الكاتبة والإعلامية السورية ريمة راعي لـ"العرب": الرواية العربية يمكنها بلوغ العالمية
مالذي يحول شخصية عادية من الواقع إلى بطل روائي.
الاثنين 2023/04/03
انشرWhatsAppTwitterFacebook
استفدت من الصحافة في أدبي
إن الكتابة في أكثر من مجال تمنح الكاتب الثراء المطلوب، خاصة في تأليف الروايات التي باتت تجمع مختلف الفنون، ولكن يبقى السؤال حول كيفية الاستفادة من التجارب الحياتية والكتابية الأخرى في الأدب الروائي. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الكاتبة والإعلامية السورية ريمة راعي حول هذه القضايا.
تجمع الكاتبة السورية ريمة راعي بين كتابة القصة والرواية. وفي روايتها “مئة عام قبل الخاتم” اختارت أن يكون البطل ماردا بقامة مهيبة وربما مفزعا، إذ تؤمن بأننا جميعا نولد مردة بقامات مديدة، وقدرات سحرية تؤهلنا لفعل الأعاجيب، والتي أقلها أن نكون سعداء، لكن قاماتنا لا تبقى على حالها، بل تصبح أقصر يوما بعد يوم، بعد أن نتذوق الخبز، وندرك أنه لا يمنح بالمجان، وعلينا أن نبحث عنه، ثم نتعلم الانتظار في الطوابير الطويلة، ونختبر خيبات الأمل والخداع والخذلان في الحب.
وتضيف “أخيرا نصبح بشرا متشابهين بقامات قصيرة ويوميات ضئيلة الشأن. والرحلة التي خاضها المارد في روايتي بدءا من لحظة خروجه من القمقم إلى أن أصبح بشريا فانيا يبحث عن الخبز والحب، هي رحلتنا البشرية المشتركة، والفارق الوحيد بيننا وبين مارد الحكاية، هو أنه لم ينس ليوم واحد أنه ولد كي يكون ماردا، بينما نسينا جميعا من كنا في بداية الرحلة”.
العديد من الروائيين العرب أثبتوا أن بإمكان الرواية العربية المكتوبة بحرفية أن تنافس الروايات العالمية وتتوج وتترجم
ونسأل ريمة راعي هل تحقق حلم الكاتبة من خلال البطل المارد؟ فتجيبا بأن “النهاية السعيدة لحكاية المارد هي حلمي الشخصي الذي لا أتنازل عنه؛ فأنا واثقة من أن فطرة الكون هي الخير المطلق، إلا أن هذا الخير منذور لمكافأة من لا يغير وجهته بسبب عاصفة”.
أما عن رواية “بائعة الكلمات” التي تذكرنا برواية “بائعة الكبريت” من تأليف الشاعر والأديب الدنماركي هانس كريستيان، فهي أيضا قصة معاناة فتاة تعاني قسوة البرد والجوع، حول هذا التشابه بين بائعة الكلمات وبائعة الكبريت تقول الكاتبة “وجه الشبه بين الاثنتين هو المهنة غير الرابحة التي امتهنتها كل منهما، فضلا عن أن السلعة التي تبيعانها تملك قدرة سحرية على التحول إلى أحلام. أما الاختلاف الجوهري بينهما فهو أن بائعة الكلمات امتلكت حكاية خاصة بها بفضل اسمها (أفروديت)؛ لأنها منحت اسم ربة الجمال دون أن تحوز مزايا الربات من جمال وسلطة، أما بائعة الكبريت فلم يكن لاسمها شأن في الحكاية؛ لأن أحدا لم ينادها به”.
البطل ماردا بقامة مهيبة
وتبرر اختيارها لرواية “أحضان مالحة” هذا العنوان بأن “الرواية تحكي حكاية ثلاث نساء يبحثن عن ملجأ من عواصف الدنيا، ويتوهمن أنهن عثرن على الحب المنقذ، إلا أن خذلان الحب بالنسبة إليهن كان شبيها بمعانقة الملح. وبالنسبة إلى العنوان، فعنوان كل رواية هو بمثابة اسم أنادي به عزيزا لدي، وعادة ما أجرب عدة أسماء إلى أن يخبرني قلبي أن هذا هو الاسم الصحيح، فأطلقه عليها”.
