خصائص الشعر في العصر الأموي: حين يحاول الباحث تقصي خصائص الشعر في عصر بني أمية لا بد له أن يقف عند كل ضرب من ضروب الشعر التي ظهرت عصرئذ لئلا يقع في تعميم يبعده عن الدقة وأول الفنون الشعرية فن المديح.
فقد ظهر في العصر الأموي شعراء اتخذوا الشعر حرفة يتكسبون بها وأكبوا على العناية بشعرهم وتجويده وهم الشعراء المداحون، وقد نفقت سوق الشعر عصرئذ لتقريب الخلفاء والولاة الشعراء وإغداق الهبات عليهم، فراح الشعراء يتنافسون في تجويد شعرهم وتنقيحه بغية إرضاء الممدوحين والنقاد، وكان لهؤلاء الشعراء الفضل في الاتجاه بالقصيدة العربية نحو النموذج الفني المكتمل، سواء من حيث بناؤها الفني أو من حيث إتقان الصياغة ومتانة الأسلوب واستنباط المعاني الجديدة.
وقد التزم هؤلاء الشعراء بناء القصيدة في صورته النموذجية، فهم يحرصون على استهلال قصائدهم بالوقوف على الأطلال والتخلص من وصف الأطلال إلى النسيب، يطيلون فيه تارة ويوجزون تارة أخرى، ثم ينتقلون إلى وصف الرحلة إلى الممدوح فيصفون الطريق وما لقوه فيه من أنواع الحيوان، وما كابدوه من مشقات السفر، حتى ينتهوا إلى المديح فيفيضون في تعداد مناقب الممدوح ومآثره من كرم وشجاعة ونبل محتد وغير ذلك، مع جنوح إلى المبالغة والتزويد. فإذا فرغوا من المديح هزوا أريحية الممدوح إلى العطاء حتى يبسط كفه لهم، وربما جنح بعضهم إلى شيء من الضراعة والإلحاح في الاستعطاء.
إن جنوح شعراء العصر الأموي إلى التكسب بشعرهم لم يكن ظاهرة جديدة في الشعر العربي، فقد بدأ الاتجاه إلى التكسب بالمديح منذ أواخر العصر الجاهلي، ولكن هذا الاتجاه لم يلق قبولاً لدى الكثيرين، فلما جاء العصر الأموي استشرت هذه الظاهرة وغلب المديح على فنون الشعر الأخرى وتبوأ المنزلة الأولى بينها، وظلت للمديح هذه المنزلة طوال العصر العباسي بعد ذلك.
وحين تصدى الباحثون لتقويم هذا الشعر من الناحية الفنية اختلفت آراؤهم، فمنهم من رأى أن هذا الاتجاه أضر بالشعر العربي وانحرف به عن مساره القويم وحط من منزلة الشعراء، لأن الشعر عندهم ينبغي أن يكون صدى الشعور الصادق وتصويراً للعواطف الذاتية، بعيداً عن النفاق والكذب والزيف، ورأى آخرون أن المعول على إجادة الصياغة وابتكار المعاني وليس على صدق العاطفة أو كذبها.
وعلى نحو ما لوحظ في شعر المديح من إتقان الصنعة يلاحظ هذا الإتقان كذلك في فن الغزل الذي أصاب في عصر بني أمية ارتقاء لا نظير له، فقد افتن الشعراء - حضريهم وبدويهم - في ابتكار المعاني الغزلية التي لم تخطر في بال أسلافهم. ولو رجع الباحث إلى شعر ابن أبي ربيعة وحده لوجد فيه فيضاً من المعاني المبتكرة التي لم يسبق إليها، مع اتباع أسلوب جديد يلائم هذا الغزل. وشتان ما شعر شعراء الغزل الجاهليين وشعر الإسلاميين، سواء من حيث ابتكار المعاني أو الافتنان الأسلوبي أو التعبير عن العواطف وتصويرها.
ومن الفنون الأخرى التي طرأ عليها التجديد فن الخمريات. وقد نهض خاصة على يد الأخطل والوليد بن يزيد.
وفن آخر أصاب حظاً وفيراً من التطور والارتقاء في العصر الأموي هو فن الهجاء والمناقضات، فقد نقل شعراء الهجاء في ذلك العصر الهجاء من صورته البسيطة الساذجة عند شعراء الجاهلية إلى صورته المتقنة المعقدة، واستعانوا بألوان الثقافة التي انتشرت عصرئذ العقلية والدينية والأدبية لإسباغ ثوب جديد على هذا الهجاء. فظهرت فيه أساليب جديدة، وافتن الشعراء في ابتكار المعاني والصور الهجائية، وجنحت طائفة من الشعراء الهجائين إلى البذاءة اللفظية والصور الفاحشة ونهش الأعراض وذكر العورات. وقد تطور فن المناقضة بنوع خاص وأصبح للنقائض شروطها وأساليبها وطالت طولاً مسرفاً، فكان العصر الأموي بحق عصر نهوض فن النقائض وارتقائه.
