السينما نموذج لـ"كهف أفلاطون" يكتسحه العالم الرقمي
دادلي أندرو يكشف عن عصر ترفيهي جديد تقوده جماهير تنظر إلى أسفل.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أفلام جماهيرية مختلفة يطلبها المشاهدون الجدد
مع هيمنة التكنولوجيا على مختلف جزئيات الحياة البشرية الحديثة بما فيها الفنون، فإن الفن السينمائي يعتبر من المجالات الأكثر تقاطعا وتأثرا بهذا الواقع الجديد. وإن استفادت السينما من التكنولوجيا فإن هذه الأخيرة غيرت عملية العرض التي ارتبطت بعرض الأفلام في الشاشات الكبيرة في القاعات، وبالتالي خلقت وضعا جديدا يدعو إلى التفكير في تأثيره وهو ما يبحث فيه كتاب “ما هي السينما”.
تطورات التقنيات الرقمية ألقت بظلال واسعة على الإنتاج السينمائي، وذلك جنبا إلى جنب مع شبكة الإنترنت والضغوط التجارية المتزايدة لبيئة إعلامية مشبعة بشكل متزايد يهدد بخسوف السينما في أكثر أشكالها شيوعا. وهو الأمر الذي يدركه السينمائي الفرنسي دادلي أندرو، حيث يتعامل في كتابه “ما هي السينما” مع حالة الخطر الحالية للسينما بتوازن وقياس متعمد للثقة، وذلك من خلال تتبع التطورات الديناميكية لثقافة السينما الفرنسية في فترة ما بعد الحرب.
ويقدم الكتاب مخططا جماليا للسينما لا يدين بأي شيء لما هو رقمي، وإن كان من الممكن أن يتعايش مع التكنولوجيات الجديدة ويستفيد منها. وفي حقيقة الأمر ليس المد الرقمي موضع نقاش الكتاب بقدر “خطاب المد الرقمي” الذي قد يقلل بعضه بتكبر من مركزية السينما نفسها أو يتجاوزها.
ما هي السينما
في كتابه، الذي ترجمه زياد إبراهيم وصدر عن مؤسسة هنداوي، يقدم أندرو إجابة مشوقة عن سؤال أندريه بازان الشهير عن ماهية السينما، من خلال نظرة شاملة إلى الصعود الاستثنائي لفكرته المتفردة عنها، فيعرض القيمة المميزة للسينما، ليس فقط على مدار القرن الماضي، ولكن أيضا في ظل ثقافتنا السمعية – البصرية المعاصرة.
ومن ثم يواصل فعليا إرث بازان، أولا من خلال تكرار التكوين النموذجي للسينما، وثانيا من خلال الدفاع بقوة عن مزاياها الاجتماعية والجمالية والعلمية المستمرة. كما يفحص مؤسسات السينما وقوتها الاجتماعية من خلال سمات بعض الأفلام الشهيرة التي تركت بصمتها في تاريخ السينما، ويتتبع صمود فكرة بازان التي جعلت السينما مفعمة بالحياة حتى وقتنا الحالي. فمن وجهة نظره يمكن لنظرية بازان الفريدة عن السينما أن توجه هذه الصناعة وترشدها، أيا كانت ماهيتها.
ويشير أندرو إلى أن دراسات السينما التقليدية تمر بحالة دفاعية؛ لأن فكرة السينما آخذة في التغير من حولنا، حيث يجمع الدارسون الشباب، وهم يراهنون على المستقبل، ببليوغرافيات تتحدث عن اضمحلال السينما وموتها، ويستخلصون دروسا من كتاب سيجفريد زيلينسكي المعنون بجرأة بـ”رؤى سمعية: السينما والتلفزيون بوصفهما محطتين في التاريخ”. ويتساءل هل مرت السينما بالفعل بتحول لا علاج له؛ لكونها حساسة جدا إزاء التغيرات في التكنولوجيا والثقافة؟ (أكثر حساسية من الرواية مثلا؟)، وحتى لو كان هذا صحيحا، فهو يعتبر أن السينما مميزة داخل نطاق الظواهر السمعية – البصرية.
ويقول “أعني بكلمة ‘فكرة’ تصورا مهيمنا يمكن الإحساس به في كل مستوى من مستويات ظاهرة السينما. دائما ما تمتلك القرارات التي يصنعها المنتجون بعض التصورات الضمنية في جوهرها. وعادة ما يتوافق هذا مع ما يفهمه الجمهور عن تجربتهم أو ما ينبغي أن تكون عليه. تدعم الأنماط (الروائي والوثائقي والحركي) والأنواع السينمائية (الخيال العلمي والدرامي الوثائقي والرسوم المتحركة) فكرة ما عن السينما. وهذا ما يفعله كذلك النقاد والمدونات والمحادثات العابرة بين الأصدقاء وهم يناقشون ما شاهدوه؛ إذ يستدعون، بل يوضحون، القيم التي هي على المحك”.
