حراره ارضيه
Geothermy - Géothermie
الحرارة الأرضية
ثمة ظواهر طبيعية تشير إلى سخونة باطن الأرض، أهمها النشاطات البركانية التي ترافقها انفجارات وأبخرة وغازات ومقذوفات بركانية وتدفق حمم (لابات) lavas منصهرة وينابيع معدنية حارة. ويتعرض الإنسان إلى حرارة باطن الأرض مباشرة حين يتعمق داخل الحفر المنجمية، مثل منجم وِسْتِرن ديب ليفل Western Deep Level لاستثمار الذهب في جنوب إفريقية، الذي تصل أعماقه إلى نحو 3500 م ، إذ تبلغ الحرارة في أعماقه ما يقرب من 40 ْ درجة سيلزيوس، على الرغم من استخدام أجهزة التهوية والتكييف. كما يلاحظ هذا التزايد الحراري بوضوح في عمليات الحفر البئري الآلي العميق في أثناء عمليات التنقيب عن النفط.
ويقدر العلماء ، بناء على قياسات أجريت في أثناء التعمق بالحفر في باطن الأرض، تزايد درجة الحرارة مع العمق بنحو 3 ْ درجات سلزيوس لكل 1000م، وهو ما يعرف بالتدرج الحراري الأرضي geothermal gradient. ويزيد هذا المعدل عادة أو يتضاعف في أماكن النشاط الناري الدسيس أو النشاط البركاني. فإذا كانت القياسات المباشرة لهذا التدرج الحراري تقتصر على أعماق سطحية جداً من الأرض، إذ إن أعمق الآبار الآلية التي حفرت لاتزيد إلا قليلاً على 1000م، فإنه يتوقع، إذا استمر تزايد الحرارة وفق هذا المعدل، أن تصل درجة الحرارة في مركز الأرض ، على عمق6500 كم، إلى 2 مليون درجة، وهي درجة أعلى من درجة حرارة سطح الشمس. لذلك يعتقد أن معدل هذا التزايد الحراري ، في معظم أعماق الأرض، أقل بكثير مما ذكر. ويحاول العلماء، اعتماداً على مختلف المعطيات المتوافرة، التوصل إلى وضع صورة مقبولة للتدرج الحراري الأرضي. ويمثل الشكل -1- التدرج الحراري الأرضي الذي يعتقد وجوده في أعماق القارات وتحت المحيطات، إذ يلاحظ أن معدل هذا التدرج يزيد قليلاً تحت المحيطات على ما هو عليه في أعماق القارات. وبما أن حرارة الحمم البركانية تراوح بين900 ْ-1200 ْ درجة سيلزيوس، فإن معدل ازدياد درجة حرارة باطن الأرض، مهما كان ضئيلاً، سوف يصل بالمواد الصخرية إلى درجة الانصهار على أعماق قليلة نسبياً، وتصبح درجات حرارتها، في أعماق أكثر، أعلى بكثير من درجات انصهارها. إلا أن خضوعها لضغوط عالية يبقيها في الحالة الصلبة ولا يبدأ فيها الانصهار الجزئي إلا حين ينحسر عنها الضغط بنتيجة اقترابها من سطح الأرض أو حدوث فوالق عميقة.
مصدر الحرارة الأرضية
يعتقد كثير من العلماء أن الأرض قد استمدت سخونتها في أثناء تكونها في النظام الشمسي، ومن تصادم الأجسام النيزكية وارتصاصها، يضاف إلى ذلك التسخين المستمر الناتج من الحرارة التي يطلقها تفكك العناصر المشعة كاليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم التي تتوزع في القشرة الأرضية وأعلى المعطف، وكذلك من الحرارة الناجمة من احتكاك الكتل الصخرية الهائلة بالعمليات التكتونية والتفاعلات الكيميائية.
الطاقة الحرارية الأرضية
تكمن الحرارة الباطنة التي يمكن أن يفيد منها الإنسان باستخدامها طاقة بديلة في الأجزاء السطحية التي يمكن أن تصل إليها أعمال الحفر البئري الآلي. وقد قَدَّر هوايت White هذه الطاقة، التي تسمى طاقة الحرارة الأرضية geothermal energy بما يقرب من 3×2610 حريرة. وبما أن مخزون هذه الطاقة مبعثر جداً، فإنه لا يمكن التوصل، في الوقت الحاضر، إلى تحديد إمكان استخدام هذا المخزون اقتصادياً. فمناطق التدفق الحراري العالي هي التي تحوي أهم الخزانات الحرارية، وهي على العموم، مناطق تبركن أو بناءٍ للجبال تتوزع على هوامش صفائح الغلاف الصخري الرئيسية. وفي كلتا الحالتين تتولد المغمات magmas وتحدث النشاطات النارية الدسيسة والبركانية.
