كتب عنه .. سعيد غبريس رئيس تحرير مجلة « الحدث الرياضي »
⏹في السبعينيات كنت أكتب في مجلة « الأسبوع العربي » التي كانت بداياتي الاحترافية من خلالها ... وذات يوم كنت أفتح رسائل القراء- كانوا كثراً في تلك السنوات- فوقعت بين يدي رسالة « غير شكل » استطعت أن أحل بعض رموز الأحرف وتابعت قراءة بعض السطور بصعوبة ، حتى إذ مللت من ذاك الخط « السنسكريتي قطعت المساحة بلمح البصر إلى التوقيع ، وكانت المفاجأة : المخلص عدنان بوظو ...
كان ذلك كافياً لأعيد القراءة بتأن وصبر طويلين حتى أثلج صدري بعبارات المديح وبالكلام عن متابعته بشغف وإعجاب وتقدير لكل ما أكتبه من تحقيقات رياضية ، مشيرا بكل لباقة إلى خطأ في معلومة عن منتخب ألمانيا الذي كان يتحضر لكأس العالم في ١٩٧٤ .
وقبل أن أتابع القراءة ، تأكدت من صحة ما قاله عن الخطأ الذي وقعت به ، ثم أكملت قراءة الرسالة لأتوقف مطولاً عند عبارة لا يمكن أن أنسى حرفاً منها : لقد توجوني ملكاً للنقاد العرب ، ولكني أضع التاج على رأسك أنت .. « أقول بأمانة إنه وأنا : أكتب هذه العبارة دمعت عيناي .. ولم أتمالك نفسي فتركت لها العنان وبكيت وبكيت ... تلك الرسالة من عدنان بوظو ربما كان لها فيما بعد أثر في مسيرتي الصحافية ... فقد أعطاني كلامه دفعا معنوياً كبيراً ، ولاسيما حين ختم تلك الرسالة بطلبه التعرف إلي شخصياً ودعاني لزيارته في دمشق ..
وهنا فصل آخر من التشويق ومن الوداعة .. ذهبت إلى دمشق بعد وقت قليل من تلك الدعوة ، ولم أكن أزور دمشق في تلك الفترة إلا لحضور مباريات فريق الجيش السوري أو المنتخب السوري ، بل إني كنت ألحق بهم إلى البلدان العربية المجاورة وخاصة الأردن .
فعلت كما قال لي في الرسالة : اسأل عني في التلفزيون العربي السوري ... اتصلوا به في مكتب الاستعلامات ثم سمحوا لي بالدخول ، كان باب غرفته مفتوحاً وكان منكباً على الكتابة ، طرقت الباب وألقيت التحية ، لم يعرفني لأنه لم يسبق لنا أن الـتـقـيـنـا ، ولم يـفـطـن أن الشخص الموجـود أمـامـه هـو مـن أعـلـم بـه مـن قـبـل الاستعلامات .. قال : ماذا تريدا قلت على الفور : أنا سعيد غبريس .. لم يصدق وقال بعد تمحص في وجهي وشكلي : بالله أنت سعيد غبريس ! .. قلت : تسلمت رسالتك وها أنا أت لنتعارف ..
هل تصدقون أنه بخجله وتواضعه « اللذين اكتشفتهما لاحقاً ، طلب مني إبراز هويتي الشخصية .. وهل يخطر في بالكم أني أظهرت هويتي وبطاقتي الصحافية .. عانقني وصافحني بشكل لافت ثم قال : كنت أعتقد أنك متقدم في السن ... من أين لك هذه الخبرة في هذه السن « لم أكن تجاوزت بعد سن الرابعة والعشرين » .
تلك الصدفة ولدت خير ميعاد وأنتجت صداقة وتبادل زيارات ومن ثم قرابة . كنت أشاهد أنا وإياه مباراة في ملعب العباسيين في المدرجات مع الجمهور ، ولم تكن تلك المباراة منقولة على الهواء ... فلاحظ أني أتطلع إلى المقاعد الخلفية ، أكثر مما أتابع المباراة وأشرت إلى فتاة جميلة تجلس إلى جوار فتاة أخرى وآخرين إلى جوار اللاعب الدولي آنذاك فاروق سرية « كان مصاباً في تلك الفترة ، فنهض عدنان على الفور وأمسك بيدي واتجهنا إلى حيث يجلس فاروق سرية و « شلته » .