دادلي أندرو: كل فترة زمنية تجد سينماها عالقة بالفعل في شبكة معينة من التكنولوجيات والأساليب والأذواق والأنواع السينمائية
ويتابع “أوضح جيمس لاسترا كيف أنه في وقت ميلاد الصور المتحركة، ومرة أخرى في الانتقال إلى السينما الناطقة، كان المخترعون والمنتجون والنقاد يحملون أفكارا لم تتوافق تماما، والأمر نفسه يصدق بلا شك على انتقالنا إلى التقنية الرقمية. ورغم ذلك، وخلال هذه الانتقالات، وعلى مدار تاريخ وجود الوسيط السينمائي، أثارت السينما وأكدت أحيانا ادعاء بشأن الواقعية لم يقدر أي نوع من الفنون قبلها على إثارته. وكان بازان، من بين كل من تفكروا في هذا الادعاء بتعمق، هو الأفضل إدراكا للطريقة التي أزاحت بها السينما، أو يمكن أن تزيح بها، سيطرة الإنسان على العالم الطبيعي والاجتماعي الذي نسكنه، العالم الذي نراه في الأفلام. لا تستنفد الإستراتيجيات التي اشتهر بدعمها، مثل اللقطات الطويلة والتصوير بالعزل العميق، والقيم الموعودة من مثل هذه التقنيات والأساليب (كشف المتغاضى عنه، والغموض، والغريب) ما تتيحه هذه الفكرة”.
ويرى أندرو أن كل فترة تجد سينماها عالقة بالفعل في شبكة معينة من التكنولوجيات والأساليب والأذواق والأنواع السينمائية، ويضيف “تنطبق فكرة بازان على السينما فيما وراء شبكة ما بعد الحرب العالمية. وأنا آخذ على محمل الجد واحدة من أكثر مقولات بازان اقتباسا، وهي باختصار إن ‘السينما لم تخترع بعد’. كان سعي بازان لتتبع الطريقة التي يفضي بها ماضي السينما إلى مستقبلها مركّزا على سؤال ‘ما هي السينما؟’ وأنا أعتبر هذه ‘مهمة’ لا ينبغي التخلي عنها في فترة تختلف عن فترة عام 1958 حينما شرع بازان في بحثه. حتى لو كان ‘وجود السينما يسبق جوهرها’، بحيث لم يكن بازان ليقيم وزنا لأي إجابة عن سؤاله، ولا ليقبل عنوان كتابي المستفز عن عمد، فربما مازال يمكننا قول شيء جوهري بشأنها. لذا دعونا نقُلْ هذا: إن السينما الحقيقية، مهما يكن مظهرها أو زمنها، لها علاقة بما هو حقيقي”.
ثورة في العرض
ما تغيّر هو طريقة عرض السينما لا السينما
يلفت السينمائي الفرنسي إلى أن الكشف عن هذه الفكرة القوية عن السينما ثم مواجهتها يحتم القيام برحلة قصيرة في مجال خضع بالفعل لسيطرة نظرية الفيلم التقليدية، ولرعايتها على وجه الخصوص. وبينما يمكن تقسيم النقد الأدبي إلى أفكار متعلقة بالنصوص وأفكار متعلقة بالقراءة، مالت نظرية الفيلم للانقسام إلى ثلاثة ميادين من البحث، تتطابق مع مراحل أو لحظات التشكل الثلاث التي يمر بها أي فيلم وهي: التسجيل، والتركيب، والعرض. ويمكن ربط كل مرحلة بجهازها الأساسي المخصص لها: الكاميرا، والموفيولا (آلة التحرير)، وجهاز العرض.
يمكن الإلقاء باللوم في محنة نظرية الفيلم، إن لم تكن محنة السينما نفسها، على التعديل والتحديث أو التوقف عن الاستخدام لكل واحدة من تلك الآلات بعد أن حلت تقنية القرن الواحد والعشرين الرقمية محل آلات ترجع بالفعل إلى القرن التاسع عشر. ويعتقد أن التقنية الرقمية تتقن أي عمليات كان سلفاها التناظري أو اليدوي معدين لأدائها. وتحسن التقنية الرقمية تلك العمليات وتوسعها وتبدلها، مؤدية إلى تحقيق السيطرة الكاملة. وتدفعنا مثل هذه الثورة التقنية للعودة إلى العمليات الأساسية للسينما، مرحلة تلو أخرى، لرؤية ما تبقى من ظاهرة السينما بعد التغييرات الكاسحة التي حدثت على مدار العقدين الماضيين.
