السامانيون
(261 ـ 389هـ/874 ـ 999م)
ينتسب السامانيون إلى جد الأسرة سامان خداه الذي يتحدر كما ذكر بعض المؤرخين من أحفاد بهرام بن جوبين البطل الساساني،و يصل نسبهم عند مؤرخين آخرين إلى كيومرث أول ملوك العجم، ولقبُ «خداه» الذي أُطلق على سامان بن ميّا، كان يطلق على أمراء بخارى ودهاقنتها.
اعتنق سامان خداه الإسلام على يد الوالي الأموي أسد بن عبد الله القسري في خلافة هشام بن عبد الملك (105ـ125هـ) وحظي بحماية هذا الوالي فسمّى ابنه أسداً اعترافاً بفضل حاميه ومحبته له، وظهر أولاد أسد بن سامان في عهد الخليفة العباسي المأمون (198ـ218هـ) فولى نوح بن أسد سمرقند سنة 204هـ/819م وأحمد بن أسد فرغانة، ويحيى بن أسد الشاش وأشروسنة، وإلياس بن أسد هراة ولما ولى المأمون طاهر بن الحسين خراسان أقرّهم في هذه الأعمال.
كان لأحمد بن أسد سبعة أولاد، اشتهر منهم إسماعيل ونصر الذي تولى حكم سمرقند وما يليها من قبل الطاهريين، ثم ولاه الخليفة المعتمد بلاد ما وراء النهر سنة 261هـ فولّى أخاه إسماعيل على بخارى، ولكنّ النزاع لم يلبث أن وقع بين الأخوين بسبب إثارة خصومهما العداوة والبغضاء بينهما، فقامت الحرب بينهما سنة 275هـ وظفر إسماعيل بأخيه نصر فلما حُمل إليه عامل معاملة كريمة وأعاده والياً على سمرقند.
توفي نصر سنة 279هـ فآلت زعامة السامانيين إلى أخيه إسماعيل الذي يُعَد المؤسس الفعلي للدولة السامانية، وقد اعترف الخليفة المعتضد بإسماعيل سنة 287هـ/900م حاكماً شرعياً في بلاد ماوراء النهر وخراسان بعد انتصاره على عمرو بن الليث الصفّاري (ت289هـ). و غدا السامانيون قوة كبيرة تحكم أراضي شاسعة امتدت من جهة إلى ممتلكات البويهيين في العراق، ومن الجهة الأخرى إلى أطراف أفغانستان المتصلة بحدود الهند.
كانت علاقة السامانيين بالخلافة العباسية علاقة مميزة، فقد اعتمد العباسيون على أمراء البيت الساماني في إقرار سلطانها في بلاد المشرق وعلى ذلك قام السامانيون بحملات مستمرة لتأمين وصول القوافل التجارية، وحماية الأراضي الإسلامية من غزوات الأتراك.
كان للدولة السامانية دور حضاري بما حققته من تقدم في مجال العلم والأدب والعمران، وقد تجمع في مدينة بخارى التي كانت عاصمة للدولة السامانية كبراء الدولة والعلماء والتجار وأرباب الصناعات.
