اتحاديه
Federalism - Fédéralisme
الاتحادية
الاتحادية أو الفدرالية Fédéralisme نظرية ترى أن الاتحاد الحرّ بين أفراد البشر والجماعات والدول هو الشكل المثالي للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن خصائصها الاتجاه نحو إحلال علاقات التنسيق محل علاقات التبعية، أو على الأقل، تضييق نطاق هذه الأخيرة ما يمكن، وإحلال المشاركة محل الإكراه، والإقناع محل الأمر، والقانون محل القوة. والمظهر الأساسي لهذه النظرية هو التعددية، واتجاهها الأساسي التنسيق، والمبدأ الناظم لها هو التضامن. وإذا كان المبدأ الديمقراطي يهدف إلى الغاية نفسها، لأنه يتجه إلى إشراك الأفراد في تكوين القرارات التي تلزمهم، فإن الديمقراطية لاتعنى إلا بمشاركة الأفراد على أنهم أفراد. أما الفكرة الاتحادية فتتجه إلى تغليب مشاركة الجماعات والدول.
الاتحادية والسيادة
يذهب بعضهم إلى أن الاتحادية كشف أمريكي، والواقع أن هذا القول غير صحيح، لكن المصطلح ينطبق على صفة الدولة الاتحادية الحديثة التي أقرها مندوبو الولايات الأمريكية في فيلادلفية عام 1787.
ولايوجد في مؤلفات العصور القديمة ما يشير إلى هذا الموضوع، أما في القرون الوسطى فثمة تحالفات اتحادية قامت في أوروبة ولاسيما بين المدن، وقد ظهر هذا المفهوم واضحاً عند يوهانس ألتوسيوس [ر] للمرة الأولى بعد دراسته التجارب السويسرية والهولندية والامبراطورية الجرمانية المقدسة، وهو يعَدُّ تأليف الاتحادات غاية كتابه الشهير «السياسة» (1603ـ1610)، ويذهب فيه إلى أن النظام السياسي يتدرج من سلسلة اتحادات، تبدأ بالقرى والنقابات المهنية وتنتهي بالامبراطورية. ويمكن النظر إلى فكر ألتوسيوس هذا على أنه محاولة لتحويل مفهوم تسلسل الإقطاع إلى تسلسل دستوري معاصر.
وبعد انهيار الامبراطورية الجرمانية المقدسة قدمت مشروعات متعددة لتحل محلها حماية للسلم ولتوحيد الدول الأوربية، ومنها مشروعات الملك هنري الرابع ومستشاره دوق سولي Maximilien de Béthume, duc de Sully وكَنت Kant[ر].
ويمكن تلمس شيء من الفكر الاتحادي في الجمهورية الاتحادية لمونتسكيو، وهو أول من استخلص ضرورة وجود حد أدنى من التجانس في أي نظام من هذا النوع.
وقد كان موضوع الاتحادية محل جدل وخلافات قانونية بسبب محاولة تحديد مصطلح «الحائز السيادة» بالمعنى التقليدي لنظرية الدولة التي قال بها بودان [ر] في كتاب «الجمهورية» عام 1576، ذلك أن الدولة الحديثة قامت على مفهوم أساسي هو نظرية السيادة التي ابتدعها الفقهاء الفرنسيون في أواخر القرون الوسطى، وشهروها سلاحاً سياسياً لدعم الملكية وتعزيز مركزها في صراعها مع الامبراطورية والبابوية في الخارج، ومع نبلاء الإقطاع في الداخل، ولتمهيد السبيل لإقامة حكم مركزي قوي. ولهذه السيادة وجهان: السيادة الخارجية، وهي الاستقلال السياسي، أي عدم خضوع الدولة لغيرها، وحقها في تمثيل ذاتها والتصرف باسمها تجاه الدول الأخرى، والسيادة الداخلية وهي حق إصدار الأوامر إلى جميع الأفراد الخاضعين للدولة. والسيادة بهذا المعنى وحدة لاتقبل التجزئة ولا التنازل، ولم يتغير هذا المفهوم كثيراً بانهيار الملكية وقيام الثورة الفرنسية إذ حلت محل السيادة الملكية سيادة الأمة مع سائر النتائج التي ترتبت عليها. وهكذا فإن الدولة تتميز بوحدة المؤسسات الحكومية والدستورية، أو بمركز موحد للسلطة، ويطلق عليها اسم الدولة البسيطة أو الموحدة. وكان الجدل القانوني يدور بوجه عام حول التفريق بين اتحاد الدول والدولة الاتحادية. وكان معيار التمييز: أين تكمن «السيادة». فإذا حافظت العناصر المكونة للاتحاد على سيادتها قيل: إنه «اتحاد دول» أو إنه «دول متعاهدة» كما يذهب بعضهم، أما إذا كان الاتحاد هو صاحب «السيادة» فيقال إنه «دولة اتحادية» أو «دولة تعاهدية». ولم يكن ظهور هذا النمط الجديد للدولة، أي الدولة المركبة أو الاتحادية، وليد