اربجيه
Arpachiyah - Arpachiyah
الأربجية
الأربجية Arpachiyah تل أثري صغير في العراق شمال الموصل من العصر الحجري النحاسي (الكالكوليت Chalcolithic نحو 5500-4500 سنة ق.م)، نقب فيه لأول مرة ماكس مالوان M.E.L. Mallown في عام 1933، ثم الباحث العراقي إسماعيل حجارة في عام 1976. يمكن تقسيم الطبقات الأثرية في الموقع إلى ثلاث مراحل أساسية تمثل تطور ما أصبح يسمى بالحضارة «الَحلَفيّة»، (نسبة إلى موقع تل حَلف في سورية)، والمراحل هي من الأقدم إلى الأحدث:
ـ المرحلة الأولى: وهي السوية الأقدم، وتعود إلى منتصف الألف السادس ق.م. ظهرت فيها بيوت مستطيلة الشكل ضمت مواقد دائرية الأشكال، وفي هذه السوية وجدت الأواني الفخارية «الحَلَفيّة» الأولى وكانت من النوع العادي غير المزخرف، ويحمل بعضها زخارف بأشكال طبيعية.
ـ المرحلة الثانية: وهي السوية الوسطى، وتعود إلى نهاية الألف السادس ق.م. ظهرت فيها أبنية خاصة بمخطط متميز هو غرف دائرية يوصل إليها عبر مدخل مستطيل الشكل، أطلق عليها اسم «ثولوي» Tholoi وتعني بيوت النحل، تحيط بها أحياناً جدران تليها غرف عادية مستطيلة، تشكل جميعها مجمعاً دينياً مؤلفاً من معبد تحيط به المشاغل والمحلات.
كما عثر في سوية هذه المرحلة على طمائر جنائزية هي جماجم بشرية وضعت في جرار، حمل بعضها أشكالاً بشرية مؤنثة ومذكرة وأشكالاً حيوانية (أشكال أفاع وفهود وثيران) وزخارف هندسية وإشارات غامضة. وهناك التماثيل البشرية والحيوانية، والأواني الحجرية والقلادات من الأحجار النادرة.
ـ المرحلة الثالثة: وهي السوية الحديثة وتعود إلى النصف الأول للألف الخامس ق.م وفيها استمرت الأبنية الدائرية (الثولوي) ولكن أصبحت جدرانها أقوى وأسمك وأساساتها حجرية. ومورست عمليات الدفن خارج المنازل إذ وضعت الجثث مثنية أحياناً، وكان الدفن فردياً أو جماعياً وزود الموتى بالأدوات والأواني الحجرية. وفي هذه السوية ازدادت الأدوات الحجرية الصوانية والأدوات المصنوعة من السبج (الحجر الزجاجي البركاني الأسود obsidian) أو العظم كما وجد الخرز والقلادات والأختام المسطحة التي صنعت من الأحجار النادرة عموماً. وتحسنت نوعية الفخار الذي حمل زخارف طبيعية وهندسية جميلة ومنوعة بألوان حمراء وسوداء وسكّرية اللون.
وهذه المرحلة الحديثة هي الأكثر تطوراً، وقد دلت على ذلك مشاغل الفخار والكميات الكبيرة والمنوعة من الأواني الفخارية التي بلغت القمة في التصنيع. يضاف إلى ذلك البقايا السكنية لمنازل محروقة، وهناك آثار بئر وآثار طريق مرصوفة، بالإضافة إلى اللقى الصغيرة النادرة كالفؤوس المصقولة وأجزاء من معدن الرصاص، وكل ذلك يدل على مجتمع بلغ مرحلة مهمة في التطور.
بعد مرحلة انقطاع قصير تلت انتهاء الحضارة الحَلَفيّة، تكرر سكن الأربجية في العصر اللاحق، عصر العبيد، إذ نشأ نمط بناء جديد هو منازل تحيط بساحة مكشوفة فيها مواقد ومشاغل الفخار، وأقيمت مقبرة خاصة خارج المستوطنة، واستمر تصنيع الأواني الفخارية التي أصبحت نوعيتها عادية وزخارفها بسيطة وهي عموماً أقل جودة منها في العصر السابق. كما تطورت صناعة الأختام المسطحة وظهرت أوائل الأدوات المعدنية (إبر وفأس من النحاس).
يعد موقع الأربجية من المواقع المهمة التي تمثل مرحلة انتقالية بين نهاية مجتمعات العصر الحجري الحديث في منتصف الألف السادس ق.م والمجتمعات المدنية المتطورة في منتصف الألف الرابع ق.م وهو يمثل المرحلة التي مهدت، فيما بعد، لنشوء الدول الأولى في الألف الثالث ق.م.
