رحلة فن المينيمال المعاصر من أميركا إلى أوروبا إلى مصر
إنجي عبدالمنعم: فن المينيمال أكثر ارتباطا بالتقنيات الحديثة.
الأحد 2023/03/26
انشرWhatsAppTwitterFacebook
التجريب وفق فلسفة الفن (نحت للفنان إدواردو تشيليدا)
يتجه الفن المعاصر إلى مجالات أبعد من الجمالية وحتى من رمزية الأفكار وشكلانية تقديمها وطرحها، إذ يؤكد مع تعدد توجهاته قدراته الكبيرة على خلق مسارات فكرية لا تسعى إلى تمجيد الفكرة ذاتها، وإنما فتح آفاق الفن على مناطق جديدة. ومن هذه التوجهات المينيمالية التي انتشرت بشكل واسع في الفن التشكيلي وحتى في السينما والمسرح وغيرها من الفنون.
المينيمال أحد اتجاهات فنون ما بعد الحداثة وقد ظهر في الولايات المتحدة الأميركية عام 1960 كرد فعل ضد المبالغة الشديدة في الشكلانية والإدعاءات إزاء التعبيرية التجريدية، فهو عصارة التجريد والوصول بالشكل إلى أقصى صوره الأولية، باحثا عن الجمال الخالص والاختزال التقني، واستبعد فنانو هذا الاتجاه الأوهام والخيال في تعبيراتهم كي يحصلوا على بناء صاف نقي يعتمد على دنيا اللون مع تبسيط الأشكال في تجريدية هندسية.
هذه الرؤية لفن المينيمال كانت محور الأطروحة التي حصلت بها الفنانة التشكيلية إنجي عبدالمنعم على درجة الدكتوراه أخيرا من كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، وقد عنونتها بـ”اتجاه المينيمال وأثره على فنون الطبعة الفنية المعاصرة”.
فنانو الطبعة الفنية
إنجي عبدالمنعم: المينيمال توجه خاص في مصر مرتبط بتجارب الفنانين الفردية
من خلال أطروحتها أثبتت عبدالمنعم أن “المينيمال” أحد اتجاهات فنون ما بعد الحداثة والفنون المعاصرة التي عملت على تغيير مفهوم الفن ومعاييره، حيث أخرجت المتلقي من حالة الجمود إلى التفاعل والمشاركة، وأن فن المينيمال أكثر ارتباطا بالتقنيات الحديثة والتي تساهم في الحركة الفنية المعاصرة في مجال الجرافيك، وساعد فناني الطبعة الفنية في خلق صياغات تشكيلية عديدة ومتنوعة تثري أعمالهم الفنية، كما ظهرت ملامح شخصية كل فنان من خلال أعماله التي انعكست بشكل مباشر على خطوطه واختياره لموضوعاته في إطار فلسفة فن المينيمال.
وأثبتت الباحثة والفنانة أيضا أن “المينيمال” ساهم في تسجيل الموروث الثقافي والحضاري لكل الدول، ويمثل منتجا أساسيا واستثماريا في دول أوروبا ودول الشرق الأوسط والعالم العربي، ومكن من الاستفادة من التجربة الفنية والتصميمية في تصميم الطوابع البريدية على مستوى دول أوروبا وأميركا ومصر.
تقول الباحثة إن الطبعة الفنية تأثرت باتجاه المينيمال كغيرها من المجالات الفنية الأخرى (النحت والتصوير)، فقد وجد فنانو الطبعة الفنية الفرصة للتجريب من خلال هذا الاتجاه وفق فلسفة الفن الخاصة والتقنية الجمالية حسب ما يتوافق مع شخصية وأسلوب كل فنان في التعبير، مما أحدث اكتساب مفهوم جديد للطبعة الفنية مختلف عن المدارس الفنية الأخرى.
لقد أصبحت الطبعة الفنية تميل إلى التجديد لتحقيق قيم فنية وجمالية، فنجد بعض أعمال الطبعة الفنية تواكب فلسفة هذا الاتجاه من حيث المبادئ الفلسفية وكذلك أفكاره، فاعتمدت على بساطة ووضوح الأشكال، واتسمت بالاختزال في الخامة واللون والشكل، وتتناول أشكالا هندسية أولية وأشكالا حرة في بناء الطبعة الفنية، والاهتمام بالنظريات الرياضية والجانب العقلاني، بعيدا عن الرمزية، وتأثرت اتجاهات فنون ما بعد الحداثة باتجاه المينيمال، فوجد الفنان الفرصة للتجريب وفق فلسفة الفن الخاصة وتقنياته الجمالية حسب ما يتوافق مع شخصيته وأسلوبه في التعبير، فاکتسبت الفنون مفهوما جديدا أحدثت قيما فنية وجمالية مستحدثة فنجد بعض الأعمال المواکبة للمينيمال تعکس أهم مبادئه وأفکاره الفلسفية، مما أدى إلى ظهور صياغات تشكيلية مستحدثة، معتمدة على بساطة ووضوح اللون والخامة المستخدمة.
