السيناريو المفكك لا يصنع عملا دراميا ناجحا
مسلسل "توبة" يسقط عمرو سعد من على ظهر جواد الغلابة.
بطل لا يشبه محيطه
سقط الممثل المصري عمرو سعد في فخ التكرار، حيث قدّم في مسلسله الأخير “توبة” صورة مألوفة عنه سبق وأن قدمها في “ملوك الجدعنة” لكنها جاءت هذه المرة مضطربة وتسير وفق سيناريو مرتبك ويفقد قدرته على الإقناع، فحتى انتقام البطل “سوبرمان الغلابة” كان لنفسه ولم يكن للبسطاء الذين حاول إقناعهم بأنه يجسّد دور شخص قريب منهم.
القاهرة – عندما تكون القصة واضحة ومعالمها محددة من السهولة أن يصبح السيناريو والحوار متماسكين، وما حدث مع مسلسل “توبة” الذي عرضته قناة “أم.بي.سي- مصر” في رمضان الماضي افتقر لهذا العنصر، وبدت الحبكة الفنية كأنها أعدت على عجل، بما أدى إلى مشاهدة عمل فني يفتقد إلى الكثير من الربط بين مكوناته، ودخل منطقة رمادية مليئة بالصعود والهبوط بلا مبررات منطقية سوى تكثيف جرعة الإثارة والعنف ووضع الفنان عمرو سعد في صورة “سوبرمان” الدراما المصرية.
من شاهدوا مسلسل “ملوك الجدعنة” الذي عرض موسم رمضان قبل الماضي، بطولة عمرو سعد ومصطفى شعبان، استشعروا أن سعد يكرر نفسه، فهو الشخص القوي والجدع والمنتقم ونصير الغلابة، على طريقة “روبن هود” في العقل الجمعي للمصريين، الذي يمتطي جوادا ويظل ثابتا على ظهره وهو يتلقى الضربات والطعنات وحتى طلقات الرصاص ولا يسقط أبدا، بل يمعن التقتيل في خصومه.
فخ التكرار
تمسك الفنان المصري عمرو سعد بإعادة إنتاج شخصية “سرية” في “ملوك الجدعنة” من خلال شخصية “توبة” في المسلسل الذي حمل اسمه، أفقده الكثير من رصيده الذي راكمه على مدار السنوات العشر الماضية، والذي تنوعت أدواره من عمل إلى آخر، على الرغم من تمسكه بصورة البطل الشعبي، لكن العزف الكثير عليها أوقعه في مطب التكرار، خاصة أن السياق الدرامي الذي كان مصاحبا لمسلسل “توبة” لم يكن على درجة كافية من الاتقان، فلم تتح القماشة الفنية التي اعتمد عليها سرديات من هذا النوع الخارق لنواميس الطبيعة.
ظهرت في العمل ملامح خلل تكشفت مظاهرها في الكثير من المشاهد التي تتابعت في مجال توسيع نطاق العنف، لاسيما المشهد الذي اقتحم فيه “توبة” وكر سيد الأجنبي الذي قام بأداء دوره الفنان ماجد المصري، وقام بقتل العديد من الحراس المدججين بالأسلحة واخترق كل الحواجز التي تحيط بالمكان من دون أن يصاب بخدش واحد، حتى وصل إلى هدفه، بعد تحييد بعض عناصر القوة الخارجية التي كان يعتمد عليها.
ربما يكون مؤلفو المسلسل، وهم ورشة ملوك للكتابة التي تتشكل من مجموعة من المؤلفين الشباب، تعمدوا إضفاء هذه الصورة الخيالية على البطل، وربما أرادوا تكثيف جرعة الإثارة لجذب الجمهور أو التشديد على أن الانتقام لا أحد يستطيع أن يقف في وجهه، وأيا كانت مبررات الصورة التي بنت عليها الورشة حبكتها، فهي أكدت أن عمرو سعد غير حريص بما يكفي على تجديد جلده الفني.
