ليبيا المستقبل (حوار/ خليفة السويح – مجلة رؤى الثقافية): معتوق أبو راوي من مواليد (1967)، فنان تشكيلي معاصر ساهم في تطور الحركة التشكيلية داخل ليبيا وخارجها. في عددها (50)، مجلة رؤى الثقافية اجرت معه الحوار التالي:
> كيف بدأت مسيرتكم في دروب الفن التشكيلي، وإلى ماذا انتهيت حتى الآن؟
بدأت الرسم خلال المرحلة الابتدائية، من خلال الاهتمام بالخربشات داخل الفصل وعمل الوسائل التعليمية، وخلال المرحلة الإعدادية، وجهني أساتذة مادة الرسم للتركيز عليه والاهتمام به أكثر. وصل الأمر في أحد المرات أنني رسمت لوحتين، وتفاجأت في السنة الثالثة إعدادي حين اكتشفت أن اللوحتين قد تم تأطيرهما وتعليقهما بمكتب مدير المدرسة. فكان هذا الحدث، بمثابة الدافع الكبير بالنسبة لاستمراري واكتشاف موهبتي في الفن التشكيلي. وفي المرحلة الثانوية في ثمانينات القرن الماضي، تم تكليفي برسم الجداريات الخاصة بالمناسبات السياسية والاجتماعية وواصلت عملية الرسم إلى أن وصلنا مرحلة للجامعة. في البداية تم توجيهي إلى المعهد العالي للتقنية الصناعية، وهو يرادف كلية الهندسة بجامعة طرابلس، لكنني في الحقيقة لم أتمكن من استيعاب العلوم الميكانيكية. وعندما فتحت كلية الفنون (وأنت من شجعني خلال سنة 1988-1989) قررت التوجه إليها وأثناء امتحان المقابلة، تميزت وأعطوني درجة ممتازة ومن كلية الفنون انطلقت إلى أجواء الفضاء الفني. وكلية الفنون كما تعرف كانت تحتفي بأساتذة قدموا إليها من أروبا من روسيا المانيا ومن بعض البلاد العربية مثل سوريا والسودان وتونس جلهم كانوا على معرفة وثقافة فنية عالية، والحقيقة أننا التصقنا بهم، وأنا اليوم يسعدني أن أتقدم بجزيل الشكر لهؤلاء الناس الذين كانوا وراء نجاحنا في كلية الفنون والإعلام. حيث نظمنا معارض في الكلية وعلى مستوى الجامعة، وتخرجنا بمستوى كويس. وباعتبارنا أول دفعة بشعبة الرسم والتصوير، أصبحت وزملائي الآن فنانين معروفين في المشهد الثقافي الليبي. مثل يوسف فطيس ونجلاء الفيتوري وعبدالرزاق الرياني وعفاف الصومالي وصلاح بالحاج وعادل دوغة، ومن الأفواج اللاحقة مثل مريم العباني ومريم بازينة. وكلها أسماء معروفة ولم حضور بارز في المشهد الثقافي وفي جميع المحافل.
بعد التخرج عملت معيدا بالكلية وأقمت عدة معارض بمدينة طرابلس. فكان أول معرض فردي نظمته بالمركز الثقافي الفرنسي، وبعده أقمنا معرضا جماعيا بنفس المركز سنة 1996، كما لا ننس دار الفنون التي كان لها دور مهم في حركة الثقافة الليبية داخل مدينة طرابلس التي نظمت لنا عددا من المعارض الفردية والجماعية برفقة زملاء أخرين. بعدها، تمكنت من الحصول على منحة دراسية للدراسة بإسبانيا. فدرست وتمرست على يد أساتذة مهمين في التشكيل الاسباني منهم باكوا لويس بانيوس وأخرون، لألتحق بعدها بركب التشكيليين الإسبان من خلال نجاحي في إقامة علاقة واسعة مع الوسط الفني الإسباني. فعلى الرغم من كون اسمي يبدو صغير غير معروف بشكل بارز في إسبانيا الكبرى من الناحية الثقافية، فأن أغلب المؤسسات تعرفني وبالأخص في مدينة غرناطة ومدريد. حيث يوجهون لي في دعوات باستمرار لإقامة معارض. أقمت على إثرها معرضا في غرناطة بالمؤسسة الأوروبية العربية خصصته عن المهاجرين الأفارقة، بعدها أقمت معرضا شخصيا برعاية سفير ليبيا في ذلك الوقت، المرحوم "محمد الفقيه صالح". حمل اسم تأبين المفقودين في الربيع العربي، كما أقمت معرضا أخر بمدينة مدريد، كان له وقع كبير جدا في مسيرتي الثقافية والفنية. كما استضافتني سفارة ليبيا بالأرجنتين من أجل تنظيم معرض فني، وبعده كان لي معرض بالمكسيك استضافني المتحف الوطني المكسيكي الذي ضم عدة لوحات، كان من بينها لوحة تميزت بحجمها الكبير 10*5 متر وهي موجودة الأن بالمتحف. حمل هذ المعرض شعار "من تاسيلي الى المكسيك" باعتبارهما حضارتين متقاربتين. أما اليوم، فقد عدت الى إسبانيا ونظمت معرضا تحت شعار "من الشروق وحتى الغروب" الذي مازال مفتوح أمام الجمهور.
