مدينة حضرموت Hadhramaut تقع بالمنطقة الشمالية لحضرموت المجاورة لصحراء الربع الخالي.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مدينة حضرموت Hadhramaut تقع بالمنطقة الشمالية لحضرموت المجاورة لصحراء الربع الخالي.

    حضرموت

    Hadhramaut - Hadramaout

    حضرموت
    عُرفت حضرموت عبر تاريخها الطويل بعدة أسماء، فقد ورد ذكرها في التوراة (سفر التكوين، الإصحاح العاشر) بلفظ حضرماوت، للدلالة على الابن الثالث من أبناء يقطان (أي قحطان)، وقد عرفت أيضاً بأرض الأحقاف التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم بقوله: ﴿اذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَومَهُ بالأَحْقَافِ (الأحقاف21). والأحقاف مديرية من مديريات حضرموت في الوقت الحاضر، تقع في المنطقة الشمالية لحضرموت المجاورة لصحراء الربع الخالي.
    نَعم السكان بالاستقرار في حضرموت منذ القدم، وترتب على ذلك بناء حضارة متميزة، تعد واحدة من أقدم الحضارات الإنسانية، حيث امتد أثرها الحضاري إلى جهات عدة، بتصدير منتجاتها من البخور واللبان والمر والصمغ والملح الجبلي النقي. وقد عثر على الكثير من الصناعات الحرفية في حضرموت، وبالذات صناعة النسيج منذ القدم. وتشكل مساحة محافظة حضرموت في الوقت الحاضر 28% من مساحة الجمهورية اليمنية، وتختلف مظاهرها عن بقية محافظات الجمهورية اليمنية، وتبلغ مساحتها 155376 كم2.
    الجغرافية الطبيعية
    يمكن أن تقسم حضرموت إلى أربعة نطاقات طبيعية، وهي:
    أولاً: النطاق الساحلي
    تطل حضرموت على بحر العرب وتتمتع بسهل ساحلي طوله نحو 350كم، وتمتد ما بين عين معبد غرباً وسيحوت شرقاً، ويتباين السهل الساحلي في حضرموت تبعاً للمظاهر الجيومورفولوجية، ويتدرج في الارتفاع عن سطح البحر إلى 1500م تقريباً، حتى يصل إلى النطاق الجبلي الداخلي، ويمتد السهل الساحلي نحو الداخل لمسافة 80كم إلى النطاق الجبلي، ومن الظواهر الطبيعية لهذا النطاق الساحلي إطلالة الرؤوس الجبلية مباشرةً على البحر. وتبلغ مساحة السهل نحو 4500 كم2. وبسبب طول الساحل فإن الظواهر الطبوغرافية تتعدد، ويمتاز النطاق الساحلي ببعض التعرجات، حيث تنتشر الصخور والمغارات الشاطئية. يخترق النطاق الساحلي عديد من الأودية الخصبة والمسيلات المائية التي تصب في بحر العرب، لذلك فقد اكتسب النطاق الساحلي لحضرموت أهمية اقتصادية كبيرة إلى جانب التنوع الحيوي لهذا النطاق الجغرافي.
    ثانياً: نطاق السلاسل الجبلية الانتقالية
    إلى الشمال من النطاق الساحلي، حتى خطوط تقسيم المياه عند ارتفاع 200م تقريباً فوق سطح البحر، والتي تفصل بين الوديان المتجهة جنوباً نحو خليج عدن وتلك المتجهة شمالاً إلى وادي حضرموت، يمتد نطاق السلاسل الجبلية الانتقالية التي تتصف بتضرسها وشدة انحدارها. وقد اقترن نشوء هذا النطاق المتضرس بالحركات التكتونية التي نجم عنها تكوين خط الهبوط الرئيسي الشرقي الغربي، الذي انفصلت به الكتلة العربية عن كتلة شرقي إفريقيا، وتكوّن خليج عدن في عصر ما قبل الأيوسين. وقد وجدت عدة جروف في هذا العصر الجيولوجي، ومع ذلك فإن الجروف في هذا النطاق لا تتجه نحو الجنوب بل تتجه نحو الشرق والشمال الشرقي، وهي ممزقة بوساطة حركات التصدع المختلفة الاتجاه، المصاحبة للنشاط البركاني الحديث في المنطقة. وتنبثق مياه العيون الحارة في مواقع عدة في هذا النطاق من السلاسل الجبلية الانتقالية.