نظرة فلسفية أو محاكمة منطقية، بل جاء مصادفة ونتيجة مساومات وتسويات. فقد اجتمع في فيلادلفية ممثلو ولايات (دول) الاتحاد الأمريكي الثلاث عشرة للنظر في تعديل ميثاق الاتحاد بعد أن تبين أن هذا النظام لايصلح للبقاء، لأن السيادة التي احتفظت بها كل ولاية من الولايات الأعضاء كانت تعرقل، في الواقع، مصالح الطبقة البرجوازية الناشئة. وواجه المؤتمر عقبة كادت تتحطم فوقها كل رغبة في الاتحاد وهي سعي الدول الصغيرة إلى المساواة مع الدول الكبيرة بعدد سكانها في كل شأن من شؤون الاتحاد، وانتهى الأمر إلى الأخذ بوجهة نظر توفيقية، فاستقر رأي المؤتمرين على انتخاب مجلسين، يكون أحدهما بنسبة عدد السكان وهو مجلس النواب، والثاني مجلس الشيوخ، ويتكون على أساس عضوين اثنين لكل ولاية كبيرها وصغيرها، ولكل عضو منهما صوته المستقل، خلافاً لما كان عليه الحال في عهد الميثاق الاتحادي. وقد رضيت الدول الصغيرة بهذا الحل ووافقت على قبول الأحكام الأخرى، ولم يدر في خلد المؤتمرين أنهم بذلك قد أرسوا الأساس لنمط جديد من الاتحادات هو الدولة المركبة أو الاتحادية. ولم تلبث الخلافات أن دبت بين ولايات الشمال وولايات الجنوب، خشية ولايات الجنوب أن يقوم الاتحاد بإلغاء الرق، إلى جانب الخلاف على التعرفات الجمركية. فعندما أصدر الاتحاد قانوناً جديداً للتعرفة عدّ المجلس التشريعي المحلي في كارولينة الجنوبية هذا القانون مخالفاً للدستور، لأن الدستور يقضي ألا تستخدم التعرفة إلا لجباية الأموال الضرورية لصالح السلطة الاتحادية، لا لاتباع سياسة اقتصادية معينة. وقد وجدت هذه الولاية المسوغ لها في حق الولايات الأعضاء في إبطال أي قانون يصدره الكونغرس ورفض تطبيقه استناداً إلى نظرية قانونية أعدها كالهون J.C.Calhoun الذي كان نائباً للرئيس الأمريكي (1825 -1832
Federalism - Fédéralisme
الاتحادية
الاتحادية أو الفدرالية Fédéralisme نظرية ترى أن الاتحاد الحرّ بين أفراد البشر والجماعات والدول هو الشكل المثالي للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن خصائصها الاتجاه نحو إحلال علاقات التنسيق محل علاقات التبعية، أو على الأقل، تضييق نطاق هذه الأخيرة ما يمكن، وإحلال المشاركة محل الإكراه، والإقناع محل الأمر، والقانون محل القوة. والمظهر الأساسي لهذه النظرية هو التعددية، واتجاهها الأساسي التنسيق، والمبدأ الناظم لها هو التضامن. وإذا كان المبدأ الديمقراطي يهدف إلى الغاية نفسها، لأنه يتجه إلى إشراك الأفراد في تكوين القرارات التي تلزمهم، فإن الديمقراطية لاتعنى إلا بمشاركة الأفراد على أنهم أفراد. أما الفكرة الاتحادية فتتجه إلى تغليب مشاركة الجماعات والدول.
الاتحادية والسيادة
يذهب بعضهم إلى أن الاتحادية كشف أمريكي، والواقع أن هذا القول غير صحيح، لكن المصطلح ينطبق على صفة الدولة الاتحادية الحديثة التي أقرها مندوبو الولايات الأمريكية في فيلادلفية عام 1787.
ولايوجد في مؤلفات العصور القديمة ما يشير إلى هذا الموضوع، أما في القرون الوسطى فثمة تحالفات اتحادية قامت في أوروبة ولاسيما بين المدن، وقد ظهر هذا المفهوم واضحاً عند يوهانس ألتوسيوس [ر] للمرة الأولى بعد دراسته التجارب السويسرية والهولندية والامبراطورية الجرمانية المقدسة، وهو يعَدُّ تأليف الاتحادات غاية كتابه الشهير «السياسة» (1603ـ1610)، ويذهب فيه إلى أن النظام السياسي يتدرج من سلسلة اتحادات، تبدأ بالقرى والنقابات المهنية وتنتهي بالامبراطورية. ويمكن النظر إلى فكر ألتوسيوس هذا على أنه محاولة لتحويل مفهوم تسلسل الإقطاع إلى تسلسل دستوري معاصر.
وبعد انهيار الامبراطورية الجرمانية المقدسة قدمت مشروعات متعددة لتحل محلها حماية للسلم ولتوحيد الدول الأوربية، ومنها مشروعات الملك هنري الرابع ومستشاره دوق سولي Maximilien de Béthume, duc de Sully وكَنت Kant[ر].
