التفكير في سبب حب كثير منا لأفلام الرعب، قد يبدو مثيرًا للاهتمام. مبهرٌ أن ينجذب الناس إلى العنف في سلسلة مثل لعبة الحبار، أو أن يهتفوا لجودزيلا أو ضده في معركته مع كينغ كونغ، أو أن يُطوروا استراتيجيات هروب للشخصيات في المواقف الصعبة. هنالك أيضًا مشاهد فيلم ذا إكسورست، إذ تدير ريغان رأسها بالكامل دون تحريك جسدها، التي ظلت في أذهاننا، بينما ننسى آلاف الصور من الأفلام، ومن تفاصيل حياتنا. أليس منطقيًا أن يبتعد الناس عن المواقف التي تثير خوفهم بدلًا من الانجذاب إليها؟
كارل يونغ وأفلام الرعب
قد تعتمد أفلام الرعب في الواقع على ما سماه كارل يونغ بالأنماط البدائية، وهي أنماط عالمية وعابرة للثقافات، تساعد على تكوين شخصية الفرد وتشكل الدافع وراء أنماط السلوك.
إن أحد هذه الأنماط هو الظل، ويلعب دورًا أساسيًا في فهم لماذا ننجذب إلى أفلام الرعب ونخاف منها في الوقت نفسه. يُمثل هذا النمط بالنسبة ليونغ الأفكار المجهولة والمعرضة للكبت، والنقائص والضعف والفوضى. عمومًا، يتكون هذا النمط من السمات غير المقبولة للمجتمع، التي تكون أحيانًا مسيئة لمعاييرنا الأخلاقية.
اعتقد يونغ أن التعبير في ثقافتنا عن نمط الظل يأخذ في أحلامنا وهواجسنا مظهر الأشكال المظلمة، مثل الشياطين والتنانين والثعابين، واللافت أن يونغ استخدم في كتابه الكلاسيكي «الإنسان ورموزه» صورة غودزيلا دلالة على نمط الظل، وأشار إلى أن للقوة التدميرية لهذا النمط جانبًا بنّاءً أيضًا، بمعنى أنه يجب تدمير الأشياء أحيانًا حتى تُخلق من جديد.
تشبه هذه الفكرة فكرة الشرير ثانوس في سلسلة أفلام أفنجرز، الذي يجمع الأحجار الأزلية لإنهاء حياة نصف سكان الكون، كي يتمكن الباقون من العيش بموارد أفضل. أيضًا، تعكس لوحة «رأس الثور» لبيكاسو قوى الظل المدمرة والبناءة في الوقت نفسه، إذ دمر دراجة من طريق إزالة المقود والمقعد، ثم بنى رأس ثور عبر ربط المقعد بمنتصف المقود.
سيغموند فرويد وأفلام الرعب
تركز أفلام الرعب أساسًا على استثارة مشاعر الصدمة والخوف والاشمئزاز، وقد يضيف سيغموند فرويد تحليلًا نفسيًا آخر لهذه المشاعر، فقد اقترح فرويد مفهوم التنفيس، إذ يشكل إطلاق العواطف القوية أو المكبوتة علاجًا.
قد يكون خلق الخوف والمشاعر المرتبطة به الناتج عن مشاهدة فيلم رعب نوعًا من التنفيس، خصوصًا أن الشخص يسمح إراديًا باستثارة الخوف لديه، ويكون مدركًا أنه في بيئة آمنة، مثل السينما أو المنزل. إذ يعرفون أن الفيلم ليس حقيقيًا، بصرف النظر عن مدى الصدمة أو الخوف الذي يشعرون به. إضافةً إلى ذلك، وتمامًا مثل تفسير الكوابيس المتكررة، قد تساعدنا مشاهدة أفلام الرعب على الشعور بأنه يمكننا إمساك زمام الأمور مهما كانت مشاكلنا صعبة أو مخيفة.
علاقة أفلام الرعب بالسمات الشخصية
في مراجعة تضمنت 96 دراسة، وجد الباحثون أن زيادة المتعة والرغبة في مشاهدة أفلام الرعب ترتبط بسمات الخوف الأقل والتعاطف أقل. كان البحث عن المشاعر مرتبطًا بصورة إيجابية بالتمتع بالرعب، ولكن بصورة أقل اتساقًا.
