«الأطفال الذين نشؤوا في ظروف متماثلة لديهم شخصيات متشابهة». يصدق الناس هذه الخرافة بطريقة ما، رغم أنهم في الوقت ذاته يعدون أنفسهم مختلفين عن إخوتهم. يتيح تسليط الضوء على هذه الخرافة الفرصة لمناقشة كل ما يتعلق بطبيعة الشخصيات ونشأتها في علم النفس التطوري والشخصي.
تعتمد المبادئ على استخدام مجموعة متنوعة من أساليب البحث لدراسة هذه الأمور المعقدة، والبحث في طبيعة التفاعلات، والحتمية التبادلية، واستخلاص النصائح من نتائج البحث.
لماذا هي مجرد خرافة؟
نميل في الملاحظة العرضية إلى الاعتقاد بأن ما نراه بأعيننا هو الطريقة الحقيقة لسير الأمور: يترعرع الأطفال بين آبائهم، إذن فالآباء هم السبب وراء سلوك أطفالهم.
بهذه الطريقة، نهمل عدة عوامل أخرى تؤثر في سلوك الأطفال، مثل الجينات. إذا أردنا توخي الدقة العلمية في دراسة هذه المسألة، فيجب تعيين الآباء عشوائيًا للأطفال، لكنه أمر غير أخلاقي.
الطريقة البديلة التي تعتمدها الكثير من الأبحاث التطورية هي اعتماد عدة استراتيجيات أخرى في البحث، وتقييم الأدلة الجماعية التي تولدها تلك الاستراتيجيات. عندما تستند ملاحظاتنا إلى المعايير العلمية فقط، نستطيع بلورة وجهة نظر مختلفة عن تأثير الوالدين في أطفالهم.
بحلول الوقت الذي يصل فيه الأطفال إلى سن المراهقة، فإن مدى التشابه بين الأطفال الذين نشؤوا معًا يكاد لا يفوق التشابه بين الأفراد الذين نشؤوا في بيئات مختلفة، إذ تؤدي تربية الأطفال بطرق متشابهة إلى تشابه محدود في السلوك، وفقًا لمجموعة من الأبحاث.
بين ما نعرفه وما هو صحيح:
تميل الأبحاث المبكرة حول نماذج التربية التي يتبعها الآباء إلى تأكيد التفسيرات أحادية الاتجاه الشائعة حول علاقة نموذج التربية بشخصية الطفل.
اقترحت هذه الأبحاث ارتباط نموذج التربية الحازم والعادل والمتجاوب -الموثوق- بكفاءة الطفل، وارتباط نموذج التربية الصارم والعقابي وغير المتعاطف -الاستبدادي- بعدوانية الطفل.
في حين كشفت سنوات من الأبحاث الأدق عن تداخلات معقدة وطبيعة متعددة العوامل للعلاقة بين الآباء والأطفال.
ساهمت الدراسات الجينية السلوكية، والتجريبية، وشبه التجريبية، والتدريب، والعديد من الدراسات الأخرى في مجموعة كبيرة من المؤلفات التي تقارن إيجابيات أحد نماذج التربية وسلبياتها بإيجابيات النماذج الأخرى وسلبياتها، وتؤدي إلى النتيجة ذاتها.
لا لأن الآباء متشابهون، بل لأن تأثيرات السلوك الأبوي تختلف باختلاف الأطفال، وتعتمد على الطفل وعلى التأثيرات ثنائية الاتجاه والتفاعلية.
البحث في علم الوراثة السلوكي من الطرق المهمة التي تعلمنا المزيد عن التأثير في الأفراد، ونحاول بها فصل العوامل الطبيعية والجينات عن التربية والبيئة.
رغم التطور الذي أحرزته الأساليب الحديثة في علم الوراثة الكمي، فإن الأساليب الأساسية لأبحاث علم الوراثة السلوكية -بدايةً بمقارنة التوائم المتطابقة وغير المتطابقة- متاحة منذ قرن.
تشير الارتباطات المتطابقة تقريبًا بين التوائم المتماثلة التي نشأت معًا وتلك التي نشأت في بيئات مختلفة، إلى أن البيئة المشتركة تؤدي دورًا ضئيلًا في الاختلافات والتشابهات الفردية، في حين تؤدي التأثيرات الجينية الدور الرئيسي.
المشكلة في علم الوراثة السلوكي أنه قد يُساء فهم ما يبدو واضحًا بسهولة.
يخبرنا علم الوراثة الكمي عن رقم يسمى معامل التوريث، يتراوح بين 0 و1 وهو رقم تقديري لنسبة الاختلاف الملحوظة بين الأفراد، الاختلاف الذي يُعزى إلى التأثيرات الجينية فقط.
