رجلٌ ميتٌ يمشي dead man walking
عندما أخرج " تيم روبنز " فيلم ( رجلٌ ميتٌ يمشي ) عام 1995 ، فقد كان مايزال تحت سطوة فيلم ( إصلاحية شاوشانك ) ـ 1994 ، الشهير الذي مثل فيه دور السجين " آندي دوفرين " المتهم بقتل زوجته و عشيقها ، و الذي يفر في النهاية عبر مجاري المياه الثقيلة و قد أستولى على الحساب المصرفي لمدير السجن . فعندما لعب " روبنز " ذلك الدور في ذلك الفيلم فإنه إكتسب خبرة كممثل .. فوظفها في هذا الفيلم ( رجلٌ ميت يمشي ) كمخرج . و هذه ثاني تجربة إخراجية لـ " تيم روبنز " بعد فيلمه الكوميدي ( بوب روبتس ) عام 1992.
يتميز هذا الفيلم بالحوارات أكثر مما هو فيلم حركة ، و بالتالي فإن معظمَ مَشاهدِه مشاهدٌ داخلية تعتمد اللقطات المقرّبه للوجوه ، لا لكي نقرأ ملامحها و هي تتحدث أو تتأثر بل لنقرأ دواخلها و إنعكاساتها ، و تحديداً على وجهَي بطلي الفيلم : الراهبة الأخت " هيلين " ( سوزان ساراندون ) و " ماثيو بونسليت " ( شون بن ) . و هذا النوع من التصوير يكشف إمكانيات الممثل التعبيرية و يضعه وجهاً لوجه أمام الحُكم على درجة موهبته ، و قد أبدع " شون بن " و " سوزان ساراندون " أيما إبداع في الكشف عن موهبتهما التعبيرية ، فخطفت " ساراندون " جائزة الأوسكار ، بإستحقاق ، كأفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم ، و كان " شون بن " يستحقها أيضاً ، و قد ترشح فعلاً للأوسكار كأفضل ممثل عن دوره هذا ، ولكن الجائزة ذهبت حينها الى " نيكولاس كيج " عن دوره في فيلم ( مغادرة لاس فيغاس ) .
كتب سيناريو الفيلم المخرج " تيم روبنز " نفسه إعتماداً على مذكرات الأخت " هيلين بريجان " ، و هي راهبة تنتمي الى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ، داعت و عملت على إلغاء عقوبة الإعدام ، و هي أبرز دعاة إلغاء هذه العقوبة ، و تولت للفترة 1993ـ 1995 رئاسة الإئتلاف الوطني لإلغائها ، و كانت قد أسست جمعيات ( سيرفايف ) لمساعدة أسر ضحايا جرائم القتل . أما جريمة القتل التي أدين بها " ماثيو بونسليت " و التي يتمحور حولها الفيلم فهي جريمة واقعية توقفت عندها " بيجان " في كتابها . ففي العام 1980 كان شابان عاشقان يتواجدان في مكان في الغابة يُسمى ( حانة العشاق ) عندما هجم عليهما رجلان عابثان ، حسب رواية " ماثيو بونسليت " ، و قاما بإغتصاب الفتاة ثم قتلاهما . و نجد أن " بونسليت " ينكر أمام " هيلين " ـ كما نرى في الفيلم ـ أن يكون هو من أطلق النار على الضحيتين بل إن صاحبه الثمل هو مَن فعل ذلك ، و هذا الطرح المفاجئ يجعل المشاهد يتروّى في الحُكم على المتهم ، حتى ليذهب به الظَنُ أن " بونسليت " سينجح في إختبار جهاز فحص الكذب ، بل أن الجهاز لم يؤشر حقيقة كذبه أو صدقه إنما أشار التقريرُ إلى أن المتهم كان مرتبكاً ، الأمر الذي يفاقمُ شكوك المُشاهد حول حقيقة إرتكابه الجريمة ، لكن الغريب هو أن المحكمة لا تأتي على ذكر صاحبه ، ما يعني أنه لا وجود له و قد