حسن بصري
Al-Hasan al-Basri - Al-Hassan al-Basri
الحسن البصري
(21-110هـ /642-728م)
أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار، من سادات التابعين وكبرائهم، شيخ أهل البصرة وسيد أهل زمانه علماً وعملاً، كان فقيهاً ثقة مأموناً فصيحاً عابداً ناسكاً، كان أبوه يسار مولى زيد بن ثابت من سبي ميسان (كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط قصبتها ميسان) وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
ولد الحسن بالمدينة لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب، وكان له يوم قُتل الخليفة عثمان أربع عشرة سـنة، وقد رآه وسمع منه، وروى عنه وروى عن عدد من الصحابة منهم عمـران بن حصين (ت52هـ)، وسَمُرَة بن جُندب (ت60هـ)، وعبد الله بن عمر (ت70هـ)، وعبد الله بن عباس (ت 68هـ)، كان كثير الجهاد، وصار كاتباً لأمير خـراسـان الربيع بن زيـاد (ت53هـ). وتولى قضاء البصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز (99-101هـ/717-719م).
كان للحسن بعد أن استقر في البصرة مجلس خاص في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، أما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث والفقه وعلم القرآن واللغة وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان ومنهم من يصحبه للبلاغة. قال أبو عمرو بن العلاء (زبّان بن عمّار ت 151هـ): «ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج بن يوسف الثقفي فقيل له فأيهما أفصح قال: الحسن».
وكان الحسن من سادة القصاص وأصدقهم، فلم يكن ينحو منحى الذين يعتمدون على الإسرائيليات بل كان يعتمد على التذكرة بالآخرة ونحوها ويستخرج العظة مما يقع حوله من حوادث، فما أُثر من قصصه، قوله: «يا ابن آدم لا تُرض أحداً بسخط الله، ولا تطيعن أحداً في معصية الله، ولا تحمدن أحداً على فضل الله، ولا تلومن أحداً فيما لم يؤتك الله». وكقوله: «يا ابن آدم لم تكن فكنت، وسألت فأُعطيت وسُئلت فمنعت، فبئس ما صنعت» وله أقوال كثيرة مبثوثة في كتب الأدب.
كان الصوفية يعدونه أحدهم لورعه وتقاه وزهده، وكانوا يتمثلون بحكمه وجمله، ويعده المعتزلة رأسهم لأنه تكلم في القضاء والقدر، وكان يوافق الخوارج في رأيهم بأن علياً أخطأ في التحكيم، ولكنه لايعتنق مذهبهم، وكان إذا جلس فتمكن من مجلسه، ذكر عثمان فترحم عليه ثلاثاً ولعن قتلته ثلاثاً، ثم يذكر علياً فيقول: «لم يزل أمير المؤمنين علي رحمه الله يتعرف النصر ويساعده الظفر حتى حكَّم، فلم تحكم والحق معك ألا تمضى قدماً - لا أبا لك - وأنت على الحق».
اشـتهر الحـسن بمتانة خلقه وصلاحه وصراحته، فلم يكن يخشى أحداً في إبداء رأيه، وسئل عن ولاية يزيد بن معاوية فلم يستصوبها، وهو وإن كان ينتقد الأمويين وولاتهم فإنه حينما ثـار يزيد بن المهلب[ر] سنة 101هـ/719م أخذ الحسن يحرّض الناس على الكفِّ وترك الدخول في الفتنة وينهاهم أشد النهي، وذلك لما وقع من قتال طويل في أيام ابن الأشعث[ر] وما قتل من النفوس بسبب ذلك، ولما بلغه حث يزيد بن المهلب الناس على جهاد أهل الشام لأن جهادهم في رأيه أعظم من جهاد الترك والديلم أثارته هذه الدعوة لأن ذاكرته كانت ما تزال عامرة بأخبار ما ارتكبه يزيد بن المهلب من أفعال حين كان والياً على العراق زمن خلافة سليمان بن عبد الملك (96-99هـ/714-717م) فدعا الناس إلى الانفضاض من حوله وارتأى أن خير ما يفعله هو العودة إلى السجن حيث وضعه عمر بن عبد العزيز، وكان يشارك الحسن في الرأي النضر بن أنس بن مالك.
توفي الحسن في البصرة عشية الخميس مستهل رجب وحُمل بعد صلاة الجمعة ودفن، فتبع الناس كلهم جنازته حتى لم يبق بالمسجد من يصلي العصر لما كان يكنه الناس له من محبة واحترام.
