السادات (محمد أنور ـ)
( 1918 ـ 1981م)
محمد أنور السادات رئيس مصري، ولد في قرية «ميت أبو الكوم» في محافظة المنوفية في الدلتا. وهو من عشيرة تضم بضعة آلاف، موزعة بين الاسكندرية ومصر العليا. بعد حصوله على الشهادة الثانوية التحق بالكلية الحربية عام 1936، وتخرج فيها عام 1937 وعين ضابطاً في صعيد مصر حيث التقى البكباشي جمال عبد الناصر.
اتصفت حياته السياسية بالتنوع وعدم الثبات، وكان له اتصالات بزعيم الإخوان المسلمين حسن البنا، وفي الوقت نفسه اتهم بالتجسس لحساب الألمان فاعتقل عام 1942، وبقي في السجن حتى عام 1944، حين تمكن من الفرار. وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، صدر قرار بالإفراج عن السجناء السياسيين، ثم ما لبث أن أعيد إليه بتهمة اغتيال الوزير أمين عثمان، ثم أطلق سراحه لعدم ثبوت الأدلة، وفي العام1950 أعيد إلى الجيش برتبة نقيب، وانضم الى مجموعة الضباط الأحرار وشارك في ثورة 23 تموز 1952، وهو الذي قرأ أول بيان للثورة عبر الإذاعة المصرية، وأصبح عضوا« في مجلس قيادة الثورة.
عين السادات عضواً في محكمة الثورة، ثم اختير أميناً عاماً للاتحاد الإسلامي الذي عقد في القاهرة سنة 1954، ثم اختاره الرئيس عبد الناصر ليكون عضواً في محكمة الشعب، وقام بدور فعال في تنظيم الاتحاد القومي، وأصبح أمينه العام حتى سنة 1961. وبعد حركة الانفصال ما بين سورية ومصر، تولى رئاسة مجلس الأمة المصري، إضافة إلى عضويته في مجلس الرئاسة، ثم أصبح نائباً لرئيس الجمهورية في 1969. وبعد وفاة الرئيس عبد الناصر تولى السادات منصب رئيس الجمهورية، بعد أن تعهد في خطابه الموجه إلى الأمة باقتفاء خطا سلفه، وأعلن عن تأليف هيئة من الذين كانوا إلى جانب عبد الناصر، ليكون لها دور فعال في الحكم تحت اسم «القيادة الجماعية»، بيد أن الخلافات أخذت تذر قرنها بينه وبين أفراد تلك المجموعة بسبب المحادثات الانفرادية التي كانت تتم بين السادات ووزير الخارجية الأمريكي وليم روجرز، وبلغ الخلاف ذروته سنة 1971، حينما أمر السادات بالقبض على معارضيه من أفراد تلك المجموعة متهماً إياهم بالتآمر لقلب نظام الحكم، ومنذ ذلك التاريخ وضع السادات يده على مقاليد الحكم بشكل مطلق و مباشر.
في تموز عام 1972، اتخذ السادات قراره المدهش بطرد الخبراء السوفييت من مصر، موجهاً بذلك ضربة إلى العلاقات العربية السوفييتية، بالوقت الذي كان يسعى فيه للتقرب من الولايات المتحدة، وإقامة علاقات أفضل مع الغرب.
على المستوى العسكري كانت خطة السادات تهدف إلى تحريك القضية الفلسطينية، وكان يعتقد أن تسخين الموقف العسكري قد يجبر القوى الدولية على الاهتمام بقضايا المنطقة، وحينما اتفق مع القيادة السورية للإعداد لحرب تشرين، دلت الأحداث على أنه كان مناوراً مموهاً وبارعاً، حينما أوحى للأعداء وبعض الأصدقاء على أنه غير قادر على خوض الحرب، ولكن حينما تم تنفيذ الهجوم بموعده المقرر تبين للجميع مدى احتراف القيادة العربية وقدرتها على تحقيق النصر، عندما تمكن الجيش المصري من اختراق خط بارليف وإحكام سيطرته بسرعة مذهلة على كامل الضفة الشرقية لقناة السويس، في الوقت الذي كانت فيه القوات السورية تدك تحصينات العدو في هضبة الجولان وتستعيد مدينة القنيطرة. لكن السادات لم يحسن توظيف نتائج حرب تشرين على النحو الذي يلبي طموحات الأمة، فحينماعقد مجلس الأمن، وأصدر القرار رقم 338 بوقف اطلاق النار في 22 تشرين الأول، وافقت مصر عليه مباشرة من دون الأخذ بوجهة النظر السورية التي استمر القتال على جبهتها في 24 تشرين الأول، لتستمر بعدها حرب الاستنزاف على الجبهة السورية عدة أشهر.
