الأردن في ظل الحكم العثماني
اتسمت مرحلة حكم المماليك بوجه عام بالفوضى وكثرت فيها الفتن والقلاقل بسبب التنازع بين أمرائهم على السلطان. ولما دانت البلاد العربية للعثمانيين بعد تغلبهم على المماليك في عام 1516، دخل الأردن في طاعتهم وغدا واحداً من مقاطعات امبراطوريتهم.
تكمن أهمية الأردن في موقعه على طريق الحج الشامي الواصل بين دمشق والمدينة المنورة، وكان السلطان العثماني مسؤولاً عن سلامة الحجيج وعن الأمن في الأماكن التي تمر بها قوافلهم. وفي سبيل ذلك بنيت في عهد السلطان سليم سلسلة من القلاع على امتداد طريق الحج، وأنشئت برك ماء قرب هذه القلاع لينزل الحجيج قربها للراحة والتزود بالماء. كما قامت الدولة بعقد اتفاقات مع البدو الذين تقع مضاربهم على الطريق لضمان أمن الحجاج وسلامتهم، لقاء أموال تدفع لهم، وكثيراً ما نقض البدو هذه الاتفاقات، ونهبوا قوافل الحجاج وسلبوها، لعدم وفاء الدولة بالتزاماتها المالية تجاههم. كما أنهم كانوا يفرضون الأتاوى على الناس وينهبون محاصيلهم الزراعية من دون أن تحرك الدولة ساكناً، فضلاً عن الفتن الداخلية، والاقتتال بين طوائف الأجناد، وعلاوة على الغزوات الخارجية التي كانت تقع على بلاد الشام (حملة نابليون بونابرت)، والتحركات الإقليمية في المنطقة أيام الدولة العثمانية (علي بك الكبير وإبراهيم باشا المصري وغزوات السعوديين) وسوى ذلك من أحداث كانت تنيخ بكلكلها على الأردن كسواه من مقاطعات الشام. ولم يهتم العثمانيون بنشر التعليم، وطبقوا على البلاد نظاماً أوتوقراطياً فاسداً وظل الناس بعيدين عن معطيات حضارة العصر آنذاك. ومن جملة ما عاناه الأردن زمن العثمانيين خراب العمران وتراجعه ونقص السكان، فتقلص عدد القرى كما تقلص عدد ساكنيها وأصبح الدفاع عنها أكثر صعوبة، في زمن لم تول الدولة فيه أمن المواطن اهتماماً كبيراً. ومما يؤيد هذا الرأي أن الأردن كان قبيل زوال سلطان العثمانيين مقسماً إلى: سنجق عجلون، وقضاء البلقاء، ومتصرفية الكرك. أما العقبة فكانت تتبع الحجاز تارة، وسورية تارة أخرى، كما أنها تبعت مصر إبان حملة إبراهيم باشا، وظلت كذلك حتى العام 1892، حين انسحب منها جيش إبراهيم باشا وألحقت بالحجاز. وحين قام الانقلاب العثماني عام 1908 وجرت انتخابات لمجلس «المبعوثان» انتخب ممثل عن الأردن في هذا المجلس. ولم يسع الانقلاب إلى إجراء أي تغييرات نحو الأفضل، بل ظل التعليم على حاله من التدني، كما استمر الجور في جباية الضرائب والسوء في الإدارة وقمع كل تحرك. فقامت الثورات ومنها ثورة الكرك وثورة الشوبك وغيرهما. ويمكن القول إن الإدارة العثمانية بلغت حداً من السوء، ولم تتورع عن البطش والتنكيل بكل من عاداها، فاتسعت الهوة بينها وبين رعاياها العرب بوجه عام، وكان لا بد أن يقود كل ذلك إلى ثورة عارمة تؤدي إلى انفصال الوطن العربي عن سلطان بني عثمان.
اتسمت مرحلة حكم المماليك بوجه عام بالفوضى وكثرت فيها الفتن والقلاقل بسبب التنازع بين أمرائهم على السلطان. ولما دانت البلاد العربية للعثمانيين بعد تغلبهم على المماليك في عام 1516، دخل الأردن في طاعتهم وغدا واحداً من مقاطعات امبراطوريتهم.
تكمن أهمية الأردن في موقعه على طريق الحج الشامي الواصل بين دمشق والمدينة المنورة، وكان السلطان العثماني مسؤولاً عن سلامة الحجيج وعن الأمن في الأماكن التي تمر بها قوافلهم. وفي سبيل ذلك بنيت في عهد السلطان سليم سلسلة من القلاع على امتداد طريق الحج، وأنشئت برك ماء قرب هذه القلاع لينزل الحجيج قربها للراحة والتزود بالماء. كما قامت الدولة بعقد اتفاقات مع البدو الذين تقع مضاربهم على الطريق لضمان أمن الحجاج وسلامتهم، لقاء أموال تدفع لهم، وكثيراً ما نقض البدو هذه الاتفاقات، ونهبوا قوافل الحجاج وسلبوها، لعدم وفاء الدولة بالتزاماتها المالية تجاههم. كما أنهم كانوا يفرضون الأتاوى على الناس وينهبون محاصيلهم الزراعية من دون أن تحرك الدولة ساكناً، فضلاً عن الفتن الداخلية، والاقتتال بين طوائف الأجناد، وعلاوة على الغزوات الخارجية التي كانت تقع على بلاد الشام (حملة نابليون بونابرت)، والتحركات الإقليمية في المنطقة أيام الدولة العثمانية (علي بك الكبير وإبراهيم باشا المصري وغزوات السعوديين) وسوى ذلك من أحداث كانت تنيخ بكلكلها على الأردن كسواه من مقاطعات الشام. ولم يهتم العثمانيون بنشر التعليم، وطبقوا على البلاد نظاماً أوتوقراطياً فاسداً وظل الناس بعيدين عن معطيات حضارة العصر آنذاك. ومن جملة ما عاناه الأردن زمن العثمانيين خراب العمران وتراجعه ونقص السكان، فتقلص عدد القرى كما تقلص عدد ساكنيها وأصبح الدفاع عنها أكثر صعوبة، في زمن لم تول الدولة فيه أمن المواطن اهتماماً كبيراً. ومما يؤيد هذا الرأي أن الأردن كان قبيل زوال سلطان العثمانيين مقسماً إلى: سنجق عجلون، وقضاء البلقاء، ومتصرفية الكرك. أما العقبة فكانت تتبع الحجاز تارة، وسورية تارة أخرى، كما أنها تبعت مصر إبان حملة إبراهيم باشا، وظلت كذلك حتى العام 1892، حين انسحب منها جيش إبراهيم باشا وألحقت بالحجاز. وحين قام الانقلاب العثماني عام 1908 وجرت انتخابات لمجلس «المبعوثان» انتخب ممثل عن الأردن في هذا المجلس. ولم يسع الانقلاب إلى إجراء أي تغييرات نحو الأفضل، بل ظل التعليم على حاله من التدني، كما استمر الجور في جباية الضرائب والسوء في الإدارة وقمع كل تحرك. فقامت الثورات ومنها ثورة الكرك وثورة الشوبك وغيرهما. ويمكن القول إن الإدارة العثمانية بلغت حداً من السوء، ولم تتورع عن البطش والتنكيل بكل من عاداها، فاتسعت الهوة بينها وبين رعاياها العرب بوجه عام، وكان لا بد أن يقود كل ذلك إلى ثورة عارمة تؤدي إلى انفصال الوطن العربي عن سلطان بني عثمان.