نبذة تاريخية عن الشرفاء السعديون والفيلاليون.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نبذة تاريخية عن الشرفاء السعديون والفيلاليون.

    الشرفاء السعديونوالفيلاليون

    الشرفاء (الأشراف) السعديون والشرفاء الفيلاليون سلالتان من أبناء العمومة تعاقبتا على حكم المغرب الأقصى. فحكمت الأولى المغرب من أوائل القرن العاشر إلى العقد السابع من القرن الحادي عشر للهجرة، واختصت الثانية بحكم سجلماسة ثم فاس، ومن ثم حكم المغرب كله ابتداءً من الربع الأخير من القرن الحادي عشر للهجرة إلى اليوم.
    يرجع نسب الأسرتين إلى جد واحد هو محمد بن أبي القاسم من أحفاد محمد النفس الزكية بن عبد الله الكامل بن حسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب (رض) وبه يعرفون فيسمون الشرفاء الحسنيون، ويلقب الفرد منهم بلقب «مولاي».
    الشرفاء السعديون
    يزعم السعديون أن أصلهم من ينبع النخل من أرض الحجاز، وأنهم أشراف من نسل محمد النفس الزكية وهو الأرجح. ويقال إن هناك خلافاً في نسبهم هذا، وأنهم من بني سعد بن بكر من هوازن الذين منهم حليمة السعدية ظئر رسول اللهr، ولذلك يعرفون بالسعديين، مع أنهم لم يتخذوا هذه النسبة، ولم تكن لهم في سجلاتهم وصدور رسائلهم ونقودهم، ولكنهم اشتهروا بها لدى العامة والخاصة فصارت كالعلم ودخلت كتب التاريخ.
    تذكر المصادر التاريخية أن الجد الأعلى للسعديين في المغرب هو المولى زيدان بن أحمد الحسني الذي قدم من الحجاز بدعوة من أهالي مدينة درعة من بلاد السوس تبركاً به، وأقام فيها. وعرف أولاده من بعده بآل زيدان، ولم يزالوا مقيمين بدرعة إلى أن نشأ فيهم الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد ابن علي بن مخلوف بن زيدان مؤسس دولتهم، وكان صاحب علم وصلاح، ورأى ما كان قد وصل إليه أمر المغرب من الضعف والانحلال في عهد الدولة الوطاسية، وتطاول البرتغاليين على بلاد السوس، فنهض لقتالهم داعياً إلى الجهاد فيهم وفيمن سالمهم من المسلمين، وتلقب بالقائم بأمر الله، وبايعه أهلها سنة 916هـ/1510م، ثم استولى على مدينة تارودنت وحصنها. وكان له ثلاثة أولاد عرفوا بفصاحتهم ورجاحة عقلهم وقوة شكيمتهم وتفقههم في الدين فأحبهم الناس ولا سيما أحمد ومحمد، اللذان أقاما بفاس واتخذ أحمد مجلساً له بالقرويين لتدريس العلوم، وعمل الثاني مؤدباً لأولاد صاحب فاس السلطان محمد بن محمد الوطاسي، المعروف بأبي عبد الله البرتغالي.
    فلما قام أبوهم بأمر الجهاد طاف أولاده في أنحاء المغرب يدعون إليه ويحضون الناس، ونجحوا في مسعاهم، وكانت لهم وقائع كثيرة مع البرتغاليين ومن والاهم حتى صفا لهم الأمر في السوس الأقصى ودرعة وأعمالها، واجتمعت عليهم القبائل كلها. وفي سنة 922هـ/1516م تجاوز القائم بأمر الله وأولاده جبل درن إلى بلاد حاحة وعبدة وتغلبوا عليها. وتوفي القائم مجاهداً في «إفغال» من بلاد حاحة ودفن فيها سنة 923هـ، ثم نقل جثمانه فيما بعد إلى مراكش.