أما عن رواية “نصف قطعة شوكولا” فهي تتحدث عن رجل مصاب بورم خبيث وقاتل، وحياته انتهت، نسألها هل هو نوع من التشاؤم الذي يلازم الكاتبة، أم له مدلولات أخرى، فتقر بأنه حسب رأيها أن أبطال الحكايات في النهاية هم الأشخاص ذاتهم الموجودون في الحياة الواقعية، لكن ما يحول شخصا عاديا، نلتقي به في الشارع أو يجلس قربنا في الحافلة، إلى بطل حكاية، هو مواجهته لحدث يملك هيئة وحش مستحيل الهزيمة، وأثناء العراك غير المتكافئ بينهما يتحول إلى بطل. الوحش قد يكون المرض، أو مخاوف الطفولة البعيدة، أو الخشية من الموت وحيدا.
قسوة البرد والجوع
وتتابع راعي “في رواية ‘نصف قطعة شوكولا’ كان الوحش هو النصف الذي ارتضاه آدم طيلة حياته، لكنه قرر أنه سيحصل على حصته كاملة من الدنيا، وإن لمرة واحدة أخيرة، وهذا ما جعل منه بطلا، له حكاية تروى. وبالنسبة إلى التشاؤم، فعلى العكس تماما، أعتبر نفسي سواء ككاتبة أو كإنسانة منتظرة أبدية ومخلصة لهدايا الحياة السعيدة”.
وعن علاقتها بالإعلام، وإن كان هذا التنوع يفتح آفاقا إبداعية أمام الكاتب، أم لها وجهة نظر خاصة، تقول راعي “الصحافة صاحبة فضل كبير علي ككاتبة؛ فقد كانت الجسر الذي أوصلني إلى أشخاص وتجارب وحكايات غير مألوفة، استخدمتها لاحقا في الكتابة الروائية، فضلا عن أن هذه المهنة علمتني فضيلة الاستماع وتوخي الدقة والوضوح، فقد كان دائما بإمكان القصة الواحدة أن تروى بطرق عديدة تبعا لمن يرويها، ولاحقا حرصت على استخدام هذه النزاهة في احترام الصوت الداخلي الخاص بكل بطل من أبطالي، بينما يروي كل منهم الجانب الخاص به من القصة، القديسون والضحايا منهم وكذلك الجناة والآثمون”.
وعن رأيها في مستوى الكتابة الروائية العربية، وهل تعتقد أنها وصلت إلى العالمية، تقول “لا أرى نفسي مؤهلة لتقييم الرواية العربية، لكن في العموم يوجد في الوطن العربي عدد لا بأس به من الروائيين الذين أثبتوا أن بإمكان الرواية العربية المكتوبة بحرفية أن تنافس الروايات العالمية، وتحصل على الجوائز، وتترجم إلى لغات أجنبية”.
نساء يبحثن عن ملجأ من عواصف الدنيا
ونسأل راعي هل حققت المرأة العربية المبدعة كل ما تريد، أم ما زال ينقصها الكثير؟ وماذا تقول للذين يدعون إلى تحجيم دور المرأة في المجتمع؟ لتجيب “أستطيع أن أتكلم عن نفسي فقط، وأؤكد أنه إن جاء اليوم الذي أقول فيه إنني حققت كل ما أريد، سأكون حينها قد أخفقت في قراءة لوحات الدلالة التي تقود إلى حيث تحدث الحياة الحقيقية، والسبب الذي جعلني أختار الكتابة لتكون طريقتي الخاصة في النداء على الدنيا. فكوني حية يعني أن أستمر في مطاردتي الشغوفة للحياة دون أن أحصل أبدا على كفايتي منها”.
وتضيف “أما بالنسبة إلى دعاة تحجيم دور المرأة، فليس لدي ما أقوله لهم؛ لأنهم حتما لن يهتموا بقراءة كاتبة مثلي؛ فالمرأة التي أكتب عنها ولها هي المرأة التي تعرف أنها ابنة الضوء والحرية والقدرة والوفرة، والتي لا يمكن احتجازها في أمكنة لا نوافذ مشرعة فيها”.
وكونها من الأديبات الشابات سألناها هل تعتقد أن الكتاب الشباب حصلوا على الدعم الكافي لإبراز مواهبهم؟ لتقول “أعتقد أن الكاتب الذي يمتلك الموهبة واللغة والجسارة كي يجرب أساليب مختلفة ومبتكرة في الكتابة، لديه الكثير من الفرص اليوم، خاصة مع تشجيع دور النشر للكتاب الشباب الموهوبين، ووجود مبادرات لنشر الكتاب الأول، فضلا عن أن ثورة التكنولوجيا منحت الكتاب فرصة ذهبية لتسويق أعمالهم وإخراجها إلى الضوء”.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
عمر شريقي
مالذي يحول شخصية عادية من الواقع إلى بطل روائي.