لا تعتمد الإحصائية على فرد معين، بل على تنوع السمة بين الأفراد. مثلًا، فإن امتلاك ذراعين أمر وراثي، ولمّا كان معظم الأشخاص يمتلكون ذراعين، فإن معامل التوريث يساوي صفرًا، أي لا يوجد تباين في وجود هذه السمة بين الأفراد.
لما كان معامل التوريث لا يساوي أبدًا 1.0 –أي ليس جينيًا بالكامل- تشير التقديرات العالية لمعامل التوريث إلى دور جوهري للبيئة.
مثلًا، تبلغ تقديرات التوريث للذكاء العام 0.5 تقريبًا، وبهذا يقدر أن 50٪ من التباين بين الأفراد يعود إلى البيئة، على هذا فإن البيانات التي تظهر دور الوراثة تبرز أيضًا الدور الرئيسي للبيئة.
مع ذلك فإن القليل من التباينات التي تُنسب إلى البيئة ترجع إلى البيئة المشتركة. جميع التأثيرات البيئية تقريبًا لا يتشارك بها الأفراد، طبيعة هذه التأثيرات معقدة، فقد تتضمن مجموعات الأقران والحوادث والمرض والإصابة.
من العوامل المخادعة المرتبطة بالبيئة أيضًا أن الفرد ذاته جزء منها، في مصطلحات علم الوراثة السلوكية، توجد ارتباطات جينية بيئية، فنحن نختار وننشئ ونعدل البيئات المرتبطة باستعدادنا الجيني.
مثلًا، يثير الأفراد العدوانيون ردود أفعال قاسية من الآخرين، في حين يقضي المجازفون الجريئون وقتهم في البحث عن التحديات.
تعزز البيئة سمات الأفراد، والجينات التي تساهم في تشكيل هذه السمات مسؤولة جزئيًا عن اختيار الفرد لبيئته من البداية.
تتضمن الجينات المعلومات اللازمة لصنع جزيئات وظيفية، معظمها من البروتينات. لكن لا تسبب الجينات السلوكيات. ما يحدث غالبًا أن جيناتنا تجعلنا أكثر أو أقل استعدادًا للاستجابة للبيئة بطريقة معينة. من الخطأ الاعتقاد أن جيناتنا جزء من قدرنا، إذ لا تؤدي الميول الموروثة إلى سمات ثابتة خارجة عن السيطرة الفردية أو غير قابلة للتغيير.
تدحض دراسات التوائم الحتمية البيولوجية والبيئية، إذ لا تنفي تأثير البيئة في السلوك، ولا تعظّم أثر الجينات، بل يمثل هذا المزيج تفرد كل واحد منا.
تعتمد المبادئ على استخدام مجموعة متنوعة من أساليب البحث لدراسة هذه الأمور المعقدة، والبحث في طبيعة التفاعلات، والحتمية التبادلية، واستخلاص النصائح من نتائج البحث.
لماذا هي مجرد خرافة؟
نميل في الملاحظة العرضية إلى الاعتقاد بأن ما نراه بأعيننا هو الطريقة الحقيقة لسير الأمور: يترعرع الأطفال بين آبائهم، إذن فالآباء هم السبب وراء سلوك أطفالهم.
بهذه الطريقة، نهمل عدة عوامل أخرى تؤثر في سلوك الأطفال، مثل الجينات. إذا أردنا توخي الدقة العلمية في دراسة هذه المسألة، فيجب تعيين الآباء عشوائيًا للأطفال، لكنه أمر غير أخلاقي.
الطريقة البديلة التي تعتمدها الكثير من الأبحاث التطورية هي اعتماد عدة استراتيجيات أخرى في البحث، وتقييم الأدلة الجماعية التي تولدها تلك الاستراتيجيات. عندما تستند ملاحظاتنا إلى المعايير العلمية فقط، نستطيع بلورة وجهة نظر مختلفة عن تأثير الوالدين في أطفالهم.
بحلول الوقت الذي يصل فيه الأطفال إلى سن المراهقة، فإن مدى التشابه بين الأطفال الذين نشؤوا معًا يكاد لا يفوق التشابه بين الأفراد الذين نشؤوا في بيئات مختلفة، إذ تؤدي تربية الأطفال بطرق متشابهة إلى تشابه محدود في السلوك، وفقًا لمجموعة من الأبحاث.
بين ما نعرفه وما هو صحيح:
تميل الأبحاث المبكرة حول نماذج التربية التي يتبعها الآباء إلى تأكيد التفسيرات أحادية الاتجاه الشائعة حول علاقة نموذج التربية بشخصية الطفل.
اقترحت هذه الأبحاث ارتباط نموذج التربية الحازم والعادل والمتجاوب -الموثوق- بكفاءة الطفل، وارتباط نموذج التربية الصارم والعقابي وغير المتعاطف -الاستبدادي- بعدوانية الطفل.