ويلاحظ أندرو أن الامتلاء الذي توفره الأفلام شيء مميز لمشاهدته، لا يشبع في النهاية بالمظهر ولا بالصورة المزخرفة فنيا، ولكن بالإحساس وعملية الاستكشاف التي تحدث عبر الشاشة وخلالها. فكرة بازان هي إبقاء موضوع الفيلم دائما في مجال الرؤية، رغم أن هذا الموضوع يقاوم تقديمه في هيئة صورة. لا يأتي الإعجاب من خلال الحضور المبهر وإنما من خلال الغياب المتكرر؛ حيث تقودنا الآثار المسجلة لموضوع ما إلى البحث عنه. حركة المشاهد هذه وعلاقتها بما ينظر إليه تستغرق وقتا؛ إذ تتحول الصور المسجلة إلى حدث موجه بدرجة أو بأخرى. دعوني أسمّه “الحدث السينمائي”.
ويؤكد أنه على الرغم من الادعاء بأن تغييرا كبيرا حدث في العقدين الأخيرين، فإن معظم الأفلام اليوم تخطط وتنفذ تماما كما كانت الأفلام منذ ثلاثينات القرن العشرين. صحيح أنها تجمع ببرامج تحرير رقمية، وتعرض في أحيان كثيرة لحظات من المؤثرات الخاصة المصنوعة بالكمبيوتر، لكن معظمها تعرض تركيبات عامة قائمة منذ زمن طويل؛ حيث ينخرط الممثلون في مواقف درامية في موقع التصوير أو في الأستوديو.
ويشير إلى أن أفلام الصور المتحركة الطويلة ازدهرت بفضل التكنولوجيا الرقمية والنقاد الدائمي البحث عن نقلة في النموذج العام، معلنة بدء عصر ترفيهي جديد يتضح في أفلام جماهيرية مثل “هاري بوتر” أو “أفاتار”، لكن الأفلام المعتادة التي تنتج طبقا لقوالب عريقة تظل هي النمط السائد، وإذا كان بناؤها السليولودي قد أبدل، فقد حدث هذا على نحو غير محسوس، حيث استغل منتجو الأفلام وسائل الراحة الرقمية، حتى حينما كانوا ينشرون عن رضا -أو يشوهون بعنف- تقاليد يتقنونها على أي حال. ولذا، ورغم أن الخيارات وسعت بقدر هائل لأنواع جديدة من الإنتاجات السمعية – البصرية، فمن السابق لأوانه الجزم بأن التصوير والتحرير غيرا السينما تغييرا جذريا إلى درجة أن السينما تحولت إلى شيء جديد تماما، يبدو فيلم “جبل بروكباك” 2005 مألوفا تماما في هذا الشأن.
ويرى أندرو أن الجماهير الآن ربما لم تعد تشعر بالأفلام كما كانت تفعل في العصر السينمائي، وفي هذه الحالة ربما تكون ثورة حقيقية حدثت في “العرض”. ربما أمكن للمخرجين أن يعملوا طبقا لأعراف عريقة، لينتجوا نوعا سينمائيا أو أعمالا إخراجية تضاهي أفضل أفلام الماضي، لكنهم لم يعودوا يستطيعون الاعتماد على الطريقة التي ستستقبل بها صورهم العامة أو حتى تخيل هذه الطريقة بالكامل. يكون عرض الأفلام في دور العرض قصيرا، حتى لفيلم يعتمد على الجودة، تمهيدا لنشره على الوسائط المرئية التي قد تكون مربحة غالبا، لكن ثبت أن التحكم فيها أمر صعب.
أما المشاهدون المعتادون على التجمع معا تحت الشاشة الكبيرة، فهم يجعلون الفيلم تحت رحمتهم، بمشاهدته كيفما يريدون ومتى شاءوا، بمفردهم غالبا، أو بصحبة أفراد العائلة والأصدقاء؛ حيث يمكنهم إيقاف الفيلم، أو إعادة مشهد ما، أو حتى تعديله وفق اختيارهم. حينما سئل جان لوك جودار عن الآثار المدمرة المحتملة للتكنولوجيا الرقمية على السينما، صرح دون تردد بأنه لم يتغير أي شيء أساسي في مرحلة إنتاج الفيلم، لكن تجربة مشاهدة الفيلم نفسها في خطر داهم.
وبرأيه أن السينما، بوصفها سينما، لا توجد إلا في فضاء عام؛ حيث يجلس جمهور متنوع ساكنا، بينما يرسل مشغل آلة العرض من فوق رؤوسهم صورا تصور عالما مكبرا. وأضاف ساخرا “ينظر المرء إلى أعلى في السينما وإلى أسفل حين مشاهدة التلفزيون”. وبانتشار الشاشات الصغيرة بكل أشكالها يتحكم المستهلك في التجربة. من وجهة نظر جودار يعني هذا اضمحلال المجال العام البديل الذي كونته دور العرض خلال الجزء الأكبر من القرن العشرين. ومع أن دار العرض مجال لبث الأيديولوجيات، فهي تسمح للسياسة الشعبية بالتطور؛ جمهور مجموع، وانتباهه مركز طوال ساعتين على رؤية للعالم هي وجهة نظر شخص ما.