التلخيص والتجريد في العناصر والأشكال
وتؤكد أن المينيمال سعى إلى تقديم إنتاج فني يمكننا أن نراه في مظهره المادي الأساسي ونقدره لقيمته الظاهرة، فالعمل الفني أصبح فعلا ناقدا ومنشطا ثقافيا، مختلفا عما کان قديما، بعد أن کان انطباعا بصريا يستجيب لحاجات وجدانية للإنسان، وتم الخلط وإزاحة الفواصل بين مجالات الفن التشكيلي، وتحول العمل الفني إلى استعراض سمعي بصري حرکي، ومع إزاحة هذه الفواصل بين مجالات الفن، وتعددت الأساليب وتداخلت المعايير الجمالية وکما صار التجديد هدفا بحد ذاته، وعلى هذا الأساس هجر الكثير من الفنانين صالات العرض التقليدية واتجهوا إلى الطبيعة مثل فن البيئة، وفن الأرض.
وتشير الباحثة إلى أن التطور التكنولوجي في واقعنا الحديث فرض على الفنانين حالة من تشابك المعلومات وترابطها والتي من خلالها حصل الفنان على أفكار جديدة وأيضا أدوات العصر التكنولوجية والبرامج الحديثة ساعدت الفنان على خلق أفكار إبداعية جديدة يمكن الحصول عليها من الوسائط الرقمية، فالقدرة على رؤية الروابط بين الأفكار والمجالات والمفاهيم هي أساس الإبداع، ساعد ذلك على إيجاد علاقة ترابطية بين التقنيات الرقمية والطباعة اليدوية، وأدى إلى ابتكار أعمال فنية مستحدثة، وتوالد خبرات غنية لها طابع مختلف يفرضه عصر المعلومات والتطورات السريعة، فهناك ترابطات عديدة فرضها التطور الرقمي والتكنولوجي كان لها أثر على فناني الطبعة الفنية.
هناك العديد من فناني المينيمال الذين ربطوا بين الطبعة الفنية اليدوية والتقنيات الرقمية وما أحدثته من تأثيرات على التصوير الفوتوغرافي، والتي أكدت قدرة الفنان المعاصر على تطويع التكنولوجيا لفلسفته ورؤيته الفنية، منهم الفنان الأميركي نيكولاس بيل. وهو مصور فوتوغرافي ورسام متخصص في الصور بالأبيض والأسود في الغلاف الجوي والمشاهد الطبيعية، بدأ اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي في أواخر الثمانينات أثناء سفره لأوروبا مع الجيش الأميركي، اتخذ التصوير الفوتوغرافي كوسيلة للتعبير الفني. أما الفنان الأميركي ناثان بيل فتنوعت أعماله بين الطبعة الفنية والتصميم الجرافيكي، وفي مرحلة متقدمة أدخل التصوير الفوتوغرافي مع الطبعة الفنية الرقمية، باحثا عن إمكانية الاتصال بين الطبيعة والفن بأسلوب يميل للتجريد الخالص.
فنانون معاصرون
العمل الفني أصبح فعلا ناقدا
ترى أن لفناني أوروبا تأثرا وبصمة واضحة في ارتباطهم بالمينيمال، وتنوعت أعمالهم وموضوعاتها من الطبيعة كمصدر رئيس للإلهام، فاستطاعوا أن يحققوا أهم سمات وخصائص فن المينيمال وهي البساطة والاختزال سواء في التقنية أو اللون أو التكوين، إلى جانب إظهار العمل الفني متماسكا تصميميا، ويتصف بحس التوزيع الفراغي والعلاقات الموزونة في السطوح والخطوط وكذلك الألوان في نظام مقصود برغبة وإرادة الفنان، كل حسب رؤيته الخاصة.
من هؤلاء الفنانين إدواردو تشيليدا (1924 – 2002)، وهو أحد أشهر النحاتين في إسبانيا، انتزع اعترافا دوليا بالأعمال المعروضة في بينالي البندقية عام 1958، وصاغ تشيليدا أشكالا مجردة ضخمة من الحديد والجرانيت، غالبا للأماكن العامة، بالإضافة إلى إنتاج مجموعة من النقوش والطباعة الحجرية والرسومات الخشبية.
وتذكر عبدالمنعم كذلك الفنانة إيزابيل التهاوس (1961)، وتتسم رسومها باتجاه المينيمال، مما تجعل المتلقي يرى نتاجات عملية بحثية في التجريد، فهي دائمة الشغف بالطبيعة والبحث للوصول إلى صياغات تجريدية جديدة بتقنيات مختلفة، مما يثري الطبعة الفنية، محتفظة بالبساطة والاختزال، مما يحدث جذبا بصريا واضحا.
