"بهجت اسكندر".. الفنان القابض على عمق الصورة
هديل اليكسي صباغ
اللاذقيّة
عشق التصوير، فترجم ما تشاهده عيناه بلغته الخاصة عبر رحلة طويلة مع الزمن، لينال مؤخراً أعلى وأرفع وسام استحقاق وزاري يُعطى لمدني في "بلغاريا".
مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع المهندس الفنان "بهجت اسكندر" بتاريخ 4 شباط 2019، ليحدثنا عن حياته وبداياته في التصوير قائلاً: «ولدت ونشأت في "سورية"، درست المراحل الابتدائية والثانوية ثم أكملت دراستي في المعهد العالي الصناعي في "حلب"، وتخرجت فيه سنة 1967 إلى أن سافرت بعدها إلى "المجر"، وبدأت تعلم اللغة، وأكملت دراستي في الهندسة، حيث عملت هناك كموظف هندسة لشركة في "المجر"، فيما بعد قمت بالتحضير لمسابقات في التصوير. بالنسبة لبداية التصوير عام 1968 كانت لدي فكرة في مخيلتي دائماً بأنني أحب أن أعبر عن نفسي بوسيلة من الوسائل، وكانت الوسيلة المتاحة لدي ماكينة التصوير، لم يكن لدي مخبر أو أدوات، فقط ماكينة التصوير، وهذا الشي كان يشعرني بالمرارة، إلى أن استطعت شراء أدوات خاصة متواضعة، تعلمت من خلالها "تحميض" الصور بنفسي، وبدأت العمل بالأدوات في الغرفة الصغيرة التي كنت أسكن فيها مع زوجتي وأولادي. في البداية بدأت تصوير نفسي ومحيطي، فأنتجت مسلسلاً من الصور يحتوي عشر صور عن جزء من حياتي آنذاك، وأرسلته لمسابقة في التصوير من دون أن أضع له اسماً، فحصد حينئذٍ ثماني جوائز على جودة الصور من دون اسم، ولهذا اليوم أشعر بهذه الصور كجزء من حياتي. كنت أركز دائماً في صوري على وجه الإنسان وعينيه؛ فوجهه بالدرجة الأولى هو المرآة الداخلية للعقل بالنسبة له، فدائماً العمل الذي أقوم به أتمنى أن يكون له وزن وإحساس، فالصورة مسؤولية المصور لأنها ذات حدين كالسكين التي تقطع الخبز أو تنحر شخصاً آخر، لذلك إذا كان المصور لا يمتلك الإلمام بمهمة الصورة يمكن أن يعمل فيها فساداً وتخريباً أو يبني وطناً، وفي كل حياتي لم أستغل الصور، بل أصور فقط لأساعد الإنسان».
وتابع المهندس "بهجت" حديثه عن المعارض والأعمال التي قام بها قائلاً: «مُنحت من قبل الحكومة المجرية منحة تفرغ لتوثيق التغيرات في المجتمع المجري في مطلع القرن الحادي والعشرين بعد أن صورت نحو عشرة آلاف صورة حتى الآن؛ توثق تاريخ الإنسان الريفي المجري خلال القرن الماضي. اشتراكي في المعارض بدأ في أوائل السبعينات، حيث أقمت معارض فردية خاصة، وشاركت في العديد من المعارض الجماعية في "المجر" وأنحاء العالم، وصل عددها إلى مئتين وخمسين معرضاً في كل من "كندا" و"سورية" و"رومانيا" و"الدنمارك"، وغيرها الكثير من البلدان، ومنها معارض متنقلة في أهم المدن البلغارية، وكان لدي أيضاً معرض خاص عن الأمهات الحوامل اللواتي يمنحن الوطن الكثير بهؤلاء الأطفال، عملت بهذا المعرض نحو عشر سنوات، فدائماً أسعى أن يكون العمل الذي أقوم به له وزن وإحساس. إضافة إلى معرضي الدائم في المركز الثقافي في مدينة "كشكميل". وأيضاً قمت بمعارض خاصة عديدة، منها: معرض عام 1999 لمساعدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى تنظيمي لمعرض عام 1989 عاد ريعه للاجئين المجريين، ومهرجان "جبلة" الثقافي مع "جهاد جديد" في سنتي 2004 و 2010 وفي "دمشق" و"القاهرة" معرض باسم المجر بعيون عربية، كما ساعدت في ترميم المتحف الفني للمصورين، إضافة إلى تخصيص جزء كبير من الجائزة المالية (جائزة بيما) في عام 2010 لمتضرري الكارثة البيئية التي حدثت في "المجر". كما أُصدر كتاب "فوتو ألبوم" ضم أعمالي وملخصاً لحياتي الفنية بعنوان: "حفنة من العالم" عام 2012، وصدر حينئذٍ بثلاث لغات (المجرية، والعربية، والإنكليزية)، قمت بأعمال البورتريه لكثيرين من أعلام الأدب "المجري" والفني، وأقوم بالمشاركة سنوياً بملتقى "فيرانكا" للكتاب والشعراء، إضافة إلى كتاباتي في مجلة "الدانوب الأزرق" التي تصدر باللغة العربية وتصل إلى أكثر من عشرين دولة».
