تاريخ حمص Homs مدينة ابن الوليد.واسم حمص (إميسا Emesa)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تاريخ حمص Homs مدينة ابن الوليد.واسم حمص (إميسا Emesa)

    حمص (تاريخيا) (س)

    Homs / Hims - Homs

    تاريخ حمص
    جامع خالد بن الوليد أهم المعالم في مدينة حمص
    يظهر التنقيب الأثري ظهور اسم حمص (إميسا Emesa) متأخراً عن تاريخ قطنة وقادش القريبتين منها. دخلها الاسكندر المقدوني في عام 331ق م. ودشن عهده بإعادة ترميم سد بحيرة قطينة. وبعد وفاته عام 323ق.م، آلت المنطقة لسلوقس نيكاتور، فاحتلّها البطالمة، ثم استعادها ابنه أنطونيوس ســولاتا (المنقذ) عام 262ق م. ومع ذلك عاد البطالمة عدة مرات فحكموا حمص مع سورية الداخلية، وأُطلق على المنطقة مابين العاصي والفرات اسم Parapotamia، أي شبه ما بين النهرين، وسادت آنذاك اللغة اليونانية إلى جانب الآرامية. وفي منتصف القرن الثاني ق. م، عَهَدَ الملك السلوقي «اسكندر بالا» بحماية ابنه إلى جامبليق، أحد زعماء القبائل بحمص. كما كان لأمير حمص شمسيغرام أي الحاكم باسم رب الشمس وكبير كهاّن معبد الشمس أثر حاسم في دعم أنطيوخس الثالث عشر للوصول إلى تاج آبائه السلوقيين عام 69ق.م. ومن آثار تلك المرحلة كتابات باليونانية منقوشة على حجارة بازلتية تعلو مدخل جامع أبو لبّادة. كما برع السكان بصناعة قماقم الزجاج المعتمة والأقمشة الأرجوانية وعصر الزيتون، وعثر على عدة تماثيل رخامية وبرونزية لڤينوس وأفروديت وتيكه، وأساور وأقراص جنائزية فضية، وأقداح وتمائم زجاجية تعود للفترة ذاتها. وبعد انتقال سلطات الحكم من السّلوقيين إلى الرّومان، حافظت أسرة شمسيغرام على مركزها السياسي والعسكري في حمص والرّستن، وغدت صديقة لروما. ومع ذلك تعرَّض الأمير اسكندر بن شمسيغرام (جامبليق الأول) عام 31ق.م إلى غضب ماركوس أنطونيوس، الذي نفاه إلى روما ثم دبر اغتياله فيها. ثم تولى السلطة جامبليق الثاني ثم شمسيغرام الثاني (الملك العظيم والمجيد)، الذي التقى أغريبا حاكم طبريا، وزوّج ابنته لأخ هذا الحاكم، فشيّد قصراً من ثلاثة طوابق على طريق طرابلس يدل على الثراء الفاحش، وقد هدّم عام 1911 بكامله. تضمنت حجارته كتابة يونانية مفادها: (كايوس ابوليوس فاريا شمسيغراموس). وبعد وفاته دفن في قبر هرمي الشكل خارج السّور جنوبا. تولّى السّلطة من بعده ابنه عزيز ثم أخوه سهيم الذي عاصر نيرون. انتهى أمر هذه الأسرة في أواخر القرن الأول الميلادي، أيام الإمبراطور دوميسيان، لتبرز في القرن الثاني الميلادي أسرة باسيانوس التي تولت كهانة معبد الشمس الكبير، واشتهر من أفرادها جوليا دومنا زوجة القائد الليبي الأصل سبتيموس سفيروس منذ عام 187م، والذي أصبح قائد جيش الدانوب وقاهر أعداء روما على حدودها الشمالية، ومن ثم إمبراطورا لروما ومؤسساً لأسرة الأباطرة السيفيريين. واستقبلت روما بالتبجيل أيام الإمبراطور إيلا جابال الحجر الأسود المنقول من معبد إله الشمس بحمص لكي يعبد إلى جانب أرباب روما، علما بأن الإمبراطور المذكور كان حتى عام 218 م كبير سدنة معبد الشمس في حمص. صكت في عهده نقود ذهبية في حمص تحمل صورته من جهة وصورة الإله هليوغالوس الخاص بمعبد الشمس على الوجه الآخر.