فقد أظهر الرجال متعة أكبر من النساء عند مشاهدة أفلام الرعب، إذ يبدو أن النساء أكثر عرضة للقلق والاشمئزاز. واللافت أيضًا أن الأطفال الصغار يخشون الشخصيات الخيالية كالشياطين والأشباح، ولكن مخاوف الأطفال الأكبر سنًا أكثر واقعية، إذ يخافون المجرمين والقتلة. إضافةً إلى ذلك، أظهر الأفراد أصحاب الطباع الأكثر تلاعبًا وخداعًا مشاعر حزن واشمئزاز أقل في أثناء مشاهدة أفلام الرعب.
طبعًا، أظهر الأشخاص الذين يملكون سمات تعاطف أقل وسمات اضطراب شخصية معادية للمجتمع، تفضيلًا أكبر لأفلام الرعب العنيفة بصريًا. وأخيرًا، كانت إخافة الأشخاص الأكثر استقرارًا عاطفيًا، أقل سهولة.
ما الذي يجعل أفلام الرعب مرعبة؟
من أكثر الطرق الفعالة لاستثارة الخوف، استخدام ضوضاء عالية بعد صمت طويل، مثل الصراخ أو رنين هاتف أو سقوط جسم أو كسر زجاج أو صوت الرياح. مثلًا، ظهر مشهد جريمة الاستحمام في فيلم سايكو مصحوبًا بموسيقى خافقة، إذ جرت تهدئة المشاهدين قبل أن تُقتل البطلة بطعنات وحشية حتى الموت.
من الطرق الأخرى لاستثارة الخوف استخدام المواقف والأشياء التي تجعلنا خائفين بطبيعتها، إذ إن لهذا النوع من الخوف أساسًا تطوريًا تكيفيًا. مثلًا، لا يتطلب الإدراك الحسي للكائنات الخطرة والسامة -مثل الأفاعي والعناكب والحيوانات المفترسة والأماكن المظلمة- تدخُّل قشرة الدماغ. يُعالج الإدراك الانعكاسي هذه المخاطر في البنية تحت القشرية للوزة المخية، التي تطلق شعورًا فوريًا بالخوف مباشرة. بعد هذا الإدراك، تتدخل القشرة المخية لتدرك أن الجسم الملتف -في الواقع- خرطوم مياه وليس ثعبانًا، بعد أن يكون الخوف قد استُثير مسبقًا.
أفلام الرعب والوباء
أشار الباحثون إلى أن الأشخاص الذين يحبون أفلام الرعب يشعرون بقلق وخوف أقل فيما يتعلق بفيروس كورونا، إذ اقترحوا أن تجربة المشاعر السلبية في أثناء مشاهدة الأفلام تسمح للجمهور بالتعامل معها في بيئة تحت السيطرة، ما يجعلهم أكثر جاهزية لمثل هذه المواقف في الحياة الواقعية.
مرة أخرى، تذكرنا النتائج باقتراح فرويد بأن الأنا قد تمتلك إحساسًا بالسيطرة على المواقف الصعبة والمخيفة عند التعرض المتكرر للخوف.
الخلاصة:
إضافةً إلى قيمتها الترفيهية، قد تساعد أفلام الرعب على تعلم كيفية الهروب من الحيوانات المفترسة، وتنظيم مشاعرنا وتصرفاتنا عند مواجهة ظروف خارجة عن المألوف. ولكن، تعد أفلام الرعب سيفًا ذا حدين؛ فبالنسبة لأولئك الأقل استقرارًا عاطفيًا، قد تؤدي مشاهدة أفلام الرعب إلى تضخيم القلق والألم النفسي، ليس فقط من أفلام الرعب الأخرى، ولكن من أحداث الحياة الواقعية، كالموت والسرطان والأوبئة.