كهف أفلاطون
يلفت أندرو إلى أن شبكة الإنترنت تتيح -أو حتى تبتكر- أشكالا جديدة من الانتماء والانشغال بالسياسة؛ أشكالا وثيقة الصلة بعالم فقدت فيه المواجهات على أرض الواقع وتظاهرات الشوارع جاذبيتها وقوتها. مازالت الأفلام تخاطب المشاهدين حقا، يخاطب المزيد من الأفلام المزيد من أنواع المشاهدين بقدر أكبر من ذي قبل، لكن كثافة التجربة السينمائية وتزامنها لم يعودا هما النموذج السائد.
يسمي ريجيس دوبري التلفزيون “أداة التشتيت”؛ فبإضاءته من الداخل يشع التلفزيون والكمبيوتر الضوء المنبعث من البيكسلات المهتزة ولا يعكسان شيئا، ولأنهما نادرا ما يطفآن فهما يبقيان -بلا مبالاة في غرف متنوعة من كل منزل- جزءا من البيئة مثل اللوحات الإعلانية على الطرق السريعة. إلى أي مدى يختلف هذا عن شاشة العرض السينمائي التي تصل إليها بعد أن تتجاوز ستارا أو بابا للعثور على مقعد في قاعة مظلمة؟ دار العرض السينمائي مساحة هائلة، أو مخيخ عملاق يتأمل داخله الناس الذين خطوا خارج حيواتهم صورا هي نفسها تأملات.
وحذر جون لوي بودري ذات مرة من أن السينما هي نموذج حديث لـ”كهف أفلاطون”، حديث يحدق فيه الناس في الظلال مقيدين بسلاسل الأيديولوجيا. لكن لأن المشاهدين يختارون دخول هذا الكهف -بل يدفعون المال ليدخلوه- فبإمكانهم تحويل افتتانهم بالشاشة إلى نقاش بشأن ما يرونه منعكسا هناك: رؤية للعالم، وجهة نظر عن كيفية العيش فيه أو كيفية تغييره. هذا ما كان يعد به ذلك المجال العام.
دراسات السينما التقليدية تمر بحالة دفاعية؛ لأن فكرة السينما آخذة في التغير من حولنا مع مناداة بعضهم بموتها
وينبه أندرو إلى أن الشاشة هي الواجهة التفاعلية الأخيرة بين المشاهد البشري والعالم المشاهد، ليس العالم وهو نقي وبسيط، وإنما رواسب العالم؛ حيث الآثار فيه مترسبة كقطع من الخام أو -باستخدام أحد التشبيهات التي يحبها بازان- كبرادة الحديد. هذه البرادة هي نفسها اختزالات فوتوغرافية غالبا ما تكون بالأبيض والأسود، ومصورة بعدسة أحادية بقوانين بصرية ثابتة، على النقيض من الخواص الرامشة لعين الإنسان المتحركة والمتجسدة.
ويعوض منتج الفيلم هذه القيود بالتصوير من زوايا عدة، مكونا أرشيفا كبيرا من اللقطات الخام لموضوع الفيلم، لكن كل شيء سيزال فيما عدا نسخة العرض النهائية. ما يظهر على الشاشة، حينها، ليس شكلا خالصا من الواقع، ولا شكلا خالصا من السينما، ولكنه فتات من المعلومات الأولية الحسية، مشكّل بالفكر والخيال، ومن أجلهما، في مواجهة موضوع ما.
ويجب أن يكون خيال منتج الفيلم وفكره أو وجدانه كما يقول بازان واضحين في جودة الاختيار الذي يصفي فتات المعلومات ذلك من أجل النسخة النهائية؛ لذا فالأسلوب ليس أمرا مضافا إلى الموضوع، ولكنه ينشأ بوصفه نمطا للاختزال والتشكيل المتناغمين. وكما يقول بازان، فإن الحس المرفرف فوق الفيلم مثل الحقل المغناطيسي هو ما ينظم ما هو موجود ليصبح شيئا له دلالة أخلاقية. أما المشاهدون فلا يستقبلون كل ما يعرض على الشاشة بقدر متساو؛ فلكونهم هم أنفسهم كائنات أخلاقية، يصفون ما يصبح فيلما عند عرضه فقط.