حين أيقن سرية أننا متجهان صوبه قام ومن معه وقوفاً وسلاماً ، فقال عدنان : صديقي لبناني وحابب يتعرف عليكم ... « بالطبع كنت أعرف فاروق سرية جيداً ، إذ كنت صديقاً لكل لاعبي فريق الجيش والشرطة ، فقلت : أريد أن أتعرف إلى الآنسة وأشرت إليها بيدي فأفسحوا مكاناً لي إلى جانبها ... وتواری عدنان بوظو في لحظة ..
التي كانت تجلس إلى جانب فاروق سرية مباشرة أصبحت أم أولاده « أميرة » أما التي جلست إلى جانبها فلم تصبح من نصيبي ولم أصبح من نصيبها ، ولكن النصيب بقي في دمشق ، وكانت فاتحته مها زوجة عدنان وشهوده الأوائل العميد فاروق بوظو وعدنان بالطبع وفارس سلطجي .
مها عدنان بوظو من يعرفها ومن كان مقرباً منها لا يجني إلا السعة والانشراح والخير بالتأكيد ... كنت أحدثها عن تلك الفتاة وكانت تسألني عما توصلت معها ... وحين أبلغتها أننا اتفقنا على عدم المتابعة ... سألتني هل أنت ناوي تتزوج بجد ؟ فقلت لها لا أدري ، وهذا متوقف على الظروف ..
في الأمسية ذاتها كانت سيارة العميد فاروق تنقلني مع عدنان ومها إلى منطقة لم أسبق أن مررت بها ، وحين توقفت السيارة أمام منزل وأطلق العميد الزمور ... قالت لي مها : راح عرفك على أختي .. لم أستطع أن أميز شكل القادمة إلى السيارة ، وحين جلست في الخلف إلى جانب مها ، قلت للعميد فاروق أشعل نور السيارة من الداخل ، فنظرت إلى وجه القادمة ثم قلت : حتى الآن ماشي الحال ... في « الكاف دي روا » كان على جوانب الطاولة المحجوزة بعض الأصدقاء ، وبينهم فارس سلطجي الحارس الدولي السابق لمنتخب سورية ونادي الجيش .
ولم تمض سوى دقائق حتى تجرأ السلطجي على الطلب من التي أتت « على شريفي أن ترقص معه . كانت ردة فعلي الأولى توجيه سكين من على الطاولة إلى بطنه « برفق طبعاً » مع عبارة : وماذا أفعل أنا هنا ؟.
تضاعفت الزيارات إلى الشام وأصبحت عبئاً على عدنان الذي لابد له من قيلولة بعد الغداء ، ولا مجال للقاء « سمر » إلا في بيت عدنان الذي أخذني إلى منزل بيت حماه وعرفني على أهل سمر .
« هون بالشام مش مثل عندكم في بيروت ... هول ناس محافظين . وما بيصير تكثر من الزيارات دون صفة .. إذا ناوي عالخير .. اخطب على الأقل » .. قال ذلك العميد فاروق ، ليس عدنان بالطبع . وصار النصيب وصرت العديل .. ولكن « العديل الخشخيشة » .. ؟ أنا خشخيشة بنظره لأني على نقيض وإياه في الحياة الاجتماعية والعائلية وفي أمور عدة .
لم أكن أعلم أنه مشهور إلى هذه الدرجة ولا يمكن أن تجد رجلاً مشهوراً بمثل شهرته ... ومع ذلك لا يمكن أن تصادف إنساناً متواضعاً بقدر تواضعه ووداعته وخجله ... أما كرمه فيتحدث عنه غيري ، وبالحري الفواتير الشهرية التي يسددها إلى مطعم الريف في دمشق ، حيث الطاولة المحجوزة ليليا والأصدقاء الحميمون المجتمعون حولها .
لا يمكن أن تصادف رجلا يحب وطنه ويتعلق به ويضحي من أجله ، وهذا ما يفسر رفضه للعديد من العروض للعمل في الخليج العربي ... كان يهزأ ممن كان يفاتحه في مثل هذه المواضيع ..
موقف وطني مسؤول كنت شاهداً عليه : كنت إلى جانبه في منصة المعلقين في إستاد العباسيين ، المباراة كانت بين سورية والعراق في فترة العلاقات المتوترة سياسياً .. كان إلى الجهة القريبة المعلق العراقي مؤيد البدري وإلى جانبة اللاعب الدولي العراقي السابق كريم علاوي ... هذا الأخير كان متوتراً مرتبكاً ، بل لم يخف ذلك حين قال لي : إني خائف ... انظر إلى الجمهور السوري ... أكثر من ٥٠ ألفأ احتلوا المدرجات قبل ساعات وهتافاتهم كالهدير .
