لوحِظ أن بعض مركبات عائلة LSD تفيد في علاج الاكتئاب لدى الفئران دون آثار جانبية واضحة، إذ يمكن لنظائرها أن تصبح علاجات لا تتطلب المراقبة المكثفة.
بعد مرور أكثر من 50 عامًا على حركة «صيف الحب» الاجتماعية، عادت ثورة المواد المهلوسة. هذه المرة جاء «الحب» من الأطباء الذين بدؤوا بتبنّي المواد المُهلوسة مثل LSD و psilocybin «المكون الرئيسي في الفطر السحري» علاجاتٍ للاكتئاب وإدمان المخدرات وحالات الصحة العقلية الخطيرة الأخرى. ولكن، لأن هذه الأدوية تسبب الهلوسة، فإن استخدامها الطبي يتطلب مراقبة مكثفة من قبل الأطباء. وهذا يؤدي بدوره إلى ارتفاع تكاليف العلاج، ما يجعل الأدوية المُهلوسة غير عملية للاستخدام العلاجي على نطاق واسع.
بدأ الباحثون في السنوات الأخيرة بتعديل الهياكل الكيميائية للمواد المُهلوسة، بهدف صنع نظائر تحتفظ بتأثيرها الطبي المرغوب دون أن تسبب هلوسة.
وأفاد باحثون الآن في مجلة Science بأنهم فرقوا بين الارتباطات الجزيئية المسؤولة عن التأثيرات المضادة للاكتئاب للمواد المُهلوسة، وتلك التي تسبب الهلوسة. وقد استخدموا تلك المعرفة لصنع مركبات جديدة، تبدو أنها تنشط الدوائر الخلوية الموجودة في الدماغ التي تساعد على تخفيف الاكتئاب، دون إثارة مسار وثيق الصلة مشارك في التأثير المهلوس.
علمًا أن هذه المركبات قد دُرِست حتى الآن على الفئران فقط، ولكن إذا نجحت النظائر المهلوسة في البشر، فقد تفرز عائلات جديدة من الأدوية.
يقول بريان روث، عالم الصيدلة في كلية الطب بجامعة نورث كارولينا، الذي يبحث مختبره أيضًا عن نظائر مهلوسة غير مسببة للهلوسة: «سيولّد هذا العمل الكثير من الاهتمام».
تشير التقديرات إلى أن الاضطرابات العقلية أو العصبية تؤثر في ما يقارب ربع البالغين في الولايات المتحدة كل عام، وغالبًا ما لا تنجح العلاجات، لذلك فإن الحاجة شديدة.
وقد يكون أداء LSD و psilocybin والمواد المهلوسة الأخرى أفضل، إذ أظهرت الدراسات أن جرعة واحدة من psilocybin بإمكانها أن تخفف من الاكتئاب شهورًا في كل مرة تؤخذ. وأظهرت تجربة سريرية في العام الماضي أجريت على مركب 3،4 ميثيلين ثنائي أوكسي ميثأمفيتامين methylenedioxymethamphetamine 3,4، أو إكستاسي ecstasy، أنه يمكن أن يخفف من اضطراب ما بعد الصدمة.
تبقى الكيفية التي تؤثر بها هذه المواد المهلوسة أمرًا غامضًا. إذ يرتبط LSD و psilocybin ومركبات مهلوسة أخرى في الدماغ بفئة من مستقبلات الناقل العصبي السيروتونين، المعروف باسم 5-HT2AR. تُحدِث هذه المستقبلات، وهي نوع من بروتينات غشاء الخلية تدعى G-protein coupled receptor GPCR، تأثيرين: فهي تبدأ مجموعة من الاستجابات الخلوية، وتُجند بروتينات أخرى تُدعى beta-arrestins التي تعدّل نشاط GPCR.
أظهرت الدراسات السابقة على البشر، أن المواد المهلوسة تفعّل بقوة كل من مسارات GPCR وbeta-arrestin. وفي عام 2017، اتخذ شنغ وانغ، باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر روث، الخطوات الأولى نحو توضيح السبب. فأنتج بنية بلورية بالأشعة السينية -خريطة على المستوى الذري- من LSD مرتبطة بمستقبلات السيروتونين، المرتبطة ارتباطًا وثيقًا ب HT2AR-5. وقد كشفت أن LSD يستقر في جيب داخل المستقبل يسمى orthosteric binding pocket OBP.
أما الآن، فقد أنتج «وانغ» و زملاؤه في معهد شنغهاي للكيمياء الحيوية وبيولوجيا الخلية ستة هياكل بلورية جديدة من المركبات، من ضمنها LSD و psilocin لمُستَقلَب الفعال من psilocybin و Serotonin و lisuride وهو نظير غير مهلوس لمادة مهلوسة، مرتبط بـ HT2AR-5 نفسه. ووجدوا أن بعض المركبات لم تكن على تماس مع OBP فحسب، بل أيضًا مع جيب مجاور يعرف باسم extended binding pocket EBP.
لجأ الباحثون إلى الدراسات السلوكية على الفئران المحقونة بالأدوية المختلفة، لفهم أنماط الارتباط. إذ راقب الفريق سلوكيات الفئران المرتبطة بشدة، مع تلك التي لدى البشر من ردود الفعل المتجمدة المرتبطة بالاكتئاب وتشنجات الرأس المرتبطة بالهلوسة. اقترحت النتائج أن المركبات بما فيها السيروتونين، التي تثير نشاط beta-arrestin بصورة أكبر ونشاط GPCR بصورة أقل، ارتبطت بالفاعلية المضادة للاكتئاب دون إحداث الهلوسة. وارتبطت تلك المركبات مع EBP، بصورة أكبر من ارتباطها مع OBP.
لذلك صمّم وانغ وزملاؤه مصاوغات بنيوية من LSD، واعتقدوا أنها ستفضل الارتباط بـ EBP. ثم كرروا الاختبارات السلوكية على الفئران التي أُعطِيت هذه المركبات، ووجدوا أن اثنين منهم يطلق عليهما IHCH-7079 و IHCH-7806، لم يسببا إثارة تشنجات في الرأس، لكنهما خفضا سلوك التجميد، مثلما تفعل مضادات الاكتئاب الفعالة.
IHCH-7079 و 7806، ليسا أول مركبين يظهران قدرتهما على أن يكونا نظائر علاجية غير مهلوسة لمواد مهلوسة. مثلًا؛ سُوِّق دواء Lisuride الذي يستخدم لعلاج داء باركنسن والصداع النصفي لأول مرة في السبعينيات. لكن كان لهذا المركب تأثيرات جانبية كالغثيان وانخفاض ضغط الدم، نتيجة ارتباطه مع الكثير من المستقبلات في الدماغ إلى جانب ارتباطه بـ HT2AR-5.
وقد ذكر باحثون بقيادة ديفيد أولسون، الكيميائي في جامعة كاليفورنيا في Davis في مجلة Nature، أن نظيرًا غير مهلوس لمركب ibogaine المهلوس الذي يدعى tabernanthalog، أظهر تأثيرات مضادة للاكتئاب في القوارض. وأبلغ فريق أولسون في العام الماضي عن وجود مركبات غير مهلوسة ذات صلة وتبدو أكثر فاعلية من tabernanthalog.
تعمل الآن شركة Delix Therapeutics التي شارك في تأسيسها أولسون، على تسويق مركباته والأدوية التجريبية غير المهلوسة ذات الصلة، على أنها علاج للاكتئاب والحالات الأخرى. تقول بريجيت روبرتسون، كبيرة المسؤولين الطبيين في الشركة، أنها تتوقع أن تبدأ أولى تجاربها السريرية في وقت لاحق من هذا العام.
إذا كان أي من المركبات الجديدة يعمل على تحسين الصحة العقلية بنفس فاعلية المواد المهلوسة وسرعتها، فإنه على حد قولها (ستغيّر عالم الرعاية النفسية). ولكن حتى لو لم تنجح هذه المركبات الأولى، فإن الرؤى الهيكلية الجديدة حول كيفية عمل هذه المركبات، تمنح الكيميائيين الطبيين خريطة طريق لإزالة التأثير المهلوس من العلاج.
بعد مرور أكثر من 50 عامًا على حركة «صيف الحب» الاجتماعية، عادت ثورة المواد المهلوسة. هذه المرة جاء «الحب» من الأطباء الذين بدؤوا بتبنّي المواد المُهلوسة مثل LSD و psilocybin «المكون الرئيسي في الفطر السحري» علاجاتٍ للاكتئاب وإدمان المخدرات وحالات الصحة العقلية الخطيرة الأخرى. ولكن، لأن هذه الأدوية تسبب الهلوسة، فإن استخدامها الطبي يتطلب مراقبة مكثفة من قبل الأطباء. وهذا يؤدي بدوره إلى ارتفاع تكاليف العلاج، ما يجعل الأدوية المُهلوسة غير عملية للاستخدام العلاجي على نطاق واسع.
بدأ الباحثون في السنوات الأخيرة بتعديل الهياكل الكيميائية للمواد المُهلوسة، بهدف صنع نظائر تحتفظ بتأثيرها الطبي المرغوب دون أن تسبب هلوسة.
وأفاد باحثون الآن في مجلة Science بأنهم فرقوا بين الارتباطات الجزيئية المسؤولة عن التأثيرات المضادة للاكتئاب للمواد المُهلوسة، وتلك التي تسبب الهلوسة. وقد استخدموا تلك المعرفة لصنع مركبات جديدة، تبدو أنها تنشط الدوائر الخلوية الموجودة في الدماغ التي تساعد على تخفيف الاكتئاب، دون إثارة مسار وثيق الصلة مشارك في التأثير المهلوس.
علمًا أن هذه المركبات قد دُرِست حتى الآن على الفئران فقط، ولكن إذا نجحت النظائر المهلوسة في البشر، فقد تفرز عائلات جديدة من الأدوية.
يقول بريان روث، عالم الصيدلة في كلية الطب بجامعة نورث كارولينا، الذي يبحث مختبره أيضًا عن نظائر مهلوسة غير مسببة للهلوسة: «سيولّد هذا العمل الكثير من الاهتمام».
تشير التقديرات إلى أن الاضطرابات العقلية أو العصبية تؤثر في ما يقارب ربع البالغين في الولايات المتحدة كل عام، وغالبًا ما لا تنجح العلاجات، لذلك فإن الحاجة شديدة.
وقد يكون أداء LSD و psilocybin والمواد المهلوسة الأخرى أفضل، إذ أظهرت الدراسات أن جرعة واحدة من psilocybin بإمكانها أن تخفف من الاكتئاب شهورًا في كل مرة تؤخذ. وأظهرت تجربة سريرية في العام الماضي أجريت على مركب 3،4 ميثيلين ثنائي أوكسي ميثأمفيتامين methylenedioxymethamphetamine 3,4، أو إكستاسي ecstasy، أنه يمكن أن يخفف من اضطراب ما بعد الصدمة.
تبقى الكيفية التي تؤثر بها هذه المواد المهلوسة أمرًا غامضًا. إذ يرتبط LSD و psilocybin ومركبات مهلوسة أخرى في الدماغ بفئة من مستقبلات الناقل العصبي السيروتونين، المعروف باسم 5-HT2AR. تُحدِث هذه المستقبلات، وهي نوع من بروتينات غشاء الخلية تدعى G-protein coupled receptor GPCR، تأثيرين: فهي تبدأ مجموعة من الاستجابات الخلوية، وتُجند بروتينات أخرى تُدعى beta-arrestins التي تعدّل نشاط GPCR.
أظهرت الدراسات السابقة على البشر، أن المواد المهلوسة تفعّل بقوة كل من مسارات GPCR وbeta-arrestin. وفي عام 2017، اتخذ شنغ وانغ، باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر روث، الخطوات الأولى نحو توضيح السبب. فأنتج بنية بلورية بالأشعة السينية -خريطة على المستوى الذري- من LSD مرتبطة بمستقبلات السيروتونين، المرتبطة ارتباطًا وثيقًا ب HT2AR-5. وقد كشفت أن LSD يستقر في جيب داخل المستقبل يسمى orthosteric binding pocket OBP.
أما الآن، فقد أنتج «وانغ» و زملاؤه في معهد شنغهاي للكيمياء الحيوية وبيولوجيا الخلية ستة هياكل بلورية جديدة من المركبات، من ضمنها LSD و psilocin لمُستَقلَب الفعال من psilocybin و Serotonin و lisuride وهو نظير غير مهلوس لمادة مهلوسة، مرتبط بـ HT2AR-5 نفسه. ووجدوا أن بعض المركبات لم تكن على تماس مع OBP فحسب، بل أيضًا مع جيب مجاور يعرف باسم extended binding pocket EBP.
لجأ الباحثون إلى الدراسات السلوكية على الفئران المحقونة بالأدوية المختلفة، لفهم أنماط الارتباط. إذ راقب الفريق سلوكيات الفئران المرتبطة بشدة، مع تلك التي لدى البشر من ردود الفعل المتجمدة المرتبطة بالاكتئاب وتشنجات الرأس المرتبطة بالهلوسة. اقترحت النتائج أن المركبات بما فيها السيروتونين، التي تثير نشاط beta-arrestin بصورة أكبر ونشاط GPCR بصورة أقل، ارتبطت بالفاعلية المضادة للاكتئاب دون إحداث الهلوسة. وارتبطت تلك المركبات مع EBP، بصورة أكبر من ارتباطها مع OBP.
لذلك صمّم وانغ وزملاؤه مصاوغات بنيوية من LSD، واعتقدوا أنها ستفضل الارتباط بـ EBP. ثم كرروا الاختبارات السلوكية على الفئران التي أُعطِيت هذه المركبات، ووجدوا أن اثنين منهم يطلق عليهما IHCH-7079 و IHCH-7806، لم يسببا إثارة تشنجات في الرأس، لكنهما خفضا سلوك التجميد، مثلما تفعل مضادات الاكتئاب الفعالة.
IHCH-7079 و 7806، ليسا أول مركبين يظهران قدرتهما على أن يكونا نظائر علاجية غير مهلوسة لمواد مهلوسة. مثلًا؛ سُوِّق دواء Lisuride الذي يستخدم لعلاج داء باركنسن والصداع النصفي لأول مرة في السبعينيات. لكن كان لهذا المركب تأثيرات جانبية كالغثيان وانخفاض ضغط الدم، نتيجة ارتباطه مع الكثير من المستقبلات في الدماغ إلى جانب ارتباطه بـ HT2AR-5.
وقد ذكر باحثون بقيادة ديفيد أولسون، الكيميائي في جامعة كاليفورنيا في Davis في مجلة Nature، أن نظيرًا غير مهلوس لمركب ibogaine المهلوس الذي يدعى tabernanthalog، أظهر تأثيرات مضادة للاكتئاب في القوارض. وأبلغ فريق أولسون في العام الماضي عن وجود مركبات غير مهلوسة ذات صلة وتبدو أكثر فاعلية من tabernanthalog.
تعمل الآن شركة Delix Therapeutics التي شارك في تأسيسها أولسون، على تسويق مركباته والأدوية التجريبية غير المهلوسة ذات الصلة، على أنها علاج للاكتئاب والحالات الأخرى. تقول بريجيت روبرتسون، كبيرة المسؤولين الطبيين في الشركة، أنها تتوقع أن تبدأ أولى تجاربها السريرية في وقت لاحق من هذا العام.
إذا كان أي من المركبات الجديدة يعمل على تحسين الصحة العقلية بنفس فاعلية المواد المهلوسة وسرعتها، فإنه على حد قولها (ستغيّر عالم الرعاية النفسية). ولكن حتى لو لم تنجح هذه المركبات الأولى، فإن الرؤى الهيكلية الجديدة حول كيفية عمل هذه المركبات، تمنح الكيميائيين الطبيين خريطة طريق لإزالة التأثير المهلوس من العلاج.