شلل الأطفال
شلل الأطفال poliomyelitis أو التهاب سنجابية النخاع واحد من أكثر الأمراض المأساوية التي تترك عواقب سيئة تؤثر في حياة الطفل والأهل صحيَّاً ونفسيَّاً واجتماعيَّاً.
ذُكرت أول حادثةٍ لشلل الأطفال (وهو يصيب الكبار أيضاً) في عام 1590 قبل الميلاد من قبل كاهن مصري، وذَكرت القديسة هيلانة أول وافدة شلل عام 1830 ميلادية. وكان عدد الإصابات المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية قبل عهد اللقاح 21 ألف إصابة في السنة، أما بعد اللقاح فعشر إصابات سنويَّاً.
سبب شلل الأطفال
هو فيروس ينتمي إلى زمرة الفيروسات المعوية enteroviruses التي تنتقل بالطعام الملوث، والأيدي الملوثة، وبالرذاذ من فم لآخر، وتستطيع أن تعيش شهراً كاملاً في حرارة البراد (الثلاجة العادية). وفيروس شلل الأطفال شديد العدوى ينتشر بنسبة 100% عند صغار الأطفال غير الملقحين إنْ وُجد فردٌ واحدٌ مصاب.
تكثر العدوى في أواخر الصيف وفي الخريف، ويكثر المرض عند الأطفال دون السنتين من العمر.
الأشكال السريرية والأعراض
لا تظهر أعراض واضحة لشلل الأطفال في أغلب الحالات (90 إلى 95%). وتحدث تظاهرات بسيطة عند 4 إلى 8% مثل الصداع والحمى والقيء والتهاب البلعوم والألم العضلي والإمساك وألم البطن. أما الشلل فهو قليل ويحدث عند 1% إلى واحد بالألف من المصابين بالفيروس.
إن الشلل أكثر حدوثاً عند الكبار ولاسيما في أثناء الحمل، ومن هنا تأتي أهمية اللقاح في الطفولة الباكرة. ومن العوامل التي تساعد على إظهار الشلل، إن كان الطفل المصاب في طور حضانة المرض، بعض الرضوض الشديدة كاستئصال اللوزتين، والحقن العضلية.
لا تسبب الزرقات العضلية الشلل إنما تساعد على توضّعه في مكان الزرق، إن كان الطفل في طور حضانة شلل الأطفال، ولهذا يمتنع كثير من الأطباء عن إعطاء زرقات عضلية مهما تكن الظروف ما لم يكن الطفل ممنّعاً ضد شلل الأطفال، أو مرّ شهر كامل على التطعيم.
كيف يحدث الشلل
يدخل فيروس الشلل من الفم ويتوضع في البلعوم والجهاز الهضمي حيث يتكاثر وينتقل إلى العقد اللمفية ومنها إلى الدم، وإذا كانت الظروف مهيأة انتقل من الدم إلى الجهاز العصبي.
وفيروس الشلل ولوع جدَّاً بالجملة العصبية المركزية والمادة السنجابية (الرمادية) فيها. إن إصابة الخلايا الحركية في القرون الأمامية من النخاع الشوكي تؤدي إلى ضعف عضلات الطرفين السفليين ثم شللها (لكن على نحو غير متساوٍ أو متناظر). يسبق ذلك حدوث أعراض تشبه التهاب السحايا من صلابة النقرة والظهر وغيرهما، وزوال المنعكسات البطنية السطحية، واشتداد المنعكسات الوترية العميقة ثم زوالها، ليظهر بعد ذلك الشلل.
يتوضّع الشلل في الحالات الخفيفة أو المعتدلة خلال ثلاثة أيام إلى خمسة في عضلاتٍ معينة، وفي زمن أقل من ذلك في الحالات الشديدة (يومين إلى ثلاثة أيام)، وقد يصعد بشكل خطر ليصيب البصلة السيسائية وجذع الدماغ، ومن ثم عضلات التنفس والقلب، وفي مثل هذه الحالات لابد من وضع المريض على المنفسة الصنعيةventilator.
كيف تتطور حالة الشلل
أسوأ الحالات تلك المترافقة بشلل تنفسي، فهي أهم سبب للوفيات (4 إلى 10%)، كما أنها تحتاج إلى تنفس اصطناعي وعناية طبية وتمريضية بسبب عدم قدرة المريض على التنفس، فإذا تراكمت المفرزات أو توقف الجهاز (المنفسة) اختنق العليل.
