كتب عنه .. د. مصطفى الآغا
« معد ومقدم برامج رياضية في قنـاة mbc »
⏹كنت مازلت طالباً صغيراً في كلية الآداب بجامعة دمشق / قسم اللغة الإنكليزية .. وفي مساء يوم خريفي التقيت صدفة بمذيع رياضي بدأ نجمه يسطع بقوة وكان ياسر علي ديب .. التعارف كان بمحض الصدفة .. تمشـيـنـا مـن كـلـيـة الآداب حـتـى حـي البرامكة ، حيث كان مقر جريدة الاتحاد التي لم تكن قد أكملت عامها الأول .. كنت في الثامنة عشرة من عمري والحياة أمامي تبدو مرتبطة بالدراسة ولا شيء غيرها .. والأحلام كانت كثيرة ولكنها لم تكن يوماً على علاقة بالإعلام أو بالتلفزيون رغم أنني كنت أول طالب في تاريخ سورية الحديثة يعد مجلة حائط باللغة الإنكليزية وكنت في الصف العاشر بثانوية جودت الهاشمي ، كما كنت من الجيدين « حسب العلامات التي كنت أنالها » في مادة التعبير ..
لم أكن من النوع المنفتح على الآخرين ، بل كنت خجولاً إلى درجة لا تطاق وكان الكتاب هو صديقي الوحيد وتحديداً الأدب الروسي الذي تخصص به أعمامي الذين شجـعـونـي عـلـى قـراءته .. فـقـرأت لـتشـيـكـوف وإيـتـمـاتـوف ورسول حمزاتوف ، حتى ديستويفسكي قرأته قبل أن أدخل الجامعة ..
تصورت أنني قد أكون يوماً شاعراً أو كاتب قصة أو أستاذا في مدرسة .. وقمة أحلامي أن أكون أستاذاً جامعياً .. ولكن « تمشاية » يتيمة مع ياسر ونبيل غيرت حياتي ..
ففي مقر صحيفة الاتحاد دخلت معهما وهناك كان الراحلان طيب صفوة وبعده بقليل جاء عدنان بوظو .. لم يكن سهلا على شاب مثلي أن يتواجه مع رجل بقيمة وقامة عدنان بوظو ، ولا أدري كيف تمالكت نفسي وأشعرته أنني غير متهيب من لقائه .. سألني : شو بتشغتل يا ابني ؟ فقلت له طالب بكلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية .. سألني : هل جربت يوما العمل الصحفي ؟ .. وكانت إجابتي غامضة .. نعم ولا .. فقال كيف ؟ قلت إنني صحفي مدرستي ولكنني لم أعمل يوما بأجر ولا في مطبوعة يقرؤها أكثر من ٥٠٠ شخص .
يومها كانت الاتحاد هي قبلة الأنظار في سورية ، ففيها يكتب عمالقة أمثال عدنان بوظو وشقيقه العميد فاروق وطيب صفوة وعادل أبو شنب ومروان عرفات ونور الدين طرابلسي في الصفحة الثانية وهي للمحليات وياسر علي ديب الذي كانت له الصفحة السابعة المنوعة ، وفايز وهبي بصفحته عربيات الرابعة ولطفي الأسطواني بالصفحة العالمية ورقمها خمسة .. ولا أتذكر إن كانت زميلتنا سلوى ضميرية موجودة ولكن صفحتها كانت السادسة وهي للمنظمات .. الأولى والأخيرة كانت للتغطيات وللمقالات ومنها في الصميم لرئيس التحرير ، وصباح الخير للأستاذ الكبير عادل أبو شنب والمنطقة الحرة للعميد .. بالطبع كان هناك عاملون آخرون كسناء الكبرة ومظهر وأبو محمود ولاحقاً أبو زياد ..
مراسلو الجريدة كانوا أيضاً من العيار الثقيل لهذا كانت تباع الاتحاد مقطوعة أي دون مرتجع ..
يومها وفي هذا اللقاء اليتيم سألني عدنان إن كان بإمكاني أن أشارك معهم ببعض الترجمات ودون تردد قلت نعم .. نعم هذه غيرت حياتي .. بعد هذه النعم شعرت بالتحدي ..
فماذا أفعل لكي أبهر عدنان بوظو ؟! صرت « أبحبش » عن المجلات والصحف في شوارع دمشق لأن ميزانيتي لا تستحمل أبدأ أن أشتريها من المكتبات ..
وتشاء الصدف أن بائعي الأرصفة وفروا لي لقمة عيشي وغيروا هم أيضاً حياتي ..