ويشار إلى أن اللغة الفارسية التي كاد استخدامها يتلاشى بسبب سيطرة اللغة العربية، ظلّت مستخدمة على نطاق شعبي في المناطق الشرقية من الخلافة العباسية، وأخذت تعود للاستخدام الثقافي منذ مطلع القرن الرابع الهجري، متخذة الحرف العربي مادة كتابتها، وقد برز زمن السامانيين عدد من العلماء والأدباء والشعراء والفلاسفة أمثال ابن سينا (ت428هـ) والفارابي (ت339هـ) والبيروني (ت440هـ) والخوارزمي، والفردوسي والسيرافي وغيرهم، وشهد مقر دولتهم تطوراً حضارياً في البناء والعمارة، وظهر معماريون أجادوا بناء القصور والحصون والقلاع كما شهدت ظهور عدد من الفنانين والموسيقيين، ونشطت حركة الترجمة من العربية إلى الفارسية، وألف عدد من العلماء بالفارسية، وحظي الأدب والفكر بعناية الأمراء وتشجيعهم، ويذكر أن الأمير نوح بن منصور الساماني (ت387هـ) كتب سنة 350هـ إلى أبي سعيد السيرافي النحوي (ت368هـ) يسأله عن بعض مسائل النحو والأدب. وحظي أدب الجغرافية لدى السامانيين بعناية خاصة. ففي مدينة بلخ من دولتهم عاش الفلكي والفيلسوف أبو زيد البلخي[ر] (ت322هـ) صاحب المؤلفات الكثيرة في فنون شتى. وقد وصف أبو منصور الثعالبي (ت429هـ) بخارى في تلك الفترة فقال: «لقد كانت بخارى مثابة المجد وكعبة الملك ومجمع أفراد الزمان».
في منتصف القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي بدأت علامات الضعف والتدهور تظهر على الدولة السامانية، وظهر هذا في عدد من الثورات التي قادها بعض القادة العسكريين الذين أصبحت غالبيتهم من الأتراك، وتفاقمت الأوضاع بين السامانيين والبويهيين لاختلاف في العقائد والمطامح التوسعية، وكان لاعتلاء عدد من الأمراء العرش بعد إسماعيل، والذين كانوا دونه في المقدرة ومستوى الأحداث أن نجح الغزنويون والقراخانيون في الإجهاز على الدولة السامانية ووراثتها. القراخانيون فيما رواء النهر والغزنويون في المناطق الأخرى جنوباً وذلك سنة 389هـ بعد حكم دام اثنتين ومئة سنة حكم فيها تسعة أمراء وبهذا دالت الدولة السامانية وانتهى سيطرة العنصر الفارسي على تلك البلاد.
سميحة أبو الفضل
(261 ـ 389هـ/874 ـ 999م)
ينتسب السامانيون إلى جد الأسرة سامان خداه الذي يتحدر كما ذكر بعض المؤرخين من أحفاد بهرام بن جوبين البطل الساساني،و يصل نسبهم عند مؤرخين آخرين إلى كيومرث أول ملوك العجم، ولقبُ «خداه» الذي أُطلق على سامان بن ميّا، كان يطلق على أمراء بخارى ودهاقنتها.
اعتنق سامان خداه الإسلام على يد الوالي الأموي أسد بن عبد الله القسري في خلافة هشام بن عبد الملك (105ـ125هـ) وحظي بحماية هذا الوالي فسمّى ابنه أسداً اعترافاً بفضل حاميه ومحبته له، وظهر أولاد أسد بن سامان في عهد الخليفة العباسي المأمون (198ـ218هـ) فولى نوح بن أسد سمرقند سنة 204هـ/819م وأحمد بن أسد فرغانة، ويحيى بن أسد الشاش وأشروسنة، وإلياس بن أسد هراة ولما ولى المأمون طاهر بن الحسين خراسان أقرّهم في هذه الأعمال.
كان لأحمد بن أسد سبعة أولاد، اشتهر منهم إسماعيل ونصر الذي تولى حكم سمرقند وما يليها من قبل الطاهريين، ثم ولاه الخليفة المعتمد بلاد ما وراء النهر سنة 261هـ فولّى أخاه إسماعيل على بخارى، ولكنّ النزاع لم يلبث أن وقع بين الأخوين بسبب إثارة خصومهما العداوة والبغضاء بينهما، فقامت الحرب بينهما سنة 275هـ وظفر إسماعيل بأخيه نصر فلما حُمل إليه عامل معاملة كريمة وأعاده والياً على سمرقند.