وفي 21 كانون الأول انعقد مؤتمر في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة وبرعاية أمريكية ـ سوفييتية، حرص الأمريكيون في أثنائه على إجراء اتصالات مصرية إسرائيلية حول ما سمي بمسألة فصل القوات بين الطرفين ولم تتوقف سياسة السادات عند حد معين فقد تفردّ برؤية خاصة به، فلم يعد يعير اهتمامه للرأي العربي.وتمادى السادات في تفرده باتخاذ القرارات حينما انتهج سياسة الانفتاح على الغرب، وأطلق الحريات للرأسماليين والمتمولين العرب والأجانب للاستثمار في مصر، لكن لم يحقق من ذلك ما كان يرجوه، مما عرّضه لانتفاضة جماهيرية ضخمة سنة 1977، دلت على حجم المشكلات التي كانت مصر تعاني منها. وزاد السادات في عزلة بلاده حينما فاجأ الجميع بالإعلان عن زيارته إلى القدس متجاهلاً ما أحدثه هذا القرار من ردود أفعال عربية مستنكرة على الصعيدين الرسمي والشعبي، وتمت الزيارة في 19 تشرين الثاني 1977، وألقى خطابه الشهير في «الكنيست» الاسرائيلي، وجه من خلاله الدعوة لرئيس الحكومة مناحيم بيغن، إلى زيارة مصر، وتمت هذه الزيارة فعلاً في كانون أول 1977، وانتهى الأمر بتوقيع اتفاقية «كامب ديفيد» (1978) التي أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وأدت إلى عزلتها وتهميش دورها القيادي الذي كانت تقوم به في عهد الرئيس عبد الناصر.
وازدادت النقمة شعبياً ورسمياً على السادات، وبينما كان يحضر عرضاً عسكرياً في 6 تشرين الأول 1981، قام ملازم أول من الجيش المصري وثلاثة من زملائه باطلاق النار عليه وقتله.
أما الشارع المصري، فقد تعامل مع الحدث وكأن الأمر لايعنيه، وكأنّ الجنازة ليست لرئيس مصري، وكان أغلب المشاركين فيها من المسؤولين الغربيين.
وستبقى السياسة التي اتبعها السادات موضع جدل وتساؤل لأجيال عدة، وخاصة على ساحة الوطن العربي.
عبد الكريم العلي
( 1918 ـ 1981م)
محمد أنور السادات رئيس مصري، ولد في قرية «ميت أبو الكوم» في محافظة المنوفية في الدلتا. وهو من عشيرة تضم بضعة آلاف، موزعة بين الاسكندرية ومصر العليا. بعد حصوله على الشهادة الثانوية التحق بالكلية الحربية عام 1936، وتخرج فيها عام 1937 وعين ضابطاً في صعيد مصر حيث التقى البكباشي جمال عبد الناصر.
عين السادات عضواً في محكمة الثورة، ثم اختير أميناً عاماً للاتحاد الإسلامي الذي عقد في القاهرة سنة 1954، ثم اختاره الرئيس عبد الناصر ليكون عضواً في محكمة الشعب، وقام بدور فعال في تنظيم الاتحاد القومي، وأصبح أمينه العام حتى سنة 1961. وبعد حركة الانفصال ما بين سورية ومصر، تولى رئاسة مجلس الأمة المصري، إضافة إلى عضويته في مجلس الرئاسة، ثم أصبح نائباً لرئيس الجمهورية في 1969. وبعد وفاة الرئيس عبد الناصر تولى السادات منصب رئيس الجمهورية، بعد أن تعهد في خطابه الموجه إلى الأمة باقتفاء خطا سلفه، وأعلن عن تأليف هيئة من الذين كانوا إلى جانب عبد الناصر، ليكون لها دور فعال في الحكم تحت اسم «القيادة الجماعية»، بيد أن الخلافات أخذت تذر قرنها بينه وبين أفراد تلك المجموعة بسبب المحادثات الانفرادية التي كانت تتم بين السادات ووزير الخارجية الأمريكي وليم روجرز، وبلغ الخلاف ذروته سنة 1971، حينما أمر السادات بالقبض على معارضيه من أفراد تلك المجموعة متهماً إياهم بالتآمر لقلب نظام الحكم، ومنذ ذلك التاريخ وضع السادات يده على مقاليد الحكم بشكل مطلق و مباشر.