    كان لمنطقة حمص في هذه المرحلة عدة أرباب، يشار من بينهم إلى إيل وشمس، الذي له معبد الشمس وسيليوس وعزيز ومنعم وسلمان واللات. وترجع لهذه الفترة أيضا قبور لأسرة شمسيغرام حافلة بالكنوز الأثرية من حلي ذهبية ومصنوعات فنية حديدية وزجاجية. ومع انتشار المسيحية في حمص على يد بطرس الرسول ويوحنا الإنجيلي أنشئت كنيسة أم الزنار في قبو للعبادة سراً عام 59م، وكنيسة بربارة /أرشائيا/، كما ظهرت عدة دياميس اكتشفت بجوار سور المدينة الشرقي، مزينة برسوم جدارية أو بالفسيفساء، وقد تضمنت توابيت مصنوعة من الفخار ملونة ومزينة بالرسوم، اشتهر في هذه المرحلة من أبناء حمص المفكر لونجينوس والطبيب أرفيجيننس واللغوي المهندس تيرانو والمشرّع بابينيان. وفي بداية القرن الرابع الميلادي عام 307م، تولى الحكم الإمبراطور قسطنطين، الذي اعترف رسمياً بالمسيحية، وأمرت أمه هيلانة، الحورانية المولد، ببناء كنيسة حمص، التي وصفها المسعودي بكونها من عجائب بنيان العالم. وقدم إلى حمص عام 347 الأسقف الأرثوذكسي بولص المعترف التسالونيكي منفياً،عقب انتخابه بطريركاً للقسطنطينية. وفي أواخر القرن الرابع (391م) قرر الإمبراطور جستنيان تحريم الديانات الوثنية ونقل ملكية معابدهم إلى المسيحيين، كما هدم بعضها الآخر، وحوّل معبد الشمس إلى كنيسة باسم القديس يوحنا، كما بنيت فيها كنيسة مار مارون عام 451م. ومع إشراقة بيزنطة عام495م. غدت حمص مركزا إدارياً لفينيقيا الثانية، وتبعت لها دمشق وتدمر وبعلبك (هليوبوليس)، وشيدت كنائس جديدة ذات قباب مثمنة اكتشفت آثارها في أواخر القرن العشرين، تحت المساكن التي أزيلت في منطقة مشروع حي الأربعين، وقد ضاعت آثارها مع غيرها تحت الأنقاض بسبب الزلازل المتتالية ما بين 447 و528م.
    تعرضت حمص للغزو الفارسي عام 540م، أيام كسرى أنو شروان، وكذلك فيما بين عامي 611 و614م أيام شهربرز الساساني، كما وصلت حمص ســنة 12هـ/633م طلائع العرب المسلمين عقب معركة أجنادين بقيادة أبي عبيدة عامر ابن الجراح، ثم تراجعت إلى فلسطين للمشاركة بمعركة اليرموك. وبعد فتح دمشق عاد أبو عبيدة بجنده لفتح حمص عن طريق البقاع ومعه خالد ابن الوليد عن طريق القلمون، ومعهما أيضا فرقتان بقيادة كل من ميسرة العبسي وضرار بن الأزور. وفي هذه المرة لم يدخل المسلمون حمص، واتفقوا مع أهلها على مبلغ كبير من المال يدفع لبيت مال المسلمين. وبالتعاون مع هرقل نقض حاكم حمص هربيس الاتفاق مع المسلمين، مما اضطر أبو عبيدة إلى العودة من شيزر لإعادة إخضاع حمص. وقد تم له ما أراد ومعه خالد بن الوليد، على الرغم من الخسائر التي منيا بها عام الفتح (عام 636م). وقد أمّن المسلمون أهل حمص على أنفسهم وسور مدينتهم وكنائسهم باستثناء ربع كنيسة القديس يوحنا، التي حوّلت للمسجد الكبير. واستوطن من استقر من المسلمين أيام السمط بن الأسود