يكون من إختلاق " بونسليت " . غير أن ما زاد الأمر تعقيداً هو أن المتهم ــ و هو بانتظار أن تسفر جهودُ الأخت " هيلين " عن إلغاء عقوبة الإعدام ــ راح يُصرّح بتهور ، في مقابلة تلفزيونية ، بأنه يُحب " هتلر " ، بل راح يشيد بالإرهاب ، ما طرح التساؤل المشروع : كيف لراهبةٍ رسالتُها السلامُ و المحبة أن تدافع عن هكذا نمط من المجرمين ، و كان " بونسليت " قد أظهر منذ لقائه الأول مع " هيلين " نزعة ً عنصرية مقيتة و هو يسألها : كيف تسكنين في حيٍّ جميعُ سكانِهِ من السود ؟
في الواقع ، كان أحد معارف الأخت " هيلين بيجان " قد طلب منها الوقوف الى جانب المتهم " إلمو باتريك سونيير " المحكوم عليه بالإعدام بالكهرباء و المعروف بإسم " انغولا " و هو ذاته الذي جسّد شخصيته " شون بن " في الفيلم بإسم " ماثيو بونسليت " . و إذ تم رفض إلغاء عقوبة الإعدام فقد تولت دور المستشار الروحي للمتهم للفترة ما قبل تنفيذ حكم الإعدام به ، الأمر الذي لم تقم به راهبة أنثى من قبل ، و خلال هذه الفترة كانت " هيلين " قد تعرفت على أوضاع السجناء المحكومين بالإعدام .. ما زاد من عزيمتها في المضي قدماً .
مذكرات " هيلين بريجان " ظهرت عام 1993 بعنوان ( رجلٌ ميتٌ يمشي ) ، و في عام 1995 حوّلها المخرج " تيم روبنز " الى هذا الفيلم المذهل بالعنوان ذاته . و في العام 2000 تحول الكتاب الى عمل أوبرالي لأوبرا سان فرانسيسكو ، من تأليف " تريني ماكنيلي " ، فيما حوّلها " جاك هيجييه " الى عمل موسيقي ، و في العام 2003 تم إنتاجُ عمل مسرحي من هذا الكتاب و بالإسم نفسه .
و نحن نشاهد الفيلم ، يبرز أمامنا التساؤل : هل كان غير " سوزان ساراندون " و " شون بين " مَن يصلح أن يؤدي الدورَين في هذا الفيلم ؟ حتى لو إفترضنا أن المخرج " تيم روبنز " قد أسند دور الأخت " هيلين " الى " سوزان ساراندون " لأنها صديقته الشخصية ( و هي فعلاً كانت كذلك للفترة 1988 ـ 2009 ) فقد كانت أهلاً للإختيار ، إستناداً إلى أدائها المذهل لهذا الدور ، فلا غرابة أن تذهب اليها جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في دور رئيس عن أدائها في هذا الفيلم ، فما قدمته من أداء تعبيري في لقطات العدسة المقربة كان إختباراً لعبقريتها و إختباراً لأي ممثلة لو أنها ( تورطت ) بهذا الدور . فليس سهلاً ما قدمته " ساراندون " من تحكم بعضلات الوجه و العينين و الشفتين و الصوت و حتى بمنخارَي الأنف و التعبير عن حالات الرصد و الإمتعاض و الإنشراح و الألم و العذاب الروحي أمام حالة محيرة عنوانها إنهاء حياة متهم ، بغض النظر عمّا إذا كان مذنباً حقاً أم بريئاً . أما " شون بن " فقد كان وغداً حقاً في تمثيله و قد أخطأت الأوسكار حين إنحرف طريقهاعن الإتجاه اليه ، عام 1996 ، عن أدائه العبقري المذهل . و قد كان الناقد الأمريكي " روجر إيبرت " ( 1942 ـ 2013 ) محقاً ـ و هو يتحدث عن هذا الفيلم ـ حين وصف " شون بن " بأنه ( أقوى ممثل بين أبناء جيله ) .
