السَّامريون
السَّامريون Samaritans أتباع طائفة من اليهود، عُرِفوا بهذا الاسم نسبة إلى مدينة السَّامرة (سبسطية اليوم) التي تقع على بعد نحو 10كم إلى الشمال الغربي من مدينة نابلس. كانت مدينة السَّامرة، حسب روايات العهد القديم، عاصمة لمملكة إسرائيل وقد أسسها «عمري» عام 880ق.م تقريباً. وقد أطلق الآشوريون اسم السَّامرة على المقاطعة التي أقاموها هناك بعد غزوهم «لإسرائيل» وسبيهم لأهلها عام 721ق.م، وأُطلِقَ اسم السَّامريين على سكانها، وفيما بعد أُطلِق الاسم على أتباع الطائفة السَّامرية فقط. أما السَّامريون أنفسهم فقد استخدموا التسمية «شامريم» بمعنى الحفظة، أو حفظة الشريعة وهي مشتقة من الكلمة العبرية «شامر» التي تعني «الحراسة». ويُطلِقون على أنفسهم لقب «بني اسرائيل» و«بني يوسف» أو «السَّامرة». عُرفوا في التلمود أيضا باسم الكوتيين (كوتيم) نسبة إلى كوت في العراق، الموطن الأصلي لبعض المهجَّرين الذين أسكنهم الآشوريون في منطقة السَّامرة، وقصد اليهود بها معنى «الخارجين على الدين». وفي بعض طبعات التلمود تحل كلمة سامريين مكان كلمة «الأغيار»، وقد نعت اليهود المسيح بأنه سامري به شيطان (إنجيل يوحنا48،4). وهذا يدل على العداء العنصري المستحكم بين اليهود والسَّامريين. وقد رد المسيح بضرب مثل السامري الصالح ليكون رمزاً للإنسان الرحيم (لوقا30،10ـ37). وعُرِف السَّامريون أيضاً باسم الشكميين نسبة لمدينة شكيم (نابلس) وهو الاسم الذي أطلقه عليهم المؤرخ فلافيوس يوسيفوس، مدعياً أنهم أنفسهم قد استخدموه في فترة تعرض اليهود للاضطهاد زمن أنطيوخس الرابع (175ـ164ق.م).
من المعتقد أن السَّامريين يتحدرون من اختلاط سكان منطقة السَّامرة الأوائل الذين لم يرحلوا بعد تدمير مملكة إسرائيل وسبي أهلها على يد شاروّكين الثاني الآشوري عام 721ق.م بالأقوام الجديدة التي وطَّنها الآشوريون هناك، ونتيجة لهذا الاختلاط تمايزوا عقائدياً عن اليهود. وقد نشأ الخلاف بينهم وبين اليهود عندما عاد هؤلاء من السبي البابلي أيام عزرا ونحميا اللذين دافعا عن فكرة النقاء العرقي، وقد رفض اليهود مشاركة السَّامريين لهم في إعادة بناء الهيكل في أورشليم، فقام هؤلاء ببناء هيكلهم الخاص في القرن الرابع ق.م على قاعدة جبل جرزيم (الطور) الذي يقع إلى الجنوب من مدينة نابلس، بارتفاع 881م، وقد تعرضوا للاضطهاد زمن انطيوخوس الرابع وهاجمهم المكابيون بقيادة يوحنا هركانوس الحسموني، وحطموا الهيكل عام 128ق.م تقريباً. وثار السَّامريون ضد الرومان عام 72م فهدمت شكيم وبني مكانها نيابوليس (نابلس) «المدينة الجديدة». وتعرضوا للاضطهاد على أيدي البيزنطيين وخاصة في عهد جستنيان الأول (527ـ565م)، ولكنهم تعاونوا مع العرب المسلمين عند الفتح ووقفوا معهم أيام الحروب الصليبية. أما اليوم فهم طائفة صغيرة لا يزيد عدد أبنائها على 650شخصا،ً يعيش بعضهم على جبل جرزيم في نابلس وبعضهم الآخر في حولون جنوب تل أبيب. ويعدون أنفسهم اليوم عرباً فلسطينيين ويرفضون نعتهم بأنهم يهود، ولهم تمثيلهم في المجلس التشريعي الفلسطيني منذ عام 1996.