توفي نصر سنة 279هـ فآلت زعامة السامانيين إلى أخيه إسماعيل الذي يُعَد المؤسس الفعلي للدولة السامانية، وقد اعترف الخليفة المعتضد بإسماعيل سنة 287هـ/900م حاكماً شرعياً في بلاد ماوراء النهر وخراسان بعد انتصاره على عمرو بن الليث الصفّاري (ت289هـ). و غدا السامانيون قوة كبيرة تحكم أراضي شاسعة امتدت من جهة إلى ممتلكات البويهيين في العراق، ومن الجهة الأخرى إلى أطراف أفغانستان المتصلة بحدود الهند.
كانت علاقة السامانيين بالخلافة العباسية علاقة مميزة، فقد اعتمد العباسيون على أمراء البيت الساماني في إقرار سلطانها في بلاد المشرق وعلى ذلك قام السامانيون بحملات مستمرة لتأمين وصول القوافل التجارية، وحماية الأراضي الإسلامية من غزوات الأتراك.
كان للدولة السامانية دور حضاري بما حققته من تقدم في مجال العلم والأدب والعمران، وقد تجمع في مدينة بخارى التي كانت عاصمة للدولة السامانية كبراء الدولة والعلماء والتجار وأرباب الصناعات.
ويشار إلى أن اللغة الفارسية التي كاد استخدامها يتلاشى بسبب سيطرة اللغة العربية، ظلّت مستخدمة على نطاق شعبي في المناطق الشرقية من الخلافة العباسية، وأخذت تعود للاستخدام الثقافي منذ مطلع القرن الرابع الهجري، متخذة الحرف العربي مادة كتابتها، وقد برز زمن السامانيين عدد من العلماء والأدباء والشعراء والفلاسفة أمثال ابن سينا (ت428هـ) والفارابي (ت339هـ) والبيروني (ت440هـ) والخوارزمي، والفردوسي والسيرافي وغيرهم، وشهد مقر دولتهم تطوراً حضارياً في البناء والعمارة، وظهر معماريون أجادوا بناء القصور والحصون والقلاع كما شهدت ظهور عدد من الفنانين والموسيقيين، ونشطت حركة الترجمة من العربية إلى الفارسية، وألف عدد من العلماء بالفارسية، وحظي الأدب والفكر بعناية الأمراء وتشجيعهم، ويذكر أن الأمير نوح بن منصور الساماني (ت387هـ) كتب سنة 350هـ إلى أبي سعيد السيرافي النحوي (ت368هـ) يسأله عن بعض مسائل النحو والأدب. وحظي أدب الجغرافية لدى السامانيين بعناية خاصة. ففي مدينة بلخ من دولتهم عاش الفلكي والفيلسوف أبو زيد البلخي[ر] (ت322هـ) صاحب المؤلفات الكثيرة في فنون شتى. وقد وصف أبو منصور الثعالبي (ت429هـ) بخارى في تلك الفترة فقال: «لقد كانت بخارى مثابة المجد وكعبة الملك ومجمع أفراد الزمان».
في منتصف القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي بدأت علامات الضعف والتدهور تظهر على الدولة السامانية، وظهر هذا في عدد من الثورات التي قادها بعض القادة العسكريين الذين أصبحت غالبيتهم من الأتراك، وتفاقمت الأوضاع بين السامانيين والبويهيين لاختلاف في العقائد والمطامح التوسعية، وكان لاعتلاء عدد من الأمراء العرش بعد إسماعيل، والذين كانوا دونه في المقدرة ومستوى الأحداث أن نجح الغزنويون والقراخانيون في الإجهاز على الدولة السامانية ووراثتها. القراخانيون فيما رواء النهر والغزنويون في المناطق الأخرى جنوباً وذلك سنة 389هـ بعد حكم دام اثنتين ومئة سنة حكم فيها تسعة أمراء وبهذا دالت الدولة السامانية وانتهى سيطرة العنصر الفارسي على تلك البلاد.
سميحة أبو الفضل