    تولى الأمر من بعده ابنه أبو العباس أحمد الأعرج (923ـ946هـ) الذي كان قد بويع بولاية العهد سنة 918هـ، فاستوزر أخاه محمد الشيخ، وكاتبه أمراء هنتانة من مراكش يدعونه إليها نحو سنة 930هـ/1523م وتلقب بلقب الأمير. ولم تنجح محاولات الوطاسيين[ر] في استردادها. وكان النصر حليفهما أيضاً في حربهما مع البرتغاليين الذين تخلوا عن تلمسيت وأزمور وغيرها.
    استمر أحمد الأعرج وأخوه قائمين بالأمر إلى سنة 946هـ حين دب الخلاف بينهما، وكان الفوز إلى جانب أبي عبد الله محمد الشيخ، فقبض على أخيه أحمد وأولاده وسجنهم في مراكش وفر منهم ابنه زيدان إلى تافيلالت واستعصم بها، وانفرد محمد الشيخ بالحكم وتسلطن وتلقب بالمهدي.
    صرف السلطان أبو عبد الله محمد الشيخ (951ـ965هـ) همه إلى جهاد النصارى في الثغور والسواحل، وانتقل إلى مراكش سنة 951هـ/1544م بعد أن كانت قد امتنعت عن مبايعته، وتطلع إلى توحيد بقية المغرب والقضاء على بقية الوطاسيين أصحاب فاس وأطرافها فحاصرها وفتحها سنة 956هـ، وقاتل العثمانيين في تلمسان، واتخذ جنداً من الأتراك ممن بقي بفاس وقد عُرفوا بـ «أليكشارية»، وراسل السلطان العثماني سليمان القانوني محمد طالباً الدعاء له في المغرب وضرب اسمه على نقوده فرد الرسول من غير جواب، فبعث السلطان سليمان بمال رشا به الأليكشارية فتربصوا بالمهدي وقتلوه غيلة (965هـ) في آكلكال من جبل درن، ونقلت جثته إلى مراكش ودفن بها. وخشي الموكل بأخيه أحمد الأعرج في السجن من وقوع فتنة من أجل العرش فقتله ومن معه من أولاده.
    تولى السلطنة بعد الشيخ ابنه أبو محمد عبد الله الغالب بالله (965ـ981هـ) ولم تمض أشهر على ولايته حتى غزاه حسن بن خير الدين بربروس بجيش من الترك فهزمهم الغالب بالله بالقرب من فاس. عني الغالب بالبناء وبالزراعة والصناعة فشيد مسجداً وبيمارستاناً في مراكش، وازدهرت البلاد في أيامه وعم الرخاء. غير أنه أصيب بالوسواس في أواخر أيامه وتوفي في مراكش. وتسلطن من بعده ابنه أبو عبد الله محمد المتوكل على الله (ت 986هـ). ولم تطل أيامه، إذ ناوأه عمه المعتصم بالله عبد الملك بن محمد الشيخ الذي كان قد فر إلى العثمانيين في عهد أخيه الغالب، وكان العثمانيون قد استقروا في الجزائر وتوغلوا في المغرب وقضوا على الحفصيين في تونس، وأوعز السلطان سليم الثاني (974ـ982هـ) إلى واليه في تلمسان أن يمد عبد الملك بخمسة آلاف من جنده ليساعده في الاستيلاء على فاس. ولم يصمد المتوكل في المعركة وفر منهزماً إلى مراكش، ومنها إلى الجبال، واستنجد بملك البرتغال سيباستيان، فوافقه وشرط عليه أن يكون للنصارى الساحل وله ما وراء ذلك، وأعد حملة صليبية قادها بنفسه، والتحق به المتوكل في طنجة، وسارت الحملة بحراً إلى أن نزلت بأصيلا، ثم توجهت براً وهدفها القصر الكبير. والتقت بقوات عبد الملك عند وادي المخازن حيث دارت رحى معركة فاصلة (في 30جمادى الأولى 986هـ/ 4آب 1578م) انتهت بمقتل ملك البرتغال سيباستيان في أثناء المعركة وقضي على جيشه قضاءً مبرماً، ومات المتوكل غرقاً وهو يحاول الفرار فسلخ جلده وحشي تبناً فعرف بالمسلوخ، وتوفي عبد الملك في أثناء القتال متأثراً بسم كان قد دس له في الطعام قبل أيام.
