كتاب يوثق لتجارب الفنانين التشكيليين في الدار البيضاء
التشكيلية شمس صهباني تسلط الضوء على تيارات مختلفة من التشكيل المغربي في كتابها "فنانون تشكيليون في الدار البيضاء".
الاثنين 2023/01/09
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الفن التشكيلي ثقافة متكاملة في الدار البيضاء
الدار البيضاء (المغرب) - وقعت الفنانة التشكيلية والكاتبة شمس صهباني مؤخرا في الدار البيضاء كتابها الجديد الصادر باللغة الفرنسية بعنوان “فنانون تشكيليون في الدار البيضاء”، ويشكل هذا الكتاب (من الحجم الكبير) ثمرة سنوات من التفكر والبحث الميداني في هذا المجال، ويعتبر قاعدة وثائقية مثيرة للاهتمام ترصد أبرز التجارب الفنية في الدار البيضاء.
وقسمت صهباني كتابها حسب الموضوع، وأسست أغلب مواده على حوارات أجرتها بين عامي 2020 و2022 مع عدد من الفنانين التشكيليين، الذين يعيشون ويعملون في الدار البيضاء.
هذا الكتاب الذي كتب مقدمته الفنان التشكيلي والناقد الفني عزالدين الهاشمي الإدريسي يعد دراسة “جاءت في موعدها وكنا في انتظارها”، كما يقول.
وكتب الهاشمي الإدريسي “كانت هناك حاجة إلى عمل جاد وموثق لمواجهة الانطباعات الكثيرة أو الأحكام المتسرعة وأيضا لهدم الصور والقوالب النمطية المترسخة” حول الفنانين التشكيليين سواء من الدار البيضاء أو غيرها، مبرزا مدى ملاءمة اختيار العنوان الذي يعد مفتاح الكتاب ويشير إلى مكان وفضاء الاستقبال وهو الدار البيضاء، المدينة، كما تصفها صهباني “حيث عندما يكون ممكنا، تندمج الفنون التشكيلية وتنتشر”.
الكتاب يرصد تاريخ الفن التشكيلي في المدينة وتعتمد مؤلفته نظرة سوسيولوجية في سياق تعاقب الأجيال وتغيرات المكان
وبحسب الإدريسي فإن شمس صهباني لا تسعى إلى تحديد الأسس الجمالية لـ”الفن التشكيلي لمدينة الدار البيضاء”، بل تستحضر “تفرد” الأفراد، الفنانون التشكيليون البيضاويون، لكن ليس من منظور جمالي.
وأوضح الإدريسي أن “عمل شمس صهباني ليس كتابا يرصد تاريخ الفن التشكيلي في هذه المدينة، والحديث عن ‘فن تشكيلي بيضاوي’ لا يمكن في الوقت الحالي”، مشيرا إلى أن هذه الدراسة تعتمد نظرة سوسيولوجية “هنا والآن” في سياق تعاقب الأجيال والتغيرات السوسيو – اقتصادية الكبيرة.
وفي تصريح لها أشارت صهباني إلى أن الكتاب مقسم إلى خمسة فصول، وهي “مكانة الفنان التشكيلي” و”المسارات المختلفة” و”حياة الفنان” و”نشر الفن” و”المساعدات والدعم”.
وأبرزت أن “إعداد الكتاب استمر على مدى سنتين بين 2020 و2022، بسبب وباء كوفيد – 19 والقيود المتعلقة به”، مشيرة إلى أنها قابلت خلال هاتين السنتين أكثر من 100 فنان.
وعن فكرة الكتاب قالت صهباني “جاءتني فكرة إعداد هذا الكتاب بعد الصعوبات والأسئلة التي كنت أطرحها على نفسي كفنانة تشكيلية”، معتبرة أن الاقتصار على الفنانين التشكيليين من الدار البيضاء لم يكن اختيارا بقدر ما كان نتيجة المعيقات التي فرضها الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا.