وكما تشير الكلمة نفسها، يتجاوز العرض ما تم تصويره وتنظيمه. لا يعني العرض بالضرورة رؤية أكثر مما هو موجود، وإنما الرؤية عبر ما هو موجود؛ لذا فإن أي فيلم يعرض -وهو نتاج مصفاتيْ الكاميرا والمحرر- يصبح في حد ذاته مصفاة فيما يخص المشاهد. والعرض يركز الرؤية لتجاوز ما هو مرئي إلى القدرة على الرؤية، وأحيانا يقال: للوصول إلى الخيال.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
محمد الحمامصي
كاتب مصري
دادلي أندرو يكشف عن عصر ترفيهي جديد تقوده جماهير تنظر إلى أسفل.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أفلام جماهيرية مختلفة يطلبها المشاهدون الجدد
مع هيمنة التكنولوجيا على مختلف جزئيات الحياة البشرية الحديثة بما فيها الفنون، فإن الفن السينمائي يعتبر من المجالات الأكثر تقاطعا وتأثرا بهذا الواقع الجديد. وإن استفادت السينما من التكنولوجيا فإن هذه الأخيرة غيرت عملية العرض التي ارتبطت بعرض الأفلام في الشاشات الكبيرة في القاعات، وبالتالي خلقت وضعا جديدا يدعو إلى التفكير في تأثيره وهو ما يبحث فيه كتاب “ما هي السينما”.
تطورات التقنيات الرقمية ألقت بظلال واسعة على الإنتاج السينمائي، وذلك جنبا إلى جنب مع شبكة الإنترنت والضغوط التجارية المتزايدة لبيئة إعلامية مشبعة بشكل متزايد يهدد بخسوف السينما في أكثر أشكالها شيوعا. وهو الأمر الذي يدركه السينمائي الفرنسي دادلي أندرو، حيث يتعامل في كتابه “ما هي السينما” مع حالة الخطر الحالية للسينما بتوازن وقياس متعمد للثقة، وذلك من خلال تتبع التطورات الديناميكية لثقافة السينما الفرنسية في فترة ما بعد الحرب.
ويقدم الكتاب مخططا جماليا للسينما لا يدين بأي شيء لما هو رقمي، وإن كان من الممكن أن يتعايش مع التكنولوجيات الجديدة ويستفيد منها. وفي حقيقة الأمر ليس المد الرقمي موضع نقاش الكتاب بقدر “خطاب المد الرقمي” الذي قد يقلل بعضه بتكبر من مركزية السينما نفسها أو يتجاوزها.
ما هي السينما
في كتابه، الذي ترجمه زياد إبراهيم وصدر عن مؤسسة هنداوي، يقدم أندرو إجابة مشوقة عن سؤال أندريه بازان الشهير عن ماهية السينما، من خلال نظرة شاملة إلى الصعود الاستثنائي لفكرته المتفردة عنها، فيعرض القيمة المميزة للسينما، ليس فقط على مدار القرن الماضي، ولكن أيضا في ظل ثقافتنا السمعية – البصرية المعاصرة.
ومن ثم يواصل فعليا إرث بازان، أولا من خلال تكرار التكوين النموذجي للسينما، وثانيا من خلال الدفاع بقوة عن مزاياها الاجتماعية والجمالية والعلمية المستمرة. كما يفحص مؤسسات السينما وقوتها الاجتماعية من خلال سمات بعض الأفلام الشهيرة التي تركت بصمتها في تاريخ السينما، ويتتبع صمود فكرة بازان التي جعلت السينما مفعمة بالحياة حتى وقتنا الحالي. فمن وجهة نظره يمكن لنظرية بازان الفريدة عن السينما أن توجه هذه الصناعة وترشدها، أيا كانت ماهيتها.
ويشير أندرو إلى أن دراسات السينما التقليدية تمر بحالة دفاعية؛ لأن فكرة السينما آخذة في التغير من حولنا، حيث يجمع الدارسون الشباب، وهم يراهنون على المستقبل، ببليوغرافيات تتحدث عن اضمحلال السينما وموتها، ويستخلصون دروسا من كتاب سيجفريد زيلينسكي المعنون بجرأة بـ”رؤى سمعية: السينما والتلفزيون بوصفهما محطتين في التاريخ”. ويتساءل هل مرت السينما بالفعل بتحول لا علاج له؛ لكونها حساسة جدا إزاء التغيرات في التكنولوجيا والثقافة؟ (أكثر حساسية من الرواية مثلا؟)، وحتى لو كان هذا صحيحا، فهو يعتبر أن السينما مميزة داخل نطاق الظواهر السمعية – البصرية.
ويقول “أعني بكلمة ‘فكرة’ تصورا مهيمنا يمكن الإحساس به في كل مستوى من مستويات ظاهرة السينما. دائما ما تمتلك القرارات التي يصنعها المنتجون بعض التصورات الضمنية في جوهرها. وعادة ما يتوافق هذا مع ما يفهمه الجمهور عن تجربتهم أو ما ينبغي أن تكون عليه. تدعم الأنماط (الروائي والوثائقي والحركي) والأنواع السينمائية (الخيال العلمي والدرامي الوثائقي والرسوم المتحركة) فكرة ما عن السينما. وهذا ما يفعله كذلك النقاد والمدونات والمحادثات العابرة بين الأصدقاء وهم يناقشون ما شاهدوه؛ إذ يستدعون، بل يوضحون، القيم التي هي على المحك”.
