حرب عالميه ثانيه
World War II - Seconde Guerre mondiale
الحرب العالمية الثانية
هي الحرب التي دارت رحاها بين دول المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان) من جهة، ودول الحلفاء (فرنسا وبريطانيا العظمى والاتحاد السوڤييتي والولايات المتحدة الأمريكية والصين) من جهة أخرى.
أسباب الحرب
الأسباب غير المباشرة، وأهمها:
1- إملاءات معاهدة صلح فرساي 1919 المجحفة بحق ألمانيا، تجريدها من مستعمراتها، وما أثاره ذلك من نقمة لدى الألمان .
2- نقمة إيطاليا بسبب عدم حصولها على كل ما وعدها به الحلفاء، قبل دخولها الحرب العالمية الأولى إلى جانبهم، وخاصة في المجال الاستعماري، وعدم تناسب ماحصلت عليه مع تضحياتها بالأرواح والمال.
3- إخفاق معاهدات فرساي في إقامة توازن دولي جديد في أوربا بسبب غياب روسيا حامية السلاف عن مؤتمر السلام.
4- ما انطوى عليه نظام عصبة الأمم[ر] من نقاط ضعف، منعتها من أن تكون أداة فعالة لإقامة سلام عادل ودائم ونظام دولي قائم على مبدأ حق الشعوب كافة في تقرير مصيرها بنفسها، وعلى الاحترام الكامل للاستقلال السياسي وسلامة أراضي الدول الأعضاء فيها.
5- أطماع اليابان التوسعية في الشرق الأقصى وخاصة الصين.
6- أخذ كل من ألمانيا وإيطاليا واليابان بمبدأ «المجال الحيوي» وسعي كل منها للحصول على مجالات امبريالية تعادل، على الأقل، ماتملكه فرنسا وبريطانيا .
7- الأزمات الداخلية الاقتصادية الاجتماعية الناجمة عن الحرب العالمية الأولى في كل من ألمانيا وإيطاليا وظهور النازية والفاشية فيهما، وتصاعدهما على أثر الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1931.
8- رغبة هتلر في تحرير ألمانيا من القيود التي فرضها عليها مؤتمر صلح 1919 خطوة أولى، لاستعادة ألمانيا وحدتها، وحلمه في بناء إمبراطورية ألمانية تسيطر على أوربا.
الأسباب المباشرة، وتظهر في:
1- شجب هتلر لمعاهدة فرساي، ومااتخذه من مبادرات لاستعادة الأجزاء المقتطعة من ألمانيا بموجب هذه المعاهدة، بدءاً من عام 1936.
2- اجتياح إيطاليا للحبشة (1936)، والقضاء على التفاهم الفرنسي البريطاني الإيطالي (ستريزه Stresa ت1935).
3- تحالف هتلر مع موسوليني في شباط 1936 وتشكيل محور روما - برلين، ونجاح هتلر في جر إيطاليا إلى التوقيع على الميثاق المناهض للشيوعية الدولية الذي وقعته ألمانيا مع اليابان .
4- اندلاع الحرب بين اليابان والصين عام 1937 بسبب أطماع اليابان في الصين.
5- تقاعس الدول الأوربية المهددة (فرنسا وبريطانيا) والولايات المتحدة عن تشكيل حلف متين قادر على ردع ألمانيا واليابان، ودرء خطر الحرب.
6- اجتياح هتلر لتشيكوسلوفاكيا (سابقاً) وضمها إلى الإمبراطورية الألمانية، ثم اجتياحه لبولونيا (أيلول 1939) لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير، وتدفع بريطانيا وفرنسا لإعلان الحرب على ألمانيا في الثالث من الشهر نفسه، فكانت الشرارة التي أعلنت اندلاع الحرب العالمية الثانية، ولم تدخل إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا إلا في10حزيران1940 حين أصبح الانتصار الألماني أمراً واقعاً.
مراحل الحرب ومسارحها
مرت الحرب العالمية الثانية بمرحلتين رئيسيتين، في المرحلة الأولى حققت دول المحور انتصارات هائلة على جميع جبهات القتال، وفي المرحلة الثانية، أدى دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء إلى قلب توازن القوى لصالح الحلفاء وانتصارهم على دول المحور.