تقوم عقيدتهم على:
1ـ الإيمان بإله واحد، وهو إله روحاني، وقد تبنوا الجزء الأول من الشهادة الإسلامية «لا إله إلا الله».
2ـ الإيمان بموسى كنبي الله الأوحد، وهو خاتم النبيين فهم لا يؤمنون بنبوة الأنبياء الذين جاءت أسفارهم بعد توراة موسى في العهد القديم إلا يشوع ابن نون.
3ـ الإيمان بتوراة موسى (الأسفار الخمسة) ويضاف إليها أحياناً سفر يشوع، لأنه كان صاحب موسى وخادمه، وقد عهد إليه موسى بقيادة بني إسرائيل من بعده. فهم لا يعترفون ببقية كتب العهد القديم ولا التلمود، ويعدون كل هذه النصوص من صنع البشر ويعدّون اليهودية هرطقة وانحرافاً.
4ـ الإيمان بجبل جرزيم على أنه المكان المقدس الحقيقي ـ وليس جبل صهيون ـ وهو قبلة السَّامريين في صلاتهم، ويسمونه جبل البركات، وجبل القدس وجبل الملائكة والجبل القديم وبيت الله، هناك، حسب التوراة، بُني أقدم هيكل للعبرانيين. ويعتقد السَّامريون أنه على هذا الجبل همّ إبراهيم بذبح ابنه، لذلك يحتفلون بذبيحة الفصح عند الطرف الجنوبي الشرقي من قمة الجبل.
5 ـ الإيمان بمجيء المسيح المخلص الذي سيعود إلى جبل جرزيم.
6ـ الإيمان بيوم القيامة، ويسمى عندهم يوم البعث أو يوم الموقف العظيم.
يحتل منصب الكاهن أهمية كبيرة عند السَّامريين، فالكهنة هم مفسرو التوراة، وهم حفظة سر التقويم الضروري في احتفالاتهم الدينية، ويشرف الكاهن على كل ما يخص حياة السَّامريين. يصلي السَّامريون ثلاث مرات في اليوم في الفجر والظهر والمساء، ولهم طقوس خاصة في الصلاة. ويمارسون الختان، ويحرم على الفتاة السَّامرية الزواج من خارج الطائفة، بينما يسمح للفتى بذلك شريطة موافقة الكاهن، وأن تترك العروس دينها وتؤمن بتعاليم السَّامريين، وتسمح التقاليد السَّامرية بالطلاق في ظروف خاصة. للسامريين تقويم وأعياد خاصة بهم، وهم يقدِّسون السبت الذي هو يوم عبادة لديهم، ويحتفلون بيوم الغفران وعيد الفصح وعيد المظال وعيد الحصاد ورأس السنة. لغة العبادة لديهم هي اللغة السَّامرية وهي مشتقة من الفينيقية القديمة، ولهم خطهم المختلف عن الخط العبري، ويزعمون أن اللغة والحروف جاءتهم صحيحة من عهد النبي موسى.
من أهم آثارهم الأدبية: التوراة السَّامرية، وتتألف من أسفار موسى الخمسة، أقدم ما هو موجود منها يعود إلى القرن العاشر الميلادي، وهناك بعض الأجزاء التي ربما تعود إلى 650م تقريباً. وتختلف توراتهم عن توراة اليهود في ستة آلاف موضع، أهمها وجود وصية لموسى ضمن وصاياه العشر لم ترد في النسخة العبرانية، وهي إقامة المذبح على الجبل المقدس جرزيم. وهناك ترجمة يونانية وأخرى آرامية وأيضاً عربية للتوراة السَّامرية، تعود الأخيرة إلى القرن الحادي عشر الميلادي. وهناك كتب سامرية تضم شروحاً للتوراة وللتعاليم السَّامرية، وأخرى تسرد التاريخ السَّامري وطبقات الكهنة، وتعود هذه الآثار الأدبية والتاريخية إلى عصور مختلفة وكتبت بالسَّامرية والعبرية والآرامية والعربية.