الاثنين 2023/04/03
انشرWhatsAppTwitterFacebook
استفدت من الصحافة في أدبي
إن الكتابة في أكثر من مجال تمنح الكاتب الثراء المطلوب، خاصة في تأليف الروايات التي باتت تجمع مختلف الفنون، ولكن يبقى السؤال حول كيفية الاستفادة من التجارب الحياتية والكتابية الأخرى في الأدب الروائي. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الكاتبة والإعلامية السورية ريمة راعي حول هذه القضايا.
تجمع الكاتبة السورية ريمة راعي بين كتابة القصة والرواية. وفي روايتها “مئة عام قبل الخاتم” اختارت أن يكون البطل ماردا بقامة مهيبة وربما مفزعا، إذ تؤمن بأننا جميعا نولد مردة بقامات مديدة، وقدرات سحرية تؤهلنا لفعل الأعاجيب، والتي أقلها أن نكون سعداء، لكن قاماتنا لا تبقى على حالها، بل تصبح أقصر يوما بعد يوم، بعد أن نتذوق الخبز، وندرك أنه لا يمنح بالمجان، وعلينا أن نبحث عنه، ثم نتعلم الانتظار في الطوابير الطويلة، ونختبر خيبات الأمل والخداع والخذلان في الحب.
وتضيف “أخيرا نصبح بشرا متشابهين بقامات قصيرة ويوميات ضئيلة الشأن. والرحلة التي خاضها المارد في روايتي بدءا من لحظة خروجه من القمقم إلى أن أصبح بشريا فانيا يبحث عن الخبز والحب، هي رحلتنا البشرية المشتركة، والفارق الوحيد بيننا وبين مارد الحكاية، هو أنه لم ينس ليوم واحد أنه ولد كي يكون ماردا، بينما نسينا جميعا من كنا في بداية الرحلة”.
العديد من الروائيين العرب أثبتوا أن بإمكان الرواية العربية المكتوبة بحرفية أن تنافس الروايات العالمية وتتوج وتترجم
ونسأل ريمة راعي هل تحقق حلم الكاتبة من خلال البطل المارد؟ فتجيبا بأن “النهاية السعيدة لحكاية المارد هي حلمي الشخصي الذي لا أتنازل عنه؛ فأنا واثقة من أن فطرة الكون هي الخير المطلق، إلا أن هذا الخير منذور لمكافأة من لا يغير وجهته بسبب عاصفة”.
أما عن رواية “بائعة الكلمات” التي تذكرنا برواية “بائعة الكبريت” من تأليف الشاعر والأديب الدنماركي هانس كريستيان، فهي أيضا قصة معاناة فتاة تعاني قسوة البرد والجوع، حول هذا التشابه بين بائعة الكلمات وبائعة الكبريت تقول الكاتبة “وجه الشبه بين الاثنتين هو المهنة غير الرابحة التي امتهنتها كل منهما، فضلا عن أن السلعة التي تبيعانها تملك قدرة سحرية على التحول إلى أحلام. أما الاختلاف الجوهري بينهما فهو أن بائعة الكلمات امتلكت حكاية خاصة بها بفضل اسمها (أفروديت)؛ لأنها منحت اسم ربة الجمال دون أن تحوز مزايا الربات من جمال وسلطة، أما بائعة الكبريت فلم يكن لاسمها شأن في الحكاية؛ لأن أحدا لم ينادها به”.
البطل ماردا بقامة مهيبة
وتبرر اختيارها لرواية “أحضان مالحة” هذا العنوان بأن “الرواية تحكي حكاية ثلاث نساء يبحثن عن ملجأ من عواصف الدنيا، ويتوهمن أنهن عثرن على الحب المنقذ، إلا أن خذلان الحب بالنسبة إليهن كان شبيها بمعانقة الملح. وبالنسبة إلى العنوان، فعنوان كل رواية هو بمثابة اسم أنادي به عزيزا لدي، وعادة ما أجرب عدة أسماء إلى أن يخبرني قلبي أن هذا هو الاسم الصحيح، فأطلقه عليها”.