وتتجلى في بعض أغراض الشعر الأموي روح إسلامية قوية مؤثرة تترك صداها العميق في النفس. ومن المحقق أن القرآن الكريم كان له أثره البين في الشعر الأموي، سواء من حيث الأغراض أو المعاني أو الأسلوب.
فقد ظهر في العصر الأموي شعراء اتخذوا الشعر حرفة يتكسبون بها وأكبوا على العناية بشعرهم وتجويده وهم الشعراء المداحون، وقد نفقت سوق الشعر عصرئذ لتقريب الخلفاء والولاة الشعراء وإغداق الهبات عليهم، فراح الشعراء يتنافسون في تجويد شعرهم وتنقيحه بغية إرضاء الممدوحين والنقاد، وكان لهؤلاء الشعراء الفضل في الاتجاه بالقصيدة العربية نحو النموذج الفني المكتمل، سواء من حيث بناؤها الفني أو من حيث إتقان الصياغة ومتانة الأسلوب واستنباط المعاني الجديدة.
وقد التزم هؤلاء الشعراء بناء القصيدة في صورته النموذجية، فهم يحرصون على استهلال قصائدهم بالوقوف على الأطلال والتخلص من وصف الأطلال إلى النسيب، يطيلون فيه تارة ويوجزون تارة أخرى، ثم ينتقلون إلى وصف الرحلة إلى الممدوح فيصفون الطريق وما لقوه فيه من أنواع الحيوان، وما كابدوه من مشقات السفر، حتى ينتهوا إلى المديح فيفيضون في تعداد مناقب الممدوح ومآثره من كرم وشجاعة ونبل محتد وغير ذلك، مع جنوح إلى المبالغة والتزويد. فإذا فرغوا من المديح هزوا أريحية الممدوح إلى العطاء حتى يبسط كفه لهم، وربما جنح بعضهم إلى شيء من الضراعة والإلحاح في الاستعطاء.
إن جنوح شعراء العصر الأموي إلى التكسب بشعرهم لم يكن ظاهرة جديدة في الشعر العربي، فقد بدأ الاتجاه إلى التكسب بالمديح منذ أواخر العصر الجاهلي، ولكن هذا الاتجاه لم يلق قبولاً لدى الكثيرين، فلما جاء العصر الأموي استشرت هذه الظاهرة وغلب المديح على فنون الشعر الأخرى وتبوأ المنزلة الأولى بينها، وظلت للمديح هذه المنزلة طوال العصر العباسي بعد ذلك.
وحين تصدى الباحثون لتقويم هذا الشعر من الناحية الفنية اختلفت آراؤهم، فمنهم من رأى أن هذا الاتجاه أضر بالشعر العربي وانحرف به عن مساره القويم وحط من منزلة الشعراء، لأن الشعر عندهم ينبغي أن يكون صدى الشعور الصادق وتصويراً للعواطف الذاتية، بعيداً عن النفاق والكذب والزيف، ورأى آخرون أن المعول على إجادة الصياغة وابتكار المعاني وليس على صدق العاطفة أو كذبها.
وعلى نحو ما لوحظ في شعر المديح من إتقان الصنعة يلاحظ هذا الإتقان كذلك في فن الغزل الذي أصاب في عصر بني أمية ارتقاء لا نظير له، فقد افتن الشعراء - حضريهم وبدويهم - في ابتكار المعاني الغزلية التي لم تخطر في بال أسلافهم. ولو رجع الباحث إلى شعر ابن أبي ربيعة وحده لوجد فيه فيضاً من المعاني المبتكرة التي لم يسبق إليها، مع اتباع أسلوب جديد يلائم هذا الغزل. وشتان ما شعر شعراء الغزل الجاهليين وشعر الإسلاميين، سواء من حيث ابتكار المعاني أو الافتنان الأسلوبي أو التعبير عن العواطف وتصويرها.
ومن الفنون الأخرى التي طرأ عليها التجديد فن الخمريات. وقد نهض خاصة على يد الأخطل والوليد بن يزيد.
وفن آخر أصاب حظاً وفيراً من التطور والارتقاء في العصر الأموي هو فن الهجاء والمناقضات، فقد نقل شعراء الهجاء في ذلك العصر الهجاء من صورته البسيطة الساذجة عند شعراء الجاهلية إلى صورته المتقنة المعقدة، واستعانوا بألوان الثقافة التي انتشرت عصرئذ العقلية والدينية والأدبية لإسباغ ثوب جديد على هذا الهجاء. فظهرت فيه أساليب جديدة، وافتن الشعراء في ابتكار المعاني والصور الهجائية، وجنحت طائفة من الشعراء الهجائين إلى البذاءة اللفظية والصور الفاحشة ونهش الأعراض وذكر العورات. وقد تطور فن المناقضة بنوع خاص وأصبح للنقائض شروطها وأساليبها وطالت طولاً مسرفاً، فكان العصر الأموي بحق عصر نهوض فن النقائض وارتقائه.
وتتجلى في بعض أغراض الشعر الأموي روح إسلامية قوية مؤثرة تترك صداها العميق في النفس. ومن المحقق أن القرآن الكريم كان له أثره البين في الشعر الأموي، سواء من حيث الأغراض أو المعاني أو الأسلوب.