"ندى ابراهيم".. ترسم الحزن أسرع من الفرح
اللاذقيّة
تستوقفك لوحاتها بألوانها المكثفة وانسيابها على جسم اللوحة ببطء، يحول المشهد البصري إلى وقفة، تتصاعد في التلقي إلى حدود الدهشة والجرأة.
تخرجت "ندى ابراهيم" في قسم إدارة الأعمال بالأكاديمية العربية للتكنولوجيا في "اللاذقية" قبل عامين، ومع هذه الشهادة وجدت نفسها أسيرة حنين طفولتها إلى الرسم والتشكيل، فبدأت تستعيد تلك الملامح عبر لوحاتها، فشاركت في معرضين جماعيين مع فنانين آخرين، ثم انطلقت باتجاه معرضها الفردي الأول، ونستطلع في مدونة وطن "eSyria"، تجربتها الفنية في حوار تم معها
"هناك فرق بين الرسم الذكوري والأنثوي"، هكذا تجيب الفنانة "ندى" عن سؤال الفرق هذا، «فالاثنان لهم مشاعر، لكن اللمسة الأنثوية يطغى عليها العاطفة والإحساس المرهف، فترى في لوحات الأنثى شيئاً أقرب إلى الروحانية منها عن اللمسة الذكورية التي تقف متعجباً وعاجزاً أحياناً عن فهمها، على أن هذا لا يعني الفصل بالمعنى الفني، ولا بالمعنى الإنساني، بل إنه مجرد فرق في التلقي، في صناعة اللوحة كل فنان أياً كان جنسه يرسم بما تمليه عليه هواجسه الفنية والفكرية».
إحدى لوحاتها
وهذه الهواجس ترتبط بما يعيشه الفنان أو الفنانة في حد ذاته، فلكل مرحلة نموذجها وطابعها الخاص في الرسم، تقول الفنانة: «الفنان ينطلق بفنه من قلب واقعه، ونحن نعيش ظروفاً مؤلمة، على الفنان والفن بشكل عام أن يكون حقيقياً صادقاً عند محاكاته لها، ليس فقط لنشر الوعي، ولو أن نشر الوعي بهذه الصيغة أمر يتطلب الصبر الطويل، وعملية نقل للمفاهيم الفنية إلى الجمهور بطريقة مبسطة».
في معرضها الأول، ومشاركاتها الجماعية، بدت اللوحات التي تشتغلها الفنانة ملأى بالحزن اللوني والبصري، تقول في تفسير هذه الحالة: «رسوماتي تعطي طابعاً حزيناً لأنني أرى نفسي في هذا الطابع، أحاكيه ويحاكيني فينتج لدي صورة تلخص ما في داخلي. والفن هو مكان يحتضن جميع الحالات الشخصية التي يمر بها الفنان، في هذه المساحة البيضاء تظهر دواخل الفنان وبمعالجتها لونياً تظهر اللوحة وبها يختلف عن غيره من الفنانين».
مع والدها المهندس نذير
في لوحات "ندى" تبرز الألوان على امتداد مساحة اللوحة بحضورها القاسي والمنتشر بين ثنايا الموضوع الفني المتناول، وفي هذا الانتشار تعبير عن "صدق"، تقول الفنانة: «عندما يكون الفنان صادقاً مع ذاته يكون صادقاً برسوماته، هناك ارتباط بين ما يقوم به الفنان على امتداد البياض وما يفكر فيه تجاه عمله الفني، في هذا الجدل الإنساني يتحقق الإبداع المطلوب، ويتحقق له الانتشار الفني أيضاً، أية لوحة تحمل في ثناياها عناصر موتها وحياتها في وقت واحد».
قد تحقق لوحة واحدة برأي "ندى" حضوراً أكثر من معارض عديدة، ولذلك فليست "القصة" أن يكون عدد المعارض كل عام عشرات المعارض، ولكن تكفي كما تقول: «لوحة واحدة كي تحقق للفنان الانتشار الذي يحب، ولهذا أرى أن أعمل على معرضي الثاني ولو طويلاً كي أحقق بصمتي الخاصة التي يمكن لي الاعتماد عليها في بناء تجربتي الفنية لاحقاً».
