حجه حموي
Ibn Hijjah al-Hamawi - Ibn Hijjah al-Hamawi
ابن حِجَّة الحموي
(767-837هـ/1366-1432م)
أبو بكر تقي الدين بن علي بن حجة الحموي الحنفي، شاعر وأديب وناقد، ولد في حماة وتوفي فيها، وتلقى العلم على كثير من شيوخ عصره، فحذق القرآن الشريف وتفاسيره وعلم الحديث واللغة والأصول والفقه، وتخرج بالإنشاء والنظم حتى تفوق فيهما، فكان إماماً عارفاً بفنون الأدب متقدماً في البراعة طويل اليراع جيد الأساليب، وقد تنقل بين حلب ودمشق وطرابلس تبسطاً في المعارف وتفقداً لمكاتبها الغنية بالمؤلفات، فكان واسع الاطلاع صحيح الرواية، دقيق النظم في العلوم، وقد عرف وراسل كثيراً من أدباء عصره ومشايخه في الشام ومصر من أشهرهم بدر الدين قاضي أذرعات، وقاضي القضاة تقي الدين بن الخيمي الحنفي فقيه حماة وقاضيها، وزين الدين بن العجمي عين كتَّاب الإنشاء في الديار المصرية، وفتح الدين الشهيد صاحب ديوان الإنشاء في الشام، وعز الدين الموصلي الشاعر، وشهاب الدين ابن حجر العسقلاني، وغيرهم مما يدل على واسع منزلته بين علماء عصره.
أحب ابن حجة بلده حماة كل الحب، واشتهر أمره فيها، ورفض مغادرتها إلى غيرها. قال في خزانته: «إن المقر المخدومي قصد نقلي من حماة المحروسة إلى أبوابه العالية، وحب حماة يفتر العزم عن ذلك، وهذا يفهم من قولي في بعض قصائدي فيها:
يلذ عناق الفقر لي بفنائها
وفي غيرها لم أرض بالملك والرهط»
اتسعت شهرة ابن حجة قبل أن يغادر بلده، وارتحل عنها عدة مرات، توجه إلى دمشق قبل عام 790هـ/1388م، ومدح قاضيها برهان الدين بن جماعة، وهو ابن بلده، بمدحة كافية كانت محط إعجابه وطريقه للشهرة خارج بلاد الشام، فقرظها كبار الأدباء منهم فخر الدين مكانس وغيره وذلك حين زار مصر.
وتوطدت العلاقة مع هذا الشاعر، فمدحه بقصيدة فائية وآثر العودة إلى دمشق سنة 791هـ/1389م، وصادف ذلك محاصرة الملك الظاهر برقوق لها واحتراقها المروع في أثناء ذلك.
بقي هذا الأديب متنقلاً بين حماة، وحلب، ودمشق، وطرابلس، والقاهرة، وكتب في أثناء هذه المدة «الرسالة البحرية» وبعث بها إلى صديقه بدر الدين الدماميني الذي كان مقيماً في مدينة الاسكندرية.
انتقل ابن حجة إلى القاهرة سنة 815هـ/1412م وذلك حين أصبح المؤيد شيخ سلطاناً في القاهرة، وقد اعتمد المؤيد على ناصر الدين بن البارزي، فنقله إلى القاهرة، وانتقل معه صديقه وابن بلده ابن حجة، فولاه رئاسة ديوان الإنشاء، إضافة إلى أمانة سره، وكان ابن حجة لا يفتأ يمدح السلطان وصاحب نعمته ابن البارزي في كل مناسبة، ويذكر من ذلك قصيدته المشهورة التي مدح بها الملك المؤيد في يوم مشهود، ومطلعها:
كأس المسرة في البرية دائر
والملك بالملك المؤيد زاهر
وقد تضمنت هذه القصيدة التي بلغت ستاً وثمانين بيتاً الأحداث الهامة في حياة الملك المؤيد نفسه.
والمعروف عن ابن حجة أنه استمر في عمله الإنشائي بعد سلطانه المؤيد وصاحبه ابن البارزي، فكتب الإنشاء للسلطان المظفر بن المؤيد، والسلطان الظاهر ططر، وابنه السلطان الصالح محمد، والأشرف برسباي.