عندما أخرج " تيم روبنز " فيلم ( رجلٌ ميتٌ يمشي ) عام 1995 ، فقد كان مايزال تحت سطوة فيلم ( إصلاحية شاوشانك ) ـ 1994 ، الشهير الذي مثل فيه دور السجين " آندي دوفرين " المتهم بقتل زوجته و عشيقها ، و الذي يفر في النهاية عبر مجاري المياه الثقيلة و قد أستولى على الحساب المصرفي لمدير السجن . فعندما لعب " روبنز " ذلك الدور في ذلك الفيلم فإنه إكتسب خبرة كممثل .. فوظفها في هذا الفيلم ( رجلٌ ميت يمشي ) كمخرج . و هذه ثاني تجربة إخراجية لـ " تيم روبنز " بعد فيلمه الكوميدي ( بوب روبتس ) عام 1992.
يتميز هذا الفيلم بالحوارات أكثر مما هو فيلم حركة ، و بالتالي فإن معظمَ مَشاهدِه مشاهدٌ داخلية تعتمد اللقطات المقرّبه للوجوه ، لا لكي نقرأ ملامحها و هي تتحدث أو تتأثر بل لنقرأ دواخلها و إنعكاساتها ، و تحديداً على وجهَي بطلي الفيلم : الراهبة الأخت " هيلين " ( سوزان ساراندون ) و " ماثيو بونسليت " ( شون بن ) . و هذا النوع من التصوير يكشف إمكانيات الممثل التعبيرية و يضعه وجهاً لوجه أمام الحُكم على درجة موهبته ، و قد أبدع " شون بن " و " سوزان ساراندون " أيما إبداع في الكشف عن موهبتهما التعبيرية ، فخطفت " ساراندون " جائزة الأوسكار ، بإستحقاق ، كأفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم ، و كان " شون بن " يستحقها أيضاً ، و قد ترشح فعلاً للأوسكار كأفضل ممثل عن دوره هذا ، ولكن الجائزة ذهبت حينها الى " نيكولاس كيج " عن دوره في فيلم ( مغادرة لاس فيغاس ) .
كتب سيناريو الفيلم المخرج " تيم روبنز " نفسه إعتماداً على مذكرات الأخت " هيلين بريجان " ، و هي راهبة تنتمي الى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ، داعت و عملت على إلغاء عقوبة الإعدام ، و هي أبرز دعاة إلغاء هذه العقوبة ، و تولت للفترة 1993ـ 1995 رئاسة الإئتلاف الوطني لإلغائها ، و كانت قد أسست جمعيات ( سيرفايف ) لمساعدة أسر ضحايا جرائم القتل . أما جريمة القتل التي أدين بها " ماثيو بونسليت " و التي يتمحور حولها الفيلم فهي جريمة واقعية توقفت عندها " بيجان " في كتابها . ففي العام 1980 كان شابان عاشقان يتواجدان في مكان في الغابة يُسمى ( حانة العشاق ) عندما هجم عليهما رجلان عابثان ، حسب رواية " ماثيو بونسليت " ، و قاما بإغتصاب الفتاة ثم قتلاهما . و نجد أن " بونسليت " ينكر أمام " هيلين " ـ كما نرى في الفيلم ـ أن يكون هو من أطلق النار على الضحيتين بل إن صاحبه الثمل هو مَن فعل ذلك ، و هذا الطرح المفاجئ يجعل المشاهد يتروّى في الحُكم على المتهم ، حتى ليذهب به الظَنُ أن " بونسليت " سينجح في إختبار جهاز فحص الكذب ، بل أن الجهاز لم يؤشر حقيقة كذبه أو صدقه إنما أشار التقريرُ إلى أن المتهم كان مرتبكاً ، الأمر الذي يفاقمُ شكوك المُشاهد حول حقيقة إرتكابه الجريمة ، لكن الغريب هو أن المحكمة لا تأتي على ذكر صاحبه ، ما يعني أنه لا وجود له و قد يكون من إختلاق " بونسليت " . غير أن ما زاد الأمر تعقيداً هو أن المتهم ــ و هو بانتظار أن تسفر جهودُ الأخت " هيلين " عن إلغاء عقوبة الإعدام ــ راح يُصرّح بتهور ، في مقابلة تلفزيونية ، بأنه يُحب " هتلر " ، بل راح يشيد بالإرهاب ، ما طرح التساؤل المشروع : كيف لراهبةٍ رسالتُها السلامُ و المحبة أن تدافع عن هكذا نمط من المجرمين ، و كان " بونسليت " قد أظهر منذ لقائه الأول مع " هيلين " نزعة ً عنصرية مقيتة و هو يسألها : كيف تسكنين في حيٍّ جميعُ سكانِهِ من السود ؟
في الواقع ، كان أحد معارف الأخت " هيلين بيجان " قد طلب منها الوقوف الى جانب المتهم " إلمو باتريك سونيير " المحكوم عليه بالإعدام بالكهرباء و المعروف بإسم " انغولا " و هو ذاته الذي جسّد شخصيته " شون بن " في الفيلم بإسم " ماثيو بونسليت " . و إذ تم رفض إلغاء عقوبة الإعدام فقد تولت دور المستشار الروحي للمتهم للفترة ما قبل تنفيذ حكم الإعدام به ، الأمر الذي لم تقم به راهبة أنثى من قبل ، و خلال هذه الفترة كانت " هيلين " قد تعرفت على أوضاع السجناء المحكومين بالإعدام .. ما زاد من عزيمتها في المضي قدماً .
مذكرات " هيلين بريجان " ظهرت عام 1993 بعنوان ( رجلٌ ميتٌ يمشي ) ، و في عام 1995 حوّلها المخرج " تيم روبنز " الى هذا الفيلم المذهل بالعنوان ذاته . و في العام 2000 تحول الكتاب الى عمل أوبرالي لأوبرا سان فرانسيسكو ، من تأليف " تريني ماكنيلي " ، فيما حوّلها " جاك هيجييه " الى عمل موسيقي ، و في العام 2003 تم إنتاجُ عمل مسرحي من هذا الكتاب و بالإسم نفسه .
و نحن نشاهد الفيلم ، يبرز أمامنا التساؤل : هل كان غير " سوزان ساراندون " و " شون بين " مَن يصلح أن يؤدي الدورَين في هذا الفيلم ؟ حتى لو إفترضنا أن المخرج " تيم روبنز " قد أسند دور الأخت " هيلين " الى " سوزان ساراندون " لأنها صديقته الشخصية ( و هي فعلاً كانت كذلك للفترة 1988 ـ 2009 ) فقد كانت أهلاً للإختيار ، إستناداً إلى أدائها المذهل لهذا الدور ، فلا غرابة أن تذهب اليها جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في دور رئيس عن أدائها في هذا الفيلم ، فما قدمته من أداء تعبيري في لقطات العدسة المقربة كان إختباراً لعبقريتها و إختباراً لأي ممثلة لو أنها ( تورطت ) بهذا الدور . فليس سهلاً ما قدمته " ساراندون " من تحكم بعضلات الوجه و العينين و الشفتين و الصوت و حتى بمنخارَي الأنف و التعبير عن حالات الرصد و الإمتعاض و الإنشراح و الألم و العذاب الروحي أمام حالة محيرة عنوانها إنهاء حياة متهم ، بغض النظر عمّا إذا كان مذنباً حقاً أم بريئاً . أما " شون بن " فقد كان وغداً حقاً في تمثيله و قد أخطأت الأوسكار حين إنحرف طريقهاعن الإتجاه اليه ، عام 1996 ، عن أدائه العبقري المذهل . و قد كان الناقد الأمريكي " روجر إيبرت " ( 1942 ـ 2013 ) محقاً ـ و هو يتحدث عن هذا الفيلم ـ حين وصف " شون بن " بأنه ( أقوى ممثل بين أبناء جيله ) .