وأصبحت بعض الأعمال الدرامية تلجأ إلى ورش الكتابة، وهي موضة زادت الفترة الماضية، غير أنها سلاح ذو حدين، فإذا كانت يمكن أن تقدم أعمالا متنوعة وبها إبداع جديد، فإن تعدد العقول المشاركة في الكتابة قد يفقدها الانسجام.
شارك في بطولة المسلسل، صبا مبارك وأسماء أبواليزيد ودياب ومحمد لطفي وانتصار، وإخراج أحمد صالح، ووفر له المنتج صادق الصباح كل عوامل الدعم المادي ليكون العمل منافسا في موسم رمضان، لكن مع توالي الحلقات يكتشف المشاهد أن هناك مطا وتطويلا وزجا بتطورات بلا مبررات سوى زيادة عدد الحلقات لتصل إلى ثلاثين حلقة، فقد كان يمكن دمجها وتقديمها في حلقات أقل، وهو ما يدل على النفس القصير في الكتابة أو السرعة ليتمكن صناع العمل من اللحاق بموسم رمضان. وتكررت قصة الدخول في عالم الإجرام والتخلي عنه ثم العودة إليه في فيلم “المشبوه” الذي قدمه الفنان عادل إمام في بداية الثمانينات من القرن الماضي، لكنها تمت في مسلسل “توبة” بثيمة مغايرة، دافع عنها صناع العمل عندما تعالت بعض الأصوات لعقد مقارنة بينهما، وهو بالفعل لا وجه للمقارنة، حيث الإطار مختلف والشخصيات بعيدة عن التشابه، والخط الدرامي الذي اتبعه بعيد تماما عن المشبوه.
سيناريو مفكّك
◙ دراما شعبية مكررة
كان يمكن أن يصبح “توبة” عملا أكثر إتقانا ويظهر المواهب المتعددة التي يمتلكها المشخصاتي عمرو سعد لو كانت فكرة الانتقام متدرجة ومنطقية وتتناسب مع المكونات البشرية، والتركيز عليها كقضية محورية يمكن هضمها في الإطار العام للأحداث التي نسجها مؤلفو ورشة ملوك لكن وصولها فجأة إلى ذروة الأحداث وتجاوز البطل جميع العراقيل التي اعترضت طريقه بسهولة جعل اللامنطق يبدو قويا.
ومع الدمج بين شخصيتي الطيب والشرير والخلط بين النوازع التي تنتاب صاحبها هنا أو هناك يتأكد أن السيناريو مفكك ولم يتم بذل المجهود الكافي لإعادة اللحمة بين مكوناته، وزاد الأمر مع كمية الابتذال والخيانة الزوجية والإثارة الجنسية التي حواها العمل، كأن ورشة الكتابة أرادت توفير جميع العناصر التي تضاعف من جرعة النكد على المشاهدين، وبدا تتابع اللقطات التي توحي بالعلاقات غير الشرعية بين سيد الأجنبي وشقيقة زوجة سرية، ودياب وزوجة خاله محمد لطفي، ليفضي إلى إثارة من نوع آخر، ولم يكن المسلسل بحاجة إليها.
استخدم صناع المسلسل كل العوامل التي تثير الشغف دفعة واحدة لتأكيد أن العمل يحوي من كل بستان زهرة، فإلى جانب القتل عبر جرعات العنف المستمرة هناك ما يوصف بالقتل الرحيم الذي جسده شقيق صبا مبارك عندما أقدم على قتل والده في المستشفى وهو يعاني من غيبوبة مستمرة وميئوس من شفائه.
◙ العمل ظهرت فيه ملامح خلل تكشفت مظاهرها في الكثير من المشاهد التي تتابعت في مجال توسيع نطاق العنف
قدم عمرو سعد العديد من الأعمال في السينما والتلفزيون وفي كل عمل كان يصعد خطوة إلى الأمام، بينما في “توبة” عاد خطوة أو أكثر إلى الخلف لأنه استسلم إلى ثنائية الطيب والشرير، باعتبارها صيغة تمت تجربتها ومضمونة النجاح، وعليه من الآن أن يعيد النظر في توليفة استهلكت أغراضها، فمسلسل “توبة” كان يمكن أن يصبح عملا فذا لو لجأت ورشة الكتابة إلى قليل من العنف وكثير من المنطق في نسج الأحداث.