بقي ابن حجة الحموي مستمراً في عمله بديوان الإنشاء حتى تولى رئاسة الإنشاء ابن الكويز بعد أن عُزل ولي نعمته كمال الدين بن الناصري بن البارزي، وتغير عليه كثيرون ممن كانوا يحسدونه، فآثر العودة إلى حماة سنة 830هـ/1426م وتابع فيها اشتغاله بالأدب حتى وافته منيته فيها، ودفن في تربة باب الجسر، وبني على ضريحه قبة بقيت جدرانها إلى نهاية القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي فعمل له بعض الناس حجارة على لحده حُفر عليها أن هذا قبر الغزالي، والعامة الآن يعرفونه باسم الغَزَّالي، ويجهلون أنه ابن حجة، على أن الغزالي دفن في مدينة «طوس» ولا يعرف حماة.
ولابن حجة آثار كثيرة في النثر والشعر على السواء، بعضها مطبوع، وبعضها الآخر ما زال مخطوطاً.
ومن آثاره الشعرية:
- «ديوان شعر ابن حجة»، و«بديعية ابن حجة»، و«قبول البينات»، و«جنى الجنتين» أو «الثمارالشهية من الفواكه الحَمَوية».
ومن مختاراته الشعرية:
- قطر النباتين، رشف المنهلين، بلوغ المراد من الحيوان والنبات والجماد وهو في مجلدين.
- تغريد الصادح، وهو أرجوزة منتزعة من كتاب «الصادح والناغم» الموضوع على مثال كليلة ودمنة في ألفي بيت لابن الهبارية البغدادي (ت509هـ).
ومن رسائل ابن حجة الديوانية والإخوانية:
- قهوة الإنشاء، ضمنه ما أنشأه من فنون نثرية في ديوان الإنشاء.
- ثمرة الأوراق فيما طاب من نوادر الأدب وراق.
- خزانة الأدب: وهي شرح بديعيته التي عارض بها بديعيتي الشيخ عز الدين الموصلي والشيخ صفي الدين الحلي، وقد سماها المؤلف بـ«تقديم أبي بكر»، وقد طبعت، وهي موسوعة أدبية كاملة لعصر المؤلف. كشف اللثام عن وجه التورية والاستخدام وهو مطبوع «بلوغ المراد من سيرة ابن هشام»، و«السيرة الشيخية» وهي في تاريخ السلطان المؤيد.
أحمد هواش
Ibn Hijjah al-Hamawi - Ibn Hijjah al-Hamawi
ابن حِجَّة الحموي
(767-837هـ/1366-1432م)
أبو بكر تقي الدين بن علي بن حجة الحموي الحنفي، شاعر وأديب وناقد، ولد في حماة وتوفي فيها، وتلقى العلم على كثير من شيوخ عصره، فحذق القرآن الشريف وتفاسيره وعلم الحديث واللغة والأصول والفقه، وتخرج بالإنشاء والنظم حتى تفوق فيهما، فكان إماماً عارفاً بفنون الأدب متقدماً في البراعة طويل اليراع جيد الأساليب، وقد تنقل بين حلب ودمشق وطرابلس تبسطاً في المعارف وتفقداً لمكاتبها الغنية بالمؤلفات، فكان واسع الاطلاع صحيح الرواية، دقيق النظم في العلوم، وقد عرف وراسل كثيراً من أدباء عصره ومشايخه في الشام ومصر من أشهرهم بدر الدين قاضي أذرعات، وقاضي القضاة تقي الدين بن الخيمي الحنفي فقيه حماة وقاضيها، وزين الدين بن العجمي عين كتَّاب الإنشاء في الديار المصرية، وفتح الدين الشهيد صاحب ديوان الإنشاء في الشام، وعز الدين الموصلي الشاعر، وشهاب الدين ابن حجر العسقلاني، وغيرهم مما يدل على واسع منزلته بين علماء عصره.
أحب ابن حجة بلده حماة كل الحب، واشتهر أمره فيها، ورفض مغادرتها إلى غيرها. قال في خزانته: «إن المقر المخدومي قصد نقلي من حماة المحروسة إلى أبوابه العالية، وحب حماة يفتر العزم عن ذلك، وهذا يفهم من قولي في بعض قصائدي فيها:
يلذ عناق الفقر لي بفنائها
وفي غيرها لم أرض بالملك والرهط»
اتسعت شهرة ابن حجة قبل أن يغادر بلده، وارتحل عنها عدة مرات، توجه إلى دمشق قبل عام 790هـ/1388م، ومدح قاضيها برهان الدين بن جماعة، وهو ابن بلده، بمدحة كافية كانت محط إعجابه وطريقه للشهرة خارج بلاد الشام، فقرظها كبار الأدباء منهم فخر الدين مكانس وغيره وذلك حين زار مصر.