دادلي أندرو: كل فترة زمنية تجد سينماها عالقة بالفعل في شبكة معينة من التكنولوجيات والأساليب والأذواق والأنواع السينمائية
ويتابع “أوضح جيمس لاسترا كيف أنه في وقت ميلاد الصور المتحركة، ومرة أخرى في الانتقال إلى السينما الناطقة، كان المخترعون والمنتجون والنقاد يحملون أفكارا لم تتوافق تماما، والأمر نفسه يصدق بلا شك على انتقالنا إلى التقنية الرقمية. ورغم ذلك، وخلال هذه الانتقالات، وعلى مدار تاريخ وجود الوسيط السينمائي، أثارت السينما وأكدت أحيانا ادعاء بشأن الواقعية لم يقدر أي نوع من الفنون قبلها على إثارته. وكان بازان، من بين كل من تفكروا في هذا الادعاء بتعمق، هو الأفضل إدراكا للطريقة التي أزاحت بها السينما، أو يمكن أن تزيح بها، سيطرة الإنسان على العالم الطبيعي والاجتماعي الذي نسكنه، العالم الذي نراه في الأفلام. لا تستنفد الإستراتيجيات التي اشتهر بدعمها، مثل اللقطات الطويلة والتصوير بالعزل العميق، والقيم الموعودة من مثل هذه التقنيات والأساليب (كشف المتغاضى عنه، والغموض، والغريب) ما تتيحه هذه الفكرة”.
ويرى أندرو أن كل فترة تجد سينماها عالقة بالفعل في شبكة معينة من التكنولوجيات والأساليب والأذواق والأنواع السينمائية، ويضيف “تنطبق فكرة بازان على السينما فيما وراء شبكة ما بعد الحرب العالمية. وأنا آخذ على محمل الجد واحدة من أكثر مقولات بازان اقتباسا، وهي باختصار إن ‘السينما لم تخترع بعد’. كان سعي بازان لتتبع الطريقة التي يفضي بها ماضي السينما إلى مستقبلها مركّزا على سؤال ‘ما هي السينما؟’ وأنا أعتبر هذه ‘مهمة’ لا ينبغي التخلي عنها في فترة تختلف عن فترة عام 1958 حينما شرع بازان في بحثه. حتى لو كان ‘وجود السينما يسبق جوهرها’، بحيث لم يكن بازان ليقيم وزنا لأي إجابة عن سؤاله، ولا ليقبل عنوان كتابي المستفز عن عمد، فربما مازال يمكننا قول شيء جوهري بشأنها. لذا دعونا نقُلْ هذا: إن السينما الحقيقية، مهما يكن مظهرها أو زمنها، لها علاقة بما هو حقيقي”.
ثورة في العرض
ما تغيّر هو طريقة عرض السينما لا السينما
يلفت السينمائي الفرنسي إلى أن الكشف عن هذه الفكرة القوية عن السينما ثم مواجهتها يحتم القيام برحلة قصيرة في مجال خضع بالفعل لسيطرة نظرية الفيلم التقليدية، ولرعايتها على وجه الخصوص. وبينما يمكن تقسيم النقد الأدبي إلى أفكار متعلقة بالنصوص وأفكار متعلقة بالقراءة، مالت نظرية الفيلم للانقسام إلى ثلاثة ميادين من البحث، تتطابق مع مراحل أو لحظات التشكل الثلاث التي يمر بها أي فيلم وهي: التسجيل، والتركيب، والعرض. ويمكن ربط كل مرحلة بجهازها الأساسي المخصص لها: الكاميرا، والموفيولا (آلة التحرير)، وجهاز العرض.
يمكن الإلقاء باللوم في محنة نظرية الفيلم، إن لم تكن محنة السينما نفسها، على التعديل والتحديث أو التوقف عن الاستخدام لكل واحدة من تلك الآلات بعد أن حلت تقنية القرن الواحد والعشرين الرقمية محل آلات ترجع بالفعل إلى القرن التاسع عشر. ويعتقد أن التقنية الرقمية تتقن أي عمليات كان سلفاها التناظري أو اليدوي معدين لأدائها. وتحسن التقنية الرقمية تلك العمليات وتوسعها وتبدلها، مؤدية إلى تحقيق السيطرة الكاملة. وتدفعنا مثل هذه الثورة التقنية للعودة إلى العمليات الأساسية للسينما، مرحلة تلو أخرى، لرؤية ما تبقى من ظاهرة السينما بعد التغييرات الكاسحة التي حدثت على مدار العقدين الماضيين.