فمبلغ لا يتجاوز الخمس ليرات « وهو مبلغ كبير في عرف من يقبض ١٢٥ ليرة شهرياً ، لكي يتدبر أمره في الجامعة .. وكنت أعمل أيضاً في كتابة الأمالي الجامعية ونبيعها في نفق كلية الأداب بصحبة الدكتور وضاح الخطيب شقيق المخرج باسل الخطيب وابن الشاعر الكبير يوسف الخطيب ..
مجلة رياضية كانت تباع على الأرصفة لجمال صورها تدعى ( Sport Illustrated ) هي التي منحتني نقطة العبور لقلب وعقل عدنان بوظو .. صرت أكتب المقالات بدل أن أتـرجمـهـا مـعـتـمـدأ على مخزوني الشخصي وعلى الصور المرافقة .. وبعد أقل من أسبوعين سألني عدنان إن كنت قادراً على تصوير ريبورتاج تلفزيوني وأطلق في التلفزيون .. ودون تردد قلت له « جاهز .. أنا اللي بطلع » .
كيف أكون جاهزا وأنا لم أر كاميرا في حياتي ولم أدخل مقر التلفزيون السوري في عمري ؟
يقيني أن القدر كان يوجهني نحو الإعلام .. وبالفعل وضع الأستاذ عدنان اسمي على بوابة الدخول في التلفزيون وكنت يومها بذقن لم أحلقها في حياتي .. لبست طقمي البني واتجهت صوب التلفزيون عبر عالم بأن ذلك اليوم سيكون فتحاً مختلفاً في حياتي ..
التقرير كان عن الريشة الطائرة ، حيث استقدم الاتحاد الرياضي مدرباً كورياً شمالياً ، أما المصور فكان المذيع المشهور حالياً عبد المعين عبد المجيد بصحبة الزميل هشام مصدق .. توجهنا لصالة تشرين وشاء القدر أن يكون المدرب « بيعرف عربي مكسر ويشاء القدر أن يساعدني عبد المعين بخبرته ومهاراته في التصوير والمقابلات التي صار فيما بعد أحد أعلامها .. وكان التقرير طريفاً وغنياً .. وهكذا بدأت مسيرتي مع عدنان بوظون برنامجه الشهير محطات رياضية وبعد أشهر قليلة استلمت تحرير الصفحة السابعة مكان الزميل ياسر الذي انشغل عنها وبدأت أكتب المقالات الأسبوعية مثل « كل سبت » و « كلاكيت » وكنت على تواصل مباشر بالقراء ..
وأعتقد أنني صرت من المحبين لعدنان ، فصرت أرافقه في استوديو الإذاعة عندما كان يقدم محطته الرياضية الساعة الحادية عشرة إلا ربعاً .. وصرت أقدمها نيابة عنه عندما يغيب بصحبة الزميلين ياسر ووجيه الشويكي ..
كان مجرد تقديم لحظات في الإذاعة يوازي فوزي بمليون دولار ، كما كان مشاهدة اسمي في صحيفة الاتحاد التي كنت أشتريها لأنني لا أحتمل الانتظار للوصول للجريدة صباح السبت لقراءة اسمي فيها .. أما ظهوري التلفزيوني فكان قمة القمم بالنسبة لي .
ورويدا رويدا دخلت عالم التعليق وكانت البداية في حلب في بطولة العالم العسكرية الثانية والثلاثين ثم الثالثة والثلاثين ..
حلب هي التي عشقها عدنان بوظو وعشقته .. أحببتها أيضاً كمدينتي الأم دمشق .. وربما أكثر .. في حلب وتحديداً في دورة البحر الأبيض المتوسط كانت انطلاقتي الحقيقية مع عدنان .. فكنت مترجماً للجنة المنظمة أحضر الاجتماعات معه رغم أنه كان يكره الاجتماعات الصباحية ..
وفي حلب علقت على منافسات كرتي السلة والقدم وكنت المعلق الوحيد الموجود هناك تـلـفـزيـونـيـاً .. ولازلت أذكر مباراة سورية واليونان والتي فزنا بها بضربات الجزاء ، يومها تصدى أحمد عيد وأهدر جورج خوري وبكيت في اللحظتين .. كما بكيت ساعة الفوز .. وعندما انتقل المنتخب للاذقية لخوض النهائي أبعدني عدنان عن المباراة وعلق عليها بصحبة ياسر علي ديب .. ومازالت هذه الذكرى غصة في حلقي حتى الآن ..
عدنان بوظو كان طيباً ولطيفاً ولكنه في الوقت نفسه قاسياً ومنظماً في العمل ..
