رقص (فن) Dance - Danse يعد من أقدم اللغات التعبيرية ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رقص (فن) Dance - Danse يعد من أقدم اللغات التعبيرية ..

    رقص (فن)

    Dance - Danse

    الرقص (فن -)

    يُعد الرقص من أقدم اللغات التعبيرية التي مارسها الإنسان عبر لغة الجسد للإفصاح عن مشاعره من حب وفرح وحزن وألم. وعلى الرغم من تطور أدوات التعبير المختلفة من نطق وكتابة وغناء، فقد ظل الرقص، إضافة إلى الموسيقى، اللغة الفنية للشعوب تجسد فيه الموروث الشعبي لهذا الفن الأزلي. ومن الصعب الفصل، في النشأة، بين ثلاثة من أنواع التعبير الجمالي لدى الإنسان مثل: الموسيقى والغناء والرقص، إذ إنها، جميعاً، مرتبطة عضوياً بعضها مع بعض.
    نشأ الإيقاع لدى الإنسان مع نبضات قلبه، وظل، في نمو أحاسيسه ومدركاته محاطاً بكثير من الإيقاعات والأصوات المعبرة الطبيعية، مثل صوت الريح، وغناء الطيور، وحفيف أوراق الأشجار، وخرير المياه، ووقع قطرات المطر. ومن الطبيعي أن يشاكل الإنسان بعض الإيقاعات الحركية في الطبيعة. وقد وجد في هذه المشاكلة مجالاً حركياً للتعبير الجمالي عن مشاعره. وهكذا، نشأ علم الجمال الحركي، ومع تعاقب الحضارات البشرية، متلازماً أو متوازياً مع علم الجمال الصوتي.
    مع أن الرقص التعبيري لم يظهر إلا نحو الألف الثامن ق0م، في منطقه شرق المتوسط، فقد كانت له وظيفة التواصل مع المعبودات، فارتبط بالقداسة. وهكذا استعمل الإنسان القديم لغة الجسد في توليد معان روحية عالية، وكان لا بد لضبط حركة الجسد من مصاحبة الإيقاعات الموسيقية بالأدوات البدائية، أو بتصفيق الكفين وتصويت الفم.
    وما زالت بعض الحركات الراقصة التي تعود إلى الرقص المقدس مستمرة إلى اليوم كرقصات «الوج» الشركسية في شمال القفقاس، والرقصة الشرقية الإغرائية التي تعتمد على هز الأرداف، والتي تنحدر عن رقصة الخصب المقدسة، ورقصة القرفصاء المصرية وكانت تؤديها قبل خمسة آلاف عام المرأة الراقصة الحامل تقرباً من الآلهة لتسهل أمر ولادتها.
    رسم يمثل راقصين مع فرقة موسيقية من على قبر نب آمون (طيبة 400ق.م)
    تشير بعض النصوص الشعرية القديمة إلى انتشار الرقص الديني المعبدي، قبل الإسلام، في الجزيرة العربية. كما تشير الرسوم على جدران المعابد، والأختام الأسطوانية والمدونات على الرقم الفخارية، وأوراق البردي، إلى ألوان من الرقصات الدينية الفرعونية والشامية وبلاد ما بين النهرين. وقد دونت تعاليم الحكيم آني في مصر، وعلى أوراق البردي، إذ يقول في تعاليمه : «الغناء والرقص والبخور هي وجبات الآلهة». وعرف المصريون الرقص المصاحب مع إيقاع الصناجات الخشبية والجنك والقيثارة والمزمار والدف. ومنه ما كان زوجياً أو حربياً أو حركياً أو محاكياً وهو رقص أفريقي تحاكي حركاته حركات الحيوانات وظواهر الطبيعة، مثل بعض الأفارقة الذين يمارسون رقصة النعام قبل خروجهم لصيده. ومن أنواع الرقص أيضاً الرقص «الجنائزي الجماعي» بأنواعه الثلاثة: الطقسي وهو جزء من الطقوس الجنائزية، والمأتمي المعبر بحركاته عن الحزن، والدنيوي ويمارس للترفيه عن روح الميت.
