رأس الخيمة
رأس الخيمة هي إحدى الإمارات العربية السبع الموجودة في شبه الجزيرة التي يشكلها التقاء ساحل خليج عُمان بساحل الخليج العربي عند مضيق هرمز، والتي كوّن اتحادها في عام 1971، وأصبح يعرف باسم دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومن مساحة الدولة البالغة 83100كم2 تشغل الإمارة مساحة 1683كم2. وتتألف أراضيها من قسمين يختلفان بصفاتهما الطبيعية، وتفصل بينهما أراض تابعة لكل من إمارتي الشارقة والفجيرة، القسم الأول ساحلي على الخليج العربي، وهو الأوسع مساحة، وتغلب عليه الصفة السهلية، والقسم الثاني داخلي، وهو الأصغر مساحة وتغلب عليه الصفة الجبلية، ويعود السبب في هذا التقاطع للحدود بين الإمارات، إلى أنها خططت بالأساس في ظل النزاعات القبلية وتضارب مصالح الاستثمارات النفطية.
تؤلف النهايات الشمالية الغربية لجبال عُمان العمود الفقري لأراضي الإمارة التي ترتفع في الأجزاء الداخلية حتى الـ 1900م عن سطح البحر، لتنحدر باتجاه السهل الساحلي للخليج العربي بسفوح شديدة الانحدار، وقد قطعتها الأودية السيلية قبل أن تنتهي بمياهها وبمجرفاتها الخصبة في أطراف هذا السهل الساحلي وفي بعض الحوضات الداخلية مشكلة بذلك أهم الأماكن الصالحة للزراعة في الإمارة، من حيث توفر التربة الزراعية والمياه الطبيعية اللازمة للري، في مناطق مناخها شبه صحراوي (حار ونادر الأمطار) ومياه الري الطبيعية فيها شبه معدومة، والتربة غالباً رملية، وعلى سفوح هذا المحور الجبلي للإمارة تنتشر بقايا من أشجار غابية مدارية قديمة.
وإلى الغرب من شريط هذه الإرسابات التي تشكل عند أذيال القسم الجبلي من الإمارة، الجزء الصالح للزراعة من السهل الساحلي، تبدأ الرمال بالتجمع بفعل الرياح لتحول الأجزاء المتبقية من هذا السهل، وعرضها من الشمال عند مدينة رأس الخيمة، إلى الجنوب عند الحدود مع إمارة أم القيوين، يراوح بين 10 و30كم، إلى مناطق رملية قاحلة تزيد سماكة الرمال فيها أحياناً على 100م.
أخيراً تنتهي أراضي الإمارة على الخليج العربي بساحل منبسط رملي طوله 40كم، تتخلله السبخات المالحة والألسنة المائية (الأخوار) التي قامت عند رؤوسها التجمعات السكانية، ومنها مدينة رأس الخيمة عاصمة الإمارة. ومياه هذه السواحل قليلة الأعماق تنتشر في أجزاء منها الجزر الرملية الصغيرة المتطاولة والأرصفة والشعاب المرجانية الغنية بمحار اللؤلؤ، مما يعوّق إنشاء الموانئ بسهولة وبتكاليف منخفضة، ويجبر السفن المحيطية وناقلات النفط الكبيرة على الرسو بعيداً عن الشاطئ حيث تتوافر الأعماق الكافية.
المناخ في رأس الخيمة شبه مداري، صحراوي بحري في السواحل والجزر، وصحراوي قاري في المناطق الداخلية، صيفه حار تتخلله موجات حر شديدة يصحبها عواصف رملية، حيث تراوح درجة الحرارة فيه بين 35 و42 ْم. والشتاء فيه معتدل، تراوح درجة الحرارة فيه ببن 15 و29 ْم، تتهيأ فيه بعض الفرص لهطل أمطار محدودة. وتتلطف، إلى حد ما، صفات المناخ في المناطق الداخلية المرتفعة.