مع الفنان بسام محمود في معرضها
من لوحات "ندى" التي تفضلها لوحة "أبي"، وتقول فيها إنها اختارت أن ترسم فيها "رمزها الأعلى" والدها، فهو الإنسان الذي شجعها على أن تسلك كل الطرق التي تتيح لها تكوين شخصيتها وموهبتها وفهمها للحياة، وتضيف: «فهمي للحياة جاء من علاقة طيبة بنيتها مع أبي كعلاقة شراكة أبوية، بحكم تجربته الطيبة في الحياة وقراءته الفكرية لها، قدم لي ما أعتقد أنه مناسب لي لتكوين شخصيتي الفنية والحياتية، ولذلك كانت أجمل لوحاتي هي تلك التي رسمتها له».
ترسم "ندى" لوحاتها عن سابق تصميم، في هذه النقطة تستوقف عقلها كما تقول لتختار اللحظة الأكثر اقتراباً من روحيتها وذهنيتها الفنية، ومع تزايد خبرتها يوماً بعد آخر، تحلم بأن تحتل ذات يوم موقع الصدارة الفنية دون أن تتخلى عن إدارة الأعمال التي تجيدها كما تجيد أعمال المنزل.
في الشهادات الفنية لأعمال "ندى"، يرى المصور الضوئي "بسام محمود" الذي حضر مشاركات "ندى" عدة مرات، أنها تعمل لتكوّن لنفسها هوية بصرية فنية ستكون مميزة مع الأيام، وأضاف: «لوحاتها مجموعة عوالم تقتحم ذاكرة المتلقي بهدوء وصمت وكثير من الأسئلة والدهشة، ألوانها تحتل حيزاً كبيراً من التعابير المتداخلة في مساحات اللوحة مع مدلول رمزي، وهي تتعامل مع المشاهد بإحساسها التشكيلي في ثنائية الخط واللون».
كذلك قال الفنان "أشرف الراهب": «تسعى "ندى" لشق طريق خاص بها، في المضمون وفي طريقة الإنتاج، حيث إنها تعمل بمواد وتقنيات غير مألوفة في الوسط الفني، الطريق إلى الإنسان واضح في لوحاتها، فهي تحمل مشاعر إنسانية مرهفة تسعى إلى نقلها بطريقتها الخاصة باللون والمادة إلى السطح، طاقتها وطموحها يشي بأنها ستصل إلى تجربة فنية أصيلة ومميزة في المستقبل».
- كمال شاهين
اللاذقيّة
تستوقفك لوحاتها بألوانها المكثفة وانسيابها على جسم اللوحة ببطء، يحول المشهد البصري إلى وقفة، تتصاعد في التلقي إلى حدود الدهشة والجرأة.
تخرجت "ندى ابراهيم" في قسم إدارة الأعمال بالأكاديمية العربية للتكنولوجيا في "اللاذقية" قبل عامين، ومع هذه الشهادة وجدت نفسها أسيرة حنين طفولتها إلى الرسم والتشكيل، فبدأت تستعيد تلك الملامح عبر لوحاتها، فشاركت في معرضين جماعيين مع فنانين آخرين، ثم انطلقت باتجاه معرضها الفردي الأول، ونستطلع في مدونة وطن "eSyria"، تجربتها الفنية في حوار تم معها
لوحة واحدة كي تحقق للفنان الانتشار الذي يحب، ولهذا أرى أن أعمل على معرضي الثاني ولو طويلاً كي أحقق بصمتي الخاصة التي يمكن لي الاعتماد عليها في بناء تجربتي الفنية لاحقاً
"هناك فرق بين الرسم الذكوري والأنثوي"، هكذا تجيب الفنانة "ندى" عن سؤال الفرق هذا، «فالاثنان لهم مشاعر، لكن اللمسة الأنثوية يطغى عليها العاطفة والإحساس المرهف، فترى في لوحات الأنثى شيئاً أقرب إلى الروحانية منها عن اللمسة الذكورية التي تقف متعجباً وعاجزاً أحياناً عن فهمها، على أن هذا لا يعني الفصل بالمعنى الفني، ولا بالمعنى الإنساني، بل إنه مجرد فرق في التلقي، في صناعة اللوحة كل فنان أياً كان جنسه يرسم بما تمليه عليه هواجسه الفنية والفكرية».
إحدى لوحاتها
وهذه الهواجس ترتبط بما يعيشه الفنان أو الفنانة في حد ذاته، فلكل مرحلة نموذجها وطابعها الخاص في الرسم، تقول الفنانة: «الفنان ينطلق بفنه من قلب واقعه، ونحن نعيش ظروفاً مؤلمة، على الفنان والفن بشكل عام أن يكون حقيقياً صادقاً عند محاكاته لها، ليس فقط لنشر الوعي، ولو أن نشر الوعي بهذه الصيغة أمر يتطلب الصبر الطويل، وعملية نقل للمفاهيم الفنية إلى الجمهور بطريقة مبسطة».