تُعرف عملية التعلم هذه باسم التحسس، أي أن التحفيز المتكرر يزيد من قوة الاستجابة. أما بالنسبة للأشخاص الأكثر استقرارًا عاطفيًا، فإن مشاهدة أفلام الرعب قد تقلل من القلق والألم النفسي، وهي عملية تعرف بالتعود، إذ يؤدي التحفيز المتكرر إلى تقليل قوة الاستجابة. ولكن يظل حب الناس لأفلام الرعب لغزًا متناقضًا، إذ إن الناس عمومًا يبحثون عن السعادة ويتجنبون الألم.
كارل يونغ وأفلام الرعب
قد تعتمد أفلام الرعب في الواقع على ما سماه كارل يونغ بالأنماط البدائية، وهي أنماط عالمية وعابرة للثقافات، تساعد على تكوين شخصية الفرد وتشكل الدافع وراء أنماط السلوك.
إن أحد هذه الأنماط هو الظل، ويلعب دورًا أساسيًا في فهم لماذا ننجذب إلى أفلام الرعب ونخاف منها في الوقت نفسه. يُمثل هذا النمط بالنسبة ليونغ الأفكار المجهولة والمعرضة للكبت، والنقائص والضعف والفوضى. عمومًا، يتكون هذا النمط من السمات غير المقبولة للمجتمع، التي تكون أحيانًا مسيئة لمعاييرنا الأخلاقية.
اعتقد يونغ أن التعبير في ثقافتنا عن نمط الظل يأخذ في أحلامنا وهواجسنا مظهر الأشكال المظلمة، مثل الشياطين والتنانين والثعابين، واللافت أن يونغ استخدم في كتابه الكلاسيكي «الإنسان ورموزه» صورة غودزيلا دلالة على نمط الظل، وأشار إلى أن للقوة التدميرية لهذا النمط جانبًا بنّاءً أيضًا، بمعنى أنه يجب تدمير الأشياء أحيانًا حتى تُخلق من جديد.
تشبه هذه الفكرة فكرة الشرير ثانوس في سلسلة أفلام أفنجرز، الذي يجمع الأحجار الأزلية لإنهاء حياة نصف سكان الكون، كي يتمكن الباقون من العيش بموارد أفضل. أيضًا، تعكس لوحة «رأس الثور» لبيكاسو قوى الظل المدمرة والبناءة في الوقت نفسه، إذ دمر دراجة من طريق إزالة المقود والمقعد، ثم بنى رأس ثور عبر ربط المقعد بمنتصف المقود.
سيغموند فرويد وأفلام الرعب
تركز أفلام الرعب أساسًا على استثارة مشاعر الصدمة والخوف والاشمئزاز، وقد يضيف سيغموند فرويد تحليلًا نفسيًا آخر لهذه المشاعر، فقد اقترح فرويد مفهوم التنفيس، إذ يشكل إطلاق العواطف القوية أو المكبوتة علاجًا.
قد يكون خلق الخوف والمشاعر المرتبطة به الناتج عن مشاهدة فيلم رعب نوعًا من التنفيس، خصوصًا أن الشخص يسمح إراديًا باستثارة الخوف لديه، ويكون مدركًا أنه في بيئة آمنة، مثل السينما أو المنزل. إذ يعرفون أن الفيلم ليس حقيقيًا، بصرف النظر عن مدى الصدمة أو الخوف الذي يشعرون به. إضافةً إلى ذلك، وتمامًا مثل تفسير الكوابيس المتكررة، قد تساعدنا مشاهدة أفلام الرعب على الشعور بأنه يمكننا إمساك زمام الأمور مهما كانت مشاكلنا صعبة أو مخيفة.
علاقة أفلام الرعب بالسمات الشخصية
في مراجعة تضمنت 96 دراسة، وجد الباحثون أن زيادة المتعة والرغبة في مشاهدة أفلام الرعب ترتبط بسمات الخوف الأقل والتعاطف أقل. كان البحث عن المشاعر مرتبطًا بصورة إيجابية بالتمتع بالرعب، ولكن بصورة أقل اتساقًا.