عماد سمير
السَّامريون Samaritans أتباع طائفة من اليهود، عُرِفوا بهذا الاسم نسبة إلى مدينة السَّامرة (سبسطية اليوم) التي تقع على بعد نحو 10كم إلى الشمال الغربي من مدينة نابلس. كانت مدينة السَّامرة، حسب روايات العهد القديم، عاصمة لمملكة إسرائيل وقد أسسها «عمري» عام 880ق.م تقريباً. وقد أطلق الآشوريون اسم السَّامرة على المقاطعة التي أقاموها هناك بعد غزوهم «لإسرائيل» وسبيهم لأهلها عام 721ق.م، وأُطلِقَ اسم السَّامريين على سكانها، وفيما بعد أُطلِق الاسم على أتباع الطائفة السَّامرية فقط. أما السَّامريون أنفسهم فقد استخدموا التسمية «شامريم» بمعنى الحفظة، أو حفظة الشريعة وهي مشتقة من الكلمة العبرية «شامر» التي تعني «الحراسة». ويُطلِقون على أنفسهم لقب «بني اسرائيل» و«بني يوسف» أو «السَّامرة». عُرفوا في التلمود أيضا باسم الكوتيين (كوتيم) نسبة إلى كوت في العراق، الموطن الأصلي لبعض المهجَّرين الذين أسكنهم الآشوريون في منطقة السَّامرة، وقصد اليهود بها معنى «الخارجين على الدين». وفي بعض طبعات التلمود تحل كلمة سامريين مكان كلمة «الأغيار»، وقد نعت اليهود المسيح بأنه سامري به شيطان (إنجيل يوحنا48،4). وهذا يدل على العداء العنصري المستحكم بين اليهود والسَّامريين. وقد رد المسيح بضرب مثل السامري الصالح ليكون رمزاً للإنسان الرحيم (لوقا30،10ـ37). وعُرِف السَّامريون أيضاً باسم الشكميين نسبة لمدينة شكيم (نابلس) وهو الاسم الذي أطلقه عليهم المؤرخ فلافيوس يوسيفوس، مدعياً أنهم أنفسهم قد استخدموه في فترة تعرض اليهود للاضطهاد زمن أنطيوخس الرابع (175ـ164ق.م).
من المعتقد أن السَّامريين يتحدرون من اختلاط سكان منطقة السَّامرة الأوائل الذين لم يرحلوا بعد تدمير مملكة إسرائيل وسبي أهلها على يد شاروّكين الثاني الآشوري عام 721ق.م بالأقوام الجديدة التي وطَّنها الآشوريون هناك، ونتيجة لهذا الاختلاط تمايزوا عقائدياً عن اليهود. وقد نشأ الخلاف بينهم وبين اليهود عندما عاد هؤلاء من السبي البابلي أيام عزرا ونحميا اللذين دافعا عن فكرة النقاء العرقي، وقد رفض اليهود مشاركة السَّامريين لهم في إعادة بناء الهيكل في أورشليم، فقام هؤلاء ببناء هيكلهم الخاص في القرن الرابع ق.م على قاعدة جبل جرزيم (الطور) الذي يقع إلى الجنوب من مدينة نابلس، بارتفاع 881م، وقد تعرضوا للاضطهاد زمن انطيوخوس الرابع وهاجمهم المكابيون بقيادة يوحنا هركانوس الحسموني، وحطموا الهيكل عام 128ق.م تقريباً. وثار السَّامريون ضد الرومان عام 72م فهدمت شكيم وبني مكانها نيابوليس (نابلس) «المدينة الجديدة». وتعرضوا للاضطهاد على أيدي البيزنطيين وخاصة في عهد جستنيان الأول (527ـ565م)، ولكنهم تعاونوا مع العرب المسلمين عند الفتح ووقفوا معهم أيام الحروب الصليبية. أما اليوم فهم طائفة صغيرة لا يزيد عدد أبنائها على 650شخصا،ً يعيش بعضهم على جبل جرزيم في نابلس وبعضهم الآخر في حولون جنوب تل أبيب. ويعدون أنفسهم اليوم عرباً فلسطينيين ويرفضون نعتهم بأنهم يهود، ولهم تمثيلهم في المجلس التشريعي الفلسطيني منذ عام 1996.