كثيراً ما أوقفني عن العمل بسبب ما رآه وقتها شططاً غير مبرر .. حتى البرنامج الرياضي الإنكليزي الأول في تاريخ الشاشة السورية والذي حمل اسم Sports Magazine لم يمنحني شرف إعداده ، بل تقديمه فقط ومنح الإعداد لحسان دكاك .. ربما كانت له رؤى تختلف عما أراه .. ربما كنا نختلف كثيراً ولكني أبدأ لم أنكر فضله في تغيير حياتي وي تعليمي أبجديات التعليق والتقديم والكتابة .
أذكر مرة أنه سألني مصطفى قلت بالأمس خلال تعليقك على مباراة الاتحاد والحرية إن الجماهير زحفت للملعب من الصباح الباكر ، قلت له نعم حدث .. قال الصباح الباكر يعني منذ الفجر وهذه المعلومة غير دقيقة فتجنبها لاحقاً ..
طبعاً رغباته أوامر فهو صاحب الرأي وصاحب القرار .. أجمل ما في عدنان بوظو أنه كان مهذباً ، لا يشتم ولا يصرخ مهما كان حجم المقابل له ضئيلاً حتى سخيفاً .. وأجمل ما فيه أنه كان يأخذ رأينا نحن الصغار في مقالته الأسبوعية في الصميم » وصدقوني أنه كان يعدل فيها بناء على آرائنا ..
أجمل ما فيه بساطته وعفويته ودقة ملاحظته .. أجمل ما فيه تنظيمه الكبير لعمله وفوضويته في حياته الشخصية ..
ولعلكم تلاحظون أنني أستخدم صيغة الفعل المضارع أو الزمن الحاضر وأنا أتحدث عنه .. لماذا ؟
لأنه ببساطة مازال حياً داخلي وداخل كل من عرفه ..
رحمة الله عليك يا عدنان .. فقد غيرت حياتي .. كل حياتي .. ولعل أكثر ما يحز في نفسي أنه لم يعش ليرى كيف صار الشبان الذين دربهم وعلمهم ..
أين صار أيمن جادة وياسر علي ديب ومصطفى الآغا وغيرهم الكثيرون ..
لكل من يقرأ هذه الحروف .. أتمنى أن يقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة .
« معد ومقدم برامج رياضية في قنـاة mbc »
⏹كنت مازلت طالباً صغيراً في كلية الآداب بجامعة دمشق / قسم اللغة الإنكليزية .. وفي مساء يوم خريفي التقيت صدفة بمذيع رياضي بدأ نجمه يسطع بقوة وكان ياسر علي ديب .. التعارف كان بمحض الصدفة .. تمشـيـنـا مـن كـلـيـة الآداب حـتـى حـي البرامكة ، حيث كان مقر جريدة الاتحاد التي لم تكن قد أكملت عامها الأول .. كنت في الثامنة عشرة من عمري والحياة أمامي تبدو مرتبطة بالدراسة ولا شيء غيرها .. والأحلام كانت كثيرة ولكنها لم تكن يوماً على علاقة بالإعلام أو بالتلفزيون رغم أنني كنت أول طالب في تاريخ سورية الحديثة يعد مجلة حائط باللغة الإنكليزية وكنت في الصف العاشر بثانوية جودت الهاشمي ، كما كنت من الجيدين « حسب العلامات التي كنت أنالها » في مادة التعبير ..
لم أكن من النوع المنفتح على الآخرين ، بل كنت خجولاً إلى درجة لا تطاق وكان الكتاب هو صديقي الوحيد وتحديداً الأدب الروسي الذي تخصص به أعمامي الذين شجـعـونـي عـلـى قـراءته .. فـقـرأت لـتشـيـكـوف وإيـتـمـاتـوف ورسول حمزاتوف ، حتى ديستويفسكي قرأته قبل أن أدخل الجامعة ..
تصورت أنني قد أكون يوماً شاعراً أو كاتب قصة أو أستاذا في مدرسة .. وقمة أحلامي أن أكون أستاذاً جامعياً .. ولكن « تمشاية » يتيمة مع ياسر ونبيل غيرت حياتي ..
