سامي الجمعان يسقط الأفكار المسبقة عن المسرح السعودي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سامي الجمعان يسقط الأفكار المسبقة عن المسرح السعودي

    سامي الجمعان يسقط الأفكار المسبقة عن المسرح السعودي


    نعم هناك مسرح فاعل في السعودية.
    الاثنين 2023/01/23
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    المسرح السعودي يكسر النظرة المسبقة

    واكبت مسيرة المسرح السعودي انطلاقا من الريادة وانتهاء بالتجديد والتطور الراهنين، حيث يشارك بفاعلية كبرى وتألق في المشهد المسرحي العربي، قضايا كثيرة سواء الجوانب التاريخية أو الفنية أو قضاياه الإبداعية عامة، هذه القضايا يعالجها الناقد المسرحي سامي الجمعان في كتابه “المسرح السعودي من الريادة إلى التجديد”.

    يرصد الناقد المسرحي سامي الجمعان في كتابه “المسرح السعودي من الريادة إلى التجديد” العشرات من الأعمال المسرحية لمسرحيين سعوديين من الرواد والشباب مقدما تحليلا لكل عمل منها، ليزيح الكثير من الغموض لدى الكثيرين ممن فقدوا قنوات التواصل مع هذا المسرح والقائمين عليه فتكونت في أذهانهم صورة نمطية مفادها أنه لا مسرح في هذه البقعة من الوطن العربي، بينما يذهب بالبعض منهم الظن بأن المسرح من المحرمات في المجتمع السعودي.

    ويرى الجمعان أن هذه الأفكار المسبقة تسيدت الأذهان ردحا من الزمن إلى أن اقتحم المسرح السعودي التظاهرات المسرحية والمهرجانات والمناسبات على امتداد الوطن العربي، وسجل حضورا متدرج الصعود من حيث المستوى، وهو ما أسهم في تغيير كثير من المفاهيم المغلوطة عنه وتعديلها، فنمت التجربة، وتطورت الأدوات، وصار لهذا المسرح وجود يفوق حدود المشاركة إلى مستوى التنافس.
    مسرح متحد



    سامي الجمعان: المسرح السعودي بسبب طموحه وتفانيه وتضحياته أظهر رغبة في التطور والنمو على الرغم مما يواجهه من إشكاليات


    يؤكد الجمعان أن المسرح السعودي بسبب طموحه وتفانيه وتضحياته أظهر رغبة في التطور والنمو، على الرغم مما يواجهه من إشكاليات، حدت كثرا من قوة صعوده، وسرعة تناميه؛ ولذا يمكننا التصريح بأن المسرح السعودي يستحق أن نطلق عليه المسرح العصامي، بعد أن قذف به حب هذا الفن إلى خضم رجراج من العقبات المتلاحقة، لكنه آمن بقدرته الجبارة، التي صنعت منه ممثلا ومؤلفا ومخرجا وسينوغرافيا وناقدا، إلى درجة أن بعضهم بادر إلى إطلاق لقب “جوقة المناضلين” على المسرحيين السعوديين؛ وذلك لكونهم واجهوا تلك العقبات بصبر وجلادة ومثابرة منقطعة النظير.

    ويذكر الناقد “هنا، وبعيدا عن قضية المرأة ووجودها من عدمه في هذا المسرح جنبا إلى جنب مع الرجل، فإن هذا الكتاب يتناول قضايا لا تقل أهمية عن قضية المرأة وحساسيتها، علما أنني كمسرحي سعودي مثّل وطنه في العديد من المحافل المسرحية الدولية لم يلح عليّ وعلى زملائي المسرحيين حول طاولة نقاشات هذه المحافل بخصوص موضوع السؤال عن المرأة السعودية وحضورها مسرحيا، حتى عن سبب تصدر قضيتها قضايا المسرح السعودي لدى الإخوة العرب، وأدت إلى تناسيهم أن ثمة قضايا أخرى عالقة في مسيرة هذا المسرح، يلزمها الطرح والنقاش والتحاور، وبالتالي تأتي أهمية كتابي هذا من حيث كونه سدا لهذا العوز وتعويضا عن هذا القصور”.