تلفت الباحثة إلى أن الفنانين الأميركيين كان لهم السبق في تناول هذا الأسلوب الفني، ارتبطت أعمالهم وتنوعت بموضوعات من الطبيعة واللاوعي، وهناك من عبر عن الوحدة والخلود، معتبرين تلك الموضوعات مصدر رئيس للإلهام، فاستطاعوا أيضا أن يحققوا أهم سمات وخصائص المينيمال وهي البساطة والاختزال سواء في التقنية أو اللون أو التكوين، بجانب أن يظهر العمل الفني متماسكا تصميميا ويتصف بحس التوزيع الفراغي والعلاقات الموزونة في السطوح والخطوط وكذلك الألوان في نظام مقصود برغبة وإرادة الفنان، كل حسب رؤيته الخاصة، لذلك تعد النماذج المطروحة تنوعا مهما في أسلوب الفنانين لصياغتهم لهذا الفن.
كما أن لكل واحد أسلوبه الخاص الذي عبر فيه برؤيته الشخصية عن المينيمال، منتهجين البساطة الشديدة في الشكل والنهج الحرفي. اتسمت أعمالهم بالتجديد والبعد عن المألوف، معتمدين على الأشكال الهندسية البسيطة والأولية والتي تتسم بالحدة، منهم: الفنان روبرت مذرويل (1915 – 1991)، الذي على مدى ثلاثين عاما أنتج سلسلة من اللوحات والمطبوعات التجريدية الضخمة ليمثل الفساد البشري والقمع والظلم من خلال فكرة متكررة لأشكال بسيطة مجردة بيضاوية باللون الأسود الغامق في إطار رسمي.
هناك أيضا الفنانة بياتريس ماهان (1973)، وهي فنانة معاصرة أميركية الأصل وتعيش في فرنسا، تعد الطباعة الأحادية الأصلية جزءا مهما في أعمالها، ومن أشهر تجاربها الطباعية سلسلة تحمل اسم “القصص الدائرية”. تعد تلك النماذج المطروحة تنوعا مهما في أسلوب الفنانين لصياغتهم لهذا الفن، كما أن لكل واحد أسلوبه الخاص الذي عبر فيه برؤيته الشخصية عن فن المينيمال.
أما في مصر فتكشف الباحثة أن المينيمال اتخذ طابعا خاصا ومختلفا، ولدى كل فنان على حدة من ناحية أخرى، فلم يقتصر على التلخيص والتجريد في العناصر والأشكال دون مضمون أو محتوى، بل اتسم بالوعي الذاتي للفنان.
اتجاه المينيمال يمثل جزءا من المشاريع الفنية لدى الفنانين المصريين، وليس مشروعا متكاملا لدى أي منهم، وقد اتخذ غالبيتهم من الطبيعة مصدرا ملهما في تجاربهم الفنية الخاصة بهم، واتخذ البعض الآخر الخطوط والأشكال الهندسية طريقة للتعبير عن المينيمال لديهم، وقد تناولوا أعمالهم الطباعية برؤى وصيغ تشكيلية وجمالية مختلفة، منهم الفنان شادي أبوريدة (1984) المدرس بقسم الجرافيك/ فنون جميلة المنيا، فنان اتخذ المنظر الطبيعي بمدينة رشيد ملهما في تجربته الطباعية.
وأبوريدة قام بتحويل المنظر الطبيعي إلى تكوينات تعتمد على الأشكال الهندسية وشبه الهندسية، مختلفة الأشكال والأحجام، والتي تمت إعادة تشكيلها وصياغتها بالكامل، لتنتج نسيجا واحدا يسيطر على فراغ العمل الفني ويكسبه أبعادا تشكيلية وبصرية متعددة، في إطار تجريدي تبتعد فيه عناصر العمل الفني قليلا أو كثيرا عن شكلها الواقعي لتنصهر في بوتقة التشكيل البصري للعمل الفني معتمدا على الاختزال والتبسيط بقصد الحد من الإيقاعات الكثيرة، التي تبدو في الخطوط الخارجية للأشكال الطبيعية والتضحية بالكثير من تفاصيلها.
أيضا هناك الفنانة إيمان عزت (1972)، التي خلقت أسلوبا متميزا خاصا بها بعيدا عن التقليد والتأثر بالآخرين، وبعد أن اطلعت على تاريخ الفن والأعمال الفنية قديما وحديثا من خلال دراستها الأكاديمية وقراءتها لتاريخ الفن ومشاهدة الفنون عالميا، فقد تعمدت خلق رؤية جمالية وفنية جديدة بعيدة كل البعد عن كل الأطر والمفاهيم التقليدية، متجهة نحو التجريد البحت والجمال الخالص في التناول التقني الجرافيكي ومعالجاتها وصياغتها الفنية والمتفردة فلسفيا.