ويلاحظ أندرو أن الامتلاء الذي توفره الأفلام شيء مميز لمشاهدته، لا يشبع في النهاية بالمظهر ولا بالصورة المزخرفة فنيا، ولكن بالإحساس وعملية الاستكشاف التي تحدث عبر الشاشة وخلالها. فكرة بازان هي إبقاء موضوع الفيلم دائما في مجال الرؤية، رغم أن هذا الموضوع يقاوم تقديمه في هيئة صورة. لا يأتي الإعجاب من خلال الحضور المبهر وإنما من خلال الغياب المتكرر؛ حيث تقودنا الآثار المسجلة لموضوع ما إلى البحث عنه. حركة المشاهد هذه وعلاقتها بما ينظر إليه تستغرق وقتا؛ إذ تتحول الصور المسجلة إلى حدث موجه بدرجة أو بأخرى. دعوني أسمّه “الحدث السينمائي”.
ويؤكد أنه على الرغم من الادعاء بأن تغييرا كبيرا حدث في العقدين الأخيرين، فإن معظم الأفلام اليوم تخطط وتنفذ تماما كما كانت الأفلام منذ ثلاثينات القرن العشرين. صحيح أنها تجمع ببرامج تحرير رقمية، وتعرض في أحيان كثيرة لحظات من المؤثرات الخاصة المصنوعة بالكمبيوتر، لكن معظمها تعرض تركيبات عامة قائمة منذ زمن طويل؛ حيث ينخرط الممثلون في مواقف درامية في موقع التصوير أو في الأستوديو.
ويشير إلى أن أفلام الصور المتحركة الطويلة ازدهرت بفضل التكنولوجيا الرقمية والنقاد الدائمي البحث عن نقلة في النموذج العام، معلنة بدء عصر ترفيهي جديد يتضح في أفلام جماهيرية مثل “هاري بوتر” أو “أفاتار”، لكن الأفلام المعتادة التي تنتج طبقا لقوالب عريقة تظل هي النمط السائد، وإذا كان بناؤها السليولودي قد أبدل، فقد حدث هذا على نحو غير محسوس، حيث استغل منتجو الأفلام وسائل الراحة الرقمية، حتى حينما كانوا ينشرون عن رضا -أو يشوهون بعنف- تقاليد يتقنونها على أي حال. ولذا، ورغم أن الخيارات وسعت بقدر هائل لأنواع جديدة من الإنتاجات السمعية – البصرية، فمن السابق لأوانه الجزم بأن التصوير والتحرير غيرا السينما تغييرا جذريا إلى درجة أن السينما تحولت إلى شيء جديد تماما، يبدو فيلم “جبل بروكباك” 2005 مألوفا تماما في هذا الشأن.
ويرى أندرو أن الجماهير الآن ربما لم تعد تشعر بالأفلام كما كانت تفعل في العصر السينمائي، وفي هذه الحالة ربما تكون ثورة حقيقية حدثت في “العرض”. ربما أمكن للمخرجين أن يعملوا طبقا لأعراف عريقة، لينتجوا نوعا سينمائيا أو أعمالا إخراجية تضاهي أفضل أفلام الماضي، لكنهم لم يعودوا يستطيعون الاعتماد على الطريقة التي ستستقبل بها صورهم العامة أو حتى تخيل هذه الطريقة بالكامل. يكون عرض الأفلام في دور العرض قصيرا، حتى لفيلم يعتمد على الجودة، تمهيدا لنشره على الوسائط المرئية التي قد تكون مربحة غالبا، لكن ثبت أن التحكم فيها أمر صعب.
أما المشاهدون المعتادون على التجمع معا تحت الشاشة الكبيرة، فهم يجعلون الفيلم تحت رحمتهم، بمشاهدته كيفما يريدون ومتى شاءوا، بمفردهم غالبا، أو بصحبة أفراد العائلة والأصدقاء؛ حيث يمكنهم إيقاف الفيلم، أو إعادة مشهد ما، أو حتى تعديله وفق اختيارهم. حينما سئل جان لوك جودار عن الآثار المدمرة المحتملة للتكنولوجيا الرقمية على السينما، صرح دون تردد بأنه لم يتغير أي شيء أساسي في مرحلة إنتاج الفيلم، لكن تجربة مشاهدة الفيلم نفسها في خطر داهم.
وبرأيه أن السينما، بوصفها سينما، لا توجد إلا في فضاء عام؛ حيث يجلس جمهور متنوع ساكنا، بينما يرسل مشغل آلة العرض من فوق رؤوسهم صورا تصور عالما مكبرا. وأضاف ساخرا “ينظر المرء إلى أعلى في السينما وإلى أسفل حين مشاهدة التلفزيون”. وبانتشار الشاشات الصغيرة بكل أشكالها يتحكم المستهلك في التجربة. من وجهة نظر جودار يعني هذا اضمحلال المجال العام البديل الذي كونته دور العرض خلال الجزء الأكبر من القرن العشرين. ومع أن دار العرض مجال لبث الأيديولوجيات، فهي تسمح للسياسة الشعبية بالتطور؛ جمهور مجموع، وانتباهه مركز طوال ساعتين على رؤية للعالم هي وجهة نظر شخص ما.