    ويرى الجمعان أن الأدهى والأمر أن بعض النقاد العرب وغيرهم اتخذوها مبررا لعدم الاكتراث لهذا المسرح ولمنتجه الإبداعي، إلى درجة أن بعضهم ضعفت لديهم الدافعية تجاه هذه التجربة برمتها، وتضاءل مستوى النظر إليها بشيء من الجدية، مع العلم أن المسرح السعودي قدم تجارب تستحق التقدير ونشط نشاطا لافتا في العديد من الفترات. لذا، وخشية من أن يقوض موضوع المرأة عطاء هذا المسرح وتضحيات مريديه، وخوفا من تعاظم صلابة موقف البعض، باتخاذ هذا مسوغا لسلب المسرح السعودي قدرته البديهية على الفاعلية الاجتماعية المفترضة رغم المعوقات، وتفريغه من حقه المشروع في تقديم مشروعه، طالما بقي في نظرهم “سجين حالته العرجاء” بحسب الوصف الذي روجه بعضهم عنه.


    الكتاب يتناول قضايا لا تقل أهمية عن قضية المرأة وحساسيتها


    ويضيف “نقول خشية من هذا كله ارتأينا أسبابا وجيهة ومسوغات موضوعية لدفع هذا الكتاب، بدراساته المتنوعة بين يدي القارئ، كي يستكشف بنفسه الواقع الحقيقي للمسرح السعودي، ويتنبه إلى أن ثمة قضايا ومعوقات أخرى تحيط بهذا المسرح، وأن ثمة مكتسبات مشهودة على أرض الواقع لمنجزه، وأن ثمة مسرحيا له شخصيته وموهبته وفاعليته”.

    وتسعى دراسات الكتاب إلى رفع الغطاء عن ذلك المسرح السعودي الذي تفانى كثيرا في سبيل تجاوز فقر الإمكانات وضعف بنى مسرحه التحتية، وتجاسر كثيرا كي يستطيع التعايش تعايشا استثنائيا مع سلطتي الرقابة الإعلامية والرقابة الدينية المحتسبة. لقد توجهت الدراسات صوب فكرة صمود التجربة المسرحية السعودية ضد ما سبق من تحديات؛ لتقدم أدلة دامغة وحججا حية ملموسة، على أقل تقدير ردا على السؤال الكارثي الذي روجه البعض حتى من النخبة السعودية المثقفة، أو بعض نقادنا العرب، والمتعلق بوجود مسرح بالسعودية من عدمه؛ لذا فكل ما يقد بين ثنايا صفحات هذا الكتاب يشكل ردا على أن المسرح السعودي تجاوز مستوى الوجود إلى مستوى الفاعلية والحضور والتميز.

    ويشير الجمعان إلى أن وجود المسرح السعودي الحقيقي يلزمه التعريج على بعض الحقائق الماثلة على أرض الواقع لمسيرة حركة مسرحية سعودية ناشطة، توحي بضخامة إنتاج غير معهود، وهذه ليست أحكاما قيمية، أو مقولات عاطفية إنما ترفدها براهين ودلائل عبر جهات رسمية، تكفلت بهذا النتاج. ففي العام 2013 ـ مثلا ـ شهدت الحركة المهرجانية عبر جمعية الثقافة والفنون بفروعها المنتشرة في مناطق ومحافظات المملكة ما يربو على عشرة مهرجانات، وهو الأمر الذي دفع إلى حراك مسرحي تنافسي منظم.

    ومن هذه المهرجانات مهرجان الجنادرية المسرحي، ومهرجان الطفل بالإحساء، ومهرجان الفرق الأهلية بالرياض، ومهرجان العروض القصيرة بالدمام، ومهرجان المونودراما، ومهرجان سوق عكاظ المسرحي، ومهرجان الشباب بالإحساء، ومهرجان الكوميديا بأبها، وغيرها الكثير، وفي ما يخص العروض المسرحية للكبار والصغار فقد تكفلت فروع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بعيدا عن المهرجانات بإنتاج جملة من العروض، وفق خطة أنشطتها السنوية، وذلك في مجالي مسرح الكبار والصغار.