مفهوم المينيمال وأمثلته
جاءت أطروحة إنجي عبدالمنعم في ثلاثة أبواب: الأول “المينيمال كاتجاه فني وفلسفي” وقسمته إلى فصلين، الأول “النشأة التاريخية لظهور فلسفة المينيمال” وعرض لخصائص فن المينيمال، والتأثير اللوني في صياغة الأعمال الفنية المطبوعة لفناني المينيمال، ومدى تأثير البعد الهندسي في أعمال الطبعة الفنية لفناني المينيمال لإيجاد تشكيلات بصرية ذات طابع خاص، وقد قامت الباحثة بعرض وتحليل نماذج لأعمال الطبعة الفنية لعدد من الفنانين.
والثاني المعنون بـ”ظهور فلسفة المينيمال كإحدى مدارس فنون ما بعد الحداثة” تعرض لمفهوم الجمال في الفن من الكلاسيكية إلى ما بعد الحداثة: الفن للفن، فنون الحداثة، فنون ما بعد الحداثة، العوامل التي أدت إلى ظهور ما بعد الحداثة، وقدم مفهوم ما بعد الحداثة في الفن التشكيلي، وفلسفة فن ما بعد الحداثة، وصولا إلى ماهية فلسفة فن المينيمال والعلاقة التبادلية بين فن المينيمال وفنون ما بعد الحداثة، مثل الفن المفاهيمي وفن الأرض، وقد استعرضت الباحثة التأثير المتبادل بينها، والمزج بين أساليب تلك الفلسفات، علاوة على الطبعة الفنية اليدوية ومدى تأثيرها بالتقنيات الرقمية الحديثة لإيجاد فلسفة تجريدية معاصرة للمينيمال.
وتعرض الباحثة للبعض من أنواع الطباعة اليدوية على سبيل المثال لا الحصر، تذكيرا بماهية الطرق والآليات القديمة المستخدمة في الطباعة، وبمحاولات فنية لبعض فناني الطبعة الفنية “المينيمال” تحققت فيها العلاقة التبادلية بين الطباعة اليدوية والتقنيات الرقمية بالتحليل، كما درست أثر الصورة الفوتوغرافية في إنتاج أعمال بتقنيات رقمية يدوية لفناني المينيمال، مقدمة نبذة تاريخية عن التصوير الضوئي، ومستعرضة بعض النماذج من الأعمال الفنية التي مزجت بين التصوير الفوتوغرافي والتقنيات الرقمية.
أما الباب الثاني “اتجاه فلسفة المينيمال وتأثيرها على أعمال فناني الطبعة الفنية العالميين” والذي اشتمل على ثلاثة فصول، جاء الأول كدراسة نقدية وتحليلية لاتجاه فن المينيمال من خلال نماذج لأعمال الفنانين الأوربيين، وتناول بالدراسة والتحليل نماذج لبعض فناني الجرافيك الذين اتسمت أعمالهم بأسلوب فن المينيمال ومدى استلهامهم لسمات هذا الأسلوب في التعبير عن وجهة نظرهم. وتطرح الباحثة بعض النماذج لفنانين أوروبيين كان لهم السبق في تناول هذا الأسلوب الفني.
أما الفصل الثاني فجاء دراسة نقدية وتحليلية لاتجاه فن المينيمال عبر نماذج لأعمال الفنانين الأميركيين، إذ تتناول الباحثة بالدراسة والتحليل نماذج لبعض فناني الجرافيك الأميركيين، وأساليبهم.
والثالث جاء دراسة نقدية وتحليلية لاتجاه فن المينيمال لنماذج لأعمال الفنانين المصريين، وتناول بالدراسة والتحليل نماذج لبعض فناني الجرافيك الذين اتسمت أعمالهم بأسلوب فن المينيمال ومدى استلهامهم لسمات هذا الأسلوب في التعبير عن وجهة نظرهم، تطرح الباحثة بعض النماذج لفنانين مصريين كان لهم السبق في تناول هذا الأسلوب الفني.
وتعرض في الباب الثالث لتجربتها الشخصية، وتضمن جزئين: الأول دراسة تحليلية وفلسفية لأعمال الباحثة: واشتمل على تحليل التجربة الذاتية التي أجرتها الباحثة، مستهدفة إثراء الطبعة الفنية تشكيليا من خلال تطبيق خصائص وسمات فن المينيمال. والثاني يتعلق بأهم التقنيات المستخدمة في إخراج الطبعة الفنية لدى الباحثة، واستعرض الخطوات التي قامت الباحثة بتنفيذها في إنتاج الطبعة الفنية، وكيفية استعانتها بالتكنولوجيا.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
محمد الحمامصي
كاتب مصري
إنجي عبدالمنعم: فن المينيمال أكثر ارتباطا بالتقنيات الحديثة.