وتقع حقول الطاقة الحرارية الأرضية المعروفة، أو التي هي قيد الكشف، في ثلاثة تكوينات جيولوجية رئيسية:
1- على امتداد أعراف التوسع spreading ridges.
2- فوق نطاق الانغراز subduction zones.
3- في الحزام الجبلي الممتد من إيطاليا إلى تركيا فالقوقاز والذي تًكَوَّن نتيجة لتصادم صفيحتي أوربا وإفريقيا.
ويقوم الماء في الأنظمة الحرارية الأرضية بدور وسطٍ حاملٍ جيد النقل للحرارة من الأعماق إلى السطح. وتوفر الفوالق العميقة وتشققات الصخور والفتحات المسامية المتصلة بها الممرات اللازمة لتسرب المياه السطحية وتغلغلها في باطن الأرض وصعودها نحو السطح حين تسخن وتقل كثافتها. ففي النظام الحراري الأرضي يدور الماء عند اقترابه من مصدر حراري (مثلاً تجمع مغماتي أو صخور نارية متبردة أو صخور عميقة تخضع لاستحالة شديدة)، إذ يمكن أن تصبح درجة حرارته بين 40 ْ وأكثر من 380 ْدرجة سيلزيوس، فيتمدد ويصعد نحو الأعلى (الشكل-2). وحين يصادف ممرات سهلة توصله إلى السطح يتفجر ينابيعَ حارةً من الماء أو من الماء مع البخار أومن البخار. أما حين تعترض سبيله طبقات صخرية كتيمة أو قليلة النفوذية فإنه يُحْتَجَز ضمن صخور خازنة.
وقد اعتقد عدد من العلماء في الماضي أن مياه الأنظمة الحرارية الأرضية تعود في أصلها إلى النشاطات النارية في الأعماق. إلا أن الدراسات الحديثة باستخدام نظائر الهدروجين والأكسجين فيها، أظهرت أن ما لايقل عن 95% من هذه المياه مستمد من الغلاف الجوي.
بدأت إيطالية، منذ عام 1904 باستغلال البخار الطبيعي المتفجر في حقل لارْدِرِلّو Larderello. ومنذ ذلك الوقت أصبحت الطاقة الحرارية الأرضية موضع اهتمام واستفادة في كثير من بلدان العالم مثل اليابان وآيسلندة ونيوزيلندة والولايات المتحدة الأمريكية، وأصبحت تُسْتَغَل بوصفها طاقة بديلة لتوليد الكهرباء والتدفئة المنزلية وغيرها. وتتوسع استخدامات الطاقة الحرارية الأرضية باطراد مع تطور تقانة المبادلات الحرارية.
ومع أن الطاقة الحرارية الأرضية أقل كلفة من أي مصدر آخر للطاقة، إلا أنها قابلة للاستنفاد، وقد تخلق مشكلات بيئية . فهي حين تستنفد في مًنَْشَأَةٍ ما تؤدي إلى ضياع المنشأة كلها. كما يصدر عن بعض المنشآت كميات كبيرة من الكبريت يمكن أن تعادل ما تطلقه منشآت مماثلة في الحجم تستخدم وقود الفحم الحجري ذي المحتوى العالي من الكبريت. ومع أن تطبيقات الاستفادة من الطاقة الحرارية الأرضية سوف تتوسع في المستقبل، إلا أنه لايتوقع منها أن تغطي أكثر من 5-10% من الاحتياجات العالمية للطاقة، ويمكن أن يعزى ذلك، في الدرجة الأولى، إلى عدم توافر أنظمة مائية حملانية في كثير من بقاع العالم.
محمد برهان عطائي
Geothermy - Géothermie
الحرارة الأرضية
ثمة ظواهر طبيعية تشير إلى سخونة باطن الأرض، أهمها النشاطات البركانية التي ترافقها انفجارات وأبخرة وغازات ومقذوفات بركانية وتدفق حمم (لابات) lavas منصهرة وينابيع معدنية حارة. ويتعرض الإنسان إلى حرارة باطن الأرض مباشرة حين يتعمق داخل الحفر المنجمية، مثل منجم وِسْتِرن ديب ليفل Western Deep Level لاستثمار الذهب في جنوب إفريقية، الذي تصل أعماقه إلى نحو 3500 م ، إذ تبلغ الحرارة في أعماقه ما يقرب من 40 ْ درجة سيلزيوس، على الرغم من استخدام أجهزة التهوية والتكييف. كما يلاحظ هذا التزايد الحراري بوضوح في عمليات الحفر البئري الآلي العميق في أثناء عمليات التنقيب عن النفط.
الشكل (1) |
التدرج الحراري الأرضي تحت القارات والمحيطات |
الذي تم التوصل إليه بالحسابات |
مصدر الحرارة الأرضية
يعتقد كثير من العلماء أن الأرض قد استمدت سخونتها في أثناء تكونها في النظام الشمسي، ومن تصادم الأجسام النيزكية وارتصاصها، يضاف إلى ذلك التسخين المستمر الناتج من الحرارة التي يطلقها تفكك العناصر المشعة كاليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم التي تتوزع في القشرة الأرضية وأعلى المعطف، وكذلك من الحرارة الناجمة من احتكاك الكتل الصخرية الهائلة بالعمليات التكتونية والتفاعلات الكيميائية.