فجأة انطلق الصوت الجهوري عبر مكبرات الصوت في الملعب : « أهلاً بالأشقاء العراقيين الأبطال .. » كان ذلك كافياً ليبادر الجمهور هاتفاً لتحية لاعبي العراق لحظة وطئت أقدامهم أرض الملعب .
لن أتحدث عن ذلك الإنسان القومي العربي العروبي المتحمس ، ولن أ أتحدث . عن مؤهلاته المهنية فهو المعلم الرائد ، فالأجدر مني في هذا المجال تلك الكوكبة التي تعلمت منه ونهلت فتبوأت شاشات الفضائيات في الوطن العربي .
كان مؤثراً في الحياة الرياضية في سورية لذا كان يشعر بمسؤولية أية كلمة أو أي موقف ، لم يكن نرجسياً أو أنانياً ، ولم تكن البغضاء تجد سبيلا إلى قلبه ، وإلا لكان هشم كل من حاربه بسهولة تامة .
كان وزراء الإعلام يعاملونه كزميل ولم يكن يبادلهم إلا بالاحترام التام ، لكن أحدهم أراد أن يمارس عليه دوراً فوقياً فتجاهله عدنان ومضى فيما هو قائم وكأنه يملك سلطة أعلى من سلطة الوزير ... كانت لدي قضية تتعلق بمجلة « الوطن الرياضي » وطلبت تدخله مع الوزير إياه فأبي ... كنت شاهداً على بعض الوساطات من زملاء كبار في التلفزيون والإذاعة لإعادة العلاقات إلى مجاريها الطبيعية ولكنه بقي على « عناده الكردي » .
الكلام لا يـنـتـهـي عـن عـدنـان بـوظـو الرجل الموقف ، الإنسان الإنسان ، الإعلامي الكبير ... عن عدنان بوظو الرائد والمؤسس في مجال الإعلام الرياضي في سورية .
ولو أردنا الانتقال إلى الكلام عن عدنان بوظو اللامبالي . عدنان بوظو الطريف الظريف ، المتواضع والمدعي في آن ، فهذا الكلام أيضاً لا ينتهي ولكن نقدم غيضاً من فيض . أيام كان يقفل مطار بيروت إبان الحرب الأهلية في لبنان ، كنت أسافر عن طريق ..
⏹في السبعينيات كنت أكتب في مجلة « الأسبوع العربي » التي كانت بداياتي الاحترافية من خلالها ... وذات يوم كنت أفتح رسائل القراء- كانوا كثراً في تلك السنوات- فوقعت بين يدي رسالة « غير شكل » استطعت أن أحل بعض رموز الأحرف وتابعت قراءة بعض السطور بصعوبة ، حتى إذ مللت من ذاك الخط « السنسكريتي قطعت المساحة بلمح البصر إلى التوقيع ، وكانت المفاجأة : المخلص عدنان بوظو ...
كان ذلك كافياً لأعيد القراءة بتأن وصبر طويلين حتى أثلج صدري بعبارات المديح وبالكلام عن متابعته بشغف وإعجاب وتقدير لكل ما أكتبه من تحقيقات رياضية ، مشيرا بكل لباقة إلى خطأ في معلومة عن منتخب ألمانيا الذي كان يتحضر لكأس العالم في ١٩٧٤ .
وقبل أن أتابع القراءة ، تأكدت من صحة ما قاله عن الخطأ الذي وقعت به ، ثم أكملت قراءة الرسالة لأتوقف مطولاً عند عبارة لا يمكن أن أنسى حرفاً منها : لقد توجوني ملكاً للنقاد العرب ، ولكني أضع التاج على رأسك أنت .. « أقول بأمانة إنه وأنا : أكتب هذه العبارة دمعت عيناي .. ولم أتمالك نفسي فتركت لها العنان وبكيت وبكيت ... تلك الرسالة من عدنان بوظو ربما كان لها فيما بعد أثر في مسيرتي الصحافية ... فقد أعطاني كلامه دفعا معنوياً كبيراً ، ولاسيما حين ختم تلك الرسالة بطلبه التعرف إلي شخصياً ودعاني لزيارته في دمشق ..
وهنا فصل آخر من التشويق ومن الوداعة .. ذهبت إلى دمشق بعد وقت قليل من تلك الدعوة ، ولم أكن أزور دمشق في تلك الفترة إلا لحضور مباريات فريق الجيش السوري أو المنتخب السوري ، بل إني كنت ألحق بهم إلى البلدان العربية المجاورة وخاصة الأردن .
