لمحة عن حياة سعيد بن سلطان Sa’id ibn Sultan

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لمحة عن حياة سعيد بن سلطان Sa’id ibn Sultan

    سعيد بن سلطان، حفيد أحمد بن سعيد مؤسس الأسرة البوسعيدية التي حكمت عمان منذ منتصف القرن الثامن عشر. ولي الأمر بعد مقتل ابن عمه بدر بن سيف سنة 1806، واجه في بداية عهده صعوبات جمة، منها مواجهته للقوات السعودية التي غزت بلاده ومعها مجموعة من القواسم أصحاب رأس الخيمة. ومع أن سعيد بن سلطان حاول التصدي لها وطردها من الأراضي العمانية، إلا أنه هزم أمامها في عدة معارك، واضطر إلى طلب الصلح مع الإمام سعود بن عبد العزيز سنة 1808، دفع بموجبه اتاوة سنوية للإمام وسمح لحامية عسكرية أن تقيم في بلاده، غير أنه مالبث أن نقض عهده مستعينا بالقوات الإنكليزية التي وصلت إلى مسقط سنة 1809، بقيادة الكابتن باستيBaste،الأمر الذي أثار عليه أكثر قبائل عمان لرفضها كل أشكال التعاون مع الجنود الغربيين، مما أدى إلى تمرد بعض أقربائه عليه من حكام المقاطعات، وكان أخطرها تلك التي قادها حمود بن عزان بن قيس بن أحمد البوسعيدي، بيد أنه تمكن في النهاية من تجاوز كل هذه العقبات وفرض سلطانه على أكثر جهات عمان تقريباً.
    في عام 1830وجه السلطان سعيد عنايته لشؤون ممتلكات عمان الإفريقية، فقد كانت زنجبار وما يتبع لها من جزر وبعض المقاطعات الأخرى على ساحل شرق إفريقيا تخضع لحكام عمان، وقد استغل عمالها (من قبيلة المزاريع العمانية) انشغال السلطان سعيد في مشكلات عمان، فخرجوا على سلطته، لكنه عاد وبسط نفوذه عليها وانتقل إلى زنجبار سنة 1835، وجعل منها عاصمة له، ومنها أخذ يدير السلطنة بشطريها الآسيوي والإفريقي بعد أن جعل على إدارة عمان ولده الأكبر ثويني.
    طال عهد السلطان سعيد لأكثر من خمسين سنة، دخلت عمان وزنجبار في عهده مرحلة تاريخية جديدة بعد أن فتح الأبواب على الحضارة الغربية، فأصبحت مسقط من أبرز المراكز التجارية في الخليج وعد أسطولها الحربي والتجاري الثاني في بحر العرب والمحيط الهندي بعد الأسطول البريطاني، وكان اهتمام سعيد بزنجبار لافتاً، فبحكم موقعها المهم قبالة الساحل الشرقي لأفريقية، انتعشت تجارتها الساحلية وأصبحت مركزاً مهماً لقوافل التجارة العربية داخل القارة الإفريقية، وإلى جانب اهتمامه بالتجارة اهتم السلطان سعيد بالزراعة بعد أن أدخل إلى زنجبار أنواعا جديدة من زراعات المنطقة الاستوائية جاء بها من الهند والملايو كالمطاط وجوز الهند والمانغو والقرفة وجوز الطيب والقرنفل، ونظرا للأرباح الهائلة التي جنتها سياسة السلطان سعيد في زنجبار فقد تحول قسم كبير من سكانها إلى العمل الزراعي، وازداد عددهم في عهده إلى 349000 نسمة، ومثلما اهتم هذا السلطان بالأنشطة الاقتصادية، فإن بقايا القصور والحمامات التي يعود إنشاؤها إلى أيامه يدل على مدى اهتمامه بالمنشآت العمرانية التي جمعت بين فن العمارة الشرقي وزخارف الفن العماني الأصيل.
    أما على الصعيد السياسي، فقد وقع مع بريطانيا معاهدة سنة 1822 حصل البريطانيون بموجبها على حق تفتيش السفن القادمة إلى عمان، بعدما أقنعته بريطانيا بالمخاطر التي قد تتعرض لها عمان من جراء هجمات خصومه السعوديين والقواسم، وعلى الرغم من النقمة الكبيرة التي تعرض لها من قبل رعاياه في كل من عمان وزنجبار، فإنه أبرم معاهدة ثانية مع البريطانيين سنة 1839، سمح لهم بموجبها بحرية الدخول والإقامة والمتاجرة والمرور في جميع الأراضي التي تسري عليها أوامره، واتبعها بمعاهدة أخرى بالشروط نفسها مع الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1849، غير أن مايؤخذ عليه تنازله،عام 1854،عن جزر كورياموريا للتاج البريطاني عربونًا للصداقة، وكان قصره محجاً للسفراء والمستشارين الإنكليز وفي مقدمتهم المقيم البريطاني سيتون Seton ومن جاء بعده، ممن أصبحت مشورتهم نافذة دون أن يتنبه إلى مخاطر سياسة بريطانيا التقليدية القائمة على مبدأ ـ فرق تسد ـ فهم الذين أشاروا عليه بإسناد إدارة زنجبار لولده الثاني ماجد، وهم الذين أججوا الصراع الدامي مابين الأخوين والذي كان من نتائجه انفصال سلطنة زنجبار عن سلطنة عمان فيما بعد.
    توفي السلطان سعيد في عرض البحر على متن سفينة حربية، وحمل جثمانه إلى زنجبار ودفن فيها.
    مصطفى الخطيب
يعمل...
X