وتوطدت العلاقة مع هذا الشاعر، فمدحه بقصيدة فائية وآثر العودة إلى دمشق سنة 791هـ/1389م، وصادف ذلك محاصرة الملك الظاهر برقوق لها واحتراقها المروع في أثناء ذلك.
بقي هذا الأديب متنقلاً بين حماة، وحلب، ودمشق، وطرابلس، والقاهرة، وكتب في أثناء هذه المدة «الرسالة البحرية» وبعث بها إلى صديقه بدر الدين الدماميني الذي كان مقيماً في مدينة الاسكندرية.
انتقل ابن حجة إلى القاهرة سنة 815هـ/1412م وذلك حين أصبح المؤيد شيخ سلطاناً في القاهرة، وقد اعتمد المؤيد على ناصر الدين بن البارزي، فنقله إلى القاهرة، وانتقل معه صديقه وابن بلده ابن حجة، فولاه رئاسة ديوان الإنشاء، إضافة إلى أمانة سره، وكان ابن حجة لا يفتأ يمدح السلطان وصاحب نعمته ابن البارزي في كل مناسبة، ويذكر من ذلك قصيدته المشهورة التي مدح بها الملك المؤيد في يوم مشهود، ومطلعها:
كأس المسرة في البرية دائر
والملك بالملك المؤيد زاهر
وقد تضمنت هذه القصيدة التي بلغت ستاً وثمانين بيتاً الأحداث الهامة في حياة الملك المؤيد نفسه.
والمعروف عن ابن حجة أنه استمر في عمله الإنشائي بعد سلطانه المؤيد وصاحبه ابن البارزي، فكتب الإنشاء للسلطان المظفر بن المؤيد، والسلطان الظاهر ططر، وابنه السلطان الصالح محمد، والأشرف برسباي.
بقي ابن حجة الحموي مستمراً في عمله بديوان الإنشاء حتى تولى رئاسة الإنشاء ابن الكويز بعد أن عُزل ولي نعمته كمال الدين بن الناصري بن البارزي، وتغير عليه كثيرون ممن كانوا يحسدونه، فآثر العودة إلى حماة سنة 830هـ/1426م وتابع فيها اشتغاله بالأدب حتى وافته منيته فيها، ودفن في تربة باب الجسر، وبني على ضريحه قبة بقيت جدرانها إلى نهاية القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي فعمل له بعض الناس حجارة على لحده حُفر عليها أن هذا قبر الغزالي، والعامة الآن يعرفونه باسم الغَزَّالي، ويجهلون أنه ابن حجة، على أن الغزالي دفن في مدينة «طوس» ولا يعرف حماة.
ولابن حجة آثار كثيرة في النثر والشعر على السواء، بعضها مطبوع، وبعضها الآخر ما زال مخطوطاً.
ومن آثاره الشعرية:
- «ديوان شعر ابن حجة»، و«بديعية ابن حجة»، و«قبول البينات»، و«جنى الجنتين» أو «الثمارالشهية من الفواكه الحَمَوية».
ومن مختاراته الشعرية:
- قطر النباتين، رشف المنهلين، بلوغ المراد من الحيوان والنبات والجماد وهو في مجلدين.
- تغريد الصادح، وهو أرجوزة منتزعة من كتاب «الصادح والناغم» الموضوع على مثال كليلة ودمنة في ألفي بيت لابن الهبارية البغدادي (ت509هـ).
ومن رسائل ابن حجة الديوانية والإخوانية:
- قهوة الإنشاء، ضمنه ما أنشأه من فنون نثرية في ديوان الإنشاء.
- ثمرة الأوراق فيما طاب من نوادر الأدب وراق.
- خزانة الأدب: وهي شرح بديعيته التي عارض بها بديعيتي الشيخ عز الدين الموصلي والشيخ صفي الدين الحلي، وقد سماها المؤلف بـ«تقديم أبي بكر»، وقد طبعت، وهي موسوعة أدبية كاملة لعصر المؤلف. كشف اللثام عن وجه التورية والاستخدام وهو مطبوع «بلوغ المراد من سيرة ابن هشام»، و«السيرة الشيخية» وهي في تاريخ السلطان المؤيد.
أحمد هواش