    في هذا النطاق الجبلي نجد الأودية، وهي عميقة وضيقة وشديدة الانحدار، ويتمثل التركيب الصخري العام لهذا النطاق الجبلي بطبقتي الحجر الجيري والمارن، وفي أطرافها تظهر بروزات الحجر الرملي على السطح، تمتد على شكل لسانين طويلين، يطلان على السهل الساحلي قرب المكلا، هذان اللسانان يبلغ عرضهما نحو 10كم، ويراوح الطول مابين 20 إلى 30كم.
    ثالثاً: هضبة حضرموت
    تمثل هضبة حضرموت أكبر مظهر رسوبي، ليس فقط بالنسبة لليمن، وإنما لجنوب الجزيرة العربية، وهي عبارة عن ثنيتين محدبتين إحداهما شمالية والأخرى جنوبية، واتجاه محاورهما من الغرب إلى الشرق، يفصل ما بينهما ثنية مقعرة يشغلها حالياً وادي حضرموت. تنقسم الهضبة إلى هضبتين شمالية وجنوبية، مع وجود ثنيتين مقعرتين ثانويتين في الهضبة الجنوبية، تقع الأولى في منطقة ريدة المعمرة، والأخرى في الهضبة الشمالية.
    يمكننا تقسيم الهضبة إلى نطاقين رئيسين هما:
    أ- سطح الهضبة: يغلب عليها التجانس التام، حيث تسود السهول مساحات شاسعة، تغطيها الحصى والحصباء الحادة الأطراف، وتنقسم إلى عدة هضاب ثانوية هي:
    هضبة حضرموت الجنوبية: تمتد من حوض القذيف غرباً إلى خليج القمر المطل على المهرة شرقاً، وتقدر المسافة بنحو 400كم. ويصل ارتفاع الهضبة في الجزء الغربي إلى 1500م فوق سطح البحر، وتنحدر تدريجياً نحو الشرق، ويصل الارتفاع إلى 600م في هذا الجزء من الهضبة، كما تنحدر الهضبة من الجنوب الغربي من أعلى قممها التي يبلغ ارتفاعها 2000م فوق سطح البحر.
    هضبة حضرموت الشمالية: تمتاز باتساعها وقلة ارتفاعها، مقارنة بالهضبة الجنوبية. وتبدأ حدود هضبة حضرموت من الغرب بجرف هضبي، وتنحدر تدريجياً نحو الشرق حتى تصل إلى الحدود الدولية مع عُمان، الجزء الشمالي من هضبة حضرموت لا يرتفع كثيراً عن مستوى السهل الحصوي الرملي المتاخم لصحراء الربع الخالي، حيث لا يتجاوز ارتفاع حافة الجرف 40م، وترتفع الهضبة تدريجياً حتى تصل إلى 1700م فوق سطح البحر، في جبال حبشية ومهرات في الشمال، ثم تختفي الجبال وتغوص تحت النطاق الانتقالي إلى صحراء الربع الخالي.
    ب- نطاق الوديان في هضبة حضرموت: في هضبة حضرموت ثلاثة نظم أساسية للتصريف المائي، هي:
    حوض وادي حضرموت:
    يغطي حوض الوادي مساحة قدرها 20400كم2، ويمتد حتى مرتفعات اليمن الغربية في الغرب. وتحتل الوديان الفرعية الجنوبية لحوض وادي حضرموت مساحة كبيرة تقدر بنحو 15200كم2، تتوزع على الوديان الآتية: عمد، دوعن، العين، بن علي، تاربة، عدم.
    حوض وادي المسيلة:
    يعد الحوض امتداداً لحوض وادي حضرموت، وينحرف الانحدار العام لوادي المسيلة حتى يصل إلى البحر في اتجاه الجنوب الشرقي. في الجزء العلوي من حوض وادي المسيلة يضيق قاع الوادي ويصل إلى 500م، وعمق لا يزيد على 70م عن مستوى الجروف المطلة. وعند اختراق وادي المسيلة لهضبة حضرموت الجنوبية والسلاسل الجبلية المطلة على السهول الساحلية يضيق الوادي إلى 30م، وترتفع إلى جواره الجروف على شكل خوانق عميقة، يصل ارتفاعها إلى 600م تقريباً.