الطاقة الحرارية الأرضية
تكمن الحرارة الباطنة التي يمكن أن يفيد منها الإنسان باستخدامها طاقة بديلة في الأجزاء السطحية التي يمكن أن تصل إليها أعمال الحفر البئري الآلي. وقد قَدَّر هوايت White هذه الطاقة، التي تسمى طاقة الحرارة الأرضية geothermal energy بما يقرب من 3×2610 حريرة. وبما أن مخزون هذه الطاقة مبعثر جداً، فإنه لا يمكن التوصل، في الوقت الحاضر، إلى تحديد إمكان استخدام هذا المخزون اقتصادياً. فمناطق التدفق الحراري العالي هي التي تحوي أهم الخزانات الحرارية، وهي على العموم، مناطق تبركن أو بناءٍ للجبال تتوزع على هوامش صفائح الغلاف الصخري الرئيسية. وفي كلتا الحالتين تتولد المغمات magmas وتحدث النشاطات النارية الدسيسة والبركانية.
وتقع حقول الطاقة الحرارية الأرضية المعروفة، أو التي هي قيد الكشف، في ثلاثة تكوينات جيولوجية رئيسية:
1- على امتداد أعراف التوسع spreading ridges.
2- فوق نطاق الانغراز subduction zones.
الشكل (2) |
رسم تخطيطي يمثل دوران الماء في نظام حراري أرضي |
ويقوم الماء في الأنظمة الحرارية الأرضية بدور وسطٍ حاملٍ جيد النقل للحرارة من الأعماق إلى السطح. وتوفر الفوالق العميقة وتشققات الصخور والفتحات المسامية المتصلة بها الممرات اللازمة لتسرب المياه السطحية وتغلغلها في باطن الأرض وصعودها نحو السطح حين تسخن وتقل كثافتها. ففي النظام الحراري الأرضي يدور الماء عند اقترابه من مصدر حراري (مثلاً تجمع مغماتي أو صخور نارية متبردة أو صخور عميقة تخضع لاستحالة شديدة)، إذ يمكن أن تصبح درجة حرارته بين 40 ْ وأكثر من 380 ْدرجة سيلزيوس، فيتمدد ويصعد نحو الأعلى (الشكل-2). وحين يصادف ممرات سهلة توصله إلى السطح يتفجر ينابيعَ حارةً من الماء أو من الماء مع البخار أومن البخار. أما حين تعترض سبيله طبقات صخرية كتيمة أو قليلة النفوذية فإنه يُحْتَجَز ضمن صخور خازنة.
وقد اعتقد عدد من العلماء في الماضي أن مياه الأنظمة الحرارية الأرضية تعود في أصلها إلى النشاطات النارية في الأعماق. إلا أن الدراسات الحديثة باستخدام نظائر الهدروجين والأكسجين فيها، أظهرت أن ما لايقل عن 95% من هذه المياه مستمد من الغلاف الجوي.
بدأت إيطالية، منذ عام 1904 باستغلال البخار الطبيعي المتفجر في حقل لارْدِرِلّو Larderello. ومنذ ذلك الوقت أصبحت الطاقة الحرارية الأرضية موضع اهتمام واستفادة في كثير من بلدان العالم مثل اليابان وآيسلندة ونيوزيلندة والولايات المتحدة الأمريكية، وأصبحت تُسْتَغَل بوصفها طاقة بديلة لتوليد الكهرباء والتدفئة المنزلية وغيرها. وتتوسع استخدامات الطاقة الحرارية الأرضية باطراد مع تطور تقانة المبادلات الحرارية.
ومع أن الطاقة الحرارية الأرضية أقل كلفة من أي مصدر آخر للطاقة، إلا أنها قابلة للاستنفاد، وقد تخلق مشكلات بيئية . فهي حين تستنفد في مًنَْشَأَةٍ ما تؤدي إلى ضياع المنشأة كلها. كما يصدر عن بعض المنشآت كميات كبيرة من الكبريت يمكن أن تعادل ما تطلقه منشآت مماثلة في الحجم تستخدم وقود الفحم الحجري ذي المحتوى العالي من الكبريت. ومع أن تطبيقات الاستفادة من الطاقة الحرارية الأرضية سوف تتوسع في المستقبل، إلا أنه لايتوقع منها أن تغطي أكثر من 5-10% من الاحتياجات العالمية للطاقة، ويمكن أن يعزى ذلك، في الدرجة الأولى، إلى عدم توافر أنظمة مائية حملانية في كثير من بقاع العالم.
محمد برهان عطائي