تقوم عقيدتهم على:
1ـ الإيمان بإله واحد، وهو إله روحاني، وقد تبنوا الجزء الأول من الشهادة الإسلامية «لا إله إلا الله».
2ـ الإيمان بموسى كنبي الله الأوحد، وهو خاتم النبيين فهم لا يؤمنون بنبوة الأنبياء الذين جاءت أسفارهم بعد توراة موسى في العهد القديم إلا يشوع ابن نون.
3ـ الإيمان بتوراة موسى (الأسفار الخمسة) ويضاف إليها أحياناً سفر يشوع، لأنه كان صاحب موسى وخادمه، وقد عهد إليه موسى بقيادة بني إسرائيل من بعده. فهم لا يعترفون ببقية كتب العهد القديم ولا التلمود، ويعدون كل هذه النصوص من صنع البشر ويعدّون اليهودية هرطقة وانحرافاً.
4ـ الإيمان بجبل جرزيم على أنه المكان المقدس الحقيقي ـ وليس جبل صهيون ـ وهو قبلة السَّامريين في صلاتهم، ويسمونه جبل البركات، وجبل القدس وجبل الملائكة والجبل القديم وبيت الله، هناك، حسب التوراة، بُني أقدم هيكل للعبرانيين. ويعتقد السَّامريون أنه على هذا الجبل همّ إبراهيم بذبح ابنه، لذلك يحتفلون بذبيحة الفصح عند الطرف الجنوبي الشرقي من قمة الجبل.
5 ـ الإيمان بمجيء المسيح المخلص الذي سيعود إلى جبل جرزيم.
6ـ الإيمان بيوم القيامة، ويسمى عندهم يوم البعث أو يوم الموقف العظيم.
يحتل منصب الكاهن أهمية كبيرة عند السَّامريين، فالكهنة هم مفسرو التوراة، وهم حفظة سر التقويم الضروري في احتفالاتهم الدينية، ويشرف الكاهن على كل ما يخص حياة السَّامريين. يصلي السَّامريون ثلاث مرات في اليوم في الفجر والظهر والمساء، ولهم طقوس خاصة في الصلاة. ويمارسون الختان، ويحرم على الفتاة السَّامرية الزواج من خارج الطائفة، بينما يسمح للفتى بذلك شريطة موافقة الكاهن، وأن تترك العروس دينها وتؤمن بتعاليم السَّامريين، وتسمح التقاليد السَّامرية بالطلاق في ظروف خاصة. للسامريين تقويم وأعياد خاصة بهم، وهم يقدِّسون السبت الذي هو يوم عبادة لديهم، ويحتفلون بيوم الغفران وعيد الفصح وعيد المظال وعيد الحصاد ورأس السنة. لغة العبادة لديهم هي اللغة السَّامرية وهي مشتقة من الفينيقية القديمة، ولهم خطهم المختلف عن الخط العبري، ويزعمون أن اللغة والحروف جاءتهم صحيحة من عهد النبي موسى.
من أهم آثارهم الأدبية: التوراة السَّامرية، وتتألف من أسفار موسى الخمسة، أقدم ما هو موجود منها يعود إلى القرن العاشر الميلادي، وهناك بعض الأجزاء التي ربما تعود إلى 650م تقريباً. وتختلف توراتهم عن توراة اليهود في ستة آلاف موضع، أهمها وجود وصية لموسى ضمن وصاياه العشر لم ترد في النسخة العبرانية، وهي إقامة المذبح على الجبل المقدس جرزيم. وهناك ترجمة يونانية وأخرى آرامية وأيضاً عربية للتوراة السَّامرية، تعود الأخيرة إلى القرن الحادي عشر الميلادي. وهناك كتب سامرية تضم شروحاً للتوراة وللتعاليم السَّامرية، وأخرى تسرد التاريخ السَّامري وطبقات الكهنة، وتعود هذه الآثار الأدبية والتاريخية إلى عصور مختلفة وكتبت بالسَّامرية والعبرية والآرامية والعربية.
عماد سمير