تشير الدراسات إلى أن طلائع الساميين وصلت إلى شواطئ الإمارة منذ الألف السابع قبل الميلاد، واستمر قدومها من اليمن وعدن حتى الألف الخامسة قبل الميلاد، كما تتفق هذه الدراسات على أن قبائل عربية من الأزد، وهي قحطانية، هجرت اليمن بعد انهيار سد مأرب واستوطنت بعض أجزاء من سواحل الإمارة، وقد تلتها قبائل القواسم وبنوياس وهي عدنانية ونزارية، قدمت من قلب وشمال شبه الجزيرة العربية لتستوطن هذه السواحل، وتسهم في تحويل الخليج إلى بحيرة عربية.
وفي أوائل القرن السابع عشر أسهم سكان رأس الخيمة مع سكان عُمان، في ظل دولة اليعاربة، في تحرير منطقة الخليج من الاستعمار البرتغالي، ومع بداية دولة البوسعيد عام 1741 أصبح أفراد قبائل القواسم في رأس الخيمة يؤلفون القوة البحرية العربية في المنطقة، وظلوا كذلك حتى عام 1820 الذي نجحت فيه بريطانيا بتحطيم أسطولهم وتدمير مقرهم في رأس الخيمة التي كانت تعرف بجلفار.
كانت الإمارة في عام 1995 تشغل المرتبة الثانية بين الإمارات، بعد دبي، بعدد سكانها البالغ 143300 نسمة، وفي مطلع القرن الحالي وصل عدد السكان فيها إلى ما يقرب من 200 ألف نسمة من مجموع سكان الإمارات البالغ نحو 2900000 نسمة.
اللغة الرسمية في الإمارة هي اللغة العربية، إلى جانب تحدث الكثير من السكان، وخاصة الوافدين الذين أصبح عددهم يزيد على نصف مجموع السكان، باللغة الإنكليزية وبلغة الأوردو.
عاصمة الإمارة هي مدينة رأس الخيمة التي تقع عند نهاية خور بحري تستطيع السفن الصغيرة العاملة في الصيد وفي الغوص على اللؤلؤ ولوج مياهه الضحلة، وإلى جانب الأحياء الجديدة التي قامت بعد النفط، لازالت المدينة تحتفظ ببعض الأحياء القديمة ذات البيوت الحجرية مع عدد من الأبراج العالية التي كانت تستعمل في عمليات الاستطلاع والدفاع.
تمتاز رأس الخيمة باقتصادها المتوازن ضمن دولة الاتحاد، فالزراعة فيها متطورة نسبياً، ومواردها السمكية غنية، وقد أصبح لديها بعض الصناعات الغذائية وصناعة مواد البناء، ولازال بعض سكانها يمارسون مهنة الأسفار البحرية لمتابعة الأنشطة التجارية، كما أن أفراد من قبائل الشحوح في المنطقة الجبلية لازالوا يعملون في تربية الأغنام وينتقلون معها من مكان إلى آخر طلباً للماء والعشب.
ومع استمرار تزايد أرباح النفط في الاتحاد، ومن ثم ارتفاع حصة الإمارة منها، والتي أصبحت تسهم بأكثر من 65% من دخلها العام، ومع زيادة الاحتكاك والاتصال بالعالم الخارجي، واستقبال أعداد كبيرة من الوافدين من مختلف الفئات الناشطة، استطاعت رأس الخيمة مواصلة السير في دروب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما حقق لها تقدماً، ولكن ليس بالمقدار الذي حصل في إمارات أخرى من الاتحاد كدبي وأبو ظبي.
حدث في السنوات الأخيرة تطور مهم في زراعة الإمارة حيث أصبح فيها أكثر من 2000 وحدة زراعية نموذجية تغطي ما يزيد على 5000 فدان من الأجزاء الملاصقة لأذيال الجبال العمانية من السهل الساحلي، وخاصة في منطقة دجداجة، ثم في بعض الحوضات في المنطقة الجبلية مع بعض الواحات في المنطقة الرملية الساحلية، حيث تتوافر التربة الصالحة للزراعة، والمياه الجوفية اللازمة للري، وأهم الزراعات في هذه الوحدات أشجار النخيل التي تعطي أكثر من 40 نوعاً من التمور، أجودها الخنيزي واللؤلؤ، مع مساحات أصغر لأشجار الموز والمانغو والرمان، وتأتي زراعة الخضر الشتوية ثم الصيفية في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، وفي مقدمتها البطاطا والبندورة والكرنب والبامية والخيار والبطيخ، وإنتاج هذه المزروعات يفيض عن حاجة الإمارة، لذلك فهي تمد أسواق دبي بجزء منه.