نجدة خماش
Al-Hasan al-Basri - Al-Hassan al-Basri
الحسن البصري
(21-110هـ /642-728م)
أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار، من سادات التابعين وكبرائهم، شيخ أهل البصرة وسيد أهل زمانه علماً وعملاً، كان فقيهاً ثقة مأموناً فصيحاً عابداً ناسكاً، كان أبوه يسار مولى زيد بن ثابت من سبي ميسان (كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط قصبتها ميسان) وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
ولد الحسن بالمدينة لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب، وكان له يوم قُتل الخليفة عثمان أربع عشرة سـنة، وقد رآه وسمع منه، وروى عنه وروى عن عدد من الصحابة منهم عمـران بن حصين (ت52هـ)، وسَمُرَة بن جُندب (ت60هـ)، وعبد الله بن عمر (ت70هـ)، وعبد الله بن عباس (ت 68هـ)، كان كثير الجهاد، وصار كاتباً لأمير خـراسـان الربيع بن زيـاد (ت53هـ). وتولى قضاء البصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز (99-101هـ/717-719م).
كان للحسن بعد أن استقر في البصرة مجلس خاص في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، أما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث والفقه وعلم القرآن واللغة وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان ومنهم من يصحبه للبلاغة. قال أبو عمرو بن العلاء (زبّان بن عمّار ت 151هـ): «ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج بن يوسف الثقفي فقيل له فأيهما أفصح قال: الحسن».
وكان الحسن من سادة القصاص وأصدقهم، فلم يكن ينحو منحى الذين يعتمدون على الإسرائيليات بل كان يعتمد على التذكرة بالآخرة ونحوها ويستخرج العظة مما يقع حوله من حوادث، فما أُثر من قصصه، قوله: «يا ابن آدم لا تُرض أحداً بسخط الله، ولا تطيعن أحداً في معصية الله، ولا تحمدن أحداً على فضل الله، ولا تلومن أحداً فيما لم يؤتك الله». وكقوله: «يا ابن آدم لم تكن فكنت، وسألت فأُعطيت وسُئلت فمنعت، فبئس ما صنعت» وله أقوال كثيرة مبثوثة في كتب الأدب.
كان الصوفية يعدونه أحدهم لورعه وتقاه وزهده، وكانوا يتمثلون بحكمه وجمله، ويعده المعتزلة رأسهم لأنه تكلم في القضاء والقدر، وكان يوافق الخوارج في رأيهم بأن علياً أخطأ في التحكيم، ولكنه لايعتنق مذهبهم، وكان إذا جلس فتمكن من مجلسه، ذكر عثمان فترحم عليه ثلاثاً ولعن قتلته ثلاثاً، ثم يذكر علياً فيقول: «لم يزل أمير المؤمنين علي رحمه الله يتعرف النصر ويساعده الظفر حتى حكَّم، فلم تحكم والحق معك ألا تمضى قدماً - لا أبا لك - وأنت على الحق».
اشـتهر الحـسن بمتانة خلقه وصلاحه وصراحته، فلم يكن يخشى أحداً في إبداء رأيه، وسئل عن ولاية يزيد بن معاوية فلم يستصوبها، وهو وإن كان ينتقد الأمويين وولاتهم فإنه حينما ثـار يزيد بن المهلب[ر] سنة 101هـ/719م أخذ الحسن يحرّض الناس على الكفِّ وترك الدخول في الفتنة وينهاهم أشد النهي، وذلك لما وقع من قتال طويل في أيام ابن الأشعث[ر] وما قتل من النفوس بسبب ذلك، ولما بلغه حث يزيد بن المهلب الناس على جهاد أهل الشام لأن جهادهم في رأيه أعظم من جهاد الترك والديلم أثارته هذه الدعوة لأن ذاكرته كانت ما تزال عامرة بأخبار ما ارتكبه يزيد بن المهلب من أفعال حين كان والياً على العراق زمن خلافة سليمان بن عبد الملك (96-99هـ/714-717م) فدعا الناس إلى الانفضاض من حوله وارتأى أن خير ما يفعله هو العودة إلى السجن حيث وضعه عمر بن عبد العزيز، وكان يشارك الحسن في الرأي النضر بن أنس بن مالك.
توفي الحسن في البصرة عشية الخميس مستهل رجب وحُمل بعد صلاة الجمعة ودفن، فتبع الناس كلهم جنازته حتى لم يبق بالمسجد من يصلي العصر لما كان يكنه الناس له من محبة واحترام.
نجدة خماش