من أعماله
وعن مشاركاته والأوسمة التي حصدها، تابع: «حصلت على أكثر من مئة جائزة ووسام، منها جائزة الفنانين المجريين للتصوير، والمركز الأول في معرض "جولا كوليش" للفنون التصويرية، وشهادة تقدير من وزارة الثقافة المجرية عام 1987، ووزارة الثقافة المصرية عام 2010 ووسام استحقاق الجمهورية المجرية لقب "فارس" عام 2008، وأيضاً وسام الاستحقاق المجري برتبة "ضابط" لعام 2012، وشهادة تقدير من قبل قصر الثقافة المركزي في "صوفيا" لعام 2016، ومؤخراً حصلت على أرفع وأعلى وسام استحقاق وزاري يعطى لمدني في "بلغاريا"، على هامش معرض أقيم للوحاتي في العاصمة البلغارية "صوفيا"، ضم خمس وأربعين صورة التقطت في مختلف البقاع البلغارية من مدن وقلاع وأماكن ذات طابع تراثي، عبر رحلة استغرقت أكثر من أسبوعين على امتداد آلاف الكيلومترات».
الشاعر الكبير "أدونيس"، تحدث عن المصوّر "بهجت اسكندر" قائلاً: «لا يقدم "بهجت اسكندر" مجرد مشهد بصري، وإنما يقدم معرفة، من الأليف يستخرج عناصره الغريبة، ومن القريب يأخذ البعد، ومن الأفقي يستخلص عموديته، حتى إننا قد نتساءل فيما نتأمل عملاً من أعماله، أترانا نشاهد واقعاً أم حلماً؟ أين تبدأ المخيلة؟ وأين ينتهي الواقع؟ هكذا يحاول، فيما يتحاور مع الظاهر أن يكشف عن الخفي، وفيما يبدو عمله كأنه نبض في قلب الزمن، يبدو في الوقت نفسه كأنه سابح في فضاء المطلق».
في مختبره
يذكر، أن المصوّر "بهجت اسكندر" من مواليد "اللاذقية"، عام 1943.
مع الأطفال في الحديقة
هديل اليكسي صباغ
اللاذقيّة
عشق التصوير، فترجم ما تشاهده عيناه بلغته الخاصة عبر رحلة طويلة مع الزمن، لينال مؤخراً أعلى وأرفع وسام استحقاق وزاري يُعطى لمدني في "بلغاريا".
مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع المهندس الفنان "بهجت اسكندر" بتاريخ 4 شباط 2019، ليحدثنا عن حياته وبداياته في التصوير قائلاً: «ولدت ونشأت في "سورية"، درست المراحل الابتدائية والثانوية ثم أكملت دراستي في المعهد العالي الصناعي في "حلب"، وتخرجت فيه سنة 1967 إلى أن سافرت بعدها إلى "المجر"، وبدأت تعلم اللغة، وأكملت دراستي في الهندسة، حيث عملت هناك كموظف هندسة لشركة في "المجر"، فيما بعد قمت بالتحضير لمسابقات في التصوير. بالنسبة لبداية التصوير عام 1968 كانت لدي فكرة في مخيلتي دائماً بأنني أحب أن أعبر عن نفسي بوسيلة من الوسائل، وكانت الوسيلة المتاحة لدي ماكينة التصوير، لم يكن لدي مخبر أو أدوات، فقط ماكينة التصوير، وهذا الشي كان يشعرني بالمرارة، إلى أن استطعت شراء أدوات خاصة متواضعة، تعلمت من خلالها "تحميض" الصور بنفسي، وبدأت العمل بالأدوات في الغرفة الصغيرة التي كنت أسكن فيها مع زوجتي وأولادي. في البداية بدأت تصوير نفسي ومحيطي، فأنتجت مسلسلاً من الصور يحتوي عشر صور عن جزء من حياتي آنذاك، وأرسلته لمسابقة في التصوير من دون أن أضع له اسماً، فحصد حينئذٍ ثماني جوائز على جودة الصور من دون اسم، ولهذا اليوم أشعر بهذه الصور كجزء من حياتي. كنت أركز دائماً في صوري على وجه الإنسان وعينيه؛ فوجهه بالدرجة الأولى هو المرآة الداخلية للعقل بالنسبة له، فدائماً العمل الذي أقوم به أتمنى أن يكون له وزن وإحساس، فالصورة مسؤولية المصور لأنها ذات حدين كالسكين التي تقطع الخبز أو تنحر شخصاً آخر، لذلك إذا كان المصور لا يمتلك الإلمام بمهمة الصورة يمكن أن يعمل فيها فساداً وتخريباً أو يبني وطناً، وفي كل حياتي لم أستغل الصور، بل أصور فقط لأساعد الإنسان».