محمود رمزي
|
ومن مساحة الدولة البالغة 83100كم2 تشغل الإمارة مساحة 1683كم2. وتتألف أراضيها من قسمين يختلفان بصفاتهما الطبيعية، وتفصل بينهما أراض تابعة لكل من إمارتي الشارقة والفجيرة، القسم الأول ساحلي على الخليج العربي، وهو الأوسع مساحة، وتغلب عليه الصفة السهلية، والقسم الثاني داخلي، وهو الأصغر مساحة وتغلب عليه الصفة الجبلية، ويعود السبب في هذا التقاطع للحدود بين الإمارات، إلى أنها خططت بالأساس في ظل النزاعات القبلية وتضارب مصالح الاستثمارات النفطية.
تؤلف النهايات الشمالية الغربية لجبال عُمان العمود الفقري لأراضي الإمارة التي ترتفع في الأجزاء الداخلية حتى الـ 1900م عن سطح البحر، لتنحدر باتجاه السهل الساحلي للخليج العربي بسفوح شديدة الانحدار، وقد قطعتها الأودية السيلية قبل أن تنتهي بمياهها وبمجرفاتها الخصبة في أطراف هذا السهل الساحلي وفي بعض الحوضات الداخلية مشكلة بذلك أهم الأماكن الصالحة للزراعة في الإمارة، من حيث توفر التربة الزراعية والمياه الطبيعية اللازمة للري، في مناطق مناخها شبه صحراوي (حار ونادر الأمطار) ومياه الري الطبيعية فيها شبه معدومة، والتربة غالباً رملية، وعلى سفوح هذا المحور الجبلي للإمارة تنتشر بقايا من أشجار غابية مدارية قديمة.
وإلى الغرب من شريط هذه الإرسابات التي تشكل عند أذيال القسم الجبلي من الإمارة، الجزء الصالح للزراعة من السهل الساحلي، تبدأ الرمال بالتجمع بفعل الرياح لتحول الأجزاء المتبقية من هذا السهل، وعرضها من الشمال عند مدينة رأس الخيمة، إلى الجنوب عند الحدود مع إمارة أم القيوين، يراوح بين 10 و30كم، إلى مناطق رملية قاحلة تزيد سماكة الرمال فيها أحياناً على 100م.
أخيراً تنتهي أراضي الإمارة على الخليج العربي بساحل منبسط رملي طوله 40كم، تتخلله السبخات المالحة والألسنة المائية (الأخوار) التي قامت عند رؤوسها التجمعات السكانية، ومنها مدينة رأس الخيمة عاصمة الإمارة. ومياه هذه السواحل قليلة الأعماق تنتشر في أجزاء منها الجزر الرملية الصغيرة المتطاولة والأرصفة والشعاب المرجانية الغنية بمحار اللؤلؤ، مما يعوّق إنشاء الموانئ بسهولة وبتكاليف منخفضة، ويجبر السفن المحيطية وناقلات النفط الكبيرة على الرسو بعيداً عن الشاطئ حيث تتوافر الأعماق الكافية.
المناخ في رأس الخيمة شبه مداري، صحراوي بحري في السواحل والجزر، وصحراوي قاري في المناطق الداخلية، صيفه حار تتخلله موجات حر شديدة يصحبها عواصف رملية، حيث تراوح درجة الحرارة فيه بين 35 و42 ْم. والشتاء فيه معتدل، تراوح درجة الحرارة فيه ببن 15 و29 ْم، تتهيأ فيه بعض الفرص لهطل أمطار محدودة. وتتلطف، إلى حد ما، صفات المناخ في المناطق الداخلية المرتفعة.
تشير الدراسات إلى أن طلائع الساميين وصلت إلى شواطئ الإمارة منذ الألف السابع قبل الميلاد، واستمر قدومها من اليمن وعدن حتى الألف الخامسة قبل الميلاد، كما تتفق هذه الدراسات على أن قبائل عربية من الأزد، وهي قحطانية، هجرت اليمن بعد انهيار سد مأرب واستوطنت بعض أجزاء من سواحل الإمارة، وقد تلتها قبائل القواسم وبنوياس وهي عدنانية ونزارية، قدمت من قلب وشمال شبه الجزيرة العربية لتستوطن هذه السواحل، وتسهم في تحويل الخليج إلى بحيرة عربية.