    كما أن ما تقدمه الأمانة العامة بمدينة الرياض والدمام وجدة ـ من ضخ مبالغ مالية مخصصة للإنتاج المسرحي في برنامجها الترفيهي السنوي، حيث تقوم بتعميد مجموعة من الفرق أو المنتجين لإنتاج عدد من المسرحيات الاجتماعية الجماهيرية ـ لأمر يسهم في دعم حركية الفرق المسرحية الخاصة على وجه الخصوص.
    تراكم المنتج المسرحي



    يجيء الكتاب في ثلاثة فصول، خصص الأول منها للبحث في قضية الريادات المسرحية السعودية، تلك الريادات التي فرضتها الظروف وأوقفتها التحديات، أو شاب وثائقها الإهمال، وأتت تلك الريادات على دراستين. الفصل الأول “أحمد السباعي الريادة الموؤودة في المسرح السعودي”، والثاني “مسرح الطفل الخليجي: ريادة سعودية أو كويتية”، وتناول هذا الفصل تبيانا للجانب الفني في منجز المسرح السعودي عبر عدة دراسات: التحديث في الكتابة المسرحية السعودية، المسرح المديني بين التاريخي والفني، النص المسرحي السعودي وتوظيف الحكاية، ملامح ما بعد الحداثة في النص المسرحي السعودي والخليجي. وتطرق الفصل الثالث إلى أهمية الشباب السعودي ودوره في رفد هذا المسرح وفي سيرورة تجربته وتواصلها عبر الأجيال خصوصا في ظل تنافي الفعل المسرحي الشبابي في المملكة.

    ويشدد الجمعان على أن تراكم المنتج المسرحي السعودي يعتبر دحضا للأحكام المتسرعة، ومدعاة لمراجعة تلك المواقف، وهو على أقل تقدير مؤشر على أن فن المسرح حاضر وكائن في المشهد الثقافي السعودي، ودليل دامغ على وجود حراك مسرحي، وأن مسألة الضعف في المستوى الفني إن وجدت، لا تعد مبررا لأن نتهم المسرح السعودي باللاحضور بشكل قطعي.

    ويقول إن الحركة التأليفية في المشهد المسرحي سواء في السعودية على وجه الخصوص والخليجي على العموم أنتجت العديد من النصوص وقدمت العديد من الكتاب، وواجهت أيضا العديد من التحولات تبعا لتغيرات ثقافية وسياسية واجتماعية، يأتي ضمن هذه المتغيرات إنتاج نصوص توحي مبدئيا بتمثيلها لمرحلة ما بعد الحداثة كحلم أولي؛ ولهذا أخضعها الناقد للفحص والدراسة والتحليل؛ لإثبات ذلك من عدمه.

    والمدونة التي نظر فيها الناقد تكونت من النصوص التالية “من منهم هو” لأحمد العوضي، “الليلة الحالكة” لأحمد بن سعيد الأزكي، “سفر الهوامش” لفهد الحارثي، “الرقص مع الطيور” و”زهرة الليلك” لشادي عاشور، “العيارين” لبدر محارب، “راديكاليا” لعلي البلوشي، “أخوالرئيس” لصالح الفهدي، و”ماذا بعد” لحبيب غلوم، “الظل والهجير” لحسن رشيد، و”الجثة” لأمين صالح، و”موت المؤلف”، و”حدث في مكة” لسامي الجمعان.

    تراكم المنتج المسرحي السعودي يدحض الأحكام المتسرعة ويدعو لمراجعة تلك المواقف مقدما مؤشرا على أن المسرح حاضر

    ولأنها مرحلة هدم الكيانات الثابتة والنماذج الراسخة، سجل جرأة الكاتب المسرحي السعودي خصوصا والخليجي عموما على تقويض الحكاية بمفهومها التقليدي في النص، أي المنبثق من النظرية الأرسطية، تلك التي تبنى على التسلسل والتنامي التدريجي والمنطقيّ، وهي بحسب نظامها التقليدي لا تحدث خلطا ولا مزجا ولا تشابكا بين الأزمنة والأمكنة والشخصيات، لكنها تحت طائلة فلسفة ما بعد الحداثة قابلة لإحداث هذا كله بكل جرأة وقوة.