لا يقدم "بهجت اسكندر" مجرد مشهد بصري، وإنما يقدم معرفة، من الأليف يستخرج عناصره الغريبة، ومن القريب يأخذ البعد، ومن الأفقي يستخلص عموديته، حتى إننا قد نتساءل فيما نتأمل عملاً من أعماله، أترانا نشاهد واقعاً أم حلماً؟ أين تبدأ المخيلة؟ وأين ينتهي الواقع؟ هكذا يحاول، فيما يتحاور مع الظاهر أن يكشف عن الخفي، وفيما يبدو عمله كأنه نبض في قلب الزمن، يبدو في الوقت نفسه كأنه سابح في فضاء المطلق
وتابع المهندس "بهجت" حديثه عن المعارض والأعمال التي قام بها قائلاً: «مُنحت من قبل الحكومة المجرية منحة تفرغ لتوثيق التغيرات في المجتمع المجري في مطلع القرن الحادي والعشرين بعد أن صورت نحو عشرة آلاف صورة حتى الآن؛ توثق تاريخ الإنسان الريفي المجري خلال القرن الماضي. اشتراكي في المعارض بدأ في أوائل السبعينات، حيث أقمت معارض فردية خاصة، وشاركت في العديد من المعارض الجماعية في "المجر" وأنحاء العالم، وصل عددها إلى مئتين وخمسين معرضاً في كل من "كندا" و"سورية" و"رومانيا" و"الدنمارك"، وغيرها الكثير من البلدان، ومنها معارض متنقلة في أهم المدن البلغارية، وكان لدي أيضاً معرض خاص عن الأمهات الحوامل اللواتي يمنحن الوطن الكثير بهؤلاء الأطفال، عملت بهذا المعرض نحو عشر سنوات، فدائماً أسعى أن يكون العمل الذي أقوم به له وزن وإحساس. إضافة إلى معرضي الدائم في المركز الثقافي في مدينة "كشكميل". وأيضاً قمت بمعارض خاصة عديدة، منها: معرض عام 1999 لمساعدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى تنظيمي لمعرض عام 1989 عاد ريعه للاجئين المجريين، ومهرجان "جبلة" الثقافي مع "جهاد جديد" في سنتي 2004 و 2010 وفي "دمشق" و"القاهرة" معرض باسم المجر بعيون عربية، كما ساعدت في ترميم المتحف الفني للمصورين، إضافة إلى تخصيص جزء كبير من الجائزة المالية (جائزة بيما) في عام 2010 لمتضرري الكارثة البيئية التي حدثت في "المجر". كما أُصدر كتاب "فوتو ألبوم" ضم أعمالي وملخصاً لحياتي الفنية بعنوان: "حفنة من العالم" عام 2012، وصدر حينئذٍ بثلاث لغات (المجرية، والعربية، والإنكليزية)، قمت بأعمال البورتريه لكثيرين من أعلام الأدب "المجري" والفني، وأقوم بالمشاركة سنوياً بملتقى "فيرانكا" للكتاب والشعراء، إضافة إلى كتاباتي في مجلة "الدانوب الأزرق" التي تصدر باللغة العربية وتصل إلى أكثر من عشرين دولة».
من أعماله
وعن مشاركاته والأوسمة التي حصدها، تابع: «حصلت على أكثر من مئة جائزة ووسام، منها جائزة الفنانين المجريين للتصوير، والمركز الأول في معرض "جولا كوليش" للفنون التصويرية، وشهادة تقدير من وزارة الثقافة المجرية عام 1987، ووزارة الثقافة المصرية عام 2010 ووسام استحقاق الجمهورية المجرية لقب "فارس" عام 2008، وأيضاً وسام الاستحقاق المجري برتبة "ضابط" لعام 2012، وشهادة تقدير من قبل قصر الثقافة المركزي في "صوفيا" لعام 2016، ومؤخراً حصلت على أرفع وأعلى وسام استحقاق وزاري يعطى لمدني في "بلغاريا"، على هامش معرض أقيم للوحاتي في العاصمة البلغارية "صوفيا"، ضم خمس وأربعين صورة التقطت في مختلف البقاع البلغارية من مدن وقلاع وأماكن ذات طابع تراثي، عبر رحلة استغرقت أكثر من أسبوعين على امتداد آلاف الكيلومترات».
الشاعر الكبير "أدونيس"، تحدث عن المصوّر "بهجت اسكندر" قائلاً: «لا يقدم "بهجت اسكندر" مجرد مشهد بصري، وإنما يقدم معرفة، من الأليف يستخرج عناصره الغريبة، ومن القريب يأخذ البعد، ومن الأفقي يستخلص عموديته، حتى إننا قد نتساءل فيما نتأمل عملاً من أعماله، أترانا نشاهد واقعاً أم حلماً؟ أين تبدأ المخيلة؟ وأين ينتهي الواقع؟ هكذا يحاول، فيما يتحاور مع الظاهر أن يكشف عن الخفي، وفيما يبدو عمله كأنه نبض في قلب الزمن، يبدو في الوقت نفسه كأنه سابح في فضاء المطلق».
في مختبره
يذكر، أن المصوّر "بهجت اسكندر" من مواليد "اللاذقية"، عام 1943.
مع الأطفال في الحديقة