< ما هي المادة التي تفضلون الرسم عليها ولماذا؟
أنا باعتباري فنانا تشكيليا يهمني التجريب بجميع المواد بدايتي الأكاديمية بالزيت والمائيات والكريلك. وهناك فرق بين الكريلك كمادة، وبين المائي. فعلى الرغم من أن كلاهما مائي، فإن هناك الاكوريل وهي المائية الشفافة. عملت تأبين للمهاجرين الأفارقة وأصدرت به كتاب كله بالمائيات الشفافة وأنا دائما أميل للتلوين بالزيت. فالألوان الزيتية، خاصة الألوان المسحوقة كما كان قديما يرسم بها. أما في إسبانيا فقد توجهت للرسم بالألوان الزيتية التي لها علاقة بالمساحيق القديمة مثل الأحجار في عصر النهضة وبزيت الكتان ومعظم رسمي على القماش.
> ماهي المدرسة الفنية التي تأثرتم بها؟
تأثرت في بدايتي بأساتذتي. خاصة أثناء دراستي بكلية الفنون بطرابلس كان لدينا أساتذة مهمين من روسيا. أذكر منهم الأستاذ علي خليل والدكتور فيروز هزي والدكتور الأمين عثمان. حيث كانت معظم التمارين بصالات الرسم التي تخص الموديل والرسم الواقعي، وهو مهم جدا في بداية الأمر لصقل موهبة الطالب. وبعدها يمكنك الاهتمام بأسلوبك الخاص إلى أن تجد ما يريحك في ظل هذه المدارس. أنا كنت أميل إلى التعبيرية في فترة تواجدي بكلية الفنون بطرابلس من خلال التعامل مع مواضيع أعبر من خلالها عن شيء داخل الموضوع بلوحة تحمل معنى حقيقي. يمكن أن يقرأها الإنسان. فلا ننس حماسة الطالب وصغر تجربته في المجال الفني، تجعله يجرب كثيرا. أما حين دخلنا تجربة الرسم الأكاديمي الواقعي، انتقلنا بعدها إلى الانطباعية، كما جربنا التكعيبية وغيرها من المدارس الفنية.
> ما هي المدرسة الفنية التشكيلية الأبرز في المرحلة الراهنة على المستوى المحلي، والعربي والدولي حسب تصوركم؟
الفن التشكيلي عبارة عن نقلة وصناعة أوروبية بحتة وهو تاريخ أوروبي محض. أما المدارس الموجودة في الوطن العربي فمرتبطة بالتاريخ الأوروبي من عصر النهضة إلى يومنا هذا. حيث وجد الفنانون العرب المشهورين ضالتهم في المدارس الانطباعية والتعبيرية والتكعيبية.
> درستم بإسبانيا ونظمتم بها عدة معارض، هل أضاف ذلك شيئاً الى تجربتكم الفنية؟
نعم نظمت معارض مهمة جدا في تاريخ حياتي الفني، وأصدرت الى حد الآن سبعة كتب. عبارة عما يسمى في الفنون التشكيلية بالكاتلوك. بمعنى إن المعرض يصحبه كاتلوك محمل بالصور ومقالات نقدية من نقاد عرب وأساتذة بكلية الفنون بطرابلس وأساتذة إسبان والمكسيك والأرجنتين. فكانت هذه التجربة غنية جدا، كما كانت الحفاوة بها قوية جدا. شكلت منعطفا حقيقيا في تجربتي التشكيلية.
