أثارت بعض المسلسلات التلفزيونية الرمضانية من الجدل ما يكفي ليكون الموسم الدرامي الرمضاني الحالي أحد أكثر المواسم الإشكالية في تاريخ الدراما الرمضانية. فمن تونس إلى مصر وصولًا إلى العراق ودول الخليج، لا يبدو أن هناك ما يشغل المشاهد أكثر من السقطات الفنية والأخطاء التاريخية التي وقعت فيها بعض المسلسلات، والتجاوزات الأخلاقية التي سجّلتها مسلسلات أخرى.
"رسالة الإمام" و"سره الباتع".. أخطاء تاريخية بالجملة
لا يزال الجدل الذي أثاره مسلسل "رسالة الإمام"، الذي تدور أحداثه حول الفترة التي عاشها الإمام الشافعي في مصر، قائمًا حتى هذه اللحظة. فبعد انتقاد حديث بعض شخصيات المسلسل، بما في ذلك الإمام الشافعي الذي يجسّد دوره خالد النبوي، باللهجة المصرية المعاصرة التي لم يكن لها وجود في العصر العباسي؛ انتقل الجدل إلى محور آخر متعلق بقراءة النبوي بيتين لشاعر سوري يُدعى حذيفة العرجي على أنهما من أقوال الإمام الشافعي.
يبدو أن الموسم الدرامي الحالي سيكون أحد أكثر المواسم الإشكالية في تاريخ الدراما الرمضانية بسبب الجدل الذي أثارته بعض مسلسلاته
وهذا ليس الخطأ التاريخي الوحيد في المسلسل، فهناك أيضًا المشهد الذي ظهر فيه الإمام الشافعي متحدثًا إلى الخليفة العباسي المأمون حول خلق القرآن سنة 198 هجرية، وهو مشهد مليء بالمغالطات التاريخية التي فنّدها الباحث أشرف حسن في سلسلة تغريدات أوضح فيها أن الخليفة المأمون دخل بغداد سنة 204 هـ، رغم توليه الخلافة سنة 198، وأنه لم يعتنق القول بـ"خلق القرآن" إلا سنة 212 هـ، في حين أن الإمام الشافعي توفي سنة 204 هـ، ما يعني أنه لم يقابل المأمون.
في المقابل، رد صنّاع المسلسل على الجدل المثار حوله بإضافة تنويه عُرض قبل بداية الحلقة السادسة كُتب فيه: "رؤية درامية مستوحاة من أحداث تاريخية. تنويه، بعض حكايات وشخصيات العمل من وحي خيال المؤلف للضرورة الدرامية". الأمر الذي اعتبره رواد مواقع التواصل الاجتماعي هروبًا من المسؤولية.
"سره الباتع" تعرّض بدوره لانتقادات واسعة وسخرية كبيرة بسبب مجموعة كبيرة من الأخطاء التاريخية التي رصدها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مثل ارتداء أحد الممثلين حذاءً رياضيًا حديثًا، وتجسيد ممثل طويل القامة شخصية نابليون بونابرت المعروف بقصر قامته، بالإضافة إلى ظهور الجنود الفرنسيين بملامح مصرية واضحة.
ضرب للأخلاق أم انعكاس لواقع المجتمع؟
أثار مسلسل "فلوجة" جدلًا واسعًا وسجالات حادة في تونس بين فئة ترى أنه يتضمن: "تصرفات خطرة جدًا على المتابعين من الأطفال والمراهقين والمربين والأمنيين"، ويتعمد: "ضرب الأخلاق والتربية من خلال تعمد نشر البذاءة والتفسخ الأخلاقي الممنهج" بحسب ما جاء في الدعوى المقامة لوقف عرضه. وأخرى ترى أن العمل ليس سوى انعكاس لواقع المجتمع التونسي وأحوال المؤسسات التعليمية والأمنية في البلاد.
ورغم الضغوط التي مارستها مؤسسات مختلفة لوقف عرضه، إلا أن الدائرة الاستعجالية لدى المحكمة الابتدائية في تونس رفضت دعوى وقف بث المسلسل، الذي يتناول ما يحدث داخل المدارس من ظواهر وسلوكيات تتعلق بترويج المخدرات والعلاقات العاطفية بين المراهقين والانحراف ودور رجال الأمن في هذا السياق.
غضب عشائري ومناوشات عراقية – كويتية
وبدعوى الإساءة إلى المجتمع الجنوبي وأعراف عشائره وتقاليدها، أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية وقف بث مسلسل "الكاسر"، الذي أثار جدلًا واسعًا في العراق، خاصةً في أوساط المجتمع الجنوبي الذي اعتبر بعض أبنائه أن العمل قدّمهم بوصفهم مجتمع دموي فوضوي متمرد على الدولة. في حين استنكر بعض العراقيين الهجمة على المسلسل، واعتبرو أنها غير منطقية على اعتبار أن جنوب العراق يعيش صراعات عشائرية دامية بصورة مستمرة.
أما مسلسل "دفعة لندن"، فقد تعرّض لموجة انتقادات واسعة وأثار أزمة كبيرة بين العراقيين والكويتيين في مواقع التواصل الاجتماعي أعادت إلى الواجهة الخلافات السياسية التاريخية بين البلدين، حيث اعتبر عراقيون أن المسلسل يتعمّد تشويه صورتهم والإساءة إليهم بعد ظهور طالبة عراقية تعمل خادمة لدى طالبة كويتية في أحد مشاهد المسلسل.
من جهتها، ردت الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة، مؤلفة المسلسل، على الاتهامات السابقة بقولها إن: "تاريخ العراق أكبر من أن تخبرني به مجموعة من المشحونين عاطفيًا. تاريخكم يخصنا نحن العرب ونستند عليه ونتباهى به. المصيبة من المتلقي قصير النظرة المعبأ بفكرة المؤامرة"، وأضافت: "مع الأسف التلقي سطحي جدًا، والعراق أكبر من تخليص حسابات. لكن أخذكم الحماس والغيرة. والله يعلم أننا نغار على عراقنا أكثر منكم".
وعلى عكس الموسم السابق الذي أشاد فيه الجمهور بأدائها، تعرّضت الفنانة المصرية رحمة أحمد "مربوحة"، بطلة مسلسل "الكبير أوي 7"، لهجوم واسع من بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا أن أدائها في الجزء الجديد من المسلسل مزعج ومبالغ فيه.