وتقدم التجارب الفنية التي ترصدها صهباني نظرة على تيارات مختلفة من التشكيل المغربي، لكنها تجارب وإن تنوعت وبنيت على أساليب ومدارس متنوعة تظل تستلهم مواضيعها من المغرب وحضارته وتراثه ومظاهر الحياة الاجتماعية والهوية الثقافية الجماعية.
ومثل الوعي العميق بالتراث الفني العربي والمغربي سمة جامعة بين الفنانين الذين احتضنتهم الدار البيضاء، وهي المدينة التي ساهمت في بلورة حراك تشكيلي مغربي معاصر منذ منتصف القرن العشرين، وإلى اليوم تواصل المدينة تأثيرها على الفن التشكيلي في البلاد وتقدم العديد من التجارب البارزة.
وكما تبين التجارب التي يرصدها الكتاب فإنه لم تحدث قطيعة ثقافية في المغرب مثلما حدث عند بعض البلدان العربية الأخرى، وذلك إثر التحوّلات الكبرى التي غّيرت توجّههم الاقتصادي من مجتمعات ريفية زراعية بسيطة إلى مجتمعات منتجة للنفط بشكل سريع ومفاجئ.
فقد واصل المغرب مشوار الإنتاج المحلي في الصناعات التقليدية كمصدر من مصادر الدخل القومي وإِثراء الجانب السياحي للبلد، وكان أكثر تنوّعا وتعدّدا في الجانب الثقافي العربي الأمازيغي والأفريقي، فجاءت الأزياء التقليدية النسائية والرجالية متنوّعة الأشكال والموديلات، وباتت الصناعات الصوفية ثرية جدا بألوانها وأشكالها وتعدّد استخداماتها، وغيرها من النشاطات التي تزخر بها مختلف المدن المغربية وخاصة الدار البيضاء، وهذا الجو العام نجد تأثيره ماثلا في تجارب الفنانين الذين قدمتهم صهباني. ويذكر أن حفل تقديم وتوقيع هذا الكتاب تخلله معرض جماعي لأعمال الفنانين التشكيليين الذين ساهموا في إنجاز هذا العمل من خلال شهاداتهم.
التشكيلية شمس صهباني تسلط الضوء على تيارات مختلفة من التشكيل المغربي في كتابها "فنانون تشكيليون في الدار البيضاء".
الاثنين 2023/01/09
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الفن التشكيلي ثقافة متكاملة في الدار البيضاء
الدار البيضاء (المغرب) - وقعت الفنانة التشكيلية والكاتبة شمس صهباني مؤخرا في الدار البيضاء كتابها الجديد الصادر باللغة الفرنسية بعنوان “فنانون تشكيليون في الدار البيضاء”، ويشكل هذا الكتاب (من الحجم الكبير) ثمرة سنوات من التفكر والبحث الميداني في هذا المجال، ويعتبر قاعدة وثائقية مثيرة للاهتمام ترصد أبرز التجارب الفنية في الدار البيضاء.
وقسمت صهباني كتابها حسب الموضوع، وأسست أغلب مواده على حوارات أجرتها بين عامي 2020 و2022 مع عدد من الفنانين التشكيليين، الذين يعيشون ويعملون في الدار البيضاء.
هذا الكتاب الذي كتب مقدمته الفنان التشكيلي والناقد الفني عزالدين الهاشمي الإدريسي يعد دراسة “جاءت في موعدها وكنا في انتظارها”، كما يقول.
وكتب الهاشمي الإدريسي “كانت هناك حاجة إلى عمل جاد وموثق لمواجهة الانطباعات الكثيرة أو الأحكام المتسرعة وأيضا لهدم الصور والقوالب النمطية المترسخة” حول الفنانين التشكيليين سواء من الدار البيضاء أو غيرها، مبرزا مدى ملاءمة اختيار العنوان الذي يعد مفتاح الكتاب ويشير إلى مكان وفضاء الاستقبال وهو الدار البيضاء، المدينة، كما تصفها صهباني “حيث عندما يكون ممكنا، تندمج الفنون التشكيلية وتنتشر”.