أما باقي الحالات فتستقر وتتحسن ببطء، وما يبقى من الشلل بعد مرور شهر يغلب ألا يتحسن كثيراً بعد ذلك، علماً أن مدة التحسن تمتد حتى السنتين.
ولذا لابد من العلاج الفيزيائي بعد أن يخفّ الألم العضلي ويتوقف الشلل، ولهذا العلاج أهمية قصوى في الحفاظ على العضلات من الضمور وما يلي ذلك من تشوه الأطراف الذي يتطلب معالجة جراحية تصنيعية في المستقبل لإعادة الوظيفة ما أمكن.
يعزل المريض شهراً بعد إصابته، لأن هذه المدة هي الفترة الفعالة في طرح فيروس الشلل مع الفضلات.
الوقاية
اصطلاح القتلة الستة Six Killers في طب الأطفال تعبيرٌ شاع ليشير إلى أهم ستة أمراض يمكن الوقاية منها باللقاح وهي: شلل الأطفال، والشاهوق[ر] (السعال الديكي)، والخناق[ر] (الدفتريا)، والكزاز[ر]، والحصبة[ر] (الحميرة)، والتدرن[ر] (السل).
اللقاح خير ضمان، وخوف بعض الناس أو تقاعسهم لا مبرر له. إن نسبة حدوث الشلل عقب اللقاح الفموي نادر جدَّاً (حالة لكل 10 ملايين طفل ملقح)، وهذا أقل بقليل من نسبة الشلل في حالة عدم اللقاح (1 إلى 10 بالألف).
يعطى اللقاح في المناطق الموبوءة عند الولادة، ثم في عمر شهرين وأربعة أشهر وستة أشهر (وهناك من يعطيه في الشهر الثاني والثالث والرابع) مرافقاً للقاح الثلاثي ولقاح السحائيات، ويدعم بعد سنة من آخر جرعة وقبل دخول المدرسة، كما تعطى جرعات إضافية في الحملات الوطنية، وحتى لو أصيب الطفل بالشلل يلقح لأن لقاح الشلل يقي من ثلاثة فيروسات تسبب الشلل.
وللقاح نوعان: أولهما أوجده سالك Salkعام 1954 من فيروسات الشلل الميْتة (المعطلة)، ليعطى عن طريق العضل، وهو أكثر اعتماداً في السويد وهولندا وفنلندا وفرنسا، واختلافه عن اللقاح الفموي هو أن الشخص الملقّح به إذا أخذ فيروس الشلل لا يصاب بها، إنما ينشرها إلى غيره لغياب المناعة المعوية، ولهذا فإن اللقاح الميْت مفضّل عند المتماسين مع طفل أعطي اللقاح الفموي، وعند ناقصي المناعة. أما اللقاح الثاني فيعطى عن طريق الفم، وقد أوجده الأميركي البولوني الأصل سابين Sabin عام 1961 من فيروسات شلل مضعفة بشدة، وهو معتمد في الولايات المتحدة الأميركية وكثير من دول العالم. وآلية المناعة فيه بعد إعطاء اللقاح هو تكاثر الفيروس في الأمعاء التي تشكل ضده مناعة هضمية (بلعومية ومعوية) متمثلة بالغلوبولين المناعي الإفرازي أ IgA، الذي يساهم في القضاء على فيروس الشلل إذا تعرض له الجسم لاحقاً، فلا يتم انتشاره من الشخص حامل العدوى. إن كلا اللقاحين يعطيان مناعة تبعاً لجرعة اللقاح المعطى وفعاليته، وتبعاً لسن الملقح وحالته المناعية، فصغار الرضع لا يستجيبون للقاح بنوعيه، لهذا يجب تكراره عدة مرات لاحقاً (مرّة بالعضل ومرّة بالفم)، وهنا لابد من التنويه أن الملقّح فمويَّاً يجب ألا يأخذ حقنة عضلية لمدة شهر عقب اللقاح.
المناعة بعد اكتمال اللقاح أكيدة، وتكاد تصل إلى 100%، لكن يجب تلقيح 80 إلى90% من السكّان في الوافدات خلال يومين أو ثلاثة أيام في الحملات الوطنية، ويجب ألا يستثنى أحد من الأطفال أينما كان.
أخيراً لابد من اتباع النصائح الصحية العامة مثل تجنب المرضى، وغسل اليدين بالماء والصابون عند التماس معهم، وغير ذلك، ولا يوجد دليل على فائدة عزل المرضى أو إغلاق المدارس في تغيير سير الجائحات.