1- المرحلة الأولى (أيلول 1939- ربيع 1942): وفيها مرت الحرب بثلاث مراحل فرعية وعلى ثلاثة مسارح مختلفة:
أ- الحرب في أوربا الغربية (أيلول 1939 - أيار 1941)، شهدت هذه المرحلة:
ـ نجاح ألمانيا والاتحاد السوڤييتي سابقاً في احتلال بولندا (بولونيا) واقتسامها فيما بينهما (الأول من أيلول - 27 أيلول).
ـ نشاط ألمانيا البحري ونجاحها في إغراق حاملة طائرات وبارجة بريطانيتين، وملايين الأطنان من حمولات سفن الحلفاء والدول المحايدة، على الرغم من حصار أساطيل الحلفاء للساحل الألماني.
ـ غزو الاتحاد السوڤييتي لفنلندا (30 تشرين الثاني 1939)، وإرغامها بعد أربعة أشهر من المقاومة على الاستسلام وتوقيع معاهدة تنازلت فيها عن الأراضي المتاخمة للاتحاد السوفيتي إضافة إلى جزيرة هانغو Hangoe، وانتزاع الاتحاد السوڤييتي لمنطقة بسارابيا من رومانيا على الرغم من وقوفها على الحياد.
ـ هجوم ألمانيا على كل من بلجيكا وهولندا المحايدتين (10أيار1940)، واستسلام ملك بلجيكا للألمان (27أيار)، ونجاح الجيش الألماني في إجبار القوات البريطانية على إخلاء دنكرك والتخلي عن جميع معداتها وأسلحتها الثقيلة.
ـ احتلال ألمانيا لكل من الدنمارك والنروج (9نيسان1940) بهدف استخدام الألمان للمياه النرويجية لتجنب الحصار الإنكليزي، وتأمين قاعدة بحرية وجوية ألمانية تهدد الجزر البريطانية.
ـ فشل الجيش الفرنسي في صد القوات الألمانية على خط السوم - الاين Somme-Aisne وسقوط باريس بيد الألمان (5حزيران) وانسحاب الحكومة الفرنسية من باريس إلى بوردو (8حزيران1940)، وتوقيع حكومة «بيتان» التي اتخذت مقراً لها في فيشي، معاهدة هدنة مع ألمانيا تقضي بوقف القتال وعدم تسليح القوات الفرنسية والاعتراف باحتلال ألمانيا لشمال فرنسا والأراضي الفرنسية الواقعة على المحيط الأطلسي، وبضم الألزاس واللورين إلى الرايخ الألماني.
ـ انفراد ألمانيا ببريطانيا التي توجّب عليها وحدها مواجهة ألمانيا، وبدء حرب ضروس بين البلدين من أوائل آب1940 (معركة إنكلترا) إذ قصف سلاح الجوي الألماني المدن البريطانية مدينة إثر أخرى، مكثفاً الغارات اليومية على لندن، فيما بين أيلول 1940-أيار 1941، وفي الوقت نفسه كانت فيه الغواصات الألمانية تواصل عملياتها ضد السفن التجارية الإنكليزية
ب- الحرب في إفريقيا وشرقي البحر المتوسط (أيلول 1940- كانون الأول 1941)
نجح القائد البريطاني ويفل Wevell في وقف الزحف الإيطالي على مصر عند سيدي براني (أيلول1940)، وهزم الجيش الإيطالي في مصر وبرقة، وأسر نحو 150 ألف جندي منه. وبعد تراجع القوات البريطانية أمام الجيوش الإيطالية في إفريقيا الشرقية (في السودان وكينيا والصومال الإنكليزي) التي هددت مركز بريطانيا في عدن والبحر المتوسط، ألحقت الجيوش البريطانية هزائم متلاحقة بالجيوش الإيطالية في إفريقيا، وأقصتها عن إريتريا، واستولت على عاصمة الحبشة أديس أبابا (نيسان1940)، وأجبرت فلول الجيش الإيطالي على الاستسلام، وانهار حلم موسوليني في بناء إمبراطورية إيطالية في إفريقيا.
وفي شرقي البحر المتوسط، فشلت قوات موسوليني في احتلال اليونان (تشرين الأول1940). لكن قوات هتلر، نجحت في احتلال بلغاريا وإرغامها على الانضمام إلى دول المحور، واحتلال يوغسلافيا (نيسان1941)، وطرد القوات البريطانية من جزيرة كريت (حزيران 1941).