وفي أوائل القرن السابع عشر أسهم سكان رأس الخيمة مع سكان عُمان، في ظل دولة اليعاربة، في تحرير منطقة الخليج من الاستعمار البرتغالي، ومع بداية دولة البوسعيد عام 1741 أصبح أفراد قبائل القواسم في رأس الخيمة يؤلفون القوة البحرية العربية في المنطقة، وظلوا كذلك حتى عام 1820 الذي نجحت فيه بريطانيا بتحطيم أسطولهم وتدمير مقرهم في رأس الخيمة التي كانت تعرف بجلفار.
كانت الإمارة في عام 1995 تشغل المرتبة الثانية بين الإمارات، بعد دبي، بعدد سكانها البالغ 143300 نسمة، وفي مطلع القرن الحالي وصل عدد السكان فيها إلى ما يقرب من 200 ألف نسمة من مجموع سكان الإمارات البالغ نحو 2900000 نسمة.
اللغة الرسمية في الإمارة هي اللغة العربية، إلى جانب تحدث الكثير من السكان، وخاصة الوافدين الذين أصبح عددهم يزيد على نصف مجموع السكان، باللغة الإنكليزية وبلغة الأوردو.
عاصمة الإمارة هي مدينة رأس الخيمة التي تقع عند نهاية خور بحري تستطيع السفن الصغيرة العاملة في الصيد وفي الغوص على اللؤلؤ ولوج مياهه الضحلة، وإلى جانب الأحياء الجديدة التي قامت بعد النفط، لازالت المدينة تحتفظ ببعض الأحياء القديمة ذات البيوت الحجرية مع عدد من الأبراج العالية التي كانت تستعمل في عمليات الاستطلاع والدفاع.
تمتاز رأس الخيمة باقتصادها المتوازن ضمن دولة الاتحاد، فالزراعة فيها متطورة نسبياً، ومواردها السمكية غنية، وقد أصبح لديها بعض الصناعات الغذائية وصناعة مواد البناء، ولازال بعض سكانها يمارسون مهنة الأسفار البحرية لمتابعة الأنشطة التجارية، كما أن أفراد من قبائل الشحوح في المنطقة الجبلية لازالوا يعملون في تربية الأغنام وينتقلون معها من مكان إلى آخر طلباً للماء والعشب.
ومع استمرار تزايد أرباح النفط في الاتحاد، ومن ثم ارتفاع حصة الإمارة منها، والتي أصبحت تسهم بأكثر من 65% من دخلها العام، ومع زيادة الاحتكاك والاتصال بالعالم الخارجي، واستقبال أعداد كبيرة من الوافدين من مختلف الفئات الناشطة، استطاعت رأس الخيمة مواصلة السير في دروب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما حقق لها تقدماً، ولكن ليس بالمقدار الذي حصل في إمارات أخرى من الاتحاد كدبي وأبو ظبي.
حدث في السنوات الأخيرة تطور مهم في زراعة الإمارة حيث أصبح فيها أكثر من 2000 وحدة زراعية نموذجية تغطي ما يزيد على 5000 فدان من الأجزاء الملاصقة لأذيال الجبال العمانية من السهل الساحلي، وخاصة في منطقة دجداجة، ثم في بعض الحوضات في المنطقة الجبلية مع بعض الواحات في المنطقة الرملية الساحلية، حيث تتوافر التربة الصالحة للزراعة، والمياه الجوفية اللازمة للري، وأهم الزراعات في هذه الوحدات أشجار النخيل التي تعطي أكثر من 40 نوعاً من التمور، أجودها الخنيزي واللؤلؤ، مع مساحات أصغر لأشجار الموز والمانغو والرمان، وتأتي زراعة الخضر الشتوية ثم الصيفية في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، وفي مقدمتها البطاطا والبندورة والكرنب والبامية والخيار والبطيخ، وإنتاج هذه المزروعات يفيض عن حاجة الإمارة، لذلك فهي تمد أسواق دبي بجزء منه.
محمود رمزي