الأحد 2023/03/26
انشرWhatsAppTwitterFacebook
التجريب وفق فلسفة الفن (نحت للفنان إدواردو تشيليدا)
يتجه الفن المعاصر إلى مجالات أبعد من الجمالية وحتى من رمزية الأفكار وشكلانية تقديمها وطرحها، إذ يؤكد مع تعدد توجهاته قدراته الكبيرة على خلق مسارات فكرية لا تسعى إلى تمجيد الفكرة ذاتها، وإنما فتح آفاق الفن على مناطق جديدة. ومن هذه التوجهات المينيمالية التي انتشرت بشكل واسع في الفن التشكيلي وحتى في السينما والمسرح وغيرها من الفنون.
المينيمال أحد اتجاهات فنون ما بعد الحداثة وقد ظهر في الولايات المتحدة الأميركية عام 1960 كرد فعل ضد المبالغة الشديدة في الشكلانية والإدعاءات إزاء التعبيرية التجريدية، فهو عصارة التجريد والوصول بالشكل إلى أقصى صوره الأولية، باحثا عن الجمال الخالص والاختزال التقني، واستبعد فنانو هذا الاتجاه الأوهام والخيال في تعبيراتهم كي يحصلوا على بناء صاف نقي يعتمد على دنيا اللون مع تبسيط الأشكال في تجريدية هندسية.
هذه الرؤية لفن المينيمال كانت محور الأطروحة التي حصلت بها الفنانة التشكيلية إنجي عبدالمنعم على درجة الدكتوراه أخيرا من كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، وقد عنونتها بـ”اتجاه المينيمال وأثره على فنون الطبعة الفنية المعاصرة”.
فنانو الطبعة الفنية
إنجي عبدالمنعم: المينيمال توجه خاص في مصر مرتبط بتجارب الفنانين الفردية
من خلال أطروحتها أثبتت عبدالمنعم أن “المينيمال” أحد اتجاهات فنون ما بعد الحداثة والفنون المعاصرة التي عملت على تغيير مفهوم الفن ومعاييره، حيث أخرجت المتلقي من حالة الجمود إلى التفاعل والمشاركة، وأن فن المينيمال أكثر ارتباطا بالتقنيات الحديثة والتي تساهم في الحركة الفنية المعاصرة في مجال الجرافيك، وساعد فناني الطبعة الفنية في خلق صياغات تشكيلية عديدة ومتنوعة تثري أعمالهم الفنية، كما ظهرت ملامح شخصية كل فنان من خلال أعماله التي انعكست بشكل مباشر على خطوطه واختياره لموضوعاته في إطار فلسفة فن المينيمال.
وأثبتت الباحثة والفنانة أيضا أن “المينيمال” ساهم في تسجيل الموروث الثقافي والحضاري لكل الدول، ويمثل منتجا أساسيا واستثماريا في دول أوروبا ودول الشرق الأوسط والعالم العربي، ومكن من الاستفادة من التجربة الفنية والتصميمية في تصميم الطوابع البريدية على مستوى دول أوروبا وأميركا ومصر.
تقول الباحثة إن الطبعة الفنية تأثرت باتجاه المينيمال كغيرها من المجالات الفنية الأخرى (النحت والتصوير)، فقد وجد فنانو الطبعة الفنية الفرصة للتجريب من خلال هذا الاتجاه وفق فلسفة الفن الخاصة والتقنية الجمالية حسب ما يتوافق مع شخصية وأسلوب كل فنان في التعبير، مما أحدث اكتساب مفهوم جديد للطبعة الفنية مختلف عن المدارس الفنية الأخرى.
لقد أصبحت الطبعة الفنية تميل إلى التجديد لتحقيق قيم فنية وجمالية، فنجد بعض أعمال الطبعة الفنية تواكب فلسفة هذا الاتجاه من حيث المبادئ الفلسفية وكذلك أفكاره، فاعتمدت على بساطة ووضوح الأشكال، واتسمت بالاختزال في الخامة واللون والشكل، وتتناول أشكالا هندسية أولية وأشكالا حرة في بناء الطبعة الفنية، والاهتمام بالنظريات الرياضية والجانب العقلاني، بعيدا عن الرمزية، وتأثرت اتجاهات فنون ما بعد الحداثة باتجاه المينيمال، فوجد الفنان الفرصة للتجريب وفق فلسفة الفن الخاصة وتقنياته الجمالية حسب ما يتوافق مع شخصيته وأسلوبه في التعبير، فاکتسبت الفنون مفهوما جديدا أحدثت قيما فنية وجمالية مستحدثة فنجد بعض الأعمال المواکبة للمينيمال تعکس أهم مبادئه وأفکاره الفلسفية، مما أدى إلى ظهور صياغات تشكيلية مستحدثة، معتمدة على بساطة ووضوح اللون والخامة المستخدمة.
