كلمة أصدقاء الفقيد عنهم سليم قولتقجي
بمناسبة مرور أربعين يوما على وفاته
حمل هموم الرياضة بأفراحها وأتراحها ..
رحل عدنان منذ أكثر من أربعين يوماً ، وأرى دمشق موحشة دونه كما حلب .. رحل من الدنيا الفانية إلى جنة الخلد وهو على صهوة جواده ، وفي أوج عطائه .. عطاؤه الذي لم ينضب في أية لحظة حتى رمقه الأخير .
وهو على فراش الموت لم يرحم أنين جسده من الآلام .
قبل الوداع الأخير مباشرة استقبل في بيته كوكبة من الرياضيين ، استمع منهم ، ناقشهم ثم زودهم بنصائحه البناءة ، وشحنهم فرداً فرداً بالتشجيع تارة وبالحس بالمسؤولية تارة أخرى ، حتى خرجوا من غرفته مندهشين مما رأوا وسمعوا وعلق أحدهم قائلاً : حقاً إنه عظيم الشأن .
كان المرحوم عدنان متفائلاً ، بل ويملي تفاؤله على الآخرين بمقولته المشهورة : « شو في بهالدنيا » ، وكان محباً ، بل منهل حب لزملائه وأصدقائه ولجميع معارفه . إنه لم يحقد على أحد قط ، حتى هؤلاء الذين أحسن إليهم وبدورهم أساؤوا إليه ، فسألته مرة كيف ذلك يا عدنان ؟
أجاب : يا عزيزي لا مكان للحقد في قلب محب ، سامحهم الله .
كان وفياً بل إن الخصلة النادرة في هذا العصر كانت هاجسه ، يثمن غالياً من عاونه في خطوة ، أو دعمه في مرحلة أو سانده في تخطي حاجز يعوقه ، فيرتقب أدنى فرصة لكي يرد لهم الجميل بأسلوبه الناعم .
عندما حضر الأربعين لوفاة الرياضي المعروف الكابتن وائل عقاد صديق عدنان الحميم في حلب ، قالوا : لماذا كلفت نفسك عناء الحضور يا أستاذ وأنت في وعكة صحية ؟
أجاب : لو كنت كسيحاً لحضرت على عكازين فكيف أتأخر عن الواجب وأنا والحمد لله بألف خير ، وأردف قائلاً : كان وائل إنساناً وفياً ، إنه من نسيم الوطن .
كان يرحمه الله وفيا لوطنه ، بل متفان من أجل ارتقاء سمعته ووفي لأفراد أسرته وخدوم لمن يقصده دون تردد أو تأفف .
وطبعاً كان وفياً لعمله ، إذ لم يسبق لأحد أن عشق الرياضة بوفاء كما عشقها الأستاذ عدنان ، فمارسها لاعباً ؛ حكماً ؛ إدارياً ؛ صحفياً وناقداً ، وساهم في تأسيس كبريات الصحف الرياضية في القطر ، ثم مارس عمله مذيعاً ومعلقاً رياضياً ومعداً للبرامج في الإذاعة والتلفزة حتى أصبح يمثل موسوعة رياضية تتهافت عليه الأسئلة والاستفسارات في كل لقاء أو مناسبة .
هذا هو عدنان ، حمل هموم الرياضة بأفراحها وأتراحها ، امتثل فيها دور الإداري ، والمدرب والإعلامي ، كانت صبحانه في الملاعب « كول لسورية » ، وآهاته عقب كل لعبة حلوة تشعل الحماسة ، والمتعة في نفوس المشاهدين . فيفاخر باعتزاز ويطلق فيضاً من الألقاب الجميلة على المبرزين والمبدعين مزدانة بوشاح وطني . وحتى في الإخفاق ، فله أسلوبه المميز والشيق ، يخفف بصوته الرخيم وطأته على المشاهدين
« ماعليش » .
وبعد أربعين سنة من العطاء المثمر ، يسعد الجماهير تارة ويرسم التفاؤل للغد تارة أخرى ، حتى تكحلت عينا عدنان عندما تتالت على الوطن الميداليات الذهبية والفضية من ألعاب فردية وجماعية ، من لقاءات قارية وعالمية وهو يرى أبناء وطنه يقلدون الميداليات ويرفعون رايات الوطن خفاقة في أرجاء العالم .
فاحتفل بعد كل إنجاز كبير بطريقته الخاصة ، دون التفاصيل في كتاب وعنونه من نسيج الوطن ، هذه صيحة العرب ، وذاك انتصار الشباب ، وتلك شعاع من بلدي . ولسان حاله ينشد وينادي : كلنا للوطن كلنا للعلم .
إن هذه السمات الرفيعة ، وتضلعه في العمل المجبول بالوطنية الصادقة ، قلما تجمعت في شخص واحد ، ما قربه بل أسكنه في قلوب معارفه والمشاهدين بالحب والتقدير . وقد ترجمت هذه المشاعر بالدمع والحسرة والآهات في وداعهم الأخير له .