وفي شهر تشرين الثاني 1940 أعلنت رومانيا وهنغاريا دخولهما الحرب إلى جانب دول المحور. وتمكنت الحملة التي أرسلتها ألمانيا إلى شمالي إفريقيا بقيادة رومل من الوصول إلى مرسى مطروح في مصر (حزيران1941)، وبدا واضحاً أن مصر أصبحت وشيكة الوقوع في قبضة قواته.
في حين أن المغامرة الجريئة التي أقدم عليها هتلر بغزو روسيا عملاً بمبادئ النازية، من مناهضة للشيوعية الهادفة إلى استعباد السلاف، ونظرية المجال الحيوي في الشرق، أدت في نهاية المطاف إلى خسارة ألمانيا للحرب على الرغم مما حققته القوات الألمانية من انتصارات فائقة في بداية الغزو.
ح- الحرب في الشرق الأقصى والمحيط الهادئ: بعد أن وقعت اليابان مع ألمانيا وإيطاليا معاهدة السنين العشر للعون المتبادل ( برلين 27 أيلول 1940)، ومعاهدة عدم اعتداء مع الاتحاد السوڤييتي (1941) بهدف تحقيق أطماعها التوسعية في الشرق الأقصى، قامت من دون إعلان الحرب رسمياً على الولايات المتحدة، بقصف الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر(8كانون الأول1941) وتعطيله في المحيط الهادئ، باستثناء ثلاث حاملات طائرات، وأمنت بذلك السيطرة على البحار الآسيوية، وأبحرت القوات اليابانية في الوقت نفسه إلى مستعمرة الهند الصينية الفرنسية، ونزلت في شمال شرقي ماليزيا وفي سيام (تايلند حالياً). عندئذ أعلنت الولايات المتحدة الحرب على اليابان، وردّت ألمانيا وإيطاليا بإعلان الحرب على الولايات المتحدة. وفيما بين تموز 1941 - تموز 1942، بسطت اليابان سيطرتها على الهند الصينية الفرنسية، واحتلت برمانية (مينمار حالياً) وماليزيا وسنغافورا وإندونيسيا، وطردت الولايات المتحدة من الفيليبين ،ونزلت قواتها في بعض جزر المحيط الهادئ، لكن انتصار الأمريكيين على اليابان في غينيا الجديدة وبحر الكورال (أيار 1942)، وفي ميدوي Midway(حزيران) أدى إلى وقف التوسع الياباني في المحيط الهادئ، وشكَّل منعطفاً حاسماً في سير الحرب لليابان.
2ـ المرحلة الثانية من الحرب (خريف 1942- أيلول1945): وفي أثنائها انقلب توازن القوى لصالح دول الحلفاء، وانتهت الحرب بانتصارهم واستسلام دول المحور.
والواقع أن إقحام الاتحاد السوڤييتي والولايات المتحدة في الحرب إلى جانب دول الحلفاء، أدى إلى قلب ميزان القوى لصالح الحلفاء، ففي عام1942 بلغ إنتاج الاتحاد السوفيتي من الطائرات مايزيد على 25ألف طائرة، والعدد نفسه تقريباً من الدبابات والرشاشات الأوتوماتيكية، وأخذت هذه الأرقام تتصاعد في السنوات اللاحقة. أما الولايات المتحدة فقد ارتفع إنتاجها الحربي من 4 آلاف دبابة ونحو 20 ألف طائرة عام 1941 إلى 17500 دبابة و96 ألف طائرة عام 1944.
وبذلك لم تعد قادرة على تجهيز أقوى جيش في العالم فحسب(7.2مليون جندي أمريكي) بل أضحت تمثل، وفقاً لتقديرات روزفلت، «ترسانة الأنظمة الديموقراطية Arsenal des democraties». وهذا مايفسر الهزائم المتلاحقة التي منيت بها دول المحور بدءاً من صيف1942 والانتصار التدريجي للحلفاء.
ومنذ خريف 1942، بدأ نجم دول الحلفاء يعلو ويتصاعد، فقد حلت الهزائم المتتالية بقوات دول المحور في الميدان الافريقي، فبعد إلحاق الهزيمة بقوات رومل في معركة العلمين الفاصلة (22تشرين الأول 1942)، شهدت حملة الحلفاء على تونس(كانون الأول 1942ـ أيار1943) عودة الجيش الفرنسي (جيش إفريقيا وقوات فرنسا الحرة) إلى الحرب، وأدت إلى استسلام قوات دول المحور في إفريقيا الشمالية.