لا يعني وجود عيوب فنية في جسم العمل أنه كان خاليا من الإبداع، فقد أثبتت الفنانة انتصار قدرتها على تجسيد دور الأم الحنونة التي امتلكت نعمة البصيرة على الرغم من فقدانها نعمة البصر، وكانت موفقة في أداء المشاهد الإنسانية التي أدخلتها منطقة فنية جديدة عليها، وهو ذكاء من المخرج أحمد صالح الذي أحسن توظيفها، ودهاء من انتصار عندما دخلت العمل وهي تتحدى نفسها من أجل تقديم دور مختلف.
قد يكون غضب بعض أبناء محافظة بورسعيد الواقعة شمال شرق القاهرة مبررا عندما أظهرت بعض المشاهد أشكالا رديئة من الحارة هناك لا تتسق مع الواقع، لكن في كل الأحوال لم ينتقص العمل من شهامة وجدعنة أبناء هذه المحافظة المعروفة بالباسلة في الوجدان العام للمصريين.
يعكس هذا النوع من الحساسية جانبا في الشخصية المصرية، حيث يريد أبناء كل مدينة تقديمها في أحسن صورة، ما يعني أن جميع المدن سوف تصبح ملائكية، وهذه ثغرة تلجأ الكثير من الأعمال إلى تحاشيها من خلال التورية أو عدم اللجوء لتحديد أسماء المدن والقرى التي تدور فيها بعض الأحداث الفنية.
وسقط عمرو سعد أو “توبة” من على ظهر جواد الغلابة لأن انتقامه من خصومه كان لنفسه ولم يكن لأجل الانتصار للبسطاء الذين حاول أن يعيش وسطهم، وزاد الموقف مع نهايته المأسوية المتوقعة، إذ رمى بنفسه إلى التهلكة وكان بإمكانه تفادي هذا المصير لو تخلت ورشة ملوك قليلا عن الوصفة المفككة في الكتابة.
مسلسل "توبة" يسقط عمرو سعد من على ظهر جواد الغلابة.
بطل لا يشبه محيطه
سقط الممثل المصري عمرو سعد في فخ التكرار، حيث قدّم في مسلسله الأخير “توبة” صورة مألوفة عنه سبق وأن قدمها في “ملوك الجدعنة” لكنها جاءت هذه المرة مضطربة وتسير وفق سيناريو مرتبك ويفقد قدرته على الإقناع، فحتى انتقام البطل “سوبرمان الغلابة” كان لنفسه ولم يكن للبسطاء الذين حاول إقناعهم بأنه يجسّد دور شخص قريب منهم.
القاهرة – عندما تكون القصة واضحة ومعالمها محددة من السهولة أن يصبح السيناريو والحوار متماسكين، وما حدث مع مسلسل “توبة” الذي عرضته قناة “أم.بي.سي- مصر” في رمضان الماضي افتقر لهذا العنصر، وبدت الحبكة الفنية كأنها أعدت على عجل، بما أدى إلى مشاهدة عمل فني يفتقد إلى الكثير من الربط بين مكوناته، ودخل منطقة رمادية مليئة بالصعود والهبوط بلا مبررات منطقية سوى تكثيف جرعة الإثارة والعنف ووضع الفنان عمرو سعد في صورة “سوبرمان” الدراما المصرية.
من شاهدوا مسلسل “ملوك الجدعنة” الذي عرض موسم رمضان قبل الماضي، بطولة عمرو سعد ومصطفى شعبان، استشعروا أن سعد يكرر نفسه، فهو الشخص القوي والجدع والمنتقم ونصير الغلابة، على طريقة “روبن هود” في العقل الجمعي للمصريين، الذي يمتطي جوادا ويظل ثابتا على ظهره وهو يتلقى الضربات والطعنات وحتى طلقات الرصاص ولا يسقط أبدا، بل يمعن التقتيل في خصومه.