التلخيص والتجريد في العناصر والأشكال
وتؤكد أن المينيمال سعى إلى تقديم إنتاج فني يمكننا أن نراه في مظهره المادي الأساسي ونقدره لقيمته الظاهرة، فالعمل الفني أصبح فعلا ناقدا ومنشطا ثقافيا، مختلفا عما کان قديما، بعد أن کان انطباعا بصريا يستجيب لحاجات وجدانية للإنسان، وتم الخلط وإزاحة الفواصل بين مجالات الفن التشكيلي، وتحول العمل الفني إلى استعراض سمعي بصري حرکي، ومع إزاحة هذه الفواصل بين مجالات الفن، وتعددت الأساليب وتداخلت المعايير الجمالية وکما صار التجديد هدفا بحد ذاته، وعلى هذا الأساس هجر الكثير من الفنانين صالات العرض التقليدية واتجهوا إلى الطبيعة مثل فن البيئة، وفن الأرض.
وتشير الباحثة إلى أن التطور التكنولوجي في واقعنا الحديث فرض على الفنانين حالة من تشابك المعلومات وترابطها والتي من خلالها حصل الفنان على أفكار جديدة وأيضا أدوات العصر التكنولوجية والبرامج الحديثة ساعدت الفنان على خلق أفكار إبداعية جديدة يمكن الحصول عليها من الوسائط الرقمية، فالقدرة على رؤية الروابط بين الأفكار والمجالات والمفاهيم هي أساس الإبداع، ساعد ذلك على إيجاد علاقة ترابطية بين التقنيات الرقمية والطباعة اليدوية، وأدى إلى ابتكار أعمال فنية مستحدثة، وتوالد خبرات غنية لها طابع مختلف يفرضه عصر المعلومات والتطورات السريعة، فهناك ترابطات عديدة فرضها التطور الرقمي والتكنولوجي كان لها أثر على فناني الطبعة الفنية.
هناك العديد من فناني المينيمال الذين ربطوا بين الطبعة الفنية اليدوية والتقنيات الرقمية وما أحدثته من تأثيرات على التصوير الفوتوغرافي، والتي أكدت قدرة الفنان المعاصر على تطويع التكنولوجيا لفلسفته ورؤيته الفنية، منهم الفنان الأميركي نيكولاس بيل. وهو مصور فوتوغرافي ورسام متخصص في الصور بالأبيض والأسود في الغلاف الجوي والمشاهد الطبيعية، بدأ اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي في أواخر الثمانينات أثناء سفره لأوروبا مع الجيش الأميركي، اتخذ التصوير الفوتوغرافي كوسيلة للتعبير الفني. أما الفنان الأميركي ناثان بيل فتنوعت أعماله بين الطبعة الفنية والتصميم الجرافيكي، وفي مرحلة متقدمة أدخل التصوير الفوتوغرافي مع الطبعة الفنية الرقمية، باحثا عن إمكانية الاتصال بين الطبيعة والفن بأسلوب يميل للتجريد الخالص.
فنانون معاصرون
العمل الفني أصبح فعلا ناقدا
ترى أن لفناني أوروبا تأثرا وبصمة واضحة في ارتباطهم بالمينيمال، وتنوعت أعمالهم وموضوعاتها من الطبيعة كمصدر رئيس للإلهام، فاستطاعوا أن يحققوا أهم سمات وخصائص فن المينيمال وهي البساطة والاختزال سواء في التقنية أو اللون أو التكوين، إلى جانب إظهار العمل الفني متماسكا تصميميا، ويتصف بحس التوزيع الفراغي والعلاقات الموزونة في السطوح والخطوط وكذلك الألوان في نظام مقصود برغبة وإرادة الفنان، كل حسب رؤيته الخاصة.
من هؤلاء الفنانين إدواردو تشيليدا (1924 – 2002)، وهو أحد أشهر النحاتين في إسبانيا، انتزع اعترافا دوليا بالأعمال المعروضة في بينالي البندقية عام 1958، وصاغ تشيليدا أشكالا مجردة ضخمة من الحديد والجرانيت، غالبا للأماكن العامة، بالإضافة إلى إنتاج مجموعة من النقوش والطباعة الحجرية والرسومات الخشبية.
وتذكر عبدالمنعم كذلك الفنانة إيزابيل التهاوس (1961)، وتتسم رسومها باتجاه المينيمال، مما تجعل المتلقي يرى نتاجات عملية بحثية في التجريد، فهي دائمة الشغف بالطبيعة والبحث للوصول إلى صياغات تجريدية جديدة بتقنيات مختلفة، مما يثري الطبعة الفنية، محتفظة بالبساطة والاختزال، مما يحدث جذبا بصريا واضحا.