بعد ذلك انتقل ميدان الحرب إلى إيطاليا. وفيما بين تموز 1942 - نيسان 1945 نجحت قوات الحلفاء في السيطرة على المدن الإيطالية الواحدة تلو الأخرى، بما فيها روما (4حزيران 1944). وفي 10 نيسان 1945، بدأت المرحلة الأخيرة من الحرب في إيطاليا، فعلى أثر سقوط جنوة، انهارت القوات الألمانية وبدأت تستسلم بأعداد كبيرة، مما اضطر قائدها إلى توقيع الهدنة (29نيسان)، وإلقاء السلاح من دون قيد أو شرط.
وعلى أثر معركة ستالينغراد الفاصلة (آب 1942) نجح الروس، في إجبار الألمان على الجلاء تدريجياً عن جميع الأراضي الروسية. وما أن حل شهر أيار 1944 حتى أصبح الروس على مقربة من استونيا وبولونيا في الغرب، وتجاوزوا حدود رومانيا في الجنوب.
وفي 6 حزيران 1944 نزلت قوات الحلفاء على شاطئ النورماندي، وفرضت سيطرتها على البر والبحر، وبدأت المدن الفرنسية تسقط بيد الحلفاء الواحدة تلو الأخرى. وفي 25آب، دخلت قوات فرنسا الحرة باريس، واستسلمت الحامية الألمانية فيها. وما أن حل منتصف شهر أيلول حتى تحررت معظم الأراضي الفرنسية من السيطرة الألمانية .
كما حقق الحلفاء انتصارات مماثلة في بلجيكا وهولندا. وسقطت دويلات البلطيق وبولونيا بيد الروس الواحدة تلو الأخرى، ومع إجبار ألمانيا على الارتداد في الشرق والغرب والجنوب دخلت الحرب دورها النهائي. فقد دمرت غارات الحلفاء المدن الألمانية ذاتها، ولم تَحُلْ بسالة الألمان من دون انهيار مقاومتهم تماماً في 28 نيسان 1945، بعد سقوط برلين في 12 نيسان، واستسلام جيوشهم في شمالي إيطاليا وشمالي غرب ألمانيا وهولندا والدنمرك. وعلى أثر انتحار هتلر شبه المؤكد(30 نيسان)، وقع رئيس أركان الحرب الألماني يودل Jodl وثيقة الاستسلام في 7 أيار 1945.
وسرعان ما انهارت مقاومة اليابان بعد استسلام حليفتيها الكبيرتين إيطاليا وألمانيا، فقد اضطرها إلقاء الولايات المتحدة القنبلة الذرية الأولى على مدينة هيروشيما (6آب 1945) والثانية على مدينة نغازاكي (9آب)، وما ألحقتاه فيهما من دمار وخراب وخسائر فادحة في الأرواح، وإعلان الاتحاد السوڤييتي الحرب عليها (8آب) إلى فتح باب المفاوضات لعقد الهدنة. ومع توقيع اليابان وثيقة الاستسلام في 2 أيلول 1945 وصلت الحرب العالمية الثانية إلى نهايتها.
نتائج الحرب
رأت دول الحلفاء الكبرى المنتصرة أن من واجبها إعادة تنظيم العالم وبناء نظام دولي جديد، وقد حاولت ذلك بتأسيس منظمة الأمم المتحدة، لكن سرعان ما ظهر الخلاف بين حلفاء الأمس أنفسهم بسبب اختلاف مصالحهم في السياسة الخارجية، واختلافهم في المفاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما أدى إلى انقسام العالم إلى معسكرين شرقي شيوعي يتزعمه الاتحاد السوڤييتي وغربي ليبرالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. فلم تعد الشيوعية تسيطر على دول أوربا الشرقية فحسب، بل على الصين أيضاً. وانضوت دول أوربا الغربية تحت جناح الولايات المتحدة، وأصبح إعادة إعمارها من شأنها واحتفظت بقواتها فيها.
واحتلت ألمانيا وعاصمتها برلين وقسمت إلى أربع مناطق أمريكية وبريطانية وفرنسية وسوفيتية. واحتلت الولايات المتحدة اليابان وأعادت إعمارها بإدارة ماك ارثر Mac Arthur.
وتلاشى نفوذ كل من بريطانيا وفرنسا وفقدتا هيبتهما، وثارت شعوب آسيا وإفريقيا المستعمرة مطالبة باستقلالها، وتفككت الإمبراطورية الإيطالية. واتخذ الصراع بين الدول الكبرى مساراً جديداً حين أصبح صراعاً حول نظم الحكم والمذاهب السياسية والاقتصادية والفكرية.