غالب خلايلي
شلل الأطفال poliomyelitis أو التهاب سنجابية النخاع واحد من أكثر الأمراض المأساوية التي تترك عواقب سيئة تؤثر في حياة الطفل والأهل صحيَّاً ونفسيَّاً واجتماعيَّاً.
ذُكرت أول حادثةٍ لشلل الأطفال (وهو يصيب الكبار أيضاً) في عام 1590 قبل الميلاد من قبل كاهن مصري، وذَكرت القديسة هيلانة أول وافدة شلل عام 1830 ميلادية. وكان عدد الإصابات المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية قبل عهد اللقاح 21 ألف إصابة في السنة، أما بعد اللقاح فعشر إصابات سنويَّاً.
سبب شلل الأطفال
هو فيروس ينتمي إلى زمرة الفيروسات المعوية enteroviruses التي تنتقل بالطعام الملوث، والأيدي الملوثة، وبالرذاذ من فم لآخر، وتستطيع أن تعيش شهراً كاملاً في حرارة البراد (الثلاجة العادية). وفيروس شلل الأطفال شديد العدوى ينتشر بنسبة 100% عند صغار الأطفال غير الملقحين إنْ وُجد فردٌ واحدٌ مصاب.
تكثر العدوى في أواخر الصيف وفي الخريف، ويكثر المرض عند الأطفال دون السنتين من العمر.
الأشكال السريرية والأعراض
لا تظهر أعراض واضحة لشلل الأطفال في أغلب الحالات (90 إلى 95%). وتحدث تظاهرات بسيطة عند 4 إلى 8% مثل الصداع والحمى والقيء والتهاب البلعوم والألم العضلي والإمساك وألم البطن. أما الشلل فهو قليل ويحدث عند 1% إلى واحد بالألف من المصابين بالفيروس.
إن الشلل أكثر حدوثاً عند الكبار ولاسيما في أثناء الحمل، ومن هنا تأتي أهمية اللقاح في الطفولة الباكرة. ومن العوامل التي تساعد على إظهار الشلل، إن كان الطفل المصاب في طور حضانة المرض، بعض الرضوض الشديدة كاستئصال اللوزتين، والحقن العضلية.
لا تسبب الزرقات العضلية الشلل إنما تساعد على توضّعه في مكان الزرق، إن كان الطفل في طور حضانة شلل الأطفال، ولهذا يمتنع كثير من الأطباء عن إعطاء زرقات عضلية مهما تكن الظروف ما لم يكن الطفل ممنّعاً ضد شلل الأطفال، أو مرّ شهر كامل على التطعيم.
كيف يحدث الشلل
يدخل فيروس الشلل من الفم ويتوضع في البلعوم والجهاز الهضمي حيث يتكاثر وينتقل إلى العقد اللمفية ومنها إلى الدم، وإذا كانت الظروف مهيأة انتقل من الدم إلى الجهاز العصبي.
وفيروس الشلل ولوع جدَّاً بالجملة العصبية المركزية والمادة السنجابية (الرمادية) فيها. إن إصابة الخلايا الحركية في القرون الأمامية من النخاع الشوكي تؤدي إلى ضعف عضلات الطرفين السفليين ثم شللها (لكن على نحو غير متساوٍ أو متناظر). يسبق ذلك حدوث أعراض تشبه التهاب السحايا من صلابة النقرة والظهر وغيرهما، وزوال المنعكسات البطنية السطحية، واشتداد المنعكسات الوترية العميقة ثم زوالها، ليظهر بعد ذلك الشلل.
يتوضّع الشلل في الحالات الخفيفة أو المعتدلة خلال ثلاثة أيام إلى خمسة في عضلاتٍ معينة، وفي زمن أقل من ذلك في الحالات الشديدة (يومين إلى ثلاثة أيام)، وقد يصعد بشكل خطر ليصيب البصلة السيسائية وجذع الدماغ، ومن ثم عضلات التنفس والقلب، وفي مثل هذه الحالات لابد من وضع المريض على المنفسة الصنعيةventilator.
كيف تتطور حالة الشلل
أسوأ الحالات تلك المترافقة بشلل تنفسي، فهي أهم سبب للوفيات (4 إلى 10%)، كما أنها تحتاج إلى تنفس اصطناعي وعناية طبية وتمريضية بسبب عدم قدرة المريض على التنفس، فإذا تراكمت المفرزات أو توقف الجهاز (المنفسة) اختنق العليل.