    تولى السلطنة بعد عبد الملك أخوه أبو العباس أحمد المنصور السعدي الذهبي (986ـ1012هـ/1578ـ1603م). فساس الرعية بحكمة وحسن إدارة وفي عهده بلغت دولة السعديين أقصى اتساع لها، واستقرت أحوال المغرب، وقضى على الوجود البرتغالي فيه، وخضعت له بلاد السودان من برنو ومالي والتكرور إلى مملكة كاغو (أواخر سنة 999هـ). وكان المنصور أول من أحدث معاصر السكر في مراكش وبلاد حاحة، وأنشأ عدداً من المعاقل والحصون في الثغور. وكان واسع الاطلاع وله تآليف ومراسلات كثيرة. وتوفي بالدار البيضاء بالوباء فدفن فيها ثم نُقلت رفاته إلى مراكش. وتولى السلطنة ابنه أبو المعالي زيدان، وكان فاضلاً عالماً، إلا أن الأمور لم تصف له تماماً، فزاحمه أخواه وانتقضا عليه، وضعفت أحوال المغرب بعد وفاته في مراكش سنة 1037هـ، واشتدت النزاعات بين أولاده، وورث الملك عنه ابنه عبد الملك الذي حاول أن يضبط الأمور فقتله بعض أهل مراكش بإغراء من أخيه الوليد الذي خلفه على الحكم، وتفككت أواصر الدولة فلم يتجاوز سلطان الوليد مراكش وأعمالها، في حين عصفت الفتن في فاس وبقية المغرب، وبقي السعديون في مراكش إلى أن انقرضت دولتهم عام 1069هـ بمقتل أحمد بن محمد الشيخ بن زيدان واستيلاء أخواله آل الشبانات على الأمر إلى سنة 1079هـ حين دخلها مولاي الرشيد بن محمد الشريف السجلماسي.
    الشرفاء الفيلاليون
    ويعرفون كذلك بالشرفاء الحسنيين والعلويين وبشرفاء سجلماسة، ويرتفع نسبهم إلى محمد النفس الزكية. جاء أجدادهم إلى المغرب نحو القرن السادس للهجرة (ق13م) وسكنوا واحة تافيلالت جنوب جبال الأطلس الأعلى بالقرب من سجلماسة بدعوة من المتصوفة فيها، فلقبوا بالفيلاليين، وظهر منهم مولاي محمد الشـريـف (1041ـ 1069هـ/1630ـ 1658م) فأطاعه أهل تافيلالت وسجلماسة وبايعوه، وقام بالأمر بعد وفاته ابنه محمد بن محمد الشريف وعصاه أخوه الرشيد، وجرت بينهما مصادمات انتهت بمقتل محمد سنة 1075هـ، واستولى الرشيد على زمام الأمور (1075ـ1083هـ/1664ـ1672م) وسيطر على فاس (1077هـ) على حساب السعديين، ثم أكمل إخضاع باقي المملكة بما فيها مراكش (1079هـ)، فكان أول سلاطين الشرفاء الفيلاليين الحسنيين. وقد عمل ابنه إسماعيل (1083ـ1140هـ/1672ـ1727م) على إعادة تنظيم المملكة، ووسع مدينة مكناس ونقل إليها مقره، واسترجع من الإسبان والبرتغاليين بعض ما استولوا عليه. وبعد وفاته شهدت البلاد عددا من الاضطرابات لتنازع أولاده على السلطة، إلى أن تولى أحد أحفاده مولاي محمد بن عبد الله بن إسماعيل السلطنة (1171ـ1205هـ/1757ـ1790م) الحكم فأعاد تنظيم الأمور واستقر بفاس. وما يزال أحفاده يحكمون المغرب إلى اليوم[ر. المغرب].
    محمد وليد الجلاد
يعمل...
X