حلبي (سليمان)
Al-Halabi (Suleiman-) - Al-Halabi (Suleiman-)
الحلبي (سليمان -)
(1191-1215هـ/1777-1800م)
سليمان بن محمد أمين الحلبي، مجاهد سوري، قاتل الجنرال كليبر Kleber، ولد ونشأ في حلب، وتلقى علومه الابتدائية في كتاتيبها. ثم أرسله والده إلى مصر لتلقي العلوم الشرعية في الأزهر الشريف، وحج في تلك الحقبة مرتين مع الحج المصري. قطع دراسته في الأزهر وعاد إلى حلب حين علم أنّ أباه مريض ولكنه بعد أن اطمأن على صحة والده رجع لاستكمال تعليمه. وفي طريق عودته إلى أرض الكنانه عرج سليمان على مدينة القدس ومنها سافر إلى غزة فوصلها في أوائل شهر أيار 1800م، وكانت ثورة القاهرة الكبرى قد باءت بالإخفاق في شهر نيسان من العام نفسه، ووردت الأخبار عن فظائع الفرنسيين في قمعها مما أوقد في النفوس نار الثأر لشعب مصر والدفاع عن حريته وكرامته.
قابل سليمان في غزة بعض قواد الجيش العثماني، فعاهدهم على أن يقتل كليبر (قائد الجيش الفرنسي والحاكم العام بمصر بعد عودة بونابرت إلى فرنسا) وحمل من علماء غزة رسائل إلى بعض علماء الأزهر يوصونهم بمساعدته، وسكن فور وصوله في أحد أروقة الأزهر مع الطلاب المجاورين القادمين من بلاد الشام، وكان يبدو على سليمان بعد عودته شيء من التوتر والعصبية على غير عادته إبّان إقامته الأولى.
علم سليمان الحلبي أن الجنرال كليبر يمشي مساء كل يوم في حديقة سراي القيادة العامة للجيش الفرنسي بالأزبكية وفي 21 محرم1215هـ/14 حزيران1800م تمكن سليمان من التسلل إلى حديقة دار القيادة العامة، وتتبع خطوات الجنرال كليبر حيث وجده يسير مع ضابط آخر فطعنه بخنجر كان يخفيه طي ثيابه عدة طعنات، مات كليبر على أثرها، وفرّ سليمان لكن لم يطل به الأمر فقبض عليه في اليوم نفسه.
تولى التحقيق مع سليمان لجنة برئاسة الجنرال جاك مينو Menou قائد القوات الفرنسية بعد كليبر وقد خضع سـليمـان الحـلبي لعمليتي استجواب الأولى في يوم الاغتيال، والأخرى في اليـوم التـالي(15حزيران)، وتعرض بينهما لعملية تعذيب وحشية جعلته يُقرّ بعمله.
أُلِّفت محكمة عسكرية من تسعة ضباط لمحاكمته، انعقدت جلستها في يوم 16 حزيران 1800م ونطقت بالأحكام الآتية:
- حرق اليد اليمنى لسليمان الحلبي ثم إعدامه بإقامته على الخازوق، وأن يترك جسمه طعاماً للجوارح.
- إعدام المشايخ الثلاثة المتسترين على الجرم وهم: عبد الله الغزي، محمد الغزي، أحمد الوالي، بقطع رؤوسهم وتعليقها في ساحة الإعدام مدة كافية.
نُفِّذت هذه العقوبات بالمحكومين الأربعة في اليوم التالي (17 حزيران) في منطقة «تل العقارب» قرب القاهرة. وقد احتفظ الفرنسيون بالهيكل العظمي لسليمان، ونقلوه إلى متحف حديقة الحيوانات والنباتات في باريس، كما حفظوا جمجمته في غرفة التشريح بمدرسة الطب في باريس. وما زال الخنجر الذي قتل به كليبر محفوظاً في مدينة كاركاسون Carcassonn بفرنسا.
زاد ارتياب الفرنسيين في الأزهر بعد مقتل الجنرال كليبر، حيث كان يأوي إليه سليمان الحلبي وشركاؤه، وبه قضى نحو ثلاثين يوماً مصمماً على القتل ثأراً لكرامة الإسلام والقومية العربية من احتلال الفرنسيين لمصر، ولما رأى العلماء أن الأزهر أصبح عرضة للريبة والتفتيش أغلقوه، وظل الأزهر مقفلاً حتى جلاء الفرنسيين عن مصر، فأعيد فتحه عام 1216هـ/1801م.