وكان قد أيقن عظيم الأمة ورمز الوفاء السيد الرئيس حافظ الأسد . مصداقية عدنان في مواطنيته ، فشمله بتكريمه العزيز وتقديره الغالي .
فمن شيمة العظماء تكريم الأوفياء ، وهكذا كان . فاعتز عدنان جدأ بهذه الثقة الغالية التي طوق بها من سيد القوم وضمير الشعب ، فضاعف بدوره جهوده ومساعيه مستقتلا في أن يرى سورية الحبيبية تتبوأ مكاناً لائقاً ي المحافل الدولية ، تليق بسمعة الوطن والقائد ، فبادر إلى تنويع البرامج الرياضية في الإذاعة والتلفزة والصحف ، فضم نخبة جديدة من المذيعين المقتدرين والمراسلين الموهوبين إلى برامجه الرياضية ، وزودهم من علمه وقلمه ومن ذخيرة تجاربه ، لمتابعة المسيرة بأسلوب حضاري شيق لجذب المزيد من الشباب إلى ساحات الرياضة ، وهكذا عدنان أعطى ثم أعطى ولم يستبق شيئا أو يدخر جهداً .
رحمك الله يا أبا لؤي يا صديق العمر الوفي ، تنتابني الحيرة وأنا أقلب صفحات ذاكرتي مستعرضاً مناقبك وصفاءك وأحلامك الجميلة تجاه ابنك لؤي ، أن تراه شاباً يافعاً وقد تخطى مراحل الدراسة بنجاح واحتل مركزا مرموقاً في المجتمع . وتجاه أخيك وشقيقك الوي العميد فاروق بوظو وهو يمثل الوطن بشرف وكفاءة ، متنقلاً من ركن إلى آخر في أرجاء العالم .
أحلامك الجميلة تجاه زملائك وهم ينشرون الوعي الرياضي بوسائلهم المتنوعة ويجذبون الشباب لأسرة الرياضة .
وتجاه مواطنيك جميعاً أن ينعموا بالأمن والسعادة في ظل ربانهم الحكيم وراعيهم الأمين حافظ الأسد .
وختاماً- سامحني يا عدنان على عجزي في سرد مناقبك بما يليق بغلاوتك .
فنم قرير العين يا عزيزي رحمك الله وأسكنك فسيح جنانه مع الشهداء الأبرار والقديسين .
بمناسبة مرور أربعين يوما على وفاته
حمل هموم الرياضة بأفراحها وأتراحها ..
رحل عدنان منذ أكثر من أربعين يوماً ، وأرى دمشق موحشة دونه كما حلب .. رحل من الدنيا الفانية إلى جنة الخلد وهو على صهوة جواده ، وفي أوج عطائه .. عطاؤه الذي لم ينضب في أية لحظة حتى رمقه الأخير .
وهو على فراش الموت لم يرحم أنين جسده من الآلام .
قبل الوداع الأخير مباشرة استقبل في بيته كوكبة من الرياضيين ، استمع منهم ، ناقشهم ثم زودهم بنصائحه البناءة ، وشحنهم فرداً فرداً بالتشجيع تارة وبالحس بالمسؤولية تارة أخرى ، حتى خرجوا من غرفته مندهشين مما رأوا وسمعوا وعلق أحدهم قائلاً : حقاً إنه عظيم الشأن .
كان المرحوم عدنان متفائلاً ، بل ويملي تفاؤله على الآخرين بمقولته المشهورة : « شو في بهالدنيا » ، وكان محباً ، بل منهل حب لزملائه وأصدقائه ولجميع معارفه . إنه لم يحقد على أحد قط ، حتى هؤلاء الذين أحسن إليهم وبدورهم أساؤوا إليه ، فسألته مرة كيف ذلك يا عدنان ؟
أجاب : يا عزيزي لا مكان للحقد في قلب محب ، سامحهم الله .
كان وفياً بل إن الخصلة النادرة في هذا العصر كانت هاجسه ، يثمن غالياً من عاونه في خطوة ، أو دعمه في مرحلة أو سانده في تخطي حاجز يعوقه ، فيرتقب أدنى فرصة لكي يرد لهم الجميل بأسلوبه الناعم .
عندما حضر الأربعين لوفاة الرياضي المعروف الكابتن وائل عقاد صديق عدنان الحميم في حلب ، قالوا : لماذا كلفت نفسك عناء الحضور يا أستاذ وأنت في وعكة صحية ؟
أجاب : لو كنت كسيحاً لحضرت على عكازين فكيف أتأخر عن الواجب وأنا والحمد لله بألف خير ، وأردف قائلاً : كان وائل إنساناً وفياً ، إنه من نسيم الوطن .