الكتاب يرصد تاريخ الفن التشكيلي في المدينة وتعتمد مؤلفته نظرة سوسيولوجية في سياق تعاقب الأجيال وتغيرات المكان
وبحسب الإدريسي فإن شمس صهباني لا تسعى إلى تحديد الأسس الجمالية لـ”الفن التشكيلي لمدينة الدار البيضاء”، بل تستحضر “تفرد” الأفراد، الفنانون التشكيليون البيضاويون، لكن ليس من منظور جمالي.
وأوضح الإدريسي أن “عمل شمس صهباني ليس كتابا يرصد تاريخ الفن التشكيلي في هذه المدينة، والحديث عن ‘فن تشكيلي بيضاوي’ لا يمكن في الوقت الحالي”، مشيرا إلى أن هذه الدراسة تعتمد نظرة سوسيولوجية “هنا والآن” في سياق تعاقب الأجيال والتغيرات السوسيو – اقتصادية الكبيرة.
وفي تصريح لها أشارت صهباني إلى أن الكتاب مقسم إلى خمسة فصول، وهي “مكانة الفنان التشكيلي” و”المسارات المختلفة” و”حياة الفنان” و”نشر الفن” و”المساعدات والدعم”.
وأبرزت أن “إعداد الكتاب استمر على مدى سنتين بين 2020 و2022، بسبب وباء كوفيد – 19 والقيود المتعلقة به”، مشيرة إلى أنها قابلت خلال هاتين السنتين أكثر من 100 فنان.
وعن فكرة الكتاب قالت صهباني “جاءتني فكرة إعداد هذا الكتاب بعد الصعوبات والأسئلة التي كنت أطرحها على نفسي كفنانة تشكيلية”، معتبرة أن الاقتصار على الفنانين التشكيليين من الدار البيضاء لم يكن اختيارا بقدر ما كان نتيجة المعيقات التي فرضها الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا.
وتقدم التجارب الفنية التي ترصدها صهباني نظرة على تيارات مختلفة من التشكيل المغربي، لكنها تجارب وإن تنوعت وبنيت على أساليب ومدارس متنوعة تظل تستلهم مواضيعها من المغرب وحضارته وتراثه ومظاهر الحياة الاجتماعية والهوية الثقافية الجماعية.
ومثل الوعي العميق بالتراث الفني العربي والمغربي سمة جامعة بين الفنانين الذين احتضنتهم الدار البيضاء، وهي المدينة التي ساهمت في بلورة حراك تشكيلي مغربي معاصر منذ منتصف القرن العشرين، وإلى اليوم تواصل المدينة تأثيرها على الفن التشكيلي في البلاد وتقدم العديد من التجارب البارزة.
وكما تبين التجارب التي يرصدها الكتاب فإنه لم تحدث قطيعة ثقافية في المغرب مثلما حدث عند بعض البلدان العربية الأخرى، وذلك إثر التحوّلات الكبرى التي غّيرت توجّههم الاقتصادي من مجتمعات ريفية زراعية بسيطة إلى مجتمعات منتجة للنفط بشكل سريع ومفاجئ.
فقد واصل المغرب مشوار الإنتاج المحلي في الصناعات التقليدية كمصدر من مصادر الدخل القومي وإِثراء الجانب السياحي للبلد، وكان أكثر تنوّعا وتعدّدا في الجانب الثقافي العربي الأمازيغي والأفريقي، فجاءت الأزياء التقليدية النسائية والرجالية متنوّعة الأشكال والموديلات، وباتت الصناعات الصوفية ثرية جدا بألوانها وأشكالها وتعدّد استخداماتها، وغيرها من النشاطات التي تزخر بها مختلف المدن المغربية وخاصة الدار البيضاء، وهذا الجو العام نجد تأثيره ماثلا في تجارب الفنانين الذين قدمتهم صهباني. ويذكر أن حفل تقديم وتوقيع هذا الكتاب تخلله معرض جماعي لأعمال الفنانين التشكيليين الذين ساهموا في إنجاز هذا العمل من خلال شهاداتهم.