فخ التكرار
تمسك الفنان المصري عمرو سعد بإعادة إنتاج شخصية “سرية” في “ملوك الجدعنة” من خلال شخصية “توبة” في المسلسل الذي حمل اسمه، أفقده الكثير من رصيده الذي راكمه على مدار السنوات العشر الماضية، والذي تنوعت أدواره من عمل إلى آخر، على الرغم من تمسكه بصورة البطل الشعبي، لكن العزف الكثير عليها أوقعه في مطب التكرار، خاصة أن السياق الدرامي الذي كان مصاحبا لمسلسل “توبة” لم يكن على درجة كافية من الاتقان، فلم تتح القماشة الفنية التي اعتمد عليها سرديات من هذا النوع الخارق لنواميس الطبيعة.
ظهرت في العمل ملامح خلل تكشفت مظاهرها في الكثير من المشاهد التي تتابعت في مجال توسيع نطاق العنف، لاسيما المشهد الذي اقتحم فيه “توبة” وكر سيد الأجنبي الذي قام بأداء دوره الفنان ماجد المصري، وقام بقتل العديد من الحراس المدججين بالأسلحة واخترق كل الحواجز التي تحيط بالمكان من دون أن يصاب بخدش واحد، حتى وصل إلى هدفه، بعد تحييد بعض عناصر القوة الخارجية التي كان يعتمد عليها.
ربما يكون مؤلفو المسلسل، وهم ورشة ملوك للكتابة التي تتشكل من مجموعة من المؤلفين الشباب، تعمدوا إضفاء هذه الصورة الخيالية على البطل، وربما أرادوا تكثيف جرعة الإثارة لجذب الجمهور أو التشديد على أن الانتقام لا أحد يستطيع أن يقف في وجهه، وأيا كانت مبررات الصورة التي بنت عليها الورشة حبكتها، فهي أكدت أن عمرو سعد غير حريص بما يكفي على تجديد جلده الفني.
عمرو سعد في كل عمل قدمه يصعد خطوة إلى الأمام، بينما في “توبة” عاد خطوة أو أكثر إلى الخلف
وأصبحت بعض الأعمال الدرامية تلجأ إلى ورش الكتابة، وهي موضة زادت الفترة الماضية، غير أنها سلاح ذو حدين، فإذا كانت يمكن أن تقدم أعمالا متنوعة وبها إبداع جديد، فإن تعدد العقول المشاركة في الكتابة قد يفقدها الانسجام.
شارك في بطولة المسلسل، صبا مبارك وأسماء أبواليزيد ودياب ومحمد لطفي وانتصار، وإخراج أحمد صالح، ووفر له المنتج صادق الصباح كل عوامل الدعم المادي ليكون العمل منافسا في موسم رمضان، لكن مع توالي الحلقات يكتشف المشاهد أن هناك مطا وتطويلا وزجا بتطورات بلا مبررات سوى زيادة عدد الحلقات لتصل إلى ثلاثين حلقة، فقد كان يمكن دمجها وتقديمها في حلقات أقل، وهو ما يدل على النفس القصير في الكتابة أو السرعة ليتمكن صناع العمل من اللحاق بموسم رمضان. وتكررت قصة الدخول في عالم الإجرام والتخلي عنه ثم العودة إليه في فيلم “المشبوه” الذي قدمه الفنان عادل إمام في بداية الثمانينات من القرن الماضي، لكنها تمت في مسلسل “توبة” بثيمة مغايرة، دافع عنها صناع العمل عندما تعالت بعض الأصوات لعقد مقارنة بينهما، وهو بالفعل لا وجه للمقارنة، حيث الإطار مختلف والشخصيات بعيدة عن التشابه، والخط الدرامي الذي اتبعه بعيد تماما عن المشبوه.
سيناريو مفكّك
◙ دراما شعبية مكررة
كان يمكن أن يصبح “توبة” عملا أكثر إتقانا ويظهر المواهب المتعددة التي يمتلكها المشخصاتي عمرو سعد لو كانت فكرة الانتقام متدرجة ومنطقية وتتناسب مع المكونات البشرية، والتركيز عليها كقضية محورية يمكن هضمها في الإطار العام للأحداث التي نسجها مؤلفو ورشة ملوك لكن وصولها فجأة إلى ذروة الأحداث وتجاوز البطل جميع العراقيل التي اعترضت طريقه بسهولة جعل اللامنطق يبدو قويا.