في معرضها الأول، ومشاركاتها الجماعية، بدت اللوحات التي تشتغلها الفنانة ملأى بالحزن اللوني والبصري، تقول في تفسير هذه الحالة: «رسوماتي تعطي طابعاً حزيناً لأنني أرى نفسي في هذا الطابع، أحاكيه ويحاكيني فينتج لدي صورة تلخص ما في داخلي. والفن هو مكان يحتضن جميع الحالات الشخصية التي يمر بها الفنان، في هذه المساحة البيضاء تظهر دواخل الفنان وبمعالجتها لونياً تظهر اللوحة وبها يختلف عن غيره من الفنانين».
مع والدها المهندس نذير
في لوحات "ندى" تبرز الألوان على امتداد مساحة اللوحة بحضورها القاسي والمنتشر بين ثنايا الموضوع الفني المتناول، وفي هذا الانتشار تعبير عن "صدق"، تقول الفنانة: «عندما يكون الفنان صادقاً مع ذاته يكون صادقاً برسوماته، هناك ارتباط بين ما يقوم به الفنان على امتداد البياض وما يفكر فيه تجاه عمله الفني، في هذا الجدل الإنساني يتحقق الإبداع المطلوب، ويتحقق له الانتشار الفني أيضاً، أية لوحة تحمل في ثناياها عناصر موتها وحياتها في وقت واحد».
قد تحقق لوحة واحدة برأي "ندى" حضوراً أكثر من معارض عديدة، ولذلك فليست "القصة" أن يكون عدد المعارض كل عام عشرات المعارض، ولكن تكفي كما تقول: «لوحة واحدة كي تحقق للفنان الانتشار الذي يحب، ولهذا أرى أن أعمل على معرضي الثاني ولو طويلاً كي أحقق بصمتي الخاصة التي يمكن لي الاعتماد عليها في بناء تجربتي الفنية لاحقاً».
مع الفنان بسام محمود في معرضها
من لوحات "ندى" التي تفضلها لوحة "أبي"، وتقول فيها إنها اختارت أن ترسم فيها "رمزها الأعلى" والدها، فهو الإنسان الذي شجعها على أن تسلك كل الطرق التي تتيح لها تكوين شخصيتها وموهبتها وفهمها للحياة، وتضيف: «فهمي للحياة جاء من علاقة طيبة بنيتها مع أبي كعلاقة شراكة أبوية، بحكم تجربته الطيبة في الحياة وقراءته الفكرية لها، قدم لي ما أعتقد أنه مناسب لي لتكوين شخصيتي الفنية والحياتية، ولذلك كانت أجمل لوحاتي هي تلك التي رسمتها له».
ترسم "ندى" لوحاتها عن سابق تصميم، في هذه النقطة تستوقف عقلها كما تقول لتختار اللحظة الأكثر اقتراباً من روحيتها وذهنيتها الفنية، ومع تزايد خبرتها يوماً بعد آخر، تحلم بأن تحتل ذات يوم موقع الصدارة الفنية دون أن تتخلى عن إدارة الأعمال التي تجيدها كما تجيد أعمال المنزل.
في الشهادات الفنية لأعمال "ندى"، يرى المصور الضوئي "بسام محمود" الذي حضر مشاركات "ندى" عدة مرات، أنها تعمل لتكوّن لنفسها هوية بصرية فنية ستكون مميزة مع الأيام، وأضاف: «لوحاتها مجموعة عوالم تقتحم ذاكرة المتلقي بهدوء وصمت وكثير من الأسئلة والدهشة، ألوانها تحتل حيزاً كبيراً من التعابير المتداخلة في مساحات اللوحة مع مدلول رمزي، وهي تتعامل مع المشاهد بإحساسها التشكيلي في ثنائية الخط واللون».
كذلك قال الفنان "أشرف الراهب": «تسعى "ندى" لشق طريق خاص بها، في المضمون وفي طريقة الإنتاج، حيث إنها تعمل بمواد وتقنيات غير مألوفة في الوسط الفني، الطريق إلى الإنسان واضح في لوحاتها، فهي تحمل مشاعر إنسانية مرهفة تسعى إلى نقلها بطريقتها الخاصة باللون والمادة إلى السطح، طاقتها وطموحها يشي بأنها ستصل إلى تجربة فنية أصيلة ومميزة في المستقبل».