تلفت الباحثة إلى أن الفنانين الأميركيين كان لهم السبق في تناول هذا الأسلوب الفني، ارتبطت أعمالهم وتنوعت بموضوعات من الطبيعة واللاوعي، وهناك من عبر عن الوحدة والخلود، معتبرين تلك الموضوعات مصدر رئيس للإلهام، فاستطاعوا أيضا أن يحققوا أهم سمات وخصائص المينيمال وهي البساطة والاختزال سواء في التقنية أو اللون أو التكوين، بجانب أن يظهر العمل الفني متماسكا تصميميا ويتصف بحس التوزيع الفراغي والعلاقات الموزونة في السطوح والخطوط وكذلك الألوان في نظام مقصود برغبة وإرادة الفنان، كل حسب رؤيته الخاصة، لذلك تعد النماذج المطروحة تنوعا مهما في أسلوب الفنانين لصياغتهم لهذا الفن.
كما أن لكل واحد أسلوبه الخاص الذي عبر فيه برؤيته الشخصية عن المينيمال، منتهجين البساطة الشديدة في الشكل والنهج الحرفي. اتسمت أعمالهم بالتجديد والبعد عن المألوف، معتمدين على الأشكال الهندسية البسيطة والأولية والتي تتسم بالحدة، منهم: الفنان روبرت مذرويل (1915 – 1991)، الذي على مدى ثلاثين عاما أنتج سلسلة من اللوحات والمطبوعات التجريدية الضخمة ليمثل الفساد البشري والقمع والظلم من خلال فكرة متكررة لأشكال بسيطة مجردة بيضاوية باللون الأسود الغامق في إطار رسمي.
هناك أيضا الفنانة بياتريس ماهان (1973)، وهي فنانة معاصرة أميركية الأصل وتعيش في فرنسا، تعد الطباعة الأحادية الأصلية جزءا مهما في أعمالها، ومن أشهر تجاربها الطباعية سلسلة تحمل اسم “القصص الدائرية”. تعد تلك النماذج المطروحة تنوعا مهما في أسلوب الفنانين لصياغتهم لهذا الفن، كما أن لكل واحد أسلوبه الخاص الذي عبر فيه برؤيته الشخصية عن فن المينيمال.
أما في مصر فتكشف الباحثة أن المينيمال اتخذ طابعا خاصا ومختلفا، ولدى كل فنان على حدة من ناحية أخرى، فلم يقتصر على التلخيص والتجريد في العناصر والأشكال دون مضمون أو محتوى، بل اتسم بالوعي الذاتي للفنان.
اتجاه المينيمال يمثل جزءا من المشاريع الفنية لدى الفنانين المصريين، وليس مشروعا متكاملا لدى أي منهم، وقد اتخذ غالبيتهم من الطبيعة مصدرا ملهما في تجاربهم الفنية الخاصة بهم، واتخذ البعض الآخر الخطوط والأشكال الهندسية طريقة للتعبير عن المينيمال لديهم، وقد تناولوا أعمالهم الطباعية برؤى وصيغ تشكيلية وجمالية مختلفة، منهم الفنان شادي أبوريدة (1984) المدرس بقسم الجرافيك/ فنون جميلة المنيا، فنان اتخذ المنظر الطبيعي بمدينة رشيد ملهما في تجربته الطباعية.
وأبوريدة قام بتحويل المنظر الطبيعي إلى تكوينات تعتمد على الأشكال الهندسية وشبه الهندسية، مختلفة الأشكال والأحجام، والتي تمت إعادة تشكيلها وصياغتها بالكامل، لتنتج نسيجا واحدا يسيطر على فراغ العمل الفني ويكسبه أبعادا تشكيلية وبصرية متعددة، في إطار تجريدي تبتعد فيه عناصر العمل الفني قليلا أو كثيرا عن شكلها الواقعي لتنصهر في بوتقة التشكيل البصري للعمل الفني معتمدا على الاختزال والتبسيط بقصد الحد من الإيقاعات الكثيرة، التي تبدو في الخطوط الخارجية للأشكال الطبيعية والتضحية بالكثير من تفاصيلها.
أيضا هناك الفنانة إيمان عزت (1972)، التي خلقت أسلوبا متميزا خاصا بها بعيدا عن التقليد والتأثر بالآخرين، وبعد أن اطلعت على تاريخ الفن والأعمال الفنية قديما وحديثا من خلال دراستها الأكاديمية وقراءتها لتاريخ الفن ومشاهدة الفنون عالميا، فقد تعمدت خلق رؤية جمالية وفنية جديدة بعيدة كل البعد عن كل الأطر والمفاهيم التقليدية، متجهة نحو التجريد البحت والجمال الخالص في التناول التقني الجرافيكي ومعالجاتها وصياغتها الفنية والمتفردة فلسفيا.