> نلاحظ اهتمامكم باللون على حساب حضور الإنسان. هل يمكن أن توضحوا لنا سبب التنوع اللوني التجريدي، وغياب العنصر البشري عن كثير من لوحاتكم؟
سبب غياب العنصر البشري، أو ما يسمى بالمصطلح الفني فيغراتيف الذي يعني الشكل البشري في المرحلة الأخيرة، وخصوصا في هذا المعرض أرسم طبيعة وأرسم طبيعة مجردة من أي شيء. فكان الإنسان لم يولد. أعبر من خلال هذا الموضوع عن قضايا عدة. ففي حالة عدم وجود الإنسان في الطبيعة، ماذا يحدث فيها، كما تبرز جمال الطبيعة بدون الانسان. تذكرني هذه المرحلة بتجربتي التشكيلية في مدينة غرناطة. حيث الطبيعة الساحرة للمدينة تذكرني بطفولتي بجبال ترهونة حيث كان يقيم جدي. عندما كان عمري خمس سنوات، كان جدي يعيش هناك وإلى مدى قريب من مدينة القربولي. وساحل المتوسط ومدينة غرناطة تشبه تماما هذا المناخ الجغرافي الذي أيقظ في الإحساس بالرجوع للطبيعة.
> هل تؤمنون بقوة الإبداع وتأثيره في التغيير؟ وهل يمكن لجمال الفن أن يهزم قبح العالم المتمثل في الحروب والظلم وغير ذلك؟ وهل أنتم مع نظرية الالتزام في الفن أم على الفنان ألا يتقيد بأية قيود خارج دائرة الهوس الإبداعي؟
هذا السؤال صعب شوي وأنا أؤمن برسالة الفن وهي مهمة جدا. فعلى الرغم من أن الفنان عادة ما يرسم من أجل نفسه (شأن تجربتي)، فإنه يتأثر بالمحيط سياسيا كان، أو اجتماعيا، أو اقتصاديا. لكن متعة الفنان يجدها في مرسمه حيث يطور من أدواته ومواضيعه، ويطلع على المتاحف والمعارض الأخرى. إنه يغير شيء من القبح الموجود في العالم. لكن هذا موضوع كبير، لا اعتقد إن الفنان لوحده قادر على ذلك ولكن يمكنه أن يرقى بالذائقة الفنية، وأن يرقى بذوق المجتمع في عدة جوانب ثقافية.
> ما الذي يثير الفنان ويحرك مشاعره ويدفعه ليقول ما يريد من خلال الخامات؟
ما يثير الفنان؟ إذا كان هو فنان حقيقي يكون مرآة يعكس ما يدور من حوله من جمال وقبح وجميع الأشياء من حوله، وفي محيطه تدفع به إلى الأمام. ولا ننس ظروف الفنان إذا كان قد عاش طفولة يميزها الحرمان والحزن. بمعنى أن الجوانب الذاتية تكسبه قوة التعبير من ناحية التمكن في الخامة ومن ناحية أخرى العاطفة التي يحملها تجاه العمل الفني.
> حسب رأيكم، أي الفنين أهم، الفن الواقعي، أم الفن التجريدي، وهل صحيح أن على الفنان أن يبدأ بالمدرسة الواقعية حتى تكون لديه مرجعية بأسس اللون، و التمكن من لوحته الفنية؟
يمكن أن نسمي الفنان بالفنان الموهبة أو الفنان الحرفي. بمعنى الحرفي الذي ينقل الأشياء كما هي. لأن الفنانين الواقعيين يجيدون عادة النقل. فضمن المدرسة الواقعية يوجد فنانون اشتهروا بدقتهم الواقعية. لكن هذا لا يعني أن المدارس الأخرى غير مهمة في تاريخ الفن التشكيلي. فجميع المدارس مهمة، ولها ناسها و ذواقيها. واعتقد أنها تشبه الموسيقى. هناك من يحب الاستماع إلى سيمفونية، وهناك من يحب أن يسمع الروك أو صخب أخر، أو يحب أن يستمع إلى الكلاسيك، ولكل مدرسة روادها وعشاقها. وأنا لا أعتقد أن هناك فرق أو أهمية بين مدرسة وأخرى.
> نظمتم العديد من المعارض المتميزة، فما هي القيمة التي اضافتها لتجربتكم التشكيلية؟ وهل تمكنتم من تكوين قاعدة فنية تميز تجربتكم؟
خلال تجربتي الفنية نظمت العديد من المعارض المهمة. بداية من طرابلس كما أسلفنا الذكر بالمركز الثقافي الفرنسي ودار الفنون، سواء معارض فردية أو جماعية مع زملاء سواء في ليبيا أو في إسبانيا وبلجيكيا والنمسا. لكن أي تجربة حتى وإن كانت صغيرة، فهي باب أو نافذة تطلع بها على مشاريع أخرى. أما المعرض فيكشف عن مرحلة وتجربة مهمة خاضها الفنان. لكن الفنان الحقيقي في نظري، هو الذي يقوم بتنظيم معارض غير منقطعة. بمعنى أنه يقيم كل ثلاث سنوات أو أربع سنوات معرضا. يكشف من خلاله عن أسرار هذه المرحلة. سواء كان معرضا جماعيا أو معرضا فرديا. إن أغلب المعارض التي شاركت فيها، هي بمثابة خلاصة لجهد ومسيرة فنية. تتيح للفنان التعرف على قاعدة مهمة من الجمهور في أي بلد. كما أن لكل معرض وقع خاص من ناحية النجاح. فكل معرض بالنسبة يعدا ناجحا حتى وإن كان العمل غير ناضج في ذلك الوقت. لأن له الفضل في مد الفنان بشحنة وبدافع لإقامة معرض ناجح.
> ما هو أهم عمل فني قمتم به و ما زلتم تحلمون بتكرار نجاحه؟ وهل أنتم من النوع الذي يجيد تكرار أعماله السابقة؟
نظرة الجمهور للمعارض والأعمال المعروضة مهمة. وهذا ليس من تقييمي أنا. ففي سنة 2012م، نظمت معرض بالمعهد الأوروبي العربي وطبعت به كتاب حمل عنوان ''تأبين للمفقودين في الهجرة الغير شرعية'' وهو كتاب مهم تداولته المكتبات الإسبانية، ونفدت جميع نسخه خلال فترة المعرض. مما منح هذا المعرض صدى منذ 2012 إلى حد الأن. كما لا يزال يطلب مني هذا الكتاب الذي يحتاج لنشر طبعة أخرى. لأن هذا الكتاب لمس الواقع في المجتمع الأوروبي عموما والإسباني خصوصا. مما يجعلني أفكر في إقامة معرض يتناول جميع المراحل التي رسمتها. بداية من تأبين المهاجرين والربيع العربي وأحلامي في غرناطة الذي نفذتها بالأرجنتين، ومن تاسيلي إلى أكاكوس، ومذكرات للسلام من ليبيا إلى غرناطة، وفي نهاية المطاف أجمع جميع اللوحات التي عرضت بهذه المعارض في معرض واحد وإن شاء الله يكون مكان إقامته في ليبيا.
> يحمل كل فنان رسالة فنية معينة، يسعى إلى إيصالها للمتلقي ونشرها، فما رسالتكم الفنية التي تؤمنون بها؟
الرسالة التي أؤمن بها هي رسالة الفن. فعلى الفنان أن يتواجد وأن يفرض نفسه في أي مجتمع كان. من أجل أن يكون له صدى. سواء في بلده الأصلي، أو في البلد الذي يعيش فيه مثل حالتي أنا بإسبانيا. حيث تبقى رسالتي القيام بالتعريف ببلدي، وكذلك بنفسي وأن أمكن الآخر من الاطلاع على الفنون الليبية. أما الرسالة المهمة، فهي الرسالة الإنسانية التي أحملها باعتباري من خلال التعبير عن وجدانياتي التي هي بالتأكيد وجدانيات ليبية من قرية أسمها القربولي. لأن هناك من يسأل في إسبانيا عن القربولي وترهونة وجميع المناطق التي تناولتها في أعمالي. وكذا العمل على دمج الثقافات باعتبارها أحد الرسائل التي يوجهها الفنان الذي لا له حدود جغرافية له، قصد إيجاد علاقات ثقافية بين الشعوب والأمم وهي من أسمى الأهداف التي أسعى إلى تقديمها.
> غالبا ما نسمع بطقوس الإبداع وشروطه الموضوعية و الذاتية، فمتى تحبون مباشرة عملية الرسم، وهل هناك وقت محدد للرسم؟ ولماذا؟
في الحالة الخاصة بي، أنا أسافر كثير واتنقل كثيرا، وعندي مرسم بغرناطة ومرسم بالقريولي. لكن حالتي عكس أحوال زملائي بليبيا وإسبانيا. فلديهم مراسم ثابتة وغير متحركة. لذا أنا عندما أسافر أحمل معي مذكراتي أو ما يسمونها بكواديرنس، وحقيبة بها الألوان، وهذا ما يجعلني أرسم عندما تكون هناك رغبة في الرسم. أما فيما يخص اللوحات الكبيرة، فعندما أكون بإسبانيا أذهب للمرسم الخاص بي، ولا يوجد وقت معين للرسم. لكن المهم هو أن تكون لدي شحنة عاطفية اتجاه اللوحة وعادة أستغرق وقتا طويلا في الرسم.
> من خلال عملكم الأكاديمي بالكلية، وعلاقتكم اليومية مع الطلاب، هل يضيف العمل الأكاديمي شيئا للأستاذ أم يكتفي بما تعلمه سابقا؟
التدريس خطوة مهمة جدا. أولا لأنه يفتح أفقا جديدا للطالب من خلال اطلاعه على خبرات جديدة يأخذها من الأستاذ. وثانيا، يتعلم الأستاذ كذلك أشياء كثيرة من الطلبة. لأن الطلبة الجامعيين هم أصغر سن من الأستاذ ولهم تجارب مختلفة ومفيدة في بعض الأحيان. والحقيقة أن تجربتي بالتدريس، سواء بإسبانيا أو بليبيا مهمة جدا للاطلاع على الخبرات الجديدة. والطالب غير واعي بأنه هو من يعلم الأستاذ. لهذا، فإن الأستاذ الذكي هو الذي يلتقط أشياء من الطالب. أما عن مرحلة الدريس بطرابلس فقد شكلت مرحلة مهمة جدا. لأن طلبة هذه المرحلة لا تنقصهم الموهبة. لكن ينقصهم التنسيق في إعداد المعارض.
> هل الفنان حسب رأيكم هو نتاج الدراسة الأكاديمية فحسب، أم هو نتاج الحالة الإبداعية الذاتية؟
لا أعتقد هذا. لأن الأكاديمية مفتوحة بوجود التواصل الاجتماعي وسهولة السفر والاطلاع على المعارض. فقد اختفت المنهجية في الكليات، وهناك فنانون كبار تعرفنا عليهم، ليسوا من خريجي الكليات والأكاديميات. لأن الأكاديمية هي الحياة والاطلاع المستمر وزيارة المعارض والمتاحف، فنانون كبار لم يكونوا من دارسي الفنون التشكيلية. بمعنى أنهم درسوا الفنون من خلال علاقتهم بالأخرين والأشياء واللوحات الفنية التي هي نفسها مدرسة. أما أن يكون خريج كلية أهم من الأخرين، فأنا لا اعتقد. لأن هناك فنانين مهمين لم يدرسوا بالكليات الفنية.
> كيف وجدتم تفاعل الجمهور الاسباني وتأثره بالفن الليبي خصوصا والشرقي عموما؟
باعتباري مقيما بإسبانيا لفترة لابأس بها( 23 سنة تقريبا)، تعرفت على الجمهور الإسباني مند كنت طالبا بكلية الفنون الجميلة بغرناطة. والحمد لله بفضل ترشيح الأساتذة لي، تمكنت من تكوين علاقة جيدة على الساحة الفنية الإسبانية، ومع الصحافة الإسبانية واختيرت لي أعمال دائمة العرض. سواء بجامعة غرناطة أو على أغلفة المجلات والصحف الإسبانية. فكان لهذا تأثير إيجابي بالنسبة لي. حيث شكل نوعا من الإشهار لإسمي ولفنان مسلم وعربي من شمال إفريقيا. كما تميزت تجربتي الفنية بكونها ولجت المجال الفني في إسبانيا من ليبيا. مما مكنني من إقامة معارض ناجحة وتكوين جمهور وذائقة فنية ممتازة بإسبانيا باعتبارها دولة مهمة جدا في التشكيل العالمي والأوروبي الذي أنتج العديد من الفنانين المعروفين على الصعيد العالمي، وفي تاريخ الفن الإسباني. لهذا، أنا محضوض جدا في التعرف على هذه التجارب التشكيلية التاريخية.
> ما هي أبرز مشاريعكم القادمة في عالم الفن التشكيلي؟
في هذا المعرض الذي أقيمه بغرناطة، أختتم مرحلة اشتغلت عليها أربع سنوات. تمثل جميع المراحل التي مررت بها. واحتفظت من كل مرحلة بعدد من اللوحات. لأني أرغب في إقامة معرض يضم كل المراحل السابقة بإقامة معرض بطرابلس وهو مشروعي القادم بإذن الله.
> كلمة أخيرة لقراء المجلة، وللمتابعين للفن التشكيلي عامة...
كل الشكر لكم على متابعة تجربتي التشكيلية ودعمي، وكذلك الشكر لمجلتكم التي منحتني هذه الفرصة والمساحة للحديث عن تجربتي. وإن شاء الله نلتقي في معرض قريب جدا بطرابلس.