■ رحلتي إلى بلاد الأندلس 1: Andalousie
*إشبيلية Espagne - Séville.
إشبيلية، هي حكاية شوق مؤجلة لكنها مسجلة في قائمة إدماني على الترحال، وحان اللقاء مع حاضرة قضى فيها أجدادنا ثمانية قرون.
هذه رحلتي الثانية إلى بلاد الأندلس والثالثة إلى المملكة الإسبانية، وهي أرض " تركنا فيها شعاع ضوء وبقيّة طيب" كما قال الشاعر الدمشقي نزار قباني. لأبدأ باستكشاف مدينة إشبيلية Séville.
يحضرني ما قرأت بأن مناظرة حدثت بين إبن زهر الذي ولد في إشبيلية ومات فيها، وإبن رشد المولود في قرطبة وكل منهما يريد أن ينتصر لمدينته، حينذاك ختم إبن رشد المناظرة بقوله : إذا مات عالم في إشبيلية وأُريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها ، وإذا مات مطرب في قرطبة فأُريد بيع آلاته حملت إلى إشبيلية حتى تباع فيها.
وصلت Sevilla كما يسميها الإسبان ، عاصمة منطقة الأندلس، ورابع أكبر مدينة في إسبانيا. تقع على ضفاف نهر الوادي الكبير.
حطت الطائرة في مطار إشبيلية المتواضع، أخذت الحافلة التي أوصلتني إلى مركز المدينة، أول مشهد شدني فيها هو أشجار البرتقال التي تنثر عطرها في أجواء المدينة، وثمارها التي تحظى بحرص المارة على بقائها تتدلى بين الأوراق والأغصان وإن سقطت على الأرض تترك لترسم مشهدا أندلسياً عريقاً.
لم أتمالك نفسي لتتحرك عيني الثالثة أمام إغراءات ما صادفته في طريقي من معالم سأقدم لكم تفاصيلها في وقت لاحق.
مررت بالحارات العتيقة وأزقتها الضيقة وألوان جدرانها البهيجة، عربات مزركشة تجرها الخيول تنقل السياح ليعيشوا نكهة الماضي المجيد، ومن كل مكان يُشاهد برج الذهب لتزوره دون أن تبحث عنه، يسمونه الإسبان برج الذهب Torre del oroأو بناه الخليفة الموحدي أبو علاء إدريس بن يعقوب المنصور في القرن الثالث عشر ليكون برج مراقبة، أزيل الجزء العلوي منه بعد سقوط إشبيلية عام 1248.
أصبح البرج الآن متحفا للفن المعماري الإسلامي يأتي إليه السياح من الشرق والغرب، وبه بعض المعدات البصرية الاثرية من العصور الوسطى التي استخدمت في البحرية واكتشاف الأمريكتين . وكذلك توجد بالمتحف نماذج للسفن الشهيرة التي اكتشف بها الأسبان الأمريكتين في القرن الخامس عشر، وبعض المدافع من القرن السابع عشر. ويعتبر اليوم رمز سياحي لإشبيلية.
.............. يتبع ...M. Soleiman Almadfaa........