"العنصري في غربته".. سيرة تسحب قارئها من الحياد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "العنصري في غربته".. سيرة تسحب قارئها من الحياد

    "العنصري في غربته".. سيرة تسحب قارئها من الحياد


    هيثم حسين يواجه ظاهرة العنصرية بالكتابة.
    الثلاثاء 2023/03/07
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    هيثم حسين يفتح سيرته على قضايا حارقة

    تشكل السيرة الذاتية نافذة أساسية لقراءة تجليات التكوين الإنساني والمعرفي لصاحبها والواقع الفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي عاشه وانعكس على رؤاه وأفكاره، وبالتالي تساهم في بلورة الوعي الجمعي بما كان في الماضي والاعتبار منه في المستقبل.

    لندن - ينتمي الكتاب الجديد للروائي السوري هيثم حسين “العنصري في غربته” إلى جنس سيرة، إذ يحكي فيه الكاتب حكايات عن العنصرية والغربة والهوية واللغة والاندماج والصراعات التي تتخلل مسارات حياته.

    عبر ثمانية عشر فصلا ينتقل حسين في سيرته بين حكايات ومواقف وأحداث تستبطن صورا متباينة ومختلفة للعنصرية، حيث تكون الصدمات من البشر في سلوكياتهم وممارساتهم اليومية جزءا من متاهة تغرق كثيرين في عتماتها.

    يعالج حسين في سيرته، الصادرة حديثا عن منشورات رامينا في لندن، موضوع العنصرية بمقدار كبير من الجرأة والتجرد، يتحدث عن جروح مفتوحة في أكثر من مكان، ولا يخشى مغامرة الخوض في تفاصيلها، وذلك عبر رحلة حياتية تنطوي على الكثير من المكابدة، مع الحياة والكتابة والبشر.

    ينتقي الكاتب مواقف صادفها أو أحداثا وقعت له ويمضي بطريقته الروائية والفلسفية في طرحها وتفكيكها، ينزع عنها تلك الأردية التي تغلفها وتبعدها عن واقعها.


    عبر ثمانية عشر فصلا ينتقل الكاتب في سيرته بين حكايات ومواقف وأحداث تستبطن صورا متباينة ومختلفة للعنصرية


    من مدينته الصغيرة عامودا إلى لندن، مرورا بالكثير من المدن التي شكلت محطات في سيرة حياته، يثير الكاتب أسئلة محورية عن واقعنا ومصيرنا، يكتب بجرأة وصدق مع الذات، حيث يقدم شهادته عن عالم يمضي نحو إلغاء الألوان البهية التي تجمله إلى عتمة تهدد أنواره المتحققة عبر تاريخ مديد من الإنجازات الإنسانية.

    يشدد حسين على أن العنصرية مستنقع لا خلاص منه إلا بالوعي وتقبل الآخر، والغربة متاهة متجددة، ليس من اليسير تبديدها أو الخلاص منها، ولكن يمكن بالكتابة تهدئة آثارها والتخفيف من حدتها.

    لا يبقى القارئ على الحياد في سيرة كهذه، فالحياد في قضايا مصيرية يعتبر تملصا من المسؤولية، وكلنا ملزمون برفع بطاقة حمراء في وجوه العنصريين أينما كنا وأينما كانوا.

    ومن التحدي اليوم كتابة السيرة الذاتية، في عصر ما بعد الحداثة، إذ تشبه كتابة الرواية، أو هي كتابة رواية، لكنها ليست من الخيال، بل من واقع الكاتب ومن تفاصيل حياته، ولا يجب أن يخترع الكاتب أحداثا من خياله وإلا خرج الكتاب من تصنيف السيرة الذاتية إلى الرواية. وهذا ما نراه في سيرة حسين التي لا تكتفي بذات كاتبها وإنما تذهب إلى معالجة قضية العنصرية التي لا تنفك تشتد كل مرة في شتى أصقاع العالم.

    يكتب حسين في الفصل الأول المعنون بـ”صراع الألوان والأهواء” فيما يشبه الكشف عما سيحكيه من قصص تتداخل فيها حياته بقضايا ملحة مثل العنصرية يقول “ما الذي أبحث عنه وأنا أسرد حكايات عن صراعات، خفية أو معلنة، بين الألوان التي يمكن أن تشكل لوحات رائعة، وأهواء وأمزجة يمكن أن تتناغم معا في نسيج حضاري مختلف مبني على الاحترام والتقدير، لكنها تختار الجانب البدائي، تدخل في صراع مع بعضها لتنتج كوارثها، وتبقي نفسها رهينة لون باهت يخبو بالتقادم، ويتحول إلى عالم أسود شاحب منغلق على ذاته”.

    من عامودا إلى لندن مرورا بالكثير من مدن شكلت سيرته يثير الكاتب أسئلة محورية عن واقعنا ومصيرنا

    ويضيف الكاتب “هل أحرض العنصرية وأساهم بإطالة عمرها وإدامتها بالحديث عنها أم أراني أحاول كشف جوانبها المظلمة عساني أساهم بسلبها تلك القوة الفتاكة التي تنتعش في العتمة وتتأجج خلف أسوار الكراهيات المتجددة”.

    وفي رأيه “يمكن لكل واحد منا أن يحصي كثيرا من النقاط والأفكار والمبررات التي من شأنها أن توقظ أعتى العنصريات والفتن في داخله، لكن هل هذا ما نحتاج إليه في عالم اليوم الذي يبدو وكأنه ينزع بيده مسمار الأمان ليوقت لانفجاراته المتتالية في حاضره ومستقبله”.

    ويعتبر حسين أن كلا منا “يحتاج أن يتسامى على جراح غائرة، وعلى ضغائن وعنصريات مخفية في داخله، وأن يرجح كفة العيش بسلام على الموت من أجل أوهام مضللة. العالم يكفينا جميعا إذا أردنا أن نتعايش، لكنه يضيق بشكل قاتل علينا ويخنقنا حين نختبئ خلف عنجهيات العنصرية المضللة التي توهمنا أن عالمنا سيكون أجمل لو أنه يخلو من تلك الألوان التي تعكر صفو لوننا، ومن تلك الأهواء التي لا تناسب أهواءنا”.

    يشار إلى أن غلاف الكتاب من تصميم الشاعر والمصمم ياسين حسين ولوحة الغلاف للفنان الكردي المعروف بهرم حاجو.

    ويذكر أن هيثم حسين روائي كردي سوري، يحمل الجنسية البريطانية، مقيم في لندن. نشر عددا من الأعمال الروائية والنقدية منها “آرام سليل الأوجاع المكابرة”، “رهائن الخطيئة”، “إبرة الرعب”، “عشبة ضارة في الفردوس”، “قد لا يبقى أحد”، “لماذا يجب أن تكون روائيا؟” وغيرها. وقد ترجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والتشيكية والكردية.
يعمل...
X