ومع الدمج بين شخصيتي الطيب والشرير والخلط بين النوازع التي تنتاب صاحبها هنا أو هناك يتأكد أن السيناريو مفكك ولم يتم بذل المجهود الكافي لإعادة اللحمة بين مكوناته، وزاد الأمر مع كمية الابتذال والخيانة الزوجية والإثارة الجنسية التي حواها العمل، كأن ورشة الكتابة أرادت توفير جميع العناصر التي تضاعف من جرعة النكد على المشاهدين، وبدا تتابع اللقطات التي توحي بالعلاقات غير الشرعية بين سيد الأجنبي وشقيقة زوجة سرية، ودياب وزوجة خاله محمد لطفي، ليفضي إلى إثارة من نوع آخر، ولم يكن المسلسل بحاجة إليها.
استخدم صناع المسلسل كل العوامل التي تثير الشغف دفعة واحدة لتأكيد أن العمل يحوي من كل بستان زهرة، فإلى جانب القتل عبر جرعات العنف المستمرة هناك ما يوصف بالقتل الرحيم الذي جسده شقيق صبا مبارك عندما أقدم على قتل والده في المستشفى وهو يعاني من غيبوبة مستمرة وميئوس من شفائه.
◙ العمل ظهرت فيه ملامح خلل تكشفت مظاهرها في الكثير من المشاهد التي تتابعت في مجال توسيع نطاق العنف
قدم عمرو سعد العديد من الأعمال في السينما والتلفزيون وفي كل عمل كان يصعد خطوة إلى الأمام، بينما في “توبة” عاد خطوة أو أكثر إلى الخلف لأنه استسلم إلى ثنائية الطيب والشرير، باعتبارها صيغة تمت تجربتها ومضمونة النجاح، وعليه من الآن أن يعيد النظر في توليفة استهلكت أغراضها، فمسلسل “توبة” كان يمكن أن يصبح عملا فذا لو لجأت ورشة الكتابة إلى قليل من العنف وكثير من المنطق في نسج الأحداث.
لا يعني وجود عيوب فنية في جسم العمل أنه كان خاليا من الإبداع، فقد أثبتت الفنانة انتصار قدرتها على تجسيد دور الأم الحنونة التي امتلكت نعمة البصيرة على الرغم من فقدانها نعمة البصر، وكانت موفقة في أداء المشاهد الإنسانية التي أدخلتها منطقة فنية جديدة عليها، وهو ذكاء من المخرج أحمد صالح الذي أحسن توظيفها، ودهاء من انتصار عندما دخلت العمل وهي تتحدى نفسها من أجل تقديم دور مختلف.
قد يكون غضب بعض أبناء محافظة بورسعيد الواقعة شمال شرق القاهرة مبررا عندما أظهرت بعض المشاهد أشكالا رديئة من الحارة هناك لا تتسق مع الواقع، لكن في كل الأحوال لم ينتقص العمل من شهامة وجدعنة أبناء هذه المحافظة المعروفة بالباسلة في الوجدان العام للمصريين.
يعكس هذا النوع من الحساسية جانبا في الشخصية المصرية، حيث يريد أبناء كل مدينة تقديمها في أحسن صورة، ما يعني أن جميع المدن سوف تصبح ملائكية، وهذه ثغرة تلجأ الكثير من الأعمال إلى تحاشيها من خلال التورية أو عدم اللجوء لتحديد أسماء المدن والقرى التي تدور فيها بعض الأحداث الفنية.
وسقط عمرو سعد أو “توبة” من على ظهر جواد الغلابة لأن انتقامه من خصومه كان لنفسه ولم يكن لأجل الانتصار للبسطاء الذين حاول أن يعيش وسطهم، وزاد الموقف مع نهايته المأسوية المتوقعة، إذ رمى بنفسه إلى التهلكة وكان بإمكانه تفادي هذا المصير لو تخلت ورشة ملوك قليلا عن الوصفة المفككة في الكتابة.