    وديان التصريف الداخلي المتجهة إلى صحراء الربع الخالي: تمتاز وديان التصريف الداخلي إلى صحراء الربع الخالي بطولها الكبير الذي يصل إلى 250كم، وتمتاز بسعة قيعانها وانخفاض انحدارها. وعموماً تقع الوديان الغربية من هذه المجموعة في أعلى جهات الهضبة الشمالية، وتكون أكثر وفرة في المياه التي تقوم بدور ملحوظ في التعرية، مما أنتج تشكيل الجروف المرتفعة التي ينخفض مستواها بالاتجاه شرقاً وشمالاً.
    رابعاً: النطاق الانتقالي إلى الربع الخالي
    يقع هذا النطاق إلى الشمال من هضبة حضرموت الشمالية، ويسمى أيضاً باسم السهول الشمالية، ويمتد باتجاه جنوبي غربي ليضم السهول الحصوية الرملية الممتدة إلى شمال غربي هضبة حضرموت. وتضم السهول الحصوية الرملية في هذا النطاق الانتقالي إلى الربع الخالي ثلاث بيئات متجانسة هي: جوف القذيف، جوف موليس، جوف هضبي، ويفصل ما بينها رملة السبعتين والحافات السوداء.
    مناخ حضرموت
    يمتاز مناخ حضرموت بصيف حار جاف، وشتاء معتدل دافئ، الأمطار قليلة في محافظة حضرموت، باستثناء منطقة الهضبة الجنوبية من المحافظة، فتسقط عليها كمية أمطار أكثر من أي منطقة أخرى في المحافظة.
    سكان حضرموت
    تعود بداية الإحصاءات السكانية في الجمهورية اليمنية إلى أعوام 1973- 1975م، عندما قامت الدولة، ممثلة بالجهاز المركزي للإحصاء، بتنفيذ تعداد سكاني في تلك الأعوام. وقد وصل سكان حضرموت في ذلك التعداد إلى 491311 نسمة، وكان عدد الذكور 234549 نسمة والإناث 256762 نسمة، وفي أعوام 1986-1988م تم إجراء تعداد آخر للسكان والمساكن والمنشآت، وبلغ مجموع عدد السكان لحضرموت 703151 نسمة، وكان عدد الذكور 351425 نسمة والإناث 351726 نسمة، مع المهاجرين من المحافظة.
    وقد بلغ عدد سكان حضرموت 718000 نسمة تقريباً عام 1994، وكانت نسبة سكان حضرموت إلى مجموع سكان الجمهورية اليمنية 50.5%، والكثافة السكانية 6 أشخاص في الكيلومتر المربع.
    أما أهم مركز حضري في حضرموت فهو المكلا وهي عاصمة المحافظة، حيث بلغ عدد سكانها 72239 نسمة عام 1986-1988م أو ما يعادل 12% من مجموع سكان حضرموت. وفي تعداد 1994م، وصل عدد سكان المكلا إلى 94051 نسمة، أو ما يعادل 13% من إجمالي السكان.
    لمحة تاريخية
    كانت حضرموت مركزاً لمملكة يمنية قديمة، عاصرت ممالك معين وسبأ وحمير، وقد عرفها الإغريق والرومان وذكروا اسمها في كتاباتهم بصيغة Chatramitae أو Hadramyta، وتحدث مؤلف كتاب «الطواف حول البحر الإيتري» عن سواحل حضرموت الجنوبية. كما ورد اسم حضرموت في الكتابات العربية الجنوبية التي قدمت معلومات لابأس بها عن هذه المملكة وعن علاقاتها بالدول العربية الجنوبية المعاصرة لها. وقد عُثر على كتابات حضرمية ورد فيها أسماء عدد من ملوك حضرموت وأسماء أسر حضرمية ومدن كانت عامرة. ولا يعرف شيء يذكر عن حكام حضرموت الأوائل وعن عددهم ومدة حكمهم، ولاعن مبدأ قيام المملكة وزمن سقوطها في أيدي السبئيين، وذهب بعض الباحثين إلى أن سقوطها كان في القرن الرابع الميلادي.