من جهة أخرى، بلغ عدد القوات التي عبئت للحرب نحو 92 مليون نسمة، منهم 32 مليون ينتمون إلى دول المحور، وتراوح عدد الخسائر البشرية بالأرواح ما بين 35-60 مليون نسمة من عسكريين ومدنيين. ولحقت أكبر الخسائر البشرية بكل من الاتحاد السوڤييتي (18مليون قتيل) وبولندا (8.5 مليون)، وألمانيا (2.4مليون) واليابان (2مليون).
صباح كعدان
World War II - Seconde Guerre mondiale
الحرب العالمية الثانية
هي الحرب التي دارت رحاها بين دول المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان) من جهة، ودول الحلفاء (فرنسا وبريطانيا العظمى والاتحاد السوڤييتي والولايات المتحدة الأمريكية والصين) من جهة أخرى.
أسباب الحرب
الأسباب غير المباشرة، وأهمها:
1- إملاءات معاهدة صلح فرساي 1919 المجحفة بحق ألمانيا، تجريدها من مستعمراتها، وما أثاره ذلك من نقمة لدى الألمان .
2- نقمة إيطاليا بسبب عدم حصولها على كل ما وعدها به الحلفاء، قبل دخولها الحرب العالمية الأولى إلى جانبهم، وخاصة في المجال الاستعماري، وعدم تناسب ماحصلت عليه مع تضحياتها بالأرواح والمال.
3- إخفاق معاهدات فرساي في إقامة توازن دولي جديد في أوربا بسبب غياب روسيا حامية السلاف عن مؤتمر السلام.
4- ما انطوى عليه نظام عصبة الأمم[ر] من نقاط ضعف، منعتها من أن تكون أداة فعالة لإقامة سلام عادل ودائم ونظام دولي قائم على مبدأ حق الشعوب كافة في تقرير مصيرها بنفسها، وعلى الاحترام الكامل للاستقلال السياسي وسلامة أراضي الدول الأعضاء فيها.
5- أطماع اليابان التوسعية في الشرق الأقصى وخاصة الصين.
6- أخذ كل من ألمانيا وإيطاليا واليابان بمبدأ «المجال الحيوي» وسعي كل منها للحصول على مجالات امبريالية تعادل، على الأقل، ماتملكه فرنسا وبريطانيا .
7- الأزمات الداخلية الاقتصادية الاجتماعية الناجمة عن الحرب العالمية الأولى في كل من ألمانيا وإيطاليا وظهور النازية والفاشية فيهما، وتصاعدهما على أثر الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1931.
8- رغبة هتلر في تحرير ألمانيا من القيود التي فرضها عليها مؤتمر صلح 1919 خطوة أولى، لاستعادة ألمانيا وحدتها، وحلمه في بناء إمبراطورية ألمانية تسيطر على أوربا.
الأسباب المباشرة، وتظهر في:
1- شجب هتلر لمعاهدة فرساي، ومااتخذه من مبادرات لاستعادة الأجزاء المقتطعة من ألمانيا بموجب هذه المعاهدة، بدءاً من عام 1936.
2- اجتياح إيطاليا للحبشة (1936)، والقضاء على التفاهم الفرنسي البريطاني الإيطالي (ستريزه Stresa ت1935).
3- تحالف هتلر مع موسوليني في شباط 1936 وتشكيل محور روما - برلين، ونجاح هتلر في جر إيطاليا إلى التوقيع على الميثاق المناهض للشيوعية الدولية الذي وقعته ألمانيا مع اليابان .
4- اندلاع الحرب بين اليابان والصين عام 1937 بسبب أطماع اليابان في الصين.
5- تقاعس الدول الأوربية المهددة (فرنسا وبريطانيا) والولايات المتحدة عن تشكيل حلف متين قادر على ردع ألمانيا واليابان، ودرء خطر الحرب.
6- اجتياح هتلر لتشيكوسلوفاكيا (سابقاً) وضمها إلى الإمبراطورية الألمانية، ثم اجتياحه لبولونيا (أيلول 1939) لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير، وتدفع بريطانيا وفرنسا لإعلان الحرب على ألمانيا في الثالث من الشهر نفسه، فكانت الشرارة التي أعلنت اندلاع الحرب العالمية الثانية، ولم تدخل إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا إلا في10حزيران1940 حين أصبح الانتصار الألماني أمراً واقعاً.