فعلت كما قال لي في الرسالة : اسأل عني في التلفزيون العربي السوري ... اتصلوا به في مكتب الاستعلامات ثم سمحوا لي بالدخول ، كان باب غرفته مفتوحاً وكان منكباً على الكتابة ، طرقت الباب وألقيت التحية ، لم يعرفني لأنه لم يسبق لنا أن الـتـقـيـنـا ، ولم يـفـطـن أن الشخص الموجـود أمـامـه هـو مـن أعـلـم بـه مـن قـبـل الاستعلامات .. قال : ماذا تريدا قلت على الفور : أنا سعيد غبريس .. لم يصدق وقال بعد تمحص في وجهي وشكلي : بالله أنت سعيد غبريس ! .. قلت : تسلمت رسالتك وها أنا أت لنتعارف ..
هل تصدقون أنه بخجله وتواضعه « اللذين اكتشفتهما لاحقاً ، طلب مني إبراز هويتي الشخصية .. وهل يخطر في بالكم أني أظهرت هويتي وبطاقتي الصحافية .. عانقني وصافحني بشكل لافت ثم قال : كنت أعتقد أنك متقدم في السن ... من أين لك هذه الخبرة في هذه السن « لم أكن تجاوزت بعد سن الرابعة والعشرين » .
تلك الصدفة ولدت خير ميعاد وأنتجت صداقة وتبادل زيارات ومن ثم قرابة . كنت أشاهد أنا وإياه مباراة في ملعب العباسيين في المدرجات مع الجمهور ، ولم تكن تلك المباراة منقولة على الهواء ... فلاحظ أني أتطلع إلى المقاعد الخلفية ، أكثر مما أتابع المباراة وأشرت إلى فتاة جميلة تجلس إلى جوار فتاة أخرى وآخرين إلى جوار اللاعب الدولي آنذاك فاروق سرية « كان مصاباً في تلك الفترة ، فنهض عدنان على الفور وأمسك بيدي واتجهنا إلى حيث يجلس فاروق سرية و « شلته » .
حين أيقن سرية أننا متجهان صوبه قام ومن معه وقوفاً وسلاماً ، فقال عدنان : صديقي لبناني وحابب يتعرف عليكم ... « بالطبع كنت أعرف فاروق سرية جيداً ، إذ كنت صديقاً لكل لاعبي فريق الجيش والشرطة ، فقلت : أريد أن أتعرف إلى الآنسة وأشرت إليها بيدي فأفسحوا مكاناً لي إلى جانبها ... وتواری عدنان بوظو في لحظة ..
التي كانت تجلس إلى جانب فاروق سرية مباشرة أصبحت أم أولاده « أميرة » أما التي جلست إلى جانبها فلم تصبح من نصيبي ولم أصبح من نصيبها ، ولكن النصيب بقي في دمشق ، وكانت فاتحته مها زوجة عدنان وشهوده الأوائل العميد فاروق بوظو وعدنان بالطبع وفارس سلطجي .
مها عدنان بوظو من يعرفها ومن كان مقرباً منها لا يجني إلا السعة والانشراح والخير بالتأكيد ... كنت أحدثها عن تلك الفتاة وكانت تسألني عما توصلت معها ... وحين أبلغتها أننا اتفقنا على عدم المتابعة ... سألتني هل أنت ناوي تتزوج بجد ؟ فقلت لها لا أدري ، وهذا متوقف على الظروف ..
في الأمسية ذاتها كانت سيارة العميد فاروق تنقلني مع عدنان ومها إلى منطقة لم أسبق أن مررت بها ، وحين توقفت السيارة أمام منزل وأطلق العميد الزمور ... قالت لي مها : راح عرفك على أختي .. لم أستطع أن أميز شكل القادمة إلى السيارة ، وحين جلست في الخلف إلى جانب مها ، قلت للعميد فاروق أشعل نور السيارة من الداخل ، فنظرت إلى وجه القادمة ثم قلت : حتى الآن ماشي الحال ... في « الكاف دي روا » كان على جوانب الطاولة المحجوزة بعض الأصدقاء ، وبينهم فارس سلطجي الحارس الدولي السابق لمنتخب سورية ونادي الجيش .
ولم تمض سوى دقائق حتى تجرأ السلطجي على الطلب من التي أتت « على شريفي أن ترقص معه . كانت ردة فعلي الأولى توجيه سكين من على الطاولة إلى بطنه « برفق طبعاً » مع عبارة : وماذا أفعل أنا هنا ؟.