كهف أفلاطون
يلفت أندرو إلى أن شبكة الإنترنت تتيح -أو حتى تبتكر- أشكالا جديدة من الانتماء والانشغال بالسياسة؛ أشكالا وثيقة الصلة بعالم فقدت فيه المواجهات على أرض الواقع وتظاهرات الشوارع جاذبيتها وقوتها. مازالت الأفلام تخاطب المشاهدين حقا، يخاطب المزيد من الأفلام المزيد من أنواع المشاهدين بقدر أكبر من ذي قبل، لكن كثافة التجربة السينمائية وتزامنها لم يعودا هما النموذج السائد.
يسمي ريجيس دوبري التلفزيون “أداة التشتيت”؛ فبإضاءته من الداخل يشع التلفزيون والكمبيوتر الضوء المنبعث من البيكسلات المهتزة ولا يعكسان شيئا، ولأنهما نادرا ما يطفآن فهما يبقيان -بلا مبالاة في غرف متنوعة من كل منزل- جزءا من البيئة مثل اللوحات الإعلانية على الطرق السريعة. إلى أي مدى يختلف هذا عن شاشة العرض السينمائي التي تصل إليها بعد أن تتجاوز ستارا أو بابا للعثور على مقعد في قاعة مظلمة؟ دار العرض السينمائي مساحة هائلة، أو مخيخ عملاق يتأمل داخله الناس الذين خطوا خارج حيواتهم صورا هي نفسها تأملات.
وحذر جون لوي بودري ذات مرة من أن السينما هي نموذج حديث لـ”كهف أفلاطون”، حديث يحدق فيه الناس في الظلال مقيدين بسلاسل الأيديولوجيا. لكن لأن المشاهدين يختارون دخول هذا الكهف -بل يدفعون المال ليدخلوه- فبإمكانهم تحويل افتتانهم بالشاشة إلى نقاش بشأن ما يرونه منعكسا هناك: رؤية للعالم، وجهة نظر عن كيفية العيش فيه أو كيفية تغييره. هذا ما كان يعد به ذلك المجال العام.
دراسات السينما التقليدية تمر بحالة دفاعية؛ لأن فكرة السينما آخذة في التغير من حولنا مع مناداة بعضهم بموتها
وينبه أندرو إلى أن الشاشة هي الواجهة التفاعلية الأخيرة بين المشاهد البشري والعالم المشاهد، ليس العالم وهو نقي وبسيط، وإنما رواسب العالم؛ حيث الآثار فيه مترسبة كقطع من الخام أو -باستخدام أحد التشبيهات التي يحبها بازان- كبرادة الحديد. هذه البرادة هي نفسها اختزالات فوتوغرافية غالبا ما تكون بالأبيض والأسود، ومصورة بعدسة أحادية بقوانين بصرية ثابتة، على النقيض من الخواص الرامشة لعين الإنسان المتحركة والمتجسدة.
ويعوض منتج الفيلم هذه القيود بالتصوير من زوايا عدة، مكونا أرشيفا كبيرا من اللقطات الخام لموضوع الفيلم، لكن كل شيء سيزال فيما عدا نسخة العرض النهائية. ما يظهر على الشاشة، حينها، ليس شكلا خالصا من الواقع، ولا شكلا خالصا من السينما، ولكنه فتات من المعلومات الأولية الحسية، مشكّل بالفكر والخيال، ومن أجلهما، في مواجهة موضوع ما.
ويجب أن يكون خيال منتج الفيلم وفكره أو وجدانه كما يقول بازان واضحين في جودة الاختيار الذي يصفي فتات المعلومات ذلك من أجل النسخة النهائية؛ لذا فالأسلوب ليس أمرا مضافا إلى الموضوع، ولكنه ينشأ بوصفه نمطا للاختزال والتشكيل المتناغمين. وكما يقول بازان، فإن الحس المرفرف فوق الفيلم مثل الحقل المغناطيسي هو ما ينظم ما هو موجود ليصبح شيئا له دلالة أخلاقية. أما المشاهدون فلا يستقبلون كل ما يعرض على الشاشة بقدر متساو؛ فلكونهم هم أنفسهم كائنات أخلاقية، يصفون ما يصبح فيلما عند عرضه فقط.
وكما تشير الكلمة نفسها، يتجاوز العرض ما تم تصويره وتنظيمه. لا يعني العرض بالضرورة رؤية أكثر مما هو موجود، وإنما الرؤية عبر ما هو موجود؛ لذا فإن أي فيلم يعرض -وهو نتاج مصفاتيْ الكاميرا والمحرر- يصبح في حد ذاته مصفاة فيما يخص المشاهد. والعرض يركز الرؤية لتجاوز ما هو مرئي إلى القدرة على الرؤية، وأحيانا يقال: للوصول إلى الخيال.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
محمد الحمامصي
كاتب مصري