    وتذكر بعض النصوص عن وفود جاءت من الهند ومن تدمر وضيوف آراميين، كما جاء فيها ذكر قريش، وهو أول مرة يرد فيها اسم قبيلة قريش في وثيقة مدونة، وهي تدل على صلات تجارية واسعة بين حضرموت والمناطق القريبة والبعيدة حتى سواحل الهند وعمان والصومال وسواها. وقد أدى سقوط حضرموت إلى هجرة الكثيرين من أبنائها إلى مناطق بعيدة نائية وإلى تهدم البيوت والمعابد، ومن أشهرها معبد الإله سين (إله القمر) الذي يعود بناؤه على الأرجح إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
    وقد استمرت ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في أوضاع حضرموت حتى ظهور الدعوة الإسلامية ودخول اليمن في ظل الدولة الإسلامية. وفي هذه المرحلة التاريخية حدثت ظاهرتان أثرتا على حضرموت وهما: حروب الردة والفتوحات الإسلامية، اللتان كانتا من البواعث الرئيسة لحركة السكان. ومع حركة الكشوف الجغرافية تعرضت حضرموت لسلسلة من الغزوات فكان الغزو البرتغالي عام 1522م ثم البريطاني الذي احتل عدن عـام 1839م، وقسم حضرموت إلى عدة سلطنات ومشيخيات. وهذا الوضع الذي فرضه المستعمر البريطاني أدى إلى خلق ظاهرة التخلف الاقتصادي والاجتماعي الذي عانته حضرموت، مما دفع أعداداً كبيرة من أبنائها للهجرة إلى مناطق مختلفة في العالم وخاصةً إلى شرقي إفريقيا وجنوب شرقي آسيا، وأخيراً إلى الجزيرة العربية ودول الخليج.
    المعالم التاريخية والثقافية
    تزخر حضرموت بموروث ثقافي موغل في القدم، والكثير من مظاهر الموروث، ببعديه المادي والمعنوي، مازال موجوداً بأنواعه وأشكاله المتعددة، ويتسم بمظهره القديم، وقد أخذ بعضه الطابع الديني المستمد من التاريخ العربي الإسلامي. إن المعالم التاريخية والثقافية في حضرموت ترتبط بالأعراف القبلية وبالحياة العملية والفنية. وتوجد في حضرموت العمارة الطينية، التي بنيت منذ مئات السنين، ولا زالت نابضة بالحياة حتى اليوم، وتلقى إقبالاً كبيراً من السياح الأجانب بصفة خاصة، للاطلاع على معالمها وأشكالها ونوع التربة التي بنيت منها هذه المباني الشاهقة.
    تتباين أنماط البناء والمعالم التاريخية والثقافية في حضرموت تبعاً للمناخ السائد في المحافظة والمادة المستخدمة في البناء، إذ تجسد مدينتا المكلا والشحر في الساحل بطراز عمرانها المتفرد مقدار التواؤم مع الأحوال الطبيعية السائدة في ساحل حضرموت. أما في وادي حضرموت المتسع، والذي يتميز بأحوال طبيعية مختلفة، فقد كونت العمارة الطينية أحد أهم مميزات المعالم التاريخية والثقافية للوادي، وأعطت لهذا الجزء من المحافظة أهميته منذ قرون حتى اليوم. ويتمثل ذلك في العمارة الطينية، التي جسدتها مدن شبام وسيئون وتريم في وادي حضرموت، لتشكل مواءمة متكاملة في جوانبها الطبيعية بعناصرها المختلفة، وقد شكلت معلماً سياحياً متميزاً يحظى باهتمام وإعجاب السياح الذين يتوافدون إلى هذا الجزء من محافظة حضرموت من مختلف دول العالم . ونتيجة لأهمية هذه المعالم التاريخية والثقافية في وادي حضرموت، فقد أعلنت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، والتي تعنى بالمحافظة على الثقافة والتراث، أن مدينة شبام واحدة من معالم الموروث الثقافي العالمي الذي يجب الحفاظ عليه وترميمه.
    أحمد محمد شجاع الدين
يعمل...
X