سلطان محيسن
Arpachiyah - Arpachiyah
الأربجية
الأربجية Arpachiyah تل أثري صغير في العراق شمال الموصل من العصر الحجري النحاسي (الكالكوليت Chalcolithic نحو 5500-4500 سنة ق.م)، نقب فيه لأول مرة ماكس مالوان M.E.L. Mallown في عام 1933، ثم الباحث العراقي إسماعيل حجارة في عام 1976. يمكن تقسيم الطبقات الأثرية في الموقع إلى ثلاث مراحل أساسية تمثل تطور ما أصبح يسمى بالحضارة «الَحلَفيّة»، (نسبة إلى موقع تل حَلف في سورية)، والمراحل هي من الأقدم إلى الأحدث:
ـ المرحلة الأولى: وهي السوية الأقدم، وتعود إلى منتصف الألف السادس ق.م. ظهرت فيها بيوت مستطيلة الشكل ضمت مواقد دائرية الأشكال، وفي هذه السوية وجدت الأواني الفخارية «الحَلَفيّة» الأولى وكانت من النوع العادي غير المزخرف، ويحمل بعضها زخارف بأشكال طبيعية.
ـ المرحلة الثانية: وهي السوية الوسطى، وتعود إلى نهاية الألف السادس ق.م. ظهرت فيها أبنية خاصة بمخطط متميز هو غرف دائرية يوصل إليها عبر مدخل مستطيل الشكل، أطلق عليها اسم «ثولوي» Tholoi وتعني بيوت النحل، تحيط بها أحياناً جدران تليها غرف عادية مستطيلة، تشكل جميعها مجمعاً دينياً مؤلفاً من معبد تحيط به المشاغل والمحلات.
كما عثر في سوية هذه المرحلة على طمائر جنائزية هي جماجم بشرية وضعت في جرار، حمل بعضها أشكالاً بشرية مؤنثة ومذكرة وأشكالاً حيوانية (أشكال أفاع وفهود وثيران) وزخارف هندسية وإشارات غامضة. وهناك التماثيل البشرية والحيوانية، والأواني الحجرية والقلادات من الأحجار النادرة.
ـ المرحلة الثالثة: وهي السوية الحديثة وتعود إلى النصف الأول للألف الخامس ق.م وفيها استمرت الأبنية الدائرية (الثولوي) ولكن أصبحت جدرانها أقوى وأسمك وأساساتها حجرية. ومورست عمليات الدفن خارج المنازل إذ وضعت الجثث مثنية أحياناً، وكان الدفن فردياً أو جماعياً وزود الموتى بالأدوات والأواني الحجرية. وفي هذه السوية ازدادت الأدوات الحجرية الصوانية والأدوات المصنوعة من السبج (الحجر الزجاجي البركاني الأسود obsidian) أو العظم كما وجد الخرز والقلادات والأختام المسطحة التي صنعت من الأحجار النادرة عموماً. وتحسنت نوعية الفخار الذي حمل زخارف طبيعية وهندسية جميلة ومنوعة بألوان حمراء وسوداء وسكّرية اللون.
وهذه المرحلة الحديثة هي الأكثر تطوراً، وقد دلت على ذلك مشاغل الفخار والكميات الكبيرة والمنوعة من الأواني الفخارية التي بلغت القمة في التصنيع. يضاف إلى ذلك البقايا السكنية لمنازل محروقة، وهناك آثار بئر وآثار طريق مرصوفة، بالإضافة إلى اللقى الصغيرة النادرة كالفؤوس المصقولة وأجزاء من معدن الرصاص، وكل ذلك يدل على مجتمع بلغ مرحلة مهمة في التطور.
بعد مرحلة انقطاع قصير تلت انتهاء الحضارة الحَلَفيّة، تكرر سكن الأربجية في العصر اللاحق، عصر العبيد، إذ نشأ نمط بناء جديد هو منازل تحيط بساحة مكشوفة فيها مواقد ومشاغل الفخار، وأقيمت مقبرة خاصة خارج المستوطنة، واستمر تصنيع الأواني الفخارية التي أصبحت نوعيتها عادية وزخارفها بسيطة وهي عموماً أقل جودة منها في العصر السابق. كما تطورت صناعة الأختام المسطحة وظهرت أوائل الأدوات المعدنية (إبر وفأس من النحاس).
يعد موقع الأربجية من المواقع المهمة التي تمثل مرحلة انتقالية بين نهاية مجتمعات العصر الحجري الحديث في منتصف الألف السادس ق.م والمجتمعات المدنية المتطورة في منتصف الألف الرابع ق.م وهو يمثل المرحلة التي مهدت، فيما بعد، لنشوء الدول الأولى في الألف الثالث ق.م.
سلطان محيسن