أحمد الهواش
Al-Halabi (Suleiman-) - Al-Halabi (Suleiman-)
الحلبي (سليمان -)
(1191-1215هـ/1777-1800م)
سليمان بن محمد أمين الحلبي، مجاهد سوري، قاتل الجنرال كليبر Kleber، ولد ونشأ في حلب، وتلقى علومه الابتدائية في كتاتيبها. ثم أرسله والده إلى مصر لتلقي العلوم الشرعية في الأزهر الشريف، وحج في تلك الحقبة مرتين مع الحج المصري. قطع دراسته في الأزهر وعاد إلى حلب حين علم أنّ أباه مريض ولكنه بعد أن اطمأن على صحة والده رجع لاستكمال تعليمه. وفي طريق عودته إلى أرض الكنانه عرج سليمان على مدينة القدس ومنها سافر إلى غزة فوصلها في أوائل شهر أيار 1800م، وكانت ثورة القاهرة الكبرى قد باءت بالإخفاق في شهر نيسان من العام نفسه، ووردت الأخبار عن فظائع الفرنسيين في قمعها مما أوقد في النفوس نار الثأر لشعب مصر والدفاع عن حريته وكرامته.
قابل سليمان في غزة بعض قواد الجيش العثماني، فعاهدهم على أن يقتل كليبر (قائد الجيش الفرنسي والحاكم العام بمصر بعد عودة بونابرت إلى فرنسا) وحمل من علماء غزة رسائل إلى بعض علماء الأزهر يوصونهم بمساعدته، وسكن فور وصوله في أحد أروقة الأزهر مع الطلاب المجاورين القادمين من بلاد الشام، وكان يبدو على سليمان بعد عودته شيء من التوتر والعصبية على غير عادته إبّان إقامته الأولى.
علم سليمان الحلبي أن الجنرال كليبر يمشي مساء كل يوم في حديقة سراي القيادة العامة للجيش الفرنسي بالأزبكية وفي 21 محرم1215هـ/14 حزيران1800م تمكن سليمان من التسلل إلى حديقة دار القيادة العامة، وتتبع خطوات الجنرال كليبر حيث وجده يسير مع ضابط آخر فطعنه بخنجر كان يخفيه طي ثيابه عدة طعنات، مات كليبر على أثرها، وفرّ سليمان لكن لم يطل به الأمر فقبض عليه في اليوم نفسه.
تولى التحقيق مع سليمان لجنة برئاسة الجنرال جاك مينو Menou قائد القوات الفرنسية بعد كليبر وقد خضع سـليمـان الحـلبي لعمليتي استجواب الأولى في يوم الاغتيال، والأخرى في اليـوم التـالي(15حزيران)، وتعرض بينهما لعملية تعذيب وحشية جعلته يُقرّ بعمله.
أُلِّفت محكمة عسكرية من تسعة ضباط لمحاكمته، انعقدت جلستها في يوم 16 حزيران 1800م ونطقت بالأحكام الآتية:
- حرق اليد اليمنى لسليمان الحلبي ثم إعدامه بإقامته على الخازوق، وأن يترك جسمه طعاماً للجوارح.
- إعدام المشايخ الثلاثة المتسترين على الجرم وهم: عبد الله الغزي، محمد الغزي، أحمد الوالي، بقطع رؤوسهم وتعليقها في ساحة الإعدام مدة كافية.
نُفِّذت هذه العقوبات بالمحكومين الأربعة في اليوم التالي (17 حزيران) في منطقة «تل العقارب» قرب القاهرة. وقد احتفظ الفرنسيون بالهيكل العظمي لسليمان، ونقلوه إلى متحف حديقة الحيوانات والنباتات في باريس، كما حفظوا جمجمته في غرفة التشريح بمدرسة الطب في باريس. وما زال الخنجر الذي قتل به كليبر محفوظاً في مدينة كاركاسون Carcassonn بفرنسا.
زاد ارتياب الفرنسيين في الأزهر بعد مقتل الجنرال كليبر، حيث كان يأوي إليه سليمان الحلبي وشركاؤه، وبه قضى نحو ثلاثين يوماً مصمماً على القتل ثأراً لكرامة الإسلام والقومية العربية من احتلال الفرنسيين لمصر، ولما رأى العلماء أن الأزهر أصبح عرضة للريبة والتفتيش أغلقوه، وظل الأزهر مقفلاً حتى جلاء الفرنسيين عن مصر، فأعيد فتحه عام 1216هـ/1801م.
أحمد الهواش