الكندي كل مرفوض - غير مسكون - جلا أهله عنه. تجدد الصراع مع الرّوم في حمص عام 17هـ/638م ليهدأ بعد تحرك النجدات من العراق والمدينة وحرّان، تولّى بعدها أمر حمص سعيد بن عامر بن حزم. وفي حمص مقامات لكل من جعفر بن أبي طالب ( الطيار) وكعب الأحبار وعمر بن عبد العزيز وأبي موسى الأشعري وميسرة بن مسروق وأبي ذر الغفاري وعبد الرّحمن بن عوف وأبي الهول ورابعة العدوية وخالد بن الوليد، الذي تتشرف حمص بالانتساب لاسمه. وسّع المسلمون بعد تزايدهم بحمص الجامع الكبير، وثاروا على مروان الثاني أيام الأمويين وعلى الأمين بن هارون الرشيد عام 194 هـ وعلى المتوكل عام 241 هـ، وكان يُنتقم منها بتخريبها، ومن أهلها بالقتل والتشريد. تبعت للحمدانيين فيما بين 333-406هـ/924-1019م، وكان أبو فراس الحمداني أحد ولاتها. تعرضت للتدمير والحرق من قبل البيزنطيين في الأعوام 969-983-995 و1002 م فخسرت حمص معظم مبانيها وأجمل قصورها ومعابدها. تقاسمها وتصارع عليها بعد الحمدانيين، أمراء البادية، من بني مرداس، الموالون للفاطميين من جهة، والسلاجقة والأتابكة من جهة أخرى، قاومت حمص الصليبيين ودانت لهم مرتين فيما بين عامي 1116 و1126م. وفي عام 531هـ/1136م تبعت حمص للزنكيين وأمست مركزاً لجنودهم، ومن ثم للأيوبيين عام 570هـ/1147م، ومن بعدهم للمماليك حيث جدد الملك الظاهر بيبرس بناء جامع خالد بن الوليد. وقد تعرضت حمص لهجمات خان المغول هولاكو في منتصف القرن 13م وتيمورلنك في نهاية القرن 14م.
    صارت حمص أيام العثمانيين، منذ عام 1516م، أحد الألوية الخمسة المرتبطة بطرابلس، وألحقت مع حماة عام 1725م بولاية الشام، ثم آلت السلطة إلى إبراهيم باشا فيما بين 1832 و1842م، الذي هدم أجزاء من قلعة حمص ليبني فيها مستودعاً. عاد العثمانيون عام 1866م ليجعلوا من حمص مركزاً لحكومة اللواء، ولتغدو بعد عام واحد قائم مقامية تابعة لحماة، التي عانت هجمات البدو. وإبان نشاط حركات التتريك وإجبار الناس على الانخراط في الجيش، ودعم السلطة للتطرف الطائفي والديني والفوضى، تردّت الأوضاع العمرانية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والصحية تردياً ملحوظاً، وهجرها عدد كبير من شبابها. قاوم أبناؤها طغيان السلطة وإرهابها، واستشهد من قادة فكرها على أعواد المشانق: الشيخ عبد الحميد الزهراوي والدكتور عزة الجندي ورفيق رزق سلوم. ومع حلول الانتداب الفرنسي محل العثمانيين عام 1920م، قدمت حمص، في الثورات المتتالية على المستعمرين، الكثير من الشهداء. وبعد جلاء الفرنسيين عن أرجاء القطر، ونيل الاستقلال، تطورت حمص بسرعة كبيرة عمرانياً واقتصادياً واجتماعياً وعلمياً وثقافياً؛ فاتسعت كثيراً، ورممت الأبنية التراثية، وتعددت المنشآت الصناعية المهمة، كما أنشئت فيها الكلية الحربية وجامعة البعث.
    عماد الدين الموصلي

يعمل...
X