أما عن رواية “نصف قطعة شوكولا” فهي تتحدث عن رجل مصاب بورم خبيث وقاتل، وحياته انتهت، نسألها هل هو نوع من التشاؤم الذي يلازم الكاتبة، أم له مدلولات أخرى، فتقر بأنه حسب رأيها أن أبطال الحكايات في النهاية هم الأشخاص ذاتهم الموجودون في الحياة الواقعية، لكن ما يحول شخصا عاديا، نلتقي به في الشارع أو يجلس قربنا في الحافلة، إلى بطل حكاية، هو مواجهته لحدث يملك هيئة وحش مستحيل الهزيمة، وأثناء العراك غير المتكافئ بينهما يتحول إلى بطل. الوحش قد يكون المرض، أو مخاوف الطفولة البعيدة، أو الخشية من الموت وحيدا.
قسوة البرد والجوع
وتتابع راعي “في رواية ‘نصف قطعة شوكولا’ كان الوحش هو النصف الذي ارتضاه آدم طيلة حياته، لكنه قرر أنه سيحصل على حصته كاملة من الدنيا، وإن لمرة واحدة أخيرة، وهذا ما جعل منه بطلا، له حكاية تروى. وبالنسبة إلى التشاؤم، فعلى العكس تماما، أعتبر نفسي سواء ككاتبة أو كإنسانة منتظرة أبدية ومخلصة لهدايا الحياة السعيدة”.
وعن علاقتها بالإعلام، وإن كان هذا التنوع يفتح آفاقا إبداعية أمام الكاتب، أم لها وجهة نظر خاصة، تقول راعي “الصحافة صاحبة فضل كبير علي ككاتبة؛ فقد كانت الجسر الذي أوصلني إلى أشخاص وتجارب وحكايات غير مألوفة، استخدمتها لاحقا في الكتابة الروائية، فضلا عن أن هذه المهنة علمتني فضيلة الاستماع وتوخي الدقة والوضوح، فقد كان دائما بإمكان القصة الواحدة أن تروى بطرق عديدة تبعا لمن يرويها، ولاحقا حرصت على استخدام هذه النزاهة في احترام الصوت الداخلي الخاص بكل بطل من أبطالي، بينما يروي كل منهم الجانب الخاص به من القصة، القديسون والضحايا منهم وكذلك الجناة والآثمون”.
وعن رأيها في مستوى الكتابة الروائية العربية، وهل تعتقد أنها وصلت إلى العالمية، تقول “لا أرى نفسي مؤهلة لتقييم الرواية العربية، لكن في العموم يوجد في الوطن العربي عدد لا بأس به من الروائيين الذين أثبتوا أن بإمكان الرواية العربية المكتوبة بحرفية أن تنافس الروايات العالمية، وتحصل على الجوائز، وتترجم إلى لغات أجنبية”.
نساء يبحثن عن ملجأ من عواصف الدنيا
ونسأل راعي هل حققت المرأة العربية المبدعة كل ما تريد، أم ما زال ينقصها الكثير؟ وماذا تقول للذين يدعون إلى تحجيم دور المرأة في المجتمع؟ لتجيب “أستطيع أن أتكلم عن نفسي فقط، وأؤكد أنه إن جاء اليوم الذي أقول فيه إنني حققت كل ما أريد، سأكون حينها قد أخفقت في قراءة لوحات الدلالة التي تقود إلى حيث تحدث الحياة الحقيقية، والسبب الذي جعلني أختار الكتابة لتكون طريقتي الخاصة في النداء على الدنيا. فكوني حية يعني أن أستمر في مطاردتي الشغوفة للحياة دون أن أحصل أبدا على كفايتي منها”.
وتضيف “أما بالنسبة إلى دعاة تحجيم دور المرأة، فليس لدي ما أقوله لهم؛ لأنهم حتما لن يهتموا بقراءة كاتبة مثلي؛ فالمرأة التي أكتب عنها ولها هي المرأة التي تعرف أنها ابنة الضوء والحرية والقدرة والوفرة، والتي لا يمكن احتجازها في أمكنة لا نوافذ مشرعة فيها”.
وكونها من الأديبات الشابات سألناها هل تعتقد أن الكتاب الشباب حصلوا على الدعم الكافي لإبراز مواهبهم؟ لتقول “أعتقد أن الكاتب الذي يمتلك الموهبة واللغة والجسارة كي يجرب أساليب مختلفة ومبتكرة في الكتابة، لديه الكثير من الفرص اليوم، خاصة مع تشجيع دور النشر للكتاب الشباب الموهوبين، ووجود مبادرات لنشر الكتاب الأول، فضلا عن أن ثورة التكنولوجيا منحت الكتاب فرصة ذهبية لتسويق أعمالهم وإخراجها إلى الضوء”.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
عمر شريقي