أما باقي الحالات فتستقر وتتحسن ببطء، وما يبقى من الشلل بعد مرور شهر يغلب ألا يتحسن كثيراً بعد ذلك، علماً أن مدة التحسن تمتد حتى السنتين.
ولذا لابد من العلاج الفيزيائي بعد أن يخفّ الألم العضلي ويتوقف الشلل، ولهذا العلاج أهمية قصوى في الحفاظ على العضلات من الضمور وما يلي ذلك من تشوه الأطراف الذي يتطلب معالجة جراحية تصنيعية في المستقبل لإعادة الوظيفة ما أمكن.
يعزل المريض شهراً بعد إصابته، لأن هذه المدة هي الفترة الفعالة في طرح فيروس الشلل مع الفضلات.
الوقاية
اصطلاح القتلة الستة Six Killers في طب الأطفال تعبيرٌ شاع ليشير إلى أهم ستة أمراض يمكن الوقاية منها باللقاح وهي: شلل الأطفال، والشاهوق[ر] (السعال الديكي)، والخناق[ر] (الدفتريا)، والكزاز[ر]، والحصبة[ر] (الحميرة)، والتدرن[ر] (السل).
اللقاح خير ضمان، وخوف بعض الناس أو تقاعسهم لا مبرر له. إن نسبة حدوث الشلل عقب اللقاح الفموي نادر جدَّاً (حالة لكل 10 ملايين طفل ملقح)، وهذا أقل بقليل من نسبة الشلل في حالة عدم اللقاح (1 إلى 10 بالألف).
يعطى اللقاح في المناطق الموبوءة عند الولادة، ثم في عمر شهرين وأربعة أشهر وستة أشهر (وهناك من يعطيه في الشهر الثاني والثالث والرابع) مرافقاً للقاح الثلاثي ولقاح السحائيات، ويدعم بعد سنة من آخر جرعة وقبل دخول المدرسة، كما تعطى جرعات إضافية في الحملات الوطنية، وحتى لو أصيب الطفل بالشلل يلقح لأن لقاح الشلل يقي من ثلاثة فيروسات تسبب الشلل.
وللقاح نوعان: أولهما أوجده سالك Salkعام 1954 من فيروسات الشلل الميْتة (المعطلة)، ليعطى عن طريق العضل، وهو أكثر اعتماداً في السويد وهولندا وفنلندا وفرنسا، واختلافه عن اللقاح الفموي هو أن الشخص الملقّح به إذا أخذ فيروس الشلل لا يصاب بها، إنما ينشرها إلى غيره لغياب المناعة المعوية، ولهذا فإن اللقاح الميْت مفضّل عند المتماسين مع طفل أعطي اللقاح الفموي، وعند ناقصي المناعة. أما اللقاح الثاني فيعطى عن طريق الفم، وقد أوجده الأميركي البولوني الأصل سابين Sabin عام 1961 من فيروسات شلل مضعفة بشدة، وهو معتمد في الولايات المتحدة الأميركية وكثير من دول العالم. وآلية المناعة فيه بعد إعطاء اللقاح هو تكاثر الفيروس في الأمعاء التي تشكل ضده مناعة هضمية (بلعومية ومعوية) متمثلة بالغلوبولين المناعي الإفرازي أ IgA، الذي يساهم في القضاء على فيروس الشلل إذا تعرض له الجسم لاحقاً، فلا يتم انتشاره من الشخص حامل العدوى. إن كلا اللقاحين يعطيان مناعة تبعاً لجرعة اللقاح المعطى وفعاليته، وتبعاً لسن الملقح وحالته المناعية، فصغار الرضع لا يستجيبون للقاح بنوعيه، لهذا يجب تكراره عدة مرات لاحقاً (مرّة بالعضل ومرّة بالفم)، وهنا لابد من التنويه أن الملقّح فمويَّاً يجب ألا يأخذ حقنة عضلية لمدة شهر عقب اللقاح.
المناعة بعد اكتمال اللقاح أكيدة، وتكاد تصل إلى 100%، لكن يجب تلقيح 80 إلى90% من السكّان في الوافدات خلال يومين أو ثلاثة أيام في الحملات الوطنية، ويجب ألا يستثنى أحد من الأطفال أينما كان.
أخيراً لابد من اتباع النصائح الصحية العامة مثل تجنب المرضى، وغسل اليدين بالماء والصابون عند التماس معهم، وغير ذلك، ولا يوجد دليل على فائدة عزل المرضى أو إغلاق المدارس في تغيير سير الجائحات.
غالب خلايلي