    كما أن أنواعاً عديدة من الرقص الشعبي تعود بجذورها إلى عهود موغلة في القدم كـ «رقصة النحلة» وهي رقصة للتعري، و«رقصة الدرع» أمام موكب العروس، و«رقصة المقلاع» التي ظلت تمارسها النساء الغوازي في مصر حتى القرن التاسع عشر. وتبين الرسوم على جدران المقابر الفرعونية ارتباط الموسيقى والغناء بالرقص. فنرى صفاً من الراقصات يعلوهنّ صفٌ من الموسيقيين، وثمة فتيات يضبطن الإيقاع بالتصفيق. وكان لهم إله للرقص يعرف باسم «بس» على شكل قزم تضع الراقصات وشمه على سيقانهن.
    ومن أنواع الرقص الديني الإسلامي «رقصة المولوية» التي انتشرت طريقته في قونية (تركيا)، وحلب (سورية). وتعود الطريقة المولوية إلى جلال الدين الرومي حيث يبدأ الاحتفال الاستعراضي الغنائي الراقص بقطعة تعزفها الفرقة الموسيقية، ثم يعتلي الدراويش بلباسهم ذي التنورة البيضاء الفضفاضة والملتان الأسود ويعتمرون طربوشاً طويلاً من اللباد. يبدأ الدراويش برقصة الفتلة أو الدوران حول شيخهم ببطء، ثم يتسارعون دوراناً رافعين الذراع الأيمن في حركة صاعدة نحو السماء، وخافضين الذراع الأيسر في حركة رمزية لعبث الدنيا.
    أما في «رقص السماح» فهو رقص الحشمة والأدب، وعرفت به حلب. وكان من شيوخه في القرنين التاسع عشر والعشرين صالح الجذبة، وأحمد عقيل، وعمر البطش، وأبو خليل القباني، ويؤدى بمصاحبة غناء الموشحات. و«رقص السماح» رزين ذو تشكيلات متعددة، منها الصف الواحد الساكن أو المتحرك، والصفان، والصفوف الأربعة المتقابلة والمتعاكسة، والدائرة، والدائرتان، والبحرات، والفسقيات.
    راقصو توتسي من بوروندي
    يجسد الرقص، عامة، طاقة الحياة ويبرزها في جماليات الحركة. وتكاد تخلو هذه الطاقة الحيوية، في الرقصات العربية الكلاسيكية الجمالية، من المفردات الجزئية التي يتألف، منها تعبيراً أو سرداً. وهناك رقصات حلبية مثل الرقصة العربية والعزّاوية والشرقية والبلدية والديلاني والشيخاني. ورقصات شعبية عربية أخرى كالدحَّة السورية والفلسطينية، إضافة إلى الرقصات الجماعية (الدبكات) على إيقاعات الطبل والمزمار، التي منها ما هو حربي يؤدى بالسيف والنبّوت. وتؤدى هذه الرقصات في تشكيلات حركية جمالية. في حين أن نوعاً من الرقص الهندي الكلاسيكي غني بالمفردات التي تتشكل منها ألوان من التعبير الفني. ففي هذا الرقص ثماني وعشرون إيماءة باليد الواحدة وأربع وعشرون إيماءة بكلتا اليدين، يؤديها الراقص أو الراقصة، بسرد قصص أو مغامرات أو تعابير جمالية خاصة. ومن أشهر مؤدي هذا الرقص حديثاً فرقة «الكوتشيبودي» الذي برعت به الراقصة سونال مانسينغ. وللرقص في الهند إله خاص هو «شيفا» الذي يكفل للعالم، إيقاعاً، يحفظ تماسك الأكوان واستمرارها، إذ إنه الطاقة الحيوية الأساسية في الوجود.