تضاعفت الزيارات إلى الشام وأصبحت عبئاً على عدنان الذي لابد له من قيلولة بعد الغداء ، ولا مجال للقاء « سمر » إلا في بيت عدنان الذي أخذني إلى منزل بيت حماه وعرفني على أهل سمر .
« هون بالشام مش مثل عندكم في بيروت ... هول ناس محافظين . وما بيصير تكثر من الزيارات دون صفة .. إذا ناوي عالخير .. اخطب على الأقل » .. قال ذلك العميد فاروق ، ليس عدنان بالطبع . وصار النصيب وصرت العديل .. ولكن « العديل الخشخيشة » .. ؟ أنا خشخيشة بنظره لأني على نقيض وإياه في الحياة الاجتماعية والعائلية وفي أمور عدة .
لم أكن أعلم أنه مشهور إلى هذه الدرجة ولا يمكن أن تجد رجلاً مشهوراً بمثل شهرته ... ومع ذلك لا يمكن أن تصادف إنساناً متواضعاً بقدر تواضعه ووداعته وخجله ... أما كرمه فيتحدث عنه غيري ، وبالحري الفواتير الشهرية التي يسددها إلى مطعم الريف في دمشق ، حيث الطاولة المحجوزة ليليا والأصدقاء الحميمون المجتمعون حولها .
لا يمكن أن تصادف رجلا يحب وطنه ويتعلق به ويضحي من أجله ، وهذا ما يفسر رفضه للعديد من العروض للعمل في الخليج العربي ... كان يهزأ ممن كان يفاتحه في مثل هذه المواضيع ..
موقف وطني مسؤول كنت شاهداً عليه : كنت إلى جانبه في منصة المعلقين في إستاد العباسيين ، المباراة كانت بين سورية والعراق في فترة العلاقات المتوترة سياسياً .. كان إلى الجهة القريبة المعلق العراقي مؤيد البدري وإلى جانبة اللاعب الدولي العراقي السابق كريم علاوي ... هذا الأخير كان متوتراً مرتبكاً ، بل لم يخف ذلك حين قال لي : إني خائف ... انظر إلى الجمهور السوري ... أكثر من ٥٠ ألفأ احتلوا المدرجات قبل ساعات وهتافاتهم كالهدير .
فجأة انطلق الصوت الجهوري عبر مكبرات الصوت في الملعب : « أهلاً بالأشقاء العراقيين الأبطال .. » كان ذلك كافياً ليبادر الجمهور هاتفاً لتحية لاعبي العراق لحظة وطئت أقدامهم أرض الملعب .
لن أتحدث عن ذلك الإنسان القومي العربي العروبي المتحمس ، ولن أ أتحدث . عن مؤهلاته المهنية فهو المعلم الرائد ، فالأجدر مني في هذا المجال تلك الكوكبة التي تعلمت منه ونهلت فتبوأت شاشات الفضائيات في الوطن العربي .
كان مؤثراً في الحياة الرياضية في سورية لذا كان يشعر بمسؤولية أية كلمة أو أي موقف ، لم يكن نرجسياً أو أنانياً ، ولم تكن البغضاء تجد سبيلا إلى قلبه ، وإلا لكان هشم كل من حاربه بسهولة تامة .
كان وزراء الإعلام يعاملونه كزميل ولم يكن يبادلهم إلا بالاحترام التام ، لكن أحدهم أراد أن يمارس عليه دوراً فوقياً فتجاهله عدنان ومضى فيما هو قائم وكأنه يملك سلطة أعلى من سلطة الوزير ... كانت لدي قضية تتعلق بمجلة « الوطن الرياضي » وطلبت تدخله مع الوزير إياه فأبي ... كنت شاهداً على بعض الوساطات من زملاء كبار في التلفزيون والإذاعة لإعادة العلاقات إلى مجاريها الطبيعية ولكنه بقي على « عناده الكردي » .
الكلام لا يـنـتـهـي عـن عـدنـان بـوظـو الرجل الموقف ، الإنسان الإنسان ، الإعلامي الكبير ... عن عدنان بوظو الرائد والمؤسس في مجال الإعلام الرياضي في سورية .
ولو أردنا الانتقال إلى الكلام عن عدنان بوظو اللامبالي . عدنان بوظو الطريف الظريف ، المتواضع والمدعي في آن ، فهذا الكلام أيضاً لا ينتهي ولكن نقدم غيضاً من فيض . أيام كان يقفل مطار بيروت إبان الحرب الأهلية في لبنان ، كنت أسافر عن طريق ..
تعليق