مراحل الحرب ومسارحها
مرت الحرب العالمية الثانية بمرحلتين رئيسيتين، في المرحلة الأولى حققت دول المحور انتصارات هائلة على جميع جبهات القتال، وفي المرحلة الثانية، أدى دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء إلى قلب توازن القوى لصالح الحلفاء وانتصارهم على دول المحور.
1- المرحلة الأولى (أيلول 1939- ربيع 1942): وفيها مرت الحرب بثلاث مراحل فرعية وعلى ثلاثة مسارح مختلفة:
أ- الحرب في أوربا الغربية (أيلول 1939 - أيار 1941)، شهدت هذه المرحلة:
كانت قاذفة القنابل الألمانية «ج و - 87» |
أحد العوامل المهمة في الانتصارات الألمانية |
في بداية الحرب العالمية الثانية |
ـ نشاط ألمانيا البحري ونجاحها في إغراق حاملة طائرات وبارجة بريطانيتين، وملايين الأطنان من حمولات سفن الحلفاء والدول المحايدة، على الرغم من حصار أساطيل الحلفاء للساحل الألماني.
ـ غزو الاتحاد السوڤييتي لفنلندا (30 تشرين الثاني 1939)، وإرغامها بعد أربعة أشهر من المقاومة على الاستسلام وتوقيع معاهدة تنازلت فيها عن الأراضي المتاخمة للاتحاد السوفيتي إضافة إلى جزيرة هانغو Hangoe، وانتزاع الاتحاد السوڤييتي لمنطقة بسارابيا من رومانيا على الرغم من وقوفها على الحياد.
ـ هجوم ألمانيا على كل من بلجيكا وهولندا المحايدتين (10أيار1940)، واستسلام ملك بلجيكا للألمان (27أيار)، ونجاح الجيش الألماني في إجبار القوات البريطانية على إخلاء دنكرك والتخلي عن جميع معداتها وأسلحتها الثقيلة.
ـ احتلال ألمانيا لكل من الدنمارك والنروج (9نيسان1940) بهدف استخدام الألمان للمياه النرويجية لتجنب الحصار الإنكليزي، وتأمين قاعدة بحرية وجوية ألمانية تهدد الجزر البريطانية.
ـ فشل الجيش الفرنسي في صد القوات الألمانية على خط السوم - الاين Somme-Aisne وسقوط باريس بيد الألمان (5حزيران) وانسحاب الحكومة الفرنسية من باريس إلى بوردو (8حزيران1940)، وتوقيع حكومة «بيتان» التي اتخذت مقراً لها في فيشي، معاهدة هدنة مع ألمانيا تقضي بوقف القتال وعدم تسليح القوات الفرنسية والاعتراف باحتلال ألمانيا لشمال فرنسا والأراضي الفرنسية الواقعة على المحيط الأطلسي، وبضم الألزاس واللورين إلى الرايخ الألماني.
ـ انفراد ألمانيا ببريطانيا التي توجّب عليها وحدها مواجهة ألمانيا، وبدء حرب ضروس بين البلدين من أوائل آب1940 (معركة إنكلترا) إذ قصف سلاح الجوي الألماني المدن البريطانية مدينة إثر أخرى، مكثفاً الغارات اليومية على لندن، فيما بين أيلول 1940-أيار 1941، وفي الوقت نفسه كانت فيه الغواصات الألمانية تواصل عملياتها ضد السفن التجارية الإنكليزية
ب- الحرب في إفريقيا وشرقي البحر المتوسط (أيلول 1940- كانون الأول 1941)
تقدم القوات الألمانية نحو موسكو |
في شتاء 1941-1942 |
وفي شرقي البحر المتوسط، فشلت قوات موسوليني في احتلال اليونان (تشرين الأول1940). لكن قوات هتلر، نجحت في احتلال بلغاريا وإرغامها على الانضمام إلى دول المحور، واحتلال يوغسلافيا (نيسان1941)، وطرد القوات البريطانية من جزيرة كريت (حزيران 1941).
وفي شهر تشرين الثاني 1940 أعلنت رومانيا وهنغاريا دخولهما الحرب إلى جانب دول المحور. وتمكنت الحملة التي أرسلتها ألمانيا إلى شمالي إفريقيا بقيادة رومل من الوصول إلى مرسى مطروح في مصر (حزيران1941)، وبدا واضحاً أن مصر أصبحت وشيكة الوقوع في قبضة قواته.