في تموز عام 1972، اتخذ السادات قراره المدهش بطرد الخبراء السوفييت من مصر، موجهاً بذلك ضربة إلى العلاقات العربية السوفييتية، بالوقت الذي كان يسعى فيه للتقرب من الولايات المتحدة، وإقامة علاقات أفضل مع الغرب.
على المستوى العسكري كانت خطة السادات تهدف إلى تحريك القضية الفلسطينية، وكان يعتقد أن تسخين الموقف العسكري قد يجبر القوى الدولية على الاهتمام بقضايا المنطقة، وحينما اتفق مع القيادة السورية للإعداد لحرب تشرين، دلت الأحداث على أنه كان مناوراً مموهاً وبارعاً، حينما أوحى للأعداء وبعض الأصدقاء على أنه غير قادر على خوض الحرب، ولكن حينما تم تنفيذ الهجوم بموعده المقرر تبين للجميع مدى احتراف القيادة العربية وقدرتها على تحقيق النصر، عندما تمكن الجيش المصري من اختراق خط بارليف وإحكام سيطرته بسرعة مذهلة على كامل الضفة الشرقية لقناة السويس، في الوقت الذي كانت فيه القوات السورية تدك تحصينات العدو في هضبة الجولان وتستعيد مدينة القنيطرة. لكن السادات لم يحسن توظيف نتائج حرب تشرين على النحو الذي يلبي طموحات الأمة، فحينماعقد مجلس الأمن، وأصدر القرار رقم 338 بوقف اطلاق النار في 22 تشرين الأول، وافقت مصر عليه مباشرة من دون الأخذ بوجهة النظر السورية التي استمر القتال على جبهتها في 24 تشرين الأول، لتستمر بعدها حرب الاستنزاف على الجبهة السورية عدة أشهر.
وفي 21 كانون الأول انعقد مؤتمر في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة وبرعاية أمريكية ـ سوفييتية، حرص الأمريكيون في أثنائه على إجراء اتصالات مصرية إسرائيلية حول ما سمي بمسألة فصل القوات بين الطرفين ولم تتوقف سياسة السادات عند حد معين فقد تفردّ برؤية خاصة به، فلم يعد يعير اهتمامه للرأي العربي.وتمادى السادات في تفرده باتخاذ القرارات حينما انتهج سياسة الانفتاح على الغرب، وأطلق الحريات للرأسماليين والمتمولين العرب والأجانب للاستثمار في مصر، لكن لم يحقق من ذلك ما كان يرجوه، مما عرّضه لانتفاضة جماهيرية ضخمة سنة 1977، دلت على حجم المشكلات التي كانت مصر تعاني منها. وزاد السادات في عزلة بلاده حينما فاجأ الجميع بالإعلان عن زيارته إلى القدس متجاهلاً ما أحدثه هذا القرار من ردود أفعال عربية مستنكرة على الصعيدين الرسمي والشعبي، وتمت الزيارة في 19 تشرين الثاني 1977، وألقى خطابه الشهير في «الكنيست» الاسرائيلي، وجه من خلاله الدعوة لرئيس الحكومة مناحيم بيغن، إلى زيارة مصر، وتمت هذه الزيارة فعلاً في كانون أول 1977، وانتهى الأمر بتوقيع اتفاقية «كامب ديفيد» (1978) التي أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وأدت إلى عزلتها وتهميش دورها القيادي الذي كانت تقوم به في عهد الرئيس عبد الناصر.
وازدادت النقمة شعبياً ورسمياً على السادات، وبينما كان يحضر عرضاً عسكرياً في 6 تشرين الأول 1981، قام ملازم أول من الجيش المصري وثلاثة من زملائه باطلاق النار عليه وقتله.
أما الشارع المصري، فقد تعامل مع الحدث وكأن الأمر لايعنيه، وكأنّ الجنازة ليست لرئيس مصري، وكان أغلب المشاركين فيها من المسؤولين الغربيين.
وستبقى السياسة التي اتبعها السادات موضع جدل وتساؤل لأجيال عدة، وخاصة على ساحة الوطن العربي.
عبد الكريم العلي