ويمكن تلمس شيء من الفكر الاتحادي في الجمهورية الاتحادية لمونتسكيو، وهو أول من استخلص ضرورة وجود حد أدنى من التجانس في أي نظام من هذا النوع.
وقد كان موضوع الاتحادية محل جدل وخلافات قانونية بسبب محاولة تحديد مصطلح «الحائز السيادة» بالمعنى التقليدي لنظرية الدولة التي قال بها بودان [ر] في كتاب «الجمهورية» عام 1576، ذلك أن الدولة الحديثة قامت على مفهوم أساسي هو نظرية السيادة التي ابتدعها الفقهاء الفرنسيون في أواخر القرون الوسطى، وشهروها سلاحاً سياسياً لدعم الملكية وتعزيز مركزها في صراعها مع الامبراطورية والبابوية في الخارج، ومع نبلاء الإقطاع في الداخل، ولتمهيد السبيل لإقامة حكم مركزي قوي. ولهذه السيادة وجهان: السيادة الخارجية، وهي الاستقلال السياسي، أي عدم خضوع الدولة لغيرها، وحقها في تمثيل ذاتها والتصرف باسمها تجاه الدول الأخرى، والسيادة الداخلية وهي حق إصدار الأوامر إلى جميع الأفراد الخاضعين للدولة. والسيادة بهذا المعنى وحدة لاتقبل التجزئة ولا التنازل، ولم يتغير هذا المفهوم كثيراً بانهيار الملكية وقيام الثورة الفرنسية إذ حلت محل السيادة الملكية سيادة الأمة مع سائر النتائج التي ترتبت عليها. وهكذا فإن الدولة تتميز بوحدة المؤسسات الحكومية والدستورية، أو بمركز موحد للسلطة، ويطلق عليها اسم الدولة البسيطة أو الموحدة. وكان الجدل القانوني يدور بوجه عام حول التفريق بين اتحاد الدول والدولة الاتحادية. وكان معيار التمييز: أين تكمن «السيادة». فإذا حافظت العناصر المكونة للاتحاد على سيادتها قيل: إنه «اتحاد دول» أو إنه «دول متعاهدة» كما يذهب بعضهم، أما إذا كان الاتحاد هو صاحب «السيادة» فيقال إنه «دولة اتحادية» أو «دولة تعاهدية». ولم يكن ظهور هذا النمط الجديد للدولة، أي الدولة المركبة أو الاتحادية، وليد نظرة فلسفية أو محاكمة منطقية، بل جاء مصادفة ونتيجة مساومات وتسويات. فقد اجتمع في فيلادلفية ممثلو ولايات (دول) الاتحاد الأمريكي الثلاث عشرة للنظر في تعديل ميثاق الاتحاد بعد أن تبين أن هذا النظام لايصلح للبقاء، لأن السيادة التي احتفظت بها كل ولاية من الولايات الأعضاء كانت تعرقل، في الواقع، مصالح الطبقة البرجوازية الناشئة. وواجه المؤتمر عقبة كادت تتحطم فوقها كل رغبة في الاتحاد وهي سعي الدول الصغيرة إلى المساواة مع الدول الكبيرة بعدد سكانها في كل شأن من شؤون الاتحاد، وانتهى الأمر إلى الأخذ بوجهة نظر توفيقية، فاستقر رأي المؤتمرين على انتخاب مجلسين، يكون أحدهما بنسبة عدد السكان وهو مجلس النواب، والثاني مجلس الشيوخ، ويتكون على أساس عضوين اثنين لكل ولاية كبيرها وصغيرها، ولكل عضو منهما صوته المستقل، خلافاً لما كان عليه الحال في عهد الميثاق الاتحادي. وقد رضيت الدول الصغيرة بهذا الحل ووافقت على قبول الأحكام الأخرى، ولم يدر في خلد المؤتمرين أنهم بذلك قد أرسوا الأساس لنمط جديد من الاتحادات هو الدولة المركبة أو الاتحادية. ولم تلبث الخلافات أن دبت بين ولايات الشمال وولايات الجنوب، خشية ولايات الجنوب أن يقوم الاتحاد بإلغاء الرق، إلى جانب الخلاف على التعرفات الجمركية. فعندما أصدر الاتحاد قانوناً جديداً للتعرفة عدّ المجلس التشريعي المحلي في كارولينة الجنوبية هذا القانون مخالفاً للدستور، لأن الدستور يقضي ألا تستخدم التعرفة إلا لجباية الأموال الضرورية لصالح السلطة الاتحادية، لا لاتباع سياسة اقتصادية معينة. وقد وجدت هذه الولاية المسوغ لها في حق الولايات الأعضاء في إبطال أي قانون يصدره الكونغرس ورفض تطبيقه استناداً إلى نظرية قانونية أعدها كالهون J.C.Calhoun الذي كان نائباً للرئيس الأمريكي (1825 -1832