في حين كشفت سنوات من الأبحاث الأدق عن تداخلات معقدة وطبيعة متعددة العوامل للعلاقة بين الآباء والأطفال.
ساهمت الدراسات الجينية السلوكية، والتجريبية، وشبه التجريبية، والتدريب، والعديد من الدراسات الأخرى في مجموعة كبيرة من المؤلفات التي تقارن إيجابيات أحد نماذج التربية وسلبياتها بإيجابيات النماذج الأخرى وسلبياتها، وتؤدي إلى النتيجة ذاتها.
لا لأن الآباء متشابهون، بل لأن تأثيرات السلوك الأبوي تختلف باختلاف الأطفال، وتعتمد على الطفل وعلى التأثيرات ثنائية الاتجاه والتفاعلية.
البحث في علم الوراثة السلوكي من الطرق المهمة التي تعلمنا المزيد عن التأثير في الأفراد، ونحاول بها فصل العوامل الطبيعية والجينات عن التربية والبيئة.
رغم التطور الذي أحرزته الأساليب الحديثة في علم الوراثة الكمي، فإن الأساليب الأساسية لأبحاث علم الوراثة السلوكية -بدايةً بمقارنة التوائم المتطابقة وغير المتطابقة- متاحة منذ قرن.
تشير الارتباطات المتطابقة تقريبًا بين التوائم المتماثلة التي نشأت معًا وتلك التي نشأت في بيئات مختلفة، إلى أن البيئة المشتركة تؤدي دورًا ضئيلًا في الاختلافات والتشابهات الفردية، في حين تؤدي التأثيرات الجينية الدور الرئيسي.
المشكلة في علم الوراثة السلوكي أنه قد يُساء فهم ما يبدو واضحًا بسهولة.
يخبرنا علم الوراثة الكمي عن رقم يسمى معامل التوريث، يتراوح بين 0 و1 وهو رقم تقديري لنسبة الاختلاف الملحوظة بين الأفراد، الاختلاف الذي يُعزى إلى التأثيرات الجينية فقط.
لا تعتمد الإحصائية على فرد معين، بل على تنوع السمة بين الأفراد. مثلًا، فإن امتلاك ذراعين أمر وراثي، ولمّا كان معظم الأشخاص يمتلكون ذراعين، فإن معامل التوريث يساوي صفرًا، أي لا يوجد تباين في وجود هذه السمة بين الأفراد.
لما كان معامل التوريث لا يساوي أبدًا 1.0 –أي ليس جينيًا بالكامل- تشير التقديرات العالية لمعامل التوريث إلى دور جوهري للبيئة.
مثلًا، تبلغ تقديرات التوريث للذكاء العام 0.5 تقريبًا، وبهذا يقدر أن 50٪ من التباين بين الأفراد يعود إلى البيئة، على هذا فإن البيانات التي تظهر دور الوراثة تبرز أيضًا الدور الرئيسي للبيئة.
مع ذلك فإن القليل من التباينات التي تُنسب إلى البيئة ترجع إلى البيئة المشتركة. جميع التأثيرات البيئية تقريبًا لا يتشارك بها الأفراد، طبيعة هذه التأثيرات معقدة، فقد تتضمن مجموعات الأقران والحوادث والمرض والإصابة.
من العوامل المخادعة المرتبطة بالبيئة أيضًا أن الفرد ذاته جزء منها، في مصطلحات علم الوراثة السلوكية، توجد ارتباطات جينية بيئية، فنحن نختار وننشئ ونعدل البيئات المرتبطة باستعدادنا الجيني.
مثلًا، يثير الأفراد العدوانيون ردود أفعال قاسية من الآخرين، في حين يقضي المجازفون الجريئون وقتهم في البحث عن التحديات.
تعزز البيئة سمات الأفراد، والجينات التي تساهم في تشكيل هذه السمات مسؤولة جزئيًا عن اختيار الفرد لبيئته من البداية.
تتضمن الجينات المعلومات اللازمة لصنع جزيئات وظيفية، معظمها من البروتينات. لكن لا تسبب الجينات السلوكيات. ما يحدث غالبًا أن جيناتنا تجعلنا أكثر أو أقل استعدادًا للاستجابة للبيئة بطريقة معينة. من الخطأ الاعتقاد أن جيناتنا جزء من قدرنا، إذ لا تؤدي الميول الموروثة إلى سمات ثابتة خارجة عن السيطرة الفردية أو غير قابلة للتغيير.
تدحض دراسات التوائم الحتمية البيولوجية والبيئية، إذ لا تنفي تأثير البيئة في السلوك، ولا تعظّم أثر الجينات، بل يمثل هذا المزيج تفرد كل واحد منا.