    ويضيف “من أمثلة هذا أن ينجز أحد الكتاب نصا، تجتمع فيه ديدمونة لتصبح حبيبة عنترة، فارس بني عبس، وبينهما عطيل وثالثهم ياجو، وأن يكتب آخر نصا يضم الزير سالم وميديا والليدي ماكبث. نعم؛ هي هكذا بعض نصوص مرحلة ما بعد الحداثة حين تلجأ إلى تقنية ‘الكولاج‘ أو فن تجميع كما يطلق عليه، التي مثلت المرحلة تمثيلا حقيقيا، واستخدمت في المسرحين السعودي والخليجي على طريقتين: الأولى الجمع بين عناصر فنية مختلفة، صوتية وبصرية، وهذا الشكل يتوافر في العرض مباشرة دون النص. والثانية: هي الكولاج المستخدم في النص، بوصفه منجزا مكتوبا، حين يجمع النصوص الشهيرة بعضها مع بعض، أو يجمع الشخصيات التاريخية والأسطورية وجها لوجه رغم اختلاف أزمنتها ومواقفها وعصورها”.

    ويلفت الجمعان إلى أن المسرح السعودي لم يتقاعس عن دوره في تأكيد الشعور الجمعي الذي يربط أبناء الوطن الواحد، المملكة العربية السعودية، بوصفه الخيمة التي وحدت الصفوف، حتى وإن تباينت أيديولوجياتهم وتوجهاتهم الفكرية، فقدم المسرحيون عروضهم من أجل تكريس قيم الوحدة ومفاهيمها معبرين عنها بصور الانتماء إلى الأرض وعاداتها وتقاليدها ومقدرات إرثها. ومن مجمل هذه العروض التي أنجزها المسرح السعودي انتقينا مدونة مكونة من أربعة عروض، أخضعت للدراسة بهدف فحص آلياتها في معالجة هذه القضية ذات البعد الوطني المحض، والتي تمنحنا من جانب برهانا على رعاية المسرح السعودي لمثل هذا التوجه، والعروض هي “الوجه الآخر” تأليف علي الغانم وإخراج حسن الغانم، “رأسك يا وطن” تأليف وإخراج محمد الحلال، “كلنا سلمان” تأليف وإخراج بخيت العامري، “سيام” تأليف وإخراج سلطان النوه.

    ويلفت إلى أن هذا النوع من العروض المسرحية التي تعتني بطرح قضايا الوحدة الوطنية، يمكن تسميتها بالمسرح الموجه، أي الهادف إلى تحقيق غايات محددة مسبقا، شرط أن تكون الغايات واضحة تمام الوضوح في ذهن المؤلف والمخرج وفريق عملهما، بحيث يكون منتجهم المسرحي هذا متقصدا توعية المواطنين بالوحدة الوطنية، والالتفاف حول الوطن، وتقزيم كل ما من شأنه مخالفة هذه الغاية الوطنية الوحدوية البحتة. أيضا هذا النوع من المسرح تحركه الأزمات الوطنية، وتزداد وتيرته في ارتفاع صوت الصراعات، كأزمات الطائفية، أو الضربات الإرهابية، أو الحملات الإعلامية المبثوثة ضد المملكة، وكأمثلة حية حضرنا هذه العروض بعيد أحداث العوامية بمحافظة القطيف، فوجدنا عددا من العروض مثل: رأسك يا وطن، المزرعة، الوجيه بن الوجيه. ومن محركاتها أيضا تعرض المملكة العربية السعودية لجملة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت الوطن وأمنه وأمانه.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    محمد الحمامصي
    كاتب مصري
يعمل...
X