مفهوم المينيمال وأمثلته
جاءت أطروحة إنجي عبدالمنعم في ثلاثة أبواب: الأول “المينيمال كاتجاه فني وفلسفي” وقسمته إلى فصلين، الأول “النشأة التاريخية لظهور فلسفة المينيمال” وعرض لخصائص فن المينيمال، والتأثير اللوني في صياغة الأعمال الفنية المطبوعة لفناني المينيمال، ومدى تأثير البعد الهندسي في أعمال الطبعة الفنية لفناني المينيمال لإيجاد تشكيلات بصرية ذات طابع خاص، وقد قامت الباحثة بعرض وتحليل نماذج لأعمال الطبعة الفنية لعدد من الفنانين.
والثاني المعنون بـ”ظهور فلسفة المينيمال كإحدى مدارس فنون ما بعد الحداثة” تعرض لمفهوم الجمال في الفن من الكلاسيكية إلى ما بعد الحداثة: الفن للفن، فنون الحداثة، فنون ما بعد الحداثة، العوامل التي أدت إلى ظهور ما بعد الحداثة، وقدم مفهوم ما بعد الحداثة في الفن التشكيلي، وفلسفة فن ما بعد الحداثة، وصولا إلى ماهية فلسفة فن المينيمال والعلاقة التبادلية بين فن المينيمال وفنون ما بعد الحداثة، مثل الفن المفاهيمي وفن الأرض، وقد استعرضت الباحثة التأثير المتبادل بينها، والمزج بين أساليب تلك الفلسفات، علاوة على الطبعة الفنية اليدوية ومدى تأثيرها بالتقنيات الرقمية الحديثة لإيجاد فلسفة تجريدية معاصرة للمينيمال.
وتعرض الباحثة للبعض من أنواع الطباعة اليدوية على سبيل المثال لا الحصر، تذكيرا بماهية الطرق والآليات القديمة المستخدمة في الطباعة، وبمحاولات فنية لبعض فناني الطبعة الفنية “المينيمال” تحققت فيها العلاقة التبادلية بين الطباعة اليدوية والتقنيات الرقمية بالتحليل، كما درست أثر الصورة الفوتوغرافية في إنتاج أعمال بتقنيات رقمية يدوية لفناني المينيمال، مقدمة نبذة تاريخية عن التصوير الضوئي، ومستعرضة بعض النماذج من الأعمال الفنية التي مزجت بين التصوير الفوتوغرافي والتقنيات الرقمية.
أما الباب الثاني “اتجاه فلسفة المينيمال وتأثيرها على أعمال فناني الطبعة الفنية العالميين” والذي اشتمل على ثلاثة فصول، جاء الأول كدراسة نقدية وتحليلية لاتجاه فن المينيمال من خلال نماذج لأعمال الفنانين الأوربيين، وتناول بالدراسة والتحليل نماذج لبعض فناني الجرافيك الذين اتسمت أعمالهم بأسلوب فن المينيمال ومدى استلهامهم لسمات هذا الأسلوب في التعبير عن وجهة نظرهم. وتطرح الباحثة بعض النماذج لفنانين أوروبيين كان لهم السبق في تناول هذا الأسلوب الفني.
أما الفصل الثاني فجاء دراسة نقدية وتحليلية لاتجاه فن المينيمال عبر نماذج لأعمال الفنانين الأميركيين، إذ تتناول الباحثة بالدراسة والتحليل نماذج لبعض فناني الجرافيك الأميركيين، وأساليبهم.
والثالث جاء دراسة نقدية وتحليلية لاتجاه فن المينيمال لنماذج لأعمال الفنانين المصريين، وتناول بالدراسة والتحليل نماذج لبعض فناني الجرافيك الذين اتسمت أعمالهم بأسلوب فن المينيمال ومدى استلهامهم لسمات هذا الأسلوب في التعبير عن وجهة نظرهم، تطرح الباحثة بعض النماذج لفنانين مصريين كان لهم السبق في تناول هذا الأسلوب الفني.
وتعرض في الباب الثالث لتجربتها الشخصية، وتضمن جزئين: الأول دراسة تحليلية وفلسفية لأعمال الباحثة: واشتمل على تحليل التجربة الذاتية التي أجرتها الباحثة، مستهدفة إثراء الطبعة الفنية تشكيليا من خلال تطبيق خصائص وسمات فن المينيمال. والثاني يتعلق بأهم التقنيات المستخدمة في إخراج الطبعة الفنية لدى الباحثة، واستعرض الخطوات التي قامت الباحثة بتنفيذها في إنتاج الطبعة الفنية، وكيفية استعانتها بالتكنولوجيا.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
محمد الحمامصي
كاتب مصري