في حين أن المغامرة الجريئة التي أقدم عليها هتلر بغزو روسيا عملاً بمبادئ النازية، من مناهضة للشيوعية الهادفة إلى استعباد السلاف، ونظرية المجال الحيوي في الشرق، أدت في نهاية المطاف إلى خسارة ألمانيا للحرب على الرغم مما حققته القوات الألمانية من انتصارات فائقة في بداية الغزو.
ح- الحرب في الشرق الأقصى والمحيط الهادئ: بعد أن وقعت اليابان مع ألمانيا وإيطاليا معاهدة السنين العشر للعون المتبادل ( برلين 27 أيلول 1940)، ومعاهدة عدم اعتداء مع الاتحاد السوڤييتي (1941) بهدف تحقيق أطماعها التوسعية في الشرق الأقصى، قامت من دون إعلان الحرب رسمياً على الولايات المتحدة، بقصف الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر(8كانون الأول1941) وتعطيله في المحيط الهادئ، باستثناء ثلاث حاملات طائرات، وأمنت بذلك السيطرة على البحار الآسيوية، وأبحرت القوات اليابانية في الوقت نفسه إلى مستعمرة الهند الصينية الفرنسية، ونزلت في شمال شرقي ماليزيا وفي سيام (تايلند حالياً). عندئذ أعلنت الولايات المتحدة الحرب على اليابان، وردّت ألمانيا وإيطاليا بإعلان الحرب على الولايات المتحدة. وفيما بين تموز 1941 - تموز 1942، بسطت اليابان سيطرتها على الهند الصينية الفرنسية، واحتلت برمانية (مينمار حالياً) وماليزيا وسنغافورا وإندونيسيا، وطردت الولايات المتحدة من الفيليبين ،ونزلت قواتها في بعض جزر المحيط الهادئ، لكن انتصار الأمريكيين على اليابان في غينيا الجديدة وبحر الكورال (أيار 1942)، وفي ميدوي Midway(حزيران) أدى إلى وقف التوسع الياباني في المحيط الهادئ، وشكَّل منعطفاً حاسماً في سير الحرب لليابان.
2ـ المرحلة الثانية من الحرب (خريف 1942- أيلول1945): وفي أثنائها انقلب توازن القوى لصالح دول الحلفاء، وانتهت الحرب بانتصارهم واستسلام دول المحور.
والواقع أن إقحام الاتحاد السوڤييتي والولايات المتحدة في الحرب إلى جانب دول الحلفاء، أدى إلى قلب ميزان القوى لصالح الحلفاء، ففي عام1942 بلغ إنتاج الاتحاد السوفيتي من الطائرات مايزيد على 25ألف طائرة، والعدد نفسه تقريباً من الدبابات والرشاشات الأوتوماتيكية، وأخذت هذه الأرقام تتصاعد في السنوات اللاحقة. أما الولايات المتحدة فقد ارتفع إنتاجها الحربي من 4 آلاف دبابة ونحو 20 ألف طائرة عام 1941 إلى 17500 دبابة و96 ألف طائرة عام 1944.
وبذلك لم تعد قادرة على تجهيز أقوى جيش في العالم فحسب(7.2مليون جندي أمريكي) بل أضحت تمثل، وفقاً لتقديرات روزفلت، «ترسانة الأنظمة الديموقراطية Arsenal des democraties». وهذا مايفسر الهزائم المتلاحقة التي منيت بها دول المحور بدءاً من صيف1942 والانتصار التدريجي للحلفاء.
ومنذ خريف 1942، بدأ نجم دول الحلفاء يعلو ويتصاعد، فقد حلت الهزائم المتتالية بقوات دول المحور في الميدان الافريقي، فبعد إلحاق الهزيمة بقوات رومل في معركة العلمين الفاصلة (22تشرين الأول 1942)، شهدت حملة الحلفاء على تونس(كانون الأول 1942ـ أيار1943) عودة الجيش الفرنسي (جيش إفريقيا وقوات فرنسا الحرة) إلى الحرب، وأدت إلى استسلام قوات دول المحور في إفريقيا الشمالية.
بعد ذلك انتقل ميدان الحرب إلى إيطاليا. وفيما بين تموز 1942 - نيسان 1945 نجحت قوات الحلفاء في السيطرة على المدن الإيطالية الواحدة تلو الأخرى، بما فيها روما (4حزيران 1944). وفي 10 نيسان 1945، بدأت المرحلة الأخيرة من الحرب في إيطاليا، فعلى أثر سقوط جنوة، انهارت القوات الألمانية وبدأت تستسلم بأعداد كبيرة، مما اضطر قائدها إلى توقيع الهدنة (29نيسان)، وإلقاء السلاح من دون قيد أو شرط.