فقد أظهر الرجال متعة أكبر من النساء عند مشاهدة أفلام الرعب، إذ يبدو أن النساء أكثر عرضة للقلق والاشمئزاز. واللافت أيضًا أن الأطفال الصغار يخشون الشخصيات الخيالية كالشياطين والأشباح، ولكن مخاوف الأطفال الأكبر سنًا أكثر واقعية، إذ يخافون المجرمين والقتلة. إضافةً إلى ذلك، أظهر الأفراد أصحاب الطباع الأكثر تلاعبًا وخداعًا مشاعر حزن واشمئزاز أقل في أثناء مشاهدة أفلام الرعب.
طبعًا، أظهر الأشخاص الذين يملكون سمات تعاطف أقل وسمات اضطراب شخصية معادية للمجتمع، تفضيلًا أكبر لأفلام الرعب العنيفة بصريًا. وأخيرًا، كانت إخافة الأشخاص الأكثر استقرارًا عاطفيًا، أقل سهولة.
ما الذي يجعل أفلام الرعب مرعبة؟
من أكثر الطرق الفعالة لاستثارة الخوف، استخدام ضوضاء عالية بعد صمت طويل، مثل الصراخ أو رنين هاتف أو سقوط جسم أو كسر زجاج أو صوت الرياح. مثلًا، ظهر مشهد جريمة الاستحمام في فيلم سايكو مصحوبًا بموسيقى خافقة، إذ جرت تهدئة المشاهدين قبل أن تُقتل البطلة بطعنات وحشية حتى الموت.
من الطرق الأخرى لاستثارة الخوف استخدام المواقف والأشياء التي تجعلنا خائفين بطبيعتها، إذ إن لهذا النوع من الخوف أساسًا تطوريًا تكيفيًا. مثلًا، لا يتطلب الإدراك الحسي للكائنات الخطرة والسامة -مثل الأفاعي والعناكب والحيوانات المفترسة والأماكن المظلمة- تدخُّل قشرة الدماغ. يُعالج الإدراك الانعكاسي هذه المخاطر في البنية تحت القشرية للوزة المخية، التي تطلق شعورًا فوريًا بالخوف مباشرة. بعد هذا الإدراك، تتدخل القشرة المخية لتدرك أن الجسم الملتف -في الواقع- خرطوم مياه وليس ثعبانًا، بعد أن يكون الخوف قد استُثير مسبقًا.
أفلام الرعب والوباء
أشار الباحثون إلى أن الأشخاص الذين يحبون أفلام الرعب يشعرون بقلق وخوف أقل فيما يتعلق بفيروس كورونا، إذ اقترحوا أن تجربة المشاعر السلبية في أثناء مشاهدة الأفلام تسمح للجمهور بالتعامل معها في بيئة تحت السيطرة، ما يجعلهم أكثر جاهزية لمثل هذه المواقف في الحياة الواقعية.
مرة أخرى، تذكرنا النتائج باقتراح فرويد بأن الأنا قد تمتلك إحساسًا بالسيطرة على المواقف الصعبة والمخيفة عند التعرض المتكرر للخوف.
الخلاصة:
إضافةً إلى قيمتها الترفيهية، قد تساعد أفلام الرعب على تعلم كيفية الهروب من الحيوانات المفترسة، وتنظيم مشاعرنا وتصرفاتنا عند مواجهة ظروف خارجة عن المألوف. ولكن، تعد أفلام الرعب سيفًا ذا حدين؛ فبالنسبة لأولئك الأقل استقرارًا عاطفيًا، قد تؤدي مشاهدة أفلام الرعب إلى تضخيم القلق والألم النفسي، ليس فقط من أفلام الرعب الأخرى، ولكن من أحداث الحياة الواقعية، كالموت والسرطان والأوبئة.
تُعرف عملية التعلم هذه باسم التحسس، أي أن التحفيز المتكرر يزيد من قوة الاستجابة. أما بالنسبة للأشخاص الأكثر استقرارًا عاطفيًا، فإن مشاهدة أفلام الرعب قد تقلل من القلق والألم النفسي، وهي عملية تعرف بالتعود، إذ يؤدي التحفيز المتكرر إلى تقليل قوة الاستجابة. ولكن يظل حب الناس لأفلام الرعب لغزًا متناقضًا، إذ إن الناس عمومًا يبحثون عن السعادة ويتجنبون الألم.