كان يرحمه الله وفيا لوطنه ، بل متفان من أجل ارتقاء سمعته ووفي لأفراد أسرته وخدوم لمن يقصده دون تردد أو تأفف .
وطبعاً كان وفياً لعمله ، إذ لم يسبق لأحد أن عشق الرياضة بوفاء كما عشقها الأستاذ عدنان ، فمارسها لاعباً ؛ حكماً ؛ إدارياً ؛ صحفياً وناقداً ، وساهم في تأسيس كبريات الصحف الرياضية في القطر ، ثم مارس عمله مذيعاً ومعلقاً رياضياً ومعداً للبرامج في الإذاعة والتلفزة حتى أصبح يمثل موسوعة رياضية تتهافت عليه الأسئلة والاستفسارات في كل لقاء أو مناسبة .
هذا هو عدنان ، حمل هموم الرياضة بأفراحها وأتراحها ، امتثل فيها دور الإداري ، والمدرب والإعلامي ، كانت صبحانه في الملاعب « كول لسورية » ، وآهاته عقب كل لعبة حلوة تشعل الحماسة ، والمتعة في نفوس المشاهدين . فيفاخر باعتزاز ويطلق فيضاً من الألقاب الجميلة على المبرزين والمبدعين مزدانة بوشاح وطني . وحتى في الإخفاق ، فله أسلوبه المميز والشيق ، يخفف بصوته الرخيم وطأته على المشاهدين
« ماعليش » .
وبعد أربعين سنة من العطاء المثمر ، يسعد الجماهير تارة ويرسم التفاؤل للغد تارة أخرى ، حتى تكحلت عينا عدنان عندما تتالت على الوطن الميداليات الذهبية والفضية من ألعاب فردية وجماعية ، من لقاءات قارية وعالمية وهو يرى أبناء وطنه يقلدون الميداليات ويرفعون رايات الوطن خفاقة في أرجاء العالم .
فاحتفل بعد كل إنجاز كبير بطريقته الخاصة ، دون التفاصيل في كتاب وعنونه من نسيج الوطن ، هذه صيحة العرب ، وذاك انتصار الشباب ، وتلك شعاع من بلدي . ولسان حاله ينشد وينادي : كلنا للوطن كلنا للعلم .
إن هذه السمات الرفيعة ، وتضلعه في العمل المجبول بالوطنية الصادقة ، قلما تجمعت في شخص واحد ، ما قربه بل أسكنه في قلوب معارفه والمشاهدين بالحب والتقدير . وقد ترجمت هذه المشاعر بالدمع والحسرة والآهات في وداعهم الأخير له .
وكان قد أيقن عظيم الأمة ورمز الوفاء السيد الرئيس حافظ الأسد . مصداقية عدنان في مواطنيته ، فشمله بتكريمه العزيز وتقديره الغالي .
فمن شيمة العظماء تكريم الأوفياء ، وهكذا كان . فاعتز عدنان جدأ بهذه الثقة الغالية التي طوق بها من سيد القوم وضمير الشعب ، فضاعف بدوره جهوده ومساعيه مستقتلا في أن يرى سورية الحبيبية تتبوأ مكاناً لائقاً ي المحافل الدولية ، تليق بسمعة الوطن والقائد ، فبادر إلى تنويع البرامج الرياضية في الإذاعة والتلفزة والصحف ، فضم نخبة جديدة من المذيعين المقتدرين والمراسلين الموهوبين إلى برامجه الرياضية ، وزودهم من علمه وقلمه ومن ذخيرة تجاربه ، لمتابعة المسيرة بأسلوب حضاري شيق لجذب المزيد من الشباب إلى ساحات الرياضة ، وهكذا عدنان أعطى ثم أعطى ولم يستبق شيئا أو يدخر جهداً .
رحمك الله يا أبا لؤي يا صديق العمر الوفي ، تنتابني الحيرة وأنا أقلب صفحات ذاكرتي مستعرضاً مناقبك وصفاءك وأحلامك الجميلة تجاه ابنك لؤي ، أن تراه شاباً يافعاً وقد تخطى مراحل الدراسة بنجاح واحتل مركزا مرموقاً في المجتمع . وتجاه أخيك وشقيقك الوي العميد فاروق بوظو وهو يمثل الوطن بشرف وكفاءة ، متنقلاً من ركن إلى آخر في أرجاء العالم .
أحلامك الجميلة تجاه زملائك وهم ينشرون الوعي الرياضي بوسائلهم المتنوعة ويجذبون الشباب لأسرة الرياضة .
وتجاه مواطنيك جميعاً أن ينعموا بالأمن والسعادة في ظل ربانهم الحكيم وراعيهم الأمين حافظ الأسد .
وختاماً- سامحني يا عدنان على عجزي في سرد مناقبك بما يليق بغلاوتك .
فنم قرير العين يا عزيزي رحمك الله وأسكنك فسيح جنانه مع الشهداء الأبرار والقديسين .
تعليق