    في جمهوريات أواسط آسية مثل تركمنستان وأوزبكستان وطاجكستان وكازاخستان وقرغيزيا، يأخذ الرقص فيها، عامة، التركيز على حركات النصف الأعلى من الجسم. أما في الجزء الأوربي منها مثل روسيا وأوكرانيا ومولدافيا.. فثمة تركيز على قوة حركات الأرجل من قفزات وقيام وهبوط، ويحتاج إلى مساحات واسعة لحركات الراقصين. أما رقص «الباليه»[ر]، فهو رقص فني تعبيري يعتمد، أحياناً، على مفردات وعناصر من الرقص الشعبي. ففي عام 1927 عرض لأول مرة، على مسرح البولشوي، رقص شعبي حقيقي في باليه شقائق النعمان.
    أما الرقص الشعبي الأرمني فهو منحدر عن ألعاب الأرمن البدائية وطقوسهم الوثنية القديمة، مثل رقصة «جان-غولم» التي تمثل جمع الفتيات للورد من الحقول، ورقصة «رازماكان» ذات الطابع القتالي، وقد انقرض معظمها لصالح رقصات شعبية حديثة مثل « أوزون دارا» تؤديها العروس في جبال كاراباخ، ورقصة « كوجاري» على شكل دبكة خاصة بالرجال قريبة من الرقصات القوقازية من حيث الإيقاع السريع أو البطيء.
    وفي يوغسلافيا، يعد رقص الحلقات «الكولو» أقدم أنواع الرقص وكان يستخدم ضمن طقوس السحر والوقاية من الشيطان والحسد وفي شفاء المرض، ورقص «الأورو» المصحوب بالموسيقى والغناء، وأشكال عدة أخرى. وتعد البوسنة والهرسك ومقدونيا أكثر المناطق احتفاظاً بتقاليد الرقص القديمة.
    ترك العرب آثارهم الفنية في بعض الشعوب. ففي الأندلس، ما تزال إلى اليوم رقصة «الجوتا» الشعبية التي ابتدعها الموسيقي العربي ابن جوتا في القرن التاسع بمصاحبة الدف ويشبه إيقاعها إيقاع الفالس. وفي رقص «الفلامينكو» العنيف الحماسي، غالباً ما يبدأ الغنـاء المصاحب له بفاصل آهـات تستعمل فيه كلمـة «Olé» (أوليه) وأصلها «يا ليل» وقد تستعمل أيضاً ألحان وإيقاعات ومقامات عربية[ر. الموسيقى].
    ولدت الرقصات، أصلاً، في الأوساط الشعبية الفقيرة ثم انتقلت إلى الصالونات. فالفالس رقصة شعبية ريفية كانت تمارس في ألمانيا والنمسا. وانتقلت التانغو من أوساطها الشعبية في الأرجنتين إلى الصالونات الأرستقراطية الأوربية. وبعد الحرب العالمية الأولى، ظهرت رقصات كثيرة لا تحصى مثل «الرومبا والسامبا والمامبو والبوغي والتشا تشا».
    وفي الخمسينات والستينات، في أمريكا خاصة، ومع بروز ظاهرة الرفض والتمرد على الأنظمة القائمة، وفي موازاة انتشار مسرح الرقص الجسدي، أخذت أشكال هذا الرقص مثل «الروك»، و«التويست» تعم التظاهرات الجماعية الشبابية المراهقة، وفي أغنيات راقصة محمومة. وتعني «الروك» التأرجح والدوران، أصلها مؤلف من إيقاع زنجي ممزوج بالرقص والغناء الريفي الأمريكي. أما «التويست» فتؤدى رقصاً بشكل دائري.
    وأخيراً يبقى الرقص لغة له خصوصيته الفنية في التعبير عن المشاعر، وعنصراً هاماً وأساسياً من عناصر الثقافة العالمية.
    عبد الفتاح رواس قلعه جي
يعمل...
X