وعلى أثر معركة ستالينغراد الفاصلة (آب 1942) نجح الروس، في إجبار الألمان على الجلاء تدريجياً عن جميع الأراضي الروسية. وما أن حل شهر أيار 1944 حتى أصبح الروس على مقربة من استونيا وبولونيا في الغرب، وتجاوزوا حدود رومانيا في الجنوب.
إنزال قوات الحلفاء على شاطئ النورماندي |
في 6حزيران 1944 |
كما حقق الحلفاء انتصارات مماثلة في بلجيكا وهولندا. وسقطت دويلات البلطيق وبولونيا بيد الروس الواحدة تلو الأخرى، ومع إجبار ألمانيا على الارتداد في الشرق والغرب والجنوب دخلت الحرب دورها النهائي. فقد دمرت غارات الحلفاء المدن الألمانية ذاتها، ولم تَحُلْ بسالة الألمان من دون انهيار مقاومتهم تماماً في 28 نيسان 1945، بعد سقوط برلين في 12 نيسان، واستسلام جيوشهم في شمالي إيطاليا وشمالي غرب ألمانيا وهولندا والدنمرك. وعلى أثر انتحار هتلر شبه المؤكد(30 نيسان)، وقع رئيس أركان الحرب الألماني يودل Jodl وثيقة الاستسلام في 7 أيار 1945.
وسرعان ما انهارت مقاومة اليابان بعد استسلام حليفتيها الكبيرتين إيطاليا وألمانيا، فقد اضطرها إلقاء الولايات المتحدة القنبلة الذرية الأولى على مدينة هيروشيما (6آب 1945) والثانية على مدينة نغازاكي (9آب)، وما ألحقتاه فيهما من دمار وخراب وخسائر فادحة في الأرواح، وإعلان الاتحاد السوڤييتي الحرب عليها (8آب) إلى فتح باب المفاوضات لعقد الهدنة. ومع توقيع اليابان وثيقة الاستسلام في 2 أيلول 1945 وصلت الحرب العالمية الثانية إلى نهايتها.
نتائج الحرب
رأت دول الحلفاء الكبرى المنتصرة أن من واجبها إعادة تنظيم العالم وبناء نظام دولي جديد، وقد حاولت ذلك بتأسيس منظمة الأمم المتحدة، لكن سرعان ما ظهر الخلاف بين حلفاء الأمس أنفسهم بسبب اختلاف مصالحهم في السياسة الخارجية، واختلافهم في المفاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما أدى إلى انقسام العالم إلى معسكرين شرقي شيوعي يتزعمه الاتحاد السوڤييتي وغربي ليبرالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. فلم تعد الشيوعية تسيطر على دول أوربا الشرقية فحسب، بل على الصين أيضاً. وانضوت دول أوربا الغربية تحت جناح الولايات المتحدة، وأصبح إعادة إعمارها من شأنها واحتفظت بقواتها فيها.
واحتلت ألمانيا وعاصمتها برلين وقسمت إلى أربع مناطق أمريكية وبريطانية وفرنسية وسوفيتية. واحتلت الولايات المتحدة اليابان وأعادت إعمارها بإدارة ماك ارثر Mac Arthur.
وتلاشى نفوذ كل من بريطانيا وفرنسا وفقدتا هيبتهما، وثارت شعوب آسيا وإفريقيا المستعمرة مطالبة باستقلالها، وتفككت الإمبراطورية الإيطالية. واتخذ الصراع بين الدول الكبرى مساراً جديداً حين أصبح صراعاً حول نظم الحكم والمذاهب السياسية والاقتصادية والفكرية.
من جهة أخرى، بلغ عدد القوات التي عبئت للحرب نحو 92 مليون نسمة، منهم 32 مليون ينتمون إلى دول المحور، وتراوح عدد الخسائر البشرية بالأرواح ما بين 35-60 مليون نسمة من عسكريين ومدنيين. ولحقت أكبر الخسائر البشرية بكل من الاتحاد السوڤييتي (18مليون قتيل) وبولندا (8.5 مليون)، وألمانيا (2.4مليون) واليابان (2مليون).
صباح كعدان