريحات صحافية إن اختيار طاقم من الكوميديين كان مقصودا، فالمسلسل يتناول موضوعا حساسا ومهما للمجتمع وهو موجه إلى كافة الشرائح بمختلف درجات الوعي لديها، لذلك سيكون أقرب إلى الخطابة لو قدم بكثير من الجدية وتغافل الجانب الكوميدي الهزلي، وبدل أن يجمع شمل العائلة ويجذب المشاهدين، سينفّرهم منه.

    وأوضح أنه كان متعمدا أن تمرر المعلومات في المسلسل بطريقة تتميز بخفة دم حتى تصل إلى الجمهور بسهولة، لذلك كانت الترشيحات تقترح ممثلين كوميديين وتذهب إلى أسماء أولئك الذين يتمتعون بخفة الظل.

    ورأى صلاح عبدالله أن فكرة المسلسل مختلفة فالعمل تناول بطريقة غير مباشرة معاناة الأطفال المرضى والأطفال ذوي الاحتياجات الخصوصية وفكرة أن وجودهم في حياتنا من الممكن أن يكون مفيداً لنا، ويمكن أن يكون المسلسل في شكل “نصيحة” غير مباشرة موجهة إلى الأشخاص ذوي العقول المتحجرة ومن لا يقبلون النصيحة وتغيير طرق تعاملهم مع الأطفال.

    ويعتبر عبدالله أنه من الضروري أن يكون لدى المخرجين العرب الجرأة في مناقشة المشاكل المهمة في المجتمعات، ومن أخطر وأهم هذه المشاكل هي مشكلة التعليم التي لا تقتصر على المحيط الضيّق داخل أسوار المدارس بل تمتد تأثيراتها إلى داخل كل البيوت المصرية والعربية.

    وبعد نجاح شراكته مع المخرج مجدي الهواري في مسلسل “دايما عامر” من المزمع أن يعود الفنان مصطفى شعبان، إلى شاشة السينما بعد غياب نحو 12 عامًا، من خلال فيلم جديد يحمل اسما مؤقتًا بعنوان “اللي سرق حاجة يرجّعها”، ومن المتوقع أن يكون الفيلم في إطار أكشن – كوميدي، وسيصوّر في عدد من الدول بخلاف مصر منها إسبانيا والمغرب.
يعمل...
X