ففي مقر صحيفة الاتحاد دخلت معهما وهناك كان الراحلان طيب صفوة وبعده بقليل جاء عدنان بوظو .. لم يكن سهلا على شاب مثلي أن يتواجه مع رجل بقيمة وقامة عدنان بوظو ، ولا أدري كيف تمالكت نفسي وأشعرته أنني غير متهيب من لقائه .. سألني : شو بتشغتل يا ابني ؟ فقلت له طالب بكلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية .. سألني : هل جربت يوما العمل الصحفي ؟ .. وكانت إجابتي غامضة .. نعم ولا .. فقال كيف ؟ قلت إنني صحفي مدرستي ولكنني لم أعمل يوما بأجر ولا في مطبوعة يقرؤها أكثر من ٥٠٠ شخص .
يومها كانت الاتحاد هي قبلة الأنظار في سورية ، ففيها يكتب عمالقة أمثال عدنان بوظو وشقيقه العميد فاروق وطيب صفوة وعادل أبو شنب ومروان عرفات ونور الدين طرابلسي في الصفحة الثانية وهي للمحليات وياسر علي ديب الذي كانت له الصفحة السابعة المنوعة ، وفايز وهبي بصفحته عربيات الرابعة ولطفي الأسطواني بالصفحة العالمية ورقمها خمسة .. ولا أتذكر إن كانت زميلتنا سلوى ضميرية موجودة ولكن صفحتها كانت السادسة وهي للمنظمات .. الأولى والأخيرة كانت للتغطيات وللمقالات ومنها في الصميم لرئيس التحرير ، وصباح الخير للأستاذ الكبير عادل أبو شنب والمنطقة الحرة للعميد .. بالطبع كان هناك عاملون آخرون كسناء الكبرة ومظهر وأبو محمود ولاحقاً أبو زياد ..
مراسلو الجريدة كانوا أيضاً من العيار الثقيل لهذا كانت تباع الاتحاد مقطوعة أي دون مرتجع ..
يومها وفي هذا اللقاء اليتيم سألني عدنان إن كان بإمكاني أن أشارك معهم ببعض الترجمات ودون تردد قلت نعم .. نعم هذه غيرت حياتي .. بعد هذه النعم شعرت بالتحدي ..
فماذا أفعل لكي أبهر عدنان بوظو ؟! صرت « أبحبش » عن المجلات والصحف في شوارع دمشق لأن ميزانيتي لا تستحمل أبدأ أن أشتريها من المكتبات ..
وتشاء الصدف أن بائعي الأرصفة وفروا لي لقمة عيشي وغيروا هم أيضاً حياتي ..
فمبلغ لا يتجاوز الخمس ليرات « وهو مبلغ كبير في عرف من يقبض ١٢٥ ليرة شهرياً ، لكي يتدبر أمره في الجامعة .. وكنت أعمل أيضاً في كتابة الأمالي الجامعية ونبيعها في نفق كلية الأداب بصحبة الدكتور وضاح الخطيب شقيق المخرج باسل الخطيب وابن الشاعر الكبير يوسف الخطيب ..
مجلة رياضية كانت تباع على الأرصفة لجمال صورها تدعى ( Sport Illustrated ) هي التي منحتني نقطة العبور لقلب وعقل عدنان بوظو .. صرت أكتب المقالات بدل أن أتـرجمـهـا مـعـتـمـدأ على مخزوني الشخصي وعلى الصور المرافقة .. وبعد أقل من أسبوعين سألني عدنان إن كنت قادراً على تصوير ريبورتاج تلفزيوني وأطلق في التلفزيون .. ودون تردد قلت له « جاهز .. أنا اللي بطلع » .
كيف أكون جاهزا وأنا لم أر كاميرا في حياتي ولم أدخل مقر التلفزيون السوري في عمري ؟
يقيني أن القدر كان يوجهني نحو الإعلام .. وبالفعل وضع الأستاذ عدنان اسمي على بوابة الدخول في التلفزيون وكنت يومها بذقن لم أحلقها في حياتي .. لبست طقمي البني واتجهت صوب التلفزيون عبر عالم بأن ذلك اليوم سيكون فتحاً مختلفاً في حياتي ..
التقرير كان عن الريشة الطائرة ، حيث استقدم الاتحاد الرياضي مدرباً كورياً شمالياً ، أما المصور فكان المذيع المشهور حالياً عبد المعين عبد المجيد بصحبة الزميل هشام مصدق .. توجهنا لصالة تشرين وشاء القدر أن يكون المدرب « بيعرف عربي مكسر ويشاء القدر أن يساعدني عبد المعين بخبرته ومهاراته في التصوير والمقابلات التي صار فيما بعد أحد أعلامها .. وكان التقرير طريفاً وغنياً .. وهكذا بدأت مسيرتي مع عدنان بوظون برنامجه الشهير محطات رياضية وبعد أشهر قليلة استلمت تحرير الصفحة السابعة مكان الزميل ياسر الذي انشغل عنها وبدأت أكتب المقالات الأسبوعية مثل « كل سبت » و « كلاكيت » وكنت على تواصل مباشر بالقراء ..
وأعتقد أنني صرت من المحبين لعدنان ، فصرت أرافقه في استوديو الإذاعة عندما كان يقدم محطته الرياضية الساعة الحادية عشرة إلا ربعاً .. وصرت أقدمها نيابة عنه عندما يغيب بصحبة الزميلين ياسر ووجيه الشويكي ..
كان مجرد تقديم لحظات في الإذاعة يوازي فوزي بمليون دولار ، كما كان مشاهدة اسمي في صحيفة الاتحاد التي كنت أشتريها لأنني لا أحتمل الانتظار للوصول للجريدة صباح السبت لقراءة اسمي فيها .. أما ظهوري التلفزيوني فكان قمة القمم بالنسبة لي .
ورويدا رويدا دخلت عالم التعليق وكانت البداية في حلب في بطولة العالم العسكرية الثانية والثلاثين ثم الثالثة والثلاثين ..
حلب هي التي عشقها عدنان بوظو وعشقته .. أحببتها أيضاً كمدينتي الأم دمشق .. وربما أكثر .. في حلب وتحديداً في دورة البحر الأبيض المتوسط كانت انطلاقتي الحقيقية مع عدنان .. فكنت مترجماً للجنة المنظمة أحضر الاجتماعات معه رغم أنه كان يكره الاجتماعات الصباحية ..
وفي حلب علقت على منافسات كرتي السلة والقدم وكنت المعلق الوحيد الموجود هناك تـلـفـزيـونـيـاً .. ولازلت أذكر مباراة سورية واليونان والتي فزنا بها بضربات الجزاء ، يومها تصدى أحمد عيد وأهدر جورج خوري وبكيت في اللحظتين .. كما بكيت ساعة الفوز .. وعندما انتقل المنتخب للاذقية لخوض النهائي أبعدني عدنان عن المباراة وعلق عليها بصحبة ياسر علي ديب .. ومازالت هذه الذكرى غصة في حلقي حتى الآن ..
عدنان بوظو كان طيباً ولطيفاً ولكنه في الوقت نفسه قاسياً ومنظماً في العمل ..
كثيراً ما أوقفني عن العمل بسبب ما رآه وقتها شططاً غير مبرر .. حتى البرنامج الرياضي الإنكليزي الأول في تاريخ الشاشة السورية والذي حمل اسم Sports Magazine لم يمنحني شرف إعداده ، بل تقديمه فقط ومنح الإعداد لحسان دكاك .. ربما كانت له رؤى تختلف عما أراه .. ربما كنا نختلف كثيراً ولكني أبدأ لم أنكر فضله في تغيير حياتي وي تعليمي أبجديات التعليق والتقديم والكتابة .
أذكر مرة أنه سألني مصطفى قلت بالأمس خلال تعليقك على مباراة الاتحاد والحرية إن الجماهير زحفت للملعب من الصباح الباكر ، قلت له نعم حدث .. قال الصباح الباكر يعني منذ الفجر وهذه المعلومة غير دقيقة فتجنبها لاحقاً ..
طبعاً رغباته أوامر فهو صاحب الرأي وصاحب القرار .. أجمل ما في عدنان بوظو أنه كان مهذباً ، لا يشتم ولا يصرخ مهما كان حجم المقابل له ضئيلاً حتى سخيفاً .. وأجمل ما فيه أنه كان يأخذ رأينا نحن الصغار في مقالته الأسبوعية في الصميم » وصدقوني أنه كان يعدل فيها بناء على آرائنا ..
أجمل ما فيه بساطته وعفويته ودقة ملاحظته .. أجمل ما فيه تنظيمه الكبير لعمله وفوضويته في حياته الشخصية ..
ولعلكم تلاحظون أنني أستخدم صيغة الفعل المضارع أو الزمن الحاضر وأنا أتحدث عنه .. لماذا ؟
لأنه ببساطة مازال حياً داخلي وداخل كل من عرفه ..
رحمة الله عليك يا عدنان .. فقد غيرت حياتي .. كل حياتي .. ولعل أكثر ما يحز في نفسي أنه لم يعش ليرى كيف صار الشبان الذين دربهم وعلمهم ..
أين صار أيمن جادة وياسر علي ديب ومصطفى الآغا وغيرهم الكثيرون ..
لكل